أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي نهاية الاسبوع الماضي "ميلاد" امل جديد وظهور بعض المؤشرات الإيجابية لتجاوز نفق الوضع الراهن وحلحلة الأزمة في تونس.
ويبدو موقف الطبوبي بمثابة النقطة المضيئة في هذه العتمة المحيطة ببلادنا في ظل خلافات حادة بين رأسي السلطة التنفيذية وتصلب موقف الرئيس وتخوفه من استهدافه بإنشاء المحكمة الدستورية بالإضافة لرفضه القبول بإجراءات اليمين الدستوري لأعضاء الحكومة الجديدة بعد أن خسر فيها حقيبة العدل والداخلية .
وعلى اهميته في تهدئة الاجواء فقد كشف تصريح الطبوبي خلال اختتامه ندوة تكوينية للجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية ان هناك تنازلات محتملة من قبل الفاعلين بعد ان تمسك كل طرف بموقفه الى حد "البلوكاج السياسي" لينتهي الجميع الى قطيعة بين مؤسسات الدولة .
وقد دفع الامل الذي روج له الامين العام لاتحاد الشغل للتساؤل عن حقيقة هذا التصريح بمعنى ماهي المؤشرات التي خلص اليها نورالدين الطبوبي والتي اعتمد عليها ليصرح هكذا تصريح؟
بعيدا عن القراءات الموغلة في السوداوية يبدو تصريح الطبوبي هذه المرة اكثر واقعية ومعقولية على اعتبار ان ما قاله لم يأت من باب الاستنتاجات المسقطة او احادية الجانب بل نتيجة تفاعلات ملموسة ترجمتها سلسلة اللقاءات التي كان الاتحاد طرفا فيها.
فخلال الـ72 ساعة الاخيرة التقى الطبوبي اكثر من طرف وجهة سياسية ومن داخل منظومة الحكم .
فقد كان للطبوبي لقاء مهم مع رئيس الحكومة هشام مشيشي يوم الجمعة الماضية بمقر وزارة الداخلية، وإذ حاولت المنظمة التكتم على اللقاء حينها لأسباب غير معروفة فان الكواليس سارعت لتسليط الضوء على اجتماع الرجلين.
وعلى اثر هذا الموعد سارعت رئاسة الجمهورية لتستدعي الامين العام للمنظمة قصد لقاء رئيس الدولة الذي ابدى حرصا شديدا على الاستماع للطبوبي لتعلن بعدها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "الجملة المفتاح" حيث جاء بلاغ الرئاسة مؤكدا ان لقاء الطبوبي بالرئيس تطرّق إلى الوضع العام في البلاد واستمرار الأزمة السياسية، فضلا عن "مناقشة جملة من التصوّرات الممكنة للخروج من الوضع الحالي الذي تمرّ به تونس."
كما "جدّد رئيس الدولة التأكيد على انفتاحه على الحوار من أجل التوصّل إلى حلّ للأزمة الراهنة. وشدّد، في ذات السياق، على أنه لا حوار مع من تعلّقت به شبهات فساد، وبأنه لا مجال للتفريط في أيّ مليم من أموال الشعب التونسي."
واذ شككت بعض القراءات في نوايا الرئيس في سعيه للحل فان آخرين رأوا في بلاغ المؤسسة دافع قوي للبناء عليه وعدم المجازفة بمزيد ترفيع سقف الخلافات مع الحرص على ابقاء بوابات التنازلات مفتوحة امام الجميع.
وجاء التشكيك في نوايا وصدق قيس سعيد في الخروج من الازمة بعد ان عاد اصحاب هذا الراي الى ثلاث مناسبات ماضية.
فبتاريخ 30 ديسمبر 2020 اعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن قبول رئيس الجمهورية بمبادرة المنظمة والداعية لإجراء حوار وطني،وقد تكفل الأمين العام نفسه بنقل موقف قيس سعيد وما اتفق حوله حينها بالانطلاق خلال أسابيع قادمة وبرعاية رئاسية لتتوقف بعدها تفاصيل الانطلاقة وتضيع في زحمة الاحداث السياسية لتونس.
وبتاريخ 26مارس 2021 وبعد توقف عن التداول في موضوع مبادرة الحوار الوطني وصمت رئس الدولة عن موقف 30 ديسمبر، دخل الاتحاد في سلسلة من التصريحات الاعلامية والمناوشات الفايسبوكية مع قيس سعيد في محاولة منه لتذكيره بضرورة انطلاق الحوار الوطني بعد ان سكت سعيد عن وعده لأكثر من 6 اشهر.
ومع اشتداد الخلافات ودون مواعيد سابقة قرر الرئيس يوم الجمعة11 جوان الجاري، وبعد نحو 7ساعات من لقاء مشيشي بالطبوبي دعوة الامين العام على "عجل" لمناقشة الازمة السياسية وليعلن الرئيس للمرة الثالثة عن تبنيه لخيار الحوار الوطني.
وعلى اهمية اللقاء الأخير في تجاوز مخلفات "المعركة الكبرى" فان ذلك لا يعني بالضرورة ان قيس سعيد يفكر فعليا في الحل، فبالعودة إلى مواقفه الثلاثة فان جميعها يأتي مباشرة بعد اي تقارب بين الاتحاد والحكومة وهو ما يضفى صبغة عدم الجدية على مواقف قيس سعيد او هي محاولة لقطع الطريق عن علاقة محرمة سياسيا بين بطحاء محمد علي وقصر الحكومة بالقصبة.
هكذا رأي قد يجد ما يفنده مع بروز بعض الهدوء في تصريحات الرئيس والتقائه حتى مع خصومه من اجل التهدئة والتجاوز ولعل آخرها تلك التي صرح بها في حواره الاخير مع قناة euronews .
كما تلتقى تصريحات سعيد والطبوبي مع مع ما قاله أول أمس رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بمناسبة الذكرى 40 لتأسيس الحركة حيث اكد في مداخلة مطولة عن استعداد الحركة لتقديم مبادرة "مصالحة شاملة تقطع مع الضغينة والتشفي والقطيعة "، على حد تعبيره.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي نهاية الاسبوع الماضي "ميلاد" امل جديد وظهور بعض المؤشرات الإيجابية لتجاوز نفق الوضع الراهن وحلحلة الأزمة في تونس.
ويبدو موقف الطبوبي بمثابة النقطة المضيئة في هذه العتمة المحيطة ببلادنا في ظل خلافات حادة بين رأسي السلطة التنفيذية وتصلب موقف الرئيس وتخوفه من استهدافه بإنشاء المحكمة الدستورية بالإضافة لرفضه القبول بإجراءات اليمين الدستوري لأعضاء الحكومة الجديدة بعد أن خسر فيها حقيبة العدل والداخلية .
وعلى اهميته في تهدئة الاجواء فقد كشف تصريح الطبوبي خلال اختتامه ندوة تكوينية للجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية ان هناك تنازلات محتملة من قبل الفاعلين بعد ان تمسك كل طرف بموقفه الى حد "البلوكاج السياسي" لينتهي الجميع الى قطيعة بين مؤسسات الدولة .
وقد دفع الامل الذي روج له الامين العام لاتحاد الشغل للتساؤل عن حقيقة هذا التصريح بمعنى ماهي المؤشرات التي خلص اليها نورالدين الطبوبي والتي اعتمد عليها ليصرح هكذا تصريح؟
بعيدا عن القراءات الموغلة في السوداوية يبدو تصريح الطبوبي هذه المرة اكثر واقعية ومعقولية على اعتبار ان ما قاله لم يأت من باب الاستنتاجات المسقطة او احادية الجانب بل نتيجة تفاعلات ملموسة ترجمتها سلسلة اللقاءات التي كان الاتحاد طرفا فيها.
فخلال الـ72 ساعة الاخيرة التقى الطبوبي اكثر من طرف وجهة سياسية ومن داخل منظومة الحكم .
فقد كان للطبوبي لقاء مهم مع رئيس الحكومة هشام مشيشي يوم الجمعة الماضية بمقر وزارة الداخلية، وإذ حاولت المنظمة التكتم على اللقاء حينها لأسباب غير معروفة فان الكواليس سارعت لتسليط الضوء على اجتماع الرجلين.
وعلى اثر هذا الموعد سارعت رئاسة الجمهورية لتستدعي الامين العام للمنظمة قصد لقاء رئيس الدولة الذي ابدى حرصا شديدا على الاستماع للطبوبي لتعلن بعدها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "الجملة المفتاح" حيث جاء بلاغ الرئاسة مؤكدا ان لقاء الطبوبي بالرئيس تطرّق إلى الوضع العام في البلاد واستمرار الأزمة السياسية، فضلا عن "مناقشة جملة من التصوّرات الممكنة للخروج من الوضع الحالي الذي تمرّ به تونس."
كما "جدّد رئيس الدولة التأكيد على انفتاحه على الحوار من أجل التوصّل إلى حلّ للأزمة الراهنة. وشدّد، في ذات السياق، على أنه لا حوار مع من تعلّقت به شبهات فساد، وبأنه لا مجال للتفريط في أيّ مليم من أموال الشعب التونسي."
واذ شككت بعض القراءات في نوايا الرئيس في سعيه للحل فان آخرين رأوا في بلاغ المؤسسة دافع قوي للبناء عليه وعدم المجازفة بمزيد ترفيع سقف الخلافات مع الحرص على ابقاء بوابات التنازلات مفتوحة امام الجميع.
وجاء التشكيك في نوايا وصدق قيس سعيد في الخروج من الازمة بعد ان عاد اصحاب هذا الراي الى ثلاث مناسبات ماضية.
فبتاريخ 30 ديسمبر 2020 اعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن قبول رئيس الجمهورية بمبادرة المنظمة والداعية لإجراء حوار وطني،وقد تكفل الأمين العام نفسه بنقل موقف قيس سعيد وما اتفق حوله حينها بالانطلاق خلال أسابيع قادمة وبرعاية رئاسية لتتوقف بعدها تفاصيل الانطلاقة وتضيع في زحمة الاحداث السياسية لتونس.
وبتاريخ 26مارس 2021 وبعد توقف عن التداول في موضوع مبادرة الحوار الوطني وصمت رئس الدولة عن موقف 30 ديسمبر، دخل الاتحاد في سلسلة من التصريحات الاعلامية والمناوشات الفايسبوكية مع قيس سعيد في محاولة منه لتذكيره بضرورة انطلاق الحوار الوطني بعد ان سكت سعيد عن وعده لأكثر من 6 اشهر.
ومع اشتداد الخلافات ودون مواعيد سابقة قرر الرئيس يوم الجمعة11 جوان الجاري، وبعد نحو 7ساعات من لقاء مشيشي بالطبوبي دعوة الامين العام على "عجل" لمناقشة الازمة السياسية وليعلن الرئيس للمرة الثالثة عن تبنيه لخيار الحوار الوطني.
وعلى اهمية اللقاء الأخير في تجاوز مخلفات "المعركة الكبرى" فان ذلك لا يعني بالضرورة ان قيس سعيد يفكر فعليا في الحل، فبالعودة إلى مواقفه الثلاثة فان جميعها يأتي مباشرة بعد اي تقارب بين الاتحاد والحكومة وهو ما يضفى صبغة عدم الجدية على مواقف قيس سعيد او هي محاولة لقطع الطريق عن علاقة محرمة سياسيا بين بطحاء محمد علي وقصر الحكومة بالقصبة.
هكذا رأي قد يجد ما يفنده مع بروز بعض الهدوء في تصريحات الرئيس والتقائه حتى مع خصومه من اجل التهدئة والتجاوز ولعل آخرها تلك التي صرح بها في حواره الاخير مع قناة euronews .
كما تلتقى تصريحات سعيد والطبوبي مع مع ما قاله أول أمس رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بمناسبة الذكرى 40 لتأسيس الحركة حيث اكد في مداخلة مطولة عن استعداد الحركة لتقديم مبادرة "مصالحة شاملة تقطع مع الضغينة والتشفي والقطيعة "، على حد تعبيره.