إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هاجس الهجرة يُؤرق ايطاليا.. فهل تقبل تونس بأن تكتفي بدور شرطي الحدود؟

 

تونس- الصباح

يؤدي اليوم رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارة رسمية إلى العاصمة الإيطالية روما تستمر ليومين، بدعوة من الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا.

وتتصدر ملفات الهجرة والأمن والتعاون الاقتصادي فضلا عن الملف الليبي جدول أعمال الزيارة التي تعول عليها ايطاليا كثيرا وأعدت لها جيدا بالنظر إلى الأهداف التي تسعى من ورائها وخاصة في ما يتعلق بمسألة الهجرة غير النظامية التي باتت تؤرق لا فقط الجانب الايطالي لكن أيضا الاتحاد الأوروبي الذي يعتبرها من أبرز أولويات المرحلة الحالية.

وتبحث ايطاليا مسنودة من الاتحاد الأوروبي، عن مخارج يغلب عليها الطابع الأمني لحل معضلة الهجرة غير النظامية التي تضاعفت خلال السنين الأخيرة انطلاقا من سواحل دول شمال افريقيا خاصة منها تونس وليبيا، ويشكل التونسيون نسبة هامة من جنسيات المهاجرين غير النظاميين.

الأمر الذي دفع الحكومة الايطالية إلى تكثيف اتصالاتها الدبلوماسية مع الجانب التونسي وتوصلت خلال سنتين مضت إلى اتفاقيات "مؤقتة" غير معلنة رسميا تقوم بموجبها بترحيل قسري جوّي لمهاجرين تونسيين وصلوا السواحل الايطالية عن طريق البحر. مقابل دعم الجانب التونسي بمعدات وتجهيزات أمنية لتعزيز مراقبة السواحل التونسية، فضلا عن هبات مالية غير ذات بال.

ومن غير المستبعد أن يتم خلال الزيارة التي يؤديها سعيد إلى روما، مناقشة اتفاق جديد حول الهجرة بين البلدين، قد يتم توقيعه في زيارة أخرى مرتقبة لرئيس الحكومة. مشروع اتفاق كان قد تحدث عنه قبل أشهر السفير التونسي في إيطاليا معز سيناوي، الذي قال إن مفاوضات متقدمة تجريها تونس مع الحكومة الإيطالية حول الهجرة، يتضمن فتح الهجرة النظامية أمام التونسيين.

نفس الاتفاق كشف عنه وزير الخارجية الايطالي لويجي دي مايو خلال زيارته المثيرة للجدل إلى تونس بمعية وزير الداخلية الايطالي السابق في شهر اوت من سنة 2020 حين تحدث عن وجود مفاوضات لتوقيع اتفاق مع السلطات التونسية يتضمن “مقاربة جديدة للهجرة السرية”.

ومهما يكن من أمر فإن تونس أمامها فرصة سانحة لاستغلال الهاجس الايطالي على الوجه الأمثل لتحقيق مكاسب مالية واقتصادية دون التفريط في سيادة الدولة التونسية وفي مصالحها الإستراتيجية، وفي حقوق المهاجرين أو الرضوخ للضغوط الأوربية بأن تكون -كما يرغبون- شرطيا يحمي الدول الأوربية ومنها ايطاليا من تدفق المهاجرين.

ضغوط أوروبية

ومؤخرا ازدادت الضغوط الأوربية والايطالية- الفرنسية على وجه الخصوص على تونس خاصة على خلفية هجمات إرهابية نُفذت في فرنسا مثل الهجوم الذي تم خلال سبتمبر من العام الماضي، وآخر في أفريل من السنة الحالية، تورط فيها تونسيون وصلوا إلى أوروبا بطريقة غير شرعية.

للتذكير فإن زيارة سعيّد إلى ايطاليا كانت مبرمجة في 28 أكتوبر 2020 قبل ان يتم تأجيلها بسبب الوضع الوبائي، كما سبق ان تم تأجيل زيارة مماثلة كان سيؤديها رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى روما في 15 ديسمبر الماضي بسبب إصابة وزير المالية الحالي الذي رافق مشيشي في زيارة إلى فرنسا بفيروس كورونا وكان من المفترض أن يعرج الوفد الوزاري إلى ايطاليا في زيارة رسمية.

والملاحظ أيضا أن زيارة سعيد إلى ايطاليا تم التمهيد لها جيدا من الجانبين خاصة من الجانب الايطالي، إذ لم تتوقف الزيارات التي أداها وزراء ايطاليون إلى تونس خلال السنتين الماضيتين. آخرها زيارة وزيرة الداخلية الايطالية لوتشيانا المورجيزي إلى تونس يوم 20 ماي المنقضي حين التقت برئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام مشيشي. وسبق زيارة لوتشيانا إلى تونس، زيارة قام بها وزير الخارجية عثمان الجارندي يومي 26 و27 مارس الماضي.

بل إن وتيرة الزيارات وحجمها تعكس تركيزا متزايدا من الجانب الايطالي على ملف الهجرة غير النظامية، كما يرافق – عادة- الوفود الرسمية الايطالية مسؤولون كبار من المفوضية الأوربية، إذ رافق مثلا زيارة وزيرة الداخلية الايطالية مفوّضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي. ونفس الأمر حصل مع زيارة سابقة أداها وزيري الخارجية والداخلية الايطاليين إلى تونس حين رافقهما ممثلين عن المفوضية الأوربية.

ما يدل على وجود تنسيق مسبق على مستوى عال بين روما والاتحاد الأوربي في موضوع الهجرة بالذات. ويسعى الإتحاد الأوروبي وإيطاليا إلى التوصل إلى اتفاقات مع تونس للحد من اجتياز الحدود البحرية من قبل المهاجرين غير النظاميين مقابل منحها مساعدات اقتصادية.

أوروبا تتمسك بمقاربة أمنية

ورغم أن التصريحات الإعلامية التي يدلي بها رؤساء الوفود الرسمية الايطالية والأوروبية والتي تتلوا تلك الزيارات لا تخفي الدوافع الحقيقية من ورائها إذ عادة ما يتم الكشف عن رغبة ايطاليا وأوروبا في أن تقوم تونس بمجهودات اضافية لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر لعب دور الشرطي وتكثيف المراقبة الأمنية للسواحل التونسية، إلا ان الجانب التونسي أعرب عن تمسكه بمقاربة تفيد أن موضوع الهجرة غير النظامية لا يمكن معالجتها بمقاربة أمنية، بل من خلال البحث في أسبابها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية مع تأكيد متواصل على رفض تونس أن تكون مركزا لإعادة فرز المهاجرين او اللاجئين تمهيدا لإعادة ترحيلهم إلى ببلدانهم وهو أمر ترغب فيه أوروبا بشدة.

من هذا المنطلق قال مشيشيفي إحدى تصريحاته، أن الحكومة تعمل من أجل التوصل إلى توافق مع الشركاء الأوروبيين وخاصة إيطاليا من أجل إيجاد الطريقة المثلى لمعالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية. كما اعتبر أن التنمية المتضامنة مع دول جنوب المتوسط هي أحد الحلول إلى جانب الحلول الأمنية للحدّ من هذه الآفة.

المثير للانتباه أن تصريحات الوزراء الداخلية او الخارجية الايطاليين بخصوص الهجرة والمهاجرين غير النظاميين، عادة ما تثير الجدل والغضب في أوساط المنظمات الحقوقية والجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين. من ذلك توعّد وزير الخارجية الإيطالي، بإعادة كل من يصل إلى بلاده عبر قوارب الموت.

وأضاف في إحدى تصريحاته إثر لقائه رئيس الجمهورية قيس سعيد في شهر أوت الماضي:"مستعدون لتمويل خطة تتمحور حول دعم الشباب التونسي”، كما عبر عن استعداد الجانبين الأوروبي والايطالي دعم التنمية في تونس ومساندة الإصلاحات الإستراتيجية التي تقوم بها في المجال الاقتصادي والتنموي.غير انه لم ترشح تفاصيل عن الاتفاقية الجديدة التي تنوي ايطاليا توقيعها مع تونس أو عن ملامح الخطة التنموية التي اعلن عنها لمساندة الإصلاحات الاقتصادية..

وفي سياق متصل، صرحت وزيرة الداخلية الايطالية في زيارتها الأخيرة إلى تونس أن لقاءاتها مع سعيد ومشيشي ناقشت سبل تكثيف عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين  الي تونس وتركيز خط ساخن بين السلطات الإيطالية والتونسية للتواصل الفوري حول مغادرة قوارب المهاجرين من سواحل تونس نحو ايطاليا وفق مانقلته وكالة أنسا الايطالية. كما كشفت بأن إيطاليا ستواصل مساعدة تونس على إصلاح قوارب الدوريات الأمنية وصيانتها..

منظمات تحذر من تحول تونس إلى حارس حدود

في المقابل، دعت منظمات حقوقية على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، السلطات التونسية لعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع إيطاليا، تمنح الأخيرة ضوءا أخضر لترحيل المهاجرين واستمرار الانتهاكات الحقوقية ضدهم، محذرين من تحول تونس إلى حارس لحدود أوروبا، وخاصة بعد رصد الاتحاد الأوروبي لمساعدات بقيمة 10 مليون يورو لتعزيز قدرة السلطات التونسية على منع الهجرة السرية إلى السواحل الإيطالية.

كما انتقد المنتدى عدم القدرة على الطعن في قرار الترحيل، لافتا إلى أن المهاجرين لا يحظون بالترجمة المحايدة ولا بالدعم القانوني المناسب، ليتم بعد ذلك طردهم جماعيا في مخالفة للبنود 3 و 4 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

واعتبر أن أغلب الاتفاقيات المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي، لا تستجيب لتطلعات المواطنين التونسيين الشرعية في عدالة المعاملة، مشدّدا على وجوب تحوّل الدور التونسي “من موقع الحارس الأمين والمتعاون المثالي، إلى موقع الشريك على قاعدة تكريس الحقوق والحريات واحترام سيادة تونس وكرامة مواطنيها”.

تجدر الإشارة إلى أن نسق تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى ايطاليا لم ينخفض رغم الازمة الصحية وانتشار فيروس كورونا، ورغم تشديد الرقابة على الحدود.إذ بلغ عدد المهاجرين التونسيين  غير النظاميين الذي وصلوا الى الأراضي الايطالية منذ بداية جانفي 2021 إلى نهاية شهر ماي أكثر من ألفي مهاجر، ووصل حوالي 13 ألف مهاجر من مختلف الجنسيات الإفريقية الى ايطاليا منذ بداية السنة الحالية 13 بالمائة منهم تونسيون.

 

رفيق بن عبد الله

هاجس الهجرة يُؤرق ايطاليا.. فهل تقبل تونس بأن تكتفي بدور شرطي الحدود؟

 

تونس- الصباح

يؤدي اليوم رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارة رسمية إلى العاصمة الإيطالية روما تستمر ليومين، بدعوة من الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا.

وتتصدر ملفات الهجرة والأمن والتعاون الاقتصادي فضلا عن الملف الليبي جدول أعمال الزيارة التي تعول عليها ايطاليا كثيرا وأعدت لها جيدا بالنظر إلى الأهداف التي تسعى من ورائها وخاصة في ما يتعلق بمسألة الهجرة غير النظامية التي باتت تؤرق لا فقط الجانب الايطالي لكن أيضا الاتحاد الأوروبي الذي يعتبرها من أبرز أولويات المرحلة الحالية.

وتبحث ايطاليا مسنودة من الاتحاد الأوروبي، عن مخارج يغلب عليها الطابع الأمني لحل معضلة الهجرة غير النظامية التي تضاعفت خلال السنين الأخيرة انطلاقا من سواحل دول شمال افريقيا خاصة منها تونس وليبيا، ويشكل التونسيون نسبة هامة من جنسيات المهاجرين غير النظاميين.

الأمر الذي دفع الحكومة الايطالية إلى تكثيف اتصالاتها الدبلوماسية مع الجانب التونسي وتوصلت خلال سنتين مضت إلى اتفاقيات "مؤقتة" غير معلنة رسميا تقوم بموجبها بترحيل قسري جوّي لمهاجرين تونسيين وصلوا السواحل الايطالية عن طريق البحر. مقابل دعم الجانب التونسي بمعدات وتجهيزات أمنية لتعزيز مراقبة السواحل التونسية، فضلا عن هبات مالية غير ذات بال.

ومن غير المستبعد أن يتم خلال الزيارة التي يؤديها سعيد إلى روما، مناقشة اتفاق جديد حول الهجرة بين البلدين، قد يتم توقيعه في زيارة أخرى مرتقبة لرئيس الحكومة. مشروع اتفاق كان قد تحدث عنه قبل أشهر السفير التونسي في إيطاليا معز سيناوي، الذي قال إن مفاوضات متقدمة تجريها تونس مع الحكومة الإيطالية حول الهجرة، يتضمن فتح الهجرة النظامية أمام التونسيين.

نفس الاتفاق كشف عنه وزير الخارجية الايطالي لويجي دي مايو خلال زيارته المثيرة للجدل إلى تونس بمعية وزير الداخلية الايطالي السابق في شهر اوت من سنة 2020 حين تحدث عن وجود مفاوضات لتوقيع اتفاق مع السلطات التونسية يتضمن “مقاربة جديدة للهجرة السرية”.

ومهما يكن من أمر فإن تونس أمامها فرصة سانحة لاستغلال الهاجس الايطالي على الوجه الأمثل لتحقيق مكاسب مالية واقتصادية دون التفريط في سيادة الدولة التونسية وفي مصالحها الإستراتيجية، وفي حقوق المهاجرين أو الرضوخ للضغوط الأوربية بأن تكون -كما يرغبون- شرطيا يحمي الدول الأوربية ومنها ايطاليا من تدفق المهاجرين.

ضغوط أوروبية

ومؤخرا ازدادت الضغوط الأوربية والايطالية- الفرنسية على وجه الخصوص على تونس خاصة على خلفية هجمات إرهابية نُفذت في فرنسا مثل الهجوم الذي تم خلال سبتمبر من العام الماضي، وآخر في أفريل من السنة الحالية، تورط فيها تونسيون وصلوا إلى أوروبا بطريقة غير شرعية.

للتذكير فإن زيارة سعيّد إلى ايطاليا كانت مبرمجة في 28 أكتوبر 2020 قبل ان يتم تأجيلها بسبب الوضع الوبائي، كما سبق ان تم تأجيل زيارة مماثلة كان سيؤديها رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى روما في 15 ديسمبر الماضي بسبب إصابة وزير المالية الحالي الذي رافق مشيشي في زيارة إلى فرنسا بفيروس كورونا وكان من المفترض أن يعرج الوفد الوزاري إلى ايطاليا في زيارة رسمية.

والملاحظ أيضا أن زيارة سعيد إلى ايطاليا تم التمهيد لها جيدا من الجانبين خاصة من الجانب الايطالي، إذ لم تتوقف الزيارات التي أداها وزراء ايطاليون إلى تونس خلال السنتين الماضيتين. آخرها زيارة وزيرة الداخلية الايطالية لوتشيانا المورجيزي إلى تونس يوم 20 ماي المنقضي حين التقت برئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام مشيشي. وسبق زيارة لوتشيانا إلى تونس، زيارة قام بها وزير الخارجية عثمان الجارندي يومي 26 و27 مارس الماضي.

بل إن وتيرة الزيارات وحجمها تعكس تركيزا متزايدا من الجانب الايطالي على ملف الهجرة غير النظامية، كما يرافق – عادة- الوفود الرسمية الايطالية مسؤولون كبار من المفوضية الأوربية، إذ رافق مثلا زيارة وزيرة الداخلية الايطالية مفوّضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي. ونفس الأمر حصل مع زيارة سابقة أداها وزيري الخارجية والداخلية الايطاليين إلى تونس حين رافقهما ممثلين عن المفوضية الأوربية.

ما يدل على وجود تنسيق مسبق على مستوى عال بين روما والاتحاد الأوربي في موضوع الهجرة بالذات. ويسعى الإتحاد الأوروبي وإيطاليا إلى التوصل إلى اتفاقات مع تونس للحد من اجتياز الحدود البحرية من قبل المهاجرين غير النظاميين مقابل منحها مساعدات اقتصادية.

أوروبا تتمسك بمقاربة أمنية

ورغم أن التصريحات الإعلامية التي يدلي بها رؤساء الوفود الرسمية الايطالية والأوروبية والتي تتلوا تلك الزيارات لا تخفي الدوافع الحقيقية من ورائها إذ عادة ما يتم الكشف عن رغبة ايطاليا وأوروبا في أن تقوم تونس بمجهودات اضافية لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر لعب دور الشرطي وتكثيف المراقبة الأمنية للسواحل التونسية، إلا ان الجانب التونسي أعرب عن تمسكه بمقاربة تفيد أن موضوع الهجرة غير النظامية لا يمكن معالجتها بمقاربة أمنية، بل من خلال البحث في أسبابها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية مع تأكيد متواصل على رفض تونس أن تكون مركزا لإعادة فرز المهاجرين او اللاجئين تمهيدا لإعادة ترحيلهم إلى ببلدانهم وهو أمر ترغب فيه أوروبا بشدة.

من هذا المنطلق قال مشيشيفي إحدى تصريحاته، أن الحكومة تعمل من أجل التوصل إلى توافق مع الشركاء الأوروبيين وخاصة إيطاليا من أجل إيجاد الطريقة المثلى لمعالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية. كما اعتبر أن التنمية المتضامنة مع دول جنوب المتوسط هي أحد الحلول إلى جانب الحلول الأمنية للحدّ من هذه الآفة.

المثير للانتباه أن تصريحات الوزراء الداخلية او الخارجية الايطاليين بخصوص الهجرة والمهاجرين غير النظاميين، عادة ما تثير الجدل والغضب في أوساط المنظمات الحقوقية والجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين. من ذلك توعّد وزير الخارجية الإيطالي، بإعادة كل من يصل إلى بلاده عبر قوارب الموت.

وأضاف في إحدى تصريحاته إثر لقائه رئيس الجمهورية قيس سعيد في شهر أوت الماضي:"مستعدون لتمويل خطة تتمحور حول دعم الشباب التونسي”، كما عبر عن استعداد الجانبين الأوروبي والايطالي دعم التنمية في تونس ومساندة الإصلاحات الإستراتيجية التي تقوم بها في المجال الاقتصادي والتنموي.غير انه لم ترشح تفاصيل عن الاتفاقية الجديدة التي تنوي ايطاليا توقيعها مع تونس أو عن ملامح الخطة التنموية التي اعلن عنها لمساندة الإصلاحات الاقتصادية..

وفي سياق متصل، صرحت وزيرة الداخلية الايطالية في زيارتها الأخيرة إلى تونس أن لقاءاتها مع سعيد ومشيشي ناقشت سبل تكثيف عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين  الي تونس وتركيز خط ساخن بين السلطات الإيطالية والتونسية للتواصل الفوري حول مغادرة قوارب المهاجرين من سواحل تونس نحو ايطاليا وفق مانقلته وكالة أنسا الايطالية. كما كشفت بأن إيطاليا ستواصل مساعدة تونس على إصلاح قوارب الدوريات الأمنية وصيانتها..

منظمات تحذر من تحول تونس إلى حارس حدود

في المقابل، دعت منظمات حقوقية على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، السلطات التونسية لعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع إيطاليا، تمنح الأخيرة ضوءا أخضر لترحيل المهاجرين واستمرار الانتهاكات الحقوقية ضدهم، محذرين من تحول تونس إلى حارس لحدود أوروبا، وخاصة بعد رصد الاتحاد الأوروبي لمساعدات بقيمة 10 مليون يورو لتعزيز قدرة السلطات التونسية على منع الهجرة السرية إلى السواحل الإيطالية.

كما انتقد المنتدى عدم القدرة على الطعن في قرار الترحيل، لافتا إلى أن المهاجرين لا يحظون بالترجمة المحايدة ولا بالدعم القانوني المناسب، ليتم بعد ذلك طردهم جماعيا في مخالفة للبنود 3 و 4 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

واعتبر أن أغلب الاتفاقيات المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي، لا تستجيب لتطلعات المواطنين التونسيين الشرعية في عدالة المعاملة، مشدّدا على وجوب تحوّل الدور التونسي “من موقع الحارس الأمين والمتعاون المثالي، إلى موقع الشريك على قاعدة تكريس الحقوق والحريات واحترام سيادة تونس وكرامة مواطنيها”.

تجدر الإشارة إلى أن نسق تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى ايطاليا لم ينخفض رغم الازمة الصحية وانتشار فيروس كورونا، ورغم تشديد الرقابة على الحدود.إذ بلغ عدد المهاجرين التونسيين  غير النظاميين الذي وصلوا الى الأراضي الايطالية منذ بداية جانفي 2021 إلى نهاية شهر ماي أكثر من ألفي مهاجر، ووصل حوالي 13 ألف مهاجر من مختلف الجنسيات الإفريقية الى ايطاليا منذ بداية السنة الحالية 13 بالمائة منهم تونسيون.

 

رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews