إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم الشعارات المعلنة في قمة تونس الرقمية: إدارة تونسية "متخلفة".. وهوة رقمية شاسعة بين الخاص والعام!  

أختتمت امس الدورة الخامسة من قمة تونس الرقمية التي شهدت انتقادات حادة من التونسيين على شبكات التواصل الاجتماعي ، خاصة في ظل تواصل الهوة الرقمية بين القطاع الخاص والعام وتجمد المشاريع التكنولوجية المزمع تنفيذها منذ سنة 2020 ، بالاضافة الى تواصل غياب حلول الدفع الالكترونية الخارجية ،ومنع التعامل بالعملات الرقمية ، وتأخر برنامج رقمنة الاقتصاد الوطني ، وتحديث الادارة التونسية.

وحملت القمة هذه سنة شعار “تحديات التحول الرقمي ما بعد جائحة كورونا ” ، وسلطت الضوء على آخر التطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأمن السيبرني والاتصالات، كما سلطت الضوء على موضوع رقمنة الإدارة والمؤسسات المالية ودور التكنولوجيات الناشئة في تطوير قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة.

وشارك في التظاهرة أكثر من ألفي شخص حضوريا وافتراضيا حيث تمّ نقل فعاليات القمة حينيا على منصة رقمية تونسية تمّ الاعلان عن اطلاقها امس رسميا تحت مسمى Eventoo، وشارك أيضا في معرض القمّة 25 مؤسّسة ناشئة تنشط في مجال التكنولوجيا، اضافة الى عدد من المؤسسات الوطنيّة التونسيّة على غرار اتصالات تونس التي شاركت بمحاضرات قيمة حول آخر الحلول التكنولوجية المبتكرة للمؤسسات.

وأعلن منظم قمة تونس الرقمية اسكندر هدار في افتتاح القمة عن إطلاق منظومة لتنظيم اللقاءات ومتابعة أشغال قمة تونس الرقمية تسمى Eventoo ، مؤكدا أن هذه المنظومة هي منتوج تونسي 100% ، وتم وضعها رسميا على ذمة المهنيين والمؤسسات لتنظيم ملتقيات والتظاهرات المستقبلية، كما شهدت القمة أكثر من 60 مُحاضرة وحلقة نقاش، ومُشاركة 50 عارضا من المؤسسات الكبرى ومن القطاعيْن العام والخاص، ومشاركة 30 مؤسسة ناشئة، تقدم الحلول آخر الحلول التكنولوجية المبتكرة.

انتقادات حادة للقمة

وشهدت القمة التي حضرها رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير تكنولوجيات الاتصال محمد الفاضل كريم ، انتقادات حادة على شبكات التواصل الاجتماعي ، وسخط الآلاف من الشباب التونسيين ، بسبب ما وصفوه بالتأخر الكبير الذي تعانيه المنظومة الرقمية في تونس وخاصة على مستوى التشريعات وغياب حلول الدفع الالكترونية الخارجية وعدم تفعيل عدد من البرامج الرقمية التي سبق للحكومات المتعاقبة ان تعهدت بتذليلها ومن ذلك منظومة الدفع paypal، والتي انهى محافظ البنك المركزي مروان العباسي مؤخرا الجدل حولها بعد اعلانه عن رفض الشركة الام النهائي لملف تونس.

كما كشفت الأزمة الصحية في تونس عن هشاشة المنظومة الإدارية حيث لم تتمكن المؤسسات من التكيف مع الإجراءات الاستثنائية نظرا لهشاشة البنية التكنولوجية ، رغم ان متطلبات التحولات الرقمية كانت ضمن أجندات الحكومة خلال عام 2005 عند تنظيم أول قمة معلومات في البلاد، وعلى الرغم من مرور اكثر من عقدين من الزمن فإن البلاد لا تزال ترزح تحت وطأة البدائية في المعاملات التكنولوجية والرقمية.

ورغم سعي الحكومات المتعاقبة إلى تسريع نسق التحول الرقمي وجعل تكنولوجيا المعلومات مصدرا للإنتاجية والقيمة ‏المضافة، وارساء المخطط الاستراتيجي تونس الرقمية 2020 الذي تمت صياغته في إطار مقاربة تشاركية مع القطاع الخاص، فإن كافة المشاريع التي تمت بلورتها لم تر النور الى اليوم.

نصف المشاريع التكنولوجية لم تنجز

وسبق لوزير تكنولوجيا الاتصال والانتقال الرقمي محمد فاضل كريم ان أقر في تصريحات اعلامية ان حوالي نصف مشاريع الخطط الاستراتيجية لتونس الرقمية 2020 لم تنجز الى اليوم، وتمت برمجتها في مخطط 2020/2025، مبرزا ان الاشكال اليوم ليس في تحديد المشاريع ولكن كيفية الاسراع في تنفيذها من خلال تبسيط الاجراءات الادارية ومكافحة البيروقراطية ، ولفت الى ان الوزارة تعمل على تجميع جهود كل اللجان المختصة التي تم احداثها لمواجهة ازمة جائحة فيروس كورونا وذلك للنهوض بالمشاريع المرسومة في مخطط 2020 ومخطط 2025 الذي هو في طور الانجاز وفي ما يتعلق بمكافحة البيروقراطية لفت الوزير الى ان هذه المسالة ستتم معالجتها على المدى القريب حيث تمت برمجة تعصير الادارة من خلال رقمنة الخدمات المقدمة للمواطنين وكذلك تعصير الاجراءات الداخلية بين الادرات وسيجري تقديم كل المعطيات حول هذه المستجدات تباعا.

وكشفت أزمة كورونا عن نقائص كبيرة يشكوها الجهاز الإداري ما جعل البلاد تسقط في دوامة الركود، والمؤسسات والمرافق العامة تتعطل بفعل غياب الوسائل الرقمية الحديثة الضامنة لاستمرارية التعاملات، وتتفق العديد من التقارير وآراء الخبراء على أن السنوات الأخيرة في تونس تميزت بالاهتمام بالجانب السياسي والاجتماعي فقط على حساب المسائل المتعلقة بالتكنولوجيا والرقمنة التي اقتصرت على بعض المؤسسات في القطاع الخاص.

تونس مازالت «متخلفة» تكنولوجيا

وسبق لهيئة الخبراء المحاسبين التونسيين، ان جددت في تقرير حديث لها مطالبها باعتماد استراتيجية رقمية للاقتصاد ، ما يرفع بنسبة 2 بالمائة في نسبة النمو، مشددة على أن التأخير الحاصل في مجال الرقمنة يكلف الاقتصاد خسائر كبيرة وأن تونس متأخرة 20 سنة في هذا المجال.

ونظرا لغياب استراتيجية حكومية واضحة للتسريع في تطوير البنية التحتية الرقمية، فإن شريحة هامة من التونسيين ما زالت لم تبد ثقة كبيرة في التسوق الإلكتروني وما زالت لديها شكوك قوية حول نجاعة المعاملات الرقمية، كما أنه على الرغم من الأرقام الإيجابية التي سجلتها الحكومة في مجال الرقمنة، إلا أن البلاد ما زالت في صفوف الدول المتأخرة في هذا المجال.

ويجمع الخبراء على أن من بين أكبر المعضلات التي تحول أيضا دون تفعيل جدي للتحول الرقمي هي التناقضات القانونية، حيث ان إسراف السلطات في إعلان القوانين حمل في مجمله تناقضات عديدة تتعارض مع أهداف الرقمنة مع بنود قانون المعطيات الشخصية الذي يمنع كل أشكال استغلال الهوية الشخصية ويضمن سرية المعاملات.

هوة رقمية بين القطاع الخاص والعام

ووفق آخر تقرير حديث للمعهد الوطني للإحصاء بتونس، يمثل قطاع التكنولوجيا نسبة نمو بـ 11%، وحسب وزارة التكنولوجيا يساهم بنسبة 7.5% من الناتج المحلى الخام، ويشغل أكثر من 90 ألف تونسي، بالاضافة الى خلقه لأكثر من 9000 موطن شغل جديد في 2019، ويتجاوز عدد المؤسسات الناشطة في المجال الرقمي 1800 مؤسسة.

ويستحوذ قطاع البريد والاتصالات لوحدهما على نسبة 5% من نسبة 7.5% التي يساهم بها القطاع في الناتج المحلى الخام، في حين لا تتجاوز نسبة الخدمات الإعلامية والصناعات الإلكترونية الـ 2.5%، وهي نسبة ضعيفة، تكشف عن هوة كبيرة بين القطاع العام والقطاع الخاص.

ويبقى دور القطاع الخاص ضعيفا جدا في إنجاز وتنفيذ المشاريع الكبرى الخاصة بالبنية التحتية الرقمية وتطوير مشاريع رقمنه الإدارة التونسية وغيرها، علما وان البرامج الرقمية تعتبر من الشروط الاساسية التي يجب تنفيذها لتشجيع المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين في التعاملات الرقمية المالية وغيرها لبناء الثقة وتعزيز السلامة المعلوماتية.

ويطالب المختصون والخبراء في الشأن التكنولوجي بضرورة ارساء برنامج اصلاح للتحول الرقمي من خلال المضي نحو هيكلة شاملة للقطاع، وإرساء ثقافة تشاركية تضم كل أصحاب المصلحة، وتأسيس لهيئات وطنية قوية ومستقلة ضامنة للسلامة التكنولوجية، تسند لها مهام ادارة القطاعات الحيوية بالبلاد وتطوير بنيتها الرقمية وفق احدث الابتكارات المسجلة في العالم.

ورغم نجاحات تونس في المجال الرقمي وتصنيفها دوليا كأحد أهمّ الأقطاب للمؤسسات الناشئة في افريقيا والعالم العربي، وفق التقرير الذي نشرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية لسنة 2020 حيث احتلت تونس المرتبة الأولى مغاربيا والثالثة افريقيا في مؤشر الابتكار، والمرتبة 23 من ضمن ثلاثين دولة متقدمة في مجال التكنولوجيا الرقمية، والمركز الأول في منطقة افريقيا والعالم العربي وفق مؤشر الجاذبية، وبلوغ عدد المستخدمين للأنترنات في تونس مستويات قياسية ناهزت 8 مليون مستخدم في أواخر 2020 ، فإن البنية الرقمية والتكنولوجية في البلاد مازالت متأخرة وهي تحتاج حسب مهندسي الاتصالات الى اصلاحات وتحديثات فورية ورصد الاعتمادات الضرورية للحاق بركب الدول المتقدمة.

وما يزال الشباب التونسي اليوم يواجه عراقيل جمة في اطلاق مشاريعه التكنولوجية وتركيزها في عدد من المنصات العالمية ، وذلك بسبب القيود المسلطة عليه من الداخل في ظل غياب منظومات الكترونية لتحويل الاموال الى الخارج وعلى رأسها خدمة « الباي بال» الشهيرة ، فضلا عن غياب أرضية ملائمة للتشجيع على بعث بنوك الكترونية تونسية تمكن حرفاءها من الدفع بالعملات الصعبة لاقتناء البرامج التكنولوجية ودفع معلوم الاشتراك لاستضافة التطبيقات التونسية على العديد من المنصات التجارية الرقمية العالمية ، بالاضافة الى اجراءات جد صارمة للمتعاملين بالعملات الرقمية وعلى رأسها «البيتكوين»، والتي مازالت محل تتبع في تونس ويمنع تداولها.

 

سفيان المهداوي

جريدة الصباح

رغم الشعارات المعلنة في قمة تونس الرقمية:  إدارة تونسية "متخلفة".. وهوة رقمية شاسعة بين الخاص والعام!   

أختتمت امس الدورة الخامسة من قمة تونس الرقمية التي شهدت انتقادات حادة من التونسيين على شبكات التواصل الاجتماعي ، خاصة في ظل تواصل الهوة الرقمية بين القطاع الخاص والعام وتجمد المشاريع التكنولوجية المزمع تنفيذها منذ سنة 2020 ، بالاضافة الى تواصل غياب حلول الدفع الالكترونية الخارجية ،ومنع التعامل بالعملات الرقمية ، وتأخر برنامج رقمنة الاقتصاد الوطني ، وتحديث الادارة التونسية.

وحملت القمة هذه سنة شعار “تحديات التحول الرقمي ما بعد جائحة كورونا ” ، وسلطت الضوء على آخر التطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأمن السيبرني والاتصالات، كما سلطت الضوء على موضوع رقمنة الإدارة والمؤسسات المالية ودور التكنولوجيات الناشئة في تطوير قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة.

وشارك في التظاهرة أكثر من ألفي شخص حضوريا وافتراضيا حيث تمّ نقل فعاليات القمة حينيا على منصة رقمية تونسية تمّ الاعلان عن اطلاقها امس رسميا تحت مسمى Eventoo، وشارك أيضا في معرض القمّة 25 مؤسّسة ناشئة تنشط في مجال التكنولوجيا، اضافة الى عدد من المؤسسات الوطنيّة التونسيّة على غرار اتصالات تونس التي شاركت بمحاضرات قيمة حول آخر الحلول التكنولوجية المبتكرة للمؤسسات.

وأعلن منظم قمة تونس الرقمية اسكندر هدار في افتتاح القمة عن إطلاق منظومة لتنظيم اللقاءات ومتابعة أشغال قمة تونس الرقمية تسمى Eventoo ، مؤكدا أن هذه المنظومة هي منتوج تونسي 100% ، وتم وضعها رسميا على ذمة المهنيين والمؤسسات لتنظيم ملتقيات والتظاهرات المستقبلية، كما شهدت القمة أكثر من 60 مُحاضرة وحلقة نقاش، ومُشاركة 50 عارضا من المؤسسات الكبرى ومن القطاعيْن العام والخاص، ومشاركة 30 مؤسسة ناشئة، تقدم الحلول آخر الحلول التكنولوجية المبتكرة.

انتقادات حادة للقمة

وشهدت القمة التي حضرها رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير تكنولوجيات الاتصال محمد الفاضل كريم ، انتقادات حادة على شبكات التواصل الاجتماعي ، وسخط الآلاف من الشباب التونسيين ، بسبب ما وصفوه بالتأخر الكبير الذي تعانيه المنظومة الرقمية في تونس وخاصة على مستوى التشريعات وغياب حلول الدفع الالكترونية الخارجية وعدم تفعيل عدد من البرامج الرقمية التي سبق للحكومات المتعاقبة ان تعهدت بتذليلها ومن ذلك منظومة الدفع paypal، والتي انهى محافظ البنك المركزي مروان العباسي مؤخرا الجدل حولها بعد اعلانه عن رفض الشركة الام النهائي لملف تونس.

كما كشفت الأزمة الصحية في تونس عن هشاشة المنظومة الإدارية حيث لم تتمكن المؤسسات من التكيف مع الإجراءات الاستثنائية نظرا لهشاشة البنية التكنولوجية ، رغم ان متطلبات التحولات الرقمية كانت ضمن أجندات الحكومة خلال عام 2005 عند تنظيم أول قمة معلومات في البلاد، وعلى الرغم من مرور اكثر من عقدين من الزمن فإن البلاد لا تزال ترزح تحت وطأة البدائية في المعاملات التكنولوجية والرقمية.

ورغم سعي الحكومات المتعاقبة إلى تسريع نسق التحول الرقمي وجعل تكنولوجيا المعلومات مصدرا للإنتاجية والقيمة ‏المضافة، وارساء المخطط الاستراتيجي تونس الرقمية 2020 الذي تمت صياغته في إطار مقاربة تشاركية مع القطاع الخاص، فإن كافة المشاريع التي تمت بلورتها لم تر النور الى اليوم.

نصف المشاريع التكنولوجية لم تنجز

وسبق لوزير تكنولوجيا الاتصال والانتقال الرقمي محمد فاضل كريم ان أقر في تصريحات اعلامية ان حوالي نصف مشاريع الخطط الاستراتيجية لتونس الرقمية 2020 لم تنجز الى اليوم، وتمت برمجتها في مخطط 2020/2025، مبرزا ان الاشكال اليوم ليس في تحديد المشاريع ولكن كيفية الاسراع في تنفيذها من خلال تبسيط الاجراءات الادارية ومكافحة البيروقراطية ، ولفت الى ان الوزارة تعمل على تجميع جهود كل اللجان المختصة التي تم احداثها لمواجهة ازمة جائحة فيروس كورونا وذلك للنهوض بالمشاريع المرسومة في مخطط 2020 ومخطط 2025 الذي هو في طور الانجاز وفي ما يتعلق بمكافحة البيروقراطية لفت الوزير الى ان هذه المسالة ستتم معالجتها على المدى القريب حيث تمت برمجة تعصير الادارة من خلال رقمنة الخدمات المقدمة للمواطنين وكذلك تعصير الاجراءات الداخلية بين الادرات وسيجري تقديم كل المعطيات حول هذه المستجدات تباعا.

وكشفت أزمة كورونا عن نقائص كبيرة يشكوها الجهاز الإداري ما جعل البلاد تسقط في دوامة الركود، والمؤسسات والمرافق العامة تتعطل بفعل غياب الوسائل الرقمية الحديثة الضامنة لاستمرارية التعاملات، وتتفق العديد من التقارير وآراء الخبراء على أن السنوات الأخيرة في تونس تميزت بالاهتمام بالجانب السياسي والاجتماعي فقط على حساب المسائل المتعلقة بالتكنولوجيا والرقمنة التي اقتصرت على بعض المؤسسات في القطاع الخاص.

تونس مازالت «متخلفة» تكنولوجيا

وسبق لهيئة الخبراء المحاسبين التونسيين، ان جددت في تقرير حديث لها مطالبها باعتماد استراتيجية رقمية للاقتصاد ، ما يرفع بنسبة 2 بالمائة في نسبة النمو، مشددة على أن التأخير الحاصل في مجال الرقمنة يكلف الاقتصاد خسائر كبيرة وأن تونس متأخرة 20 سنة في هذا المجال.

ونظرا لغياب استراتيجية حكومية واضحة للتسريع في تطوير البنية التحتية الرقمية، فإن شريحة هامة من التونسيين ما زالت لم تبد ثقة كبيرة في التسوق الإلكتروني وما زالت لديها شكوك قوية حول نجاعة المعاملات الرقمية، كما أنه على الرغم من الأرقام الإيجابية التي سجلتها الحكومة في مجال الرقمنة، إلا أن البلاد ما زالت في صفوف الدول المتأخرة في هذا المجال.

ويجمع الخبراء على أن من بين أكبر المعضلات التي تحول أيضا دون تفعيل جدي للتحول الرقمي هي التناقضات القانونية، حيث ان إسراف السلطات في إعلان القوانين حمل في مجمله تناقضات عديدة تتعارض مع أهداف الرقمنة مع بنود قانون المعطيات الشخصية الذي يمنع كل أشكال استغلال الهوية الشخصية ويضمن سرية المعاملات.

هوة رقمية بين القطاع الخاص والعام

ووفق آخر تقرير حديث للمعهد الوطني للإحصاء بتونس، يمثل قطاع التكنولوجيا نسبة نمو بـ 11%، وحسب وزارة التكنولوجيا يساهم بنسبة 7.5% من الناتج المحلى الخام، ويشغل أكثر من 90 ألف تونسي، بالاضافة الى خلقه لأكثر من 9000 موطن شغل جديد في 2019، ويتجاوز عدد المؤسسات الناشطة في المجال الرقمي 1800 مؤسسة.

ويستحوذ قطاع البريد والاتصالات لوحدهما على نسبة 5% من نسبة 7.5% التي يساهم بها القطاع في الناتج المحلى الخام، في حين لا تتجاوز نسبة الخدمات الإعلامية والصناعات الإلكترونية الـ 2.5%، وهي نسبة ضعيفة، تكشف عن هوة كبيرة بين القطاع العام والقطاع الخاص.

ويبقى دور القطاع الخاص ضعيفا جدا في إنجاز وتنفيذ المشاريع الكبرى الخاصة بالبنية التحتية الرقمية وتطوير مشاريع رقمنه الإدارة التونسية وغيرها، علما وان البرامج الرقمية تعتبر من الشروط الاساسية التي يجب تنفيذها لتشجيع المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين في التعاملات الرقمية المالية وغيرها لبناء الثقة وتعزيز السلامة المعلوماتية.

ويطالب المختصون والخبراء في الشأن التكنولوجي بضرورة ارساء برنامج اصلاح للتحول الرقمي من خلال المضي نحو هيكلة شاملة للقطاع، وإرساء ثقافة تشاركية تضم كل أصحاب المصلحة، وتأسيس لهيئات وطنية قوية ومستقلة ضامنة للسلامة التكنولوجية، تسند لها مهام ادارة القطاعات الحيوية بالبلاد وتطوير بنيتها الرقمية وفق احدث الابتكارات المسجلة في العالم.

ورغم نجاحات تونس في المجال الرقمي وتصنيفها دوليا كأحد أهمّ الأقطاب للمؤسسات الناشئة في افريقيا والعالم العربي، وفق التقرير الذي نشرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية لسنة 2020 حيث احتلت تونس المرتبة الأولى مغاربيا والثالثة افريقيا في مؤشر الابتكار، والمرتبة 23 من ضمن ثلاثين دولة متقدمة في مجال التكنولوجيا الرقمية، والمركز الأول في منطقة افريقيا والعالم العربي وفق مؤشر الجاذبية، وبلوغ عدد المستخدمين للأنترنات في تونس مستويات قياسية ناهزت 8 مليون مستخدم في أواخر 2020 ، فإن البنية الرقمية والتكنولوجية في البلاد مازالت متأخرة وهي تحتاج حسب مهندسي الاتصالات الى اصلاحات وتحديثات فورية ورصد الاعتمادات الضرورية للحاق بركب الدول المتقدمة.

وما يزال الشباب التونسي اليوم يواجه عراقيل جمة في اطلاق مشاريعه التكنولوجية وتركيزها في عدد من المنصات العالمية ، وذلك بسبب القيود المسلطة عليه من الداخل في ظل غياب منظومات الكترونية لتحويل الاموال الى الخارج وعلى رأسها خدمة « الباي بال» الشهيرة ، فضلا عن غياب أرضية ملائمة للتشجيع على بعث بنوك الكترونية تونسية تمكن حرفاءها من الدفع بالعملات الصعبة لاقتناء البرامج التكنولوجية ودفع معلوم الاشتراك لاستضافة التطبيقات التونسية على العديد من المنصات التجارية الرقمية العالمية ، بالاضافة الى اجراءات جد صارمة للمتعاملين بالعملات الرقمية وعلى رأسها «البيتكوين»، والتي مازالت محل تتبع في تونس ويمنع تداولها.

 

سفيان المهداوي

جريدة الصباح

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews