مع اقتراب تركيز البرلمان الجديد بدأ الحديث عن الكتل وعن رئاسة المجلس النيابي إلا أن الملاحظ أن كل الذين ظهروا على مدى الأيام القليلة الماضية ادعوا أنهم أصحاب الكتلة الأكبر، وكل طرف يؤكد فتح ذراعيه أمام البقية للانضمام اليه لتوسيع الكتلة فمن جملة 154 نائبا (باعتبار أن سبع دوائر لم تشهد ترشحات منذ الدور الأول للانتخابات التشريعية وهي الدوائر السبع من جملة عشر ) يتحدث حزب ما أوحركة عن أنه صاحب عدد هائل من النواب إلى حد خيل الينا أننا نتحدث عن مئات النواب فالمنتمون لحركة شباب تونس أو ما يسمى حراك 25 جويلية قال في عدة مناسبات أن لديه أكثر من 70 نائبا ..ثم ظهر زهير حمدي الناطق الرسمي باسم مبادرة "لينتصر الشعب " ليؤكد أن المبادرة كونت كتلة من 42 نائبا ..كما ترشح المبادرة ذاتها العميد السابق للمحامين إبراهيم بودربالة رئيسا للبرلمان القادم إذ أكد زهير حمدي أن هناك 16 نائبا آخرين بصدد التفاوض من أجل الانضمام لكتلة المبادرة ...
وفيما يرى البعض أن الـ16 نائبا الذين تحدث عنهم زهير حمدي ينتمون الى حركة الشعب ،بينما ذهب البعض الآخر الى الحديث عن 13 نائبا فقط للحركة ظهر منذ يومين زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب ليؤكد أن لديهم 31 نائبا برلمانيا وهم أكبر كتلة حزبية ..وهم يقبلون بانضمام فئة معينة من النواب كما أنه لحركة الشعب مرشحها لرئاسة البرلمان بعد أن كان هناك حديث عن دعم ترشح بودربالة والانضمام لكتلة مبادرة لينتصر الشعب ..
كما سبق لعبيد البريكي رئيس حركة تونس الى الامام الإشارة الى ان هناك 6 نواب من أنصار الحركة ثم عاد ليقول بأن لا أحد منهم فاز في الانتخابات لكن في النهاية تأكد الحديث عن تقارب" مبادرة لينتصر الشعب " مع حركة تونس الى الامام وكذلك مجموعة حراك 25 جويلية التي ترفض التقارب مع حركة الشعب خوفا من السعي وراء" الزعاماتية" لبعض الأطراف في المقابل تبحث حركة الشعب عن مزيد المناصرين لها الذين يقتربون من توجهها لضمان أوفر الحظوظ لمرشحها لرئاسة البرلمان ..
حزب صوت الجمهورية يستبق حتى لا يضيع الحق ..؟
في كل هذا الخضم وبعد أن خرج كل طرف بعد أسبوع من اعلان النتائج الأولية وتحدث عن كتلته وكل يسوق رقمه، حسب علي الحفصي رئيس حزب صوت الجمهورية، شرفا أنه كان الاوضح، مقارنة ببقية الأحزاب والمبادرات، وأعلن مباشرة بعد اعلان النتائج الأولية للدور الثاني من الانتخابات التشريعية أن للحزب 20 نائبا من البداية أي أنه كان بعيدا كل البعد عن شبهة شراء نواب أو استقطاب هذا الطرف أو ذاك، والتي روجها البعض،إذ أعلن الحزب من البداية عن عدد نوابه ولم ينتظر مثل البقية بضعة أيام ليقدم ..ويرى الملاحظون في ذلك جرأة كبيرة من حزب صوت الجمهورية الذي لعب على المكشوف من البداية حتى يتجنب كل الشبهات إذ أن "صوت الجمهورية" من الأحزاب المحسودة فرغم حداثة تكوينه فقد استطاع أن يسجل حضوره وبقوة في الانتخابات التشريعية وأصبح لديه كتلة بـ20 نائبا من المنتمين للحزب ..
رئاسة البرلمان ..والحسابات المعقدة !!!
واذا استثنينا الرقم القار المعلن عنه منذ الوهلة الأولى لعدد نواب صوت الجمهورية نجد البقية عن كتل تتكون اجمالا من عدد يفوق العدد الإجمالي للمقاعد بالبرلمان (154 نائبا) خاصة إذا أضفنا عدد النواب المنتمين سابقا لنداء تونس وآخرين مستقلين ،تشكك فيهم بعض الأحزاب المكونة للمشهد البرلماني ،وتعتبرهم من المتسللين للبرلمان لان ينتمون لأحزاب رفضها مسار 25 جويلية ..
وبالإضافة الى هذا المشهد السريالي فقد ظهر بالكاشف أن مبادرة "لينتصر الشعب " قد أخذت مكان حركة الشعب ،من حيث القرب من رئيس الجمهورية قيس سعيد وأصبح للمبادرة 42 نائبا وكذلك التحاق بعض مؤسسيها بالحكومة على غرار محمد علي البوغديري وزير التربية الجديد ..وهو ما جعل حركة الشعب في منافسة مع "المبادرة" في الانتخابات حيث سحبت البساط من تحت أقدام أحمد شفتر في جرجيس وأصبحت ترشح الفائز عن دائرة جرحيس لرئاسة البرلمان أو احد من المعروفين بالحركة ولم تعد حركة الشعب من المناصرين لترشح العميد السابق بودربالة.. كما أنه لبقية الكتل مرشحها لرئاسة على غرار حزب صوت الجمهورية الذي كان واضحا بدوره من البداية حيث قال رامي محفوظ عضو الهيئة التنفيذية أن حزب صوت الجمهورية يكن كل الاحترام والتقدير لابراهيم بودربالة لكن حزبه يحتفظ بحقه في تقديم مرشح لرئاسة البرلمان خاصة أن لديه كتلة هامة وينتظر أن تلتحق بها عدة كفاءات أخرى ،على حد تعبير عضو الهيئة التنفيذية بوشنيبة ..
حسابات رئاسة مجلس النواب معقدة وكل كتلة غير قادرة على فرض مرشحها الا أذا استقطبت اكبر عدد ممكن من الحلفاء ..لكنها في النهاية ستكون المحدد في إعادة تشكيل تركيبة المجلس النيابي الجديد وقد أيضا سببا رئيسيا في مزيد تفتيت الكتل وتعميق الهوة بين أطرافها ..
عبدالوهاب الحاج علي