اعتبر عبد الرزاق المختار أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية المهتم بالشأن الانتخابي في نظم الانتقال الديمقراطي أن هيئة الانتخابات أصبحت منتقدة أولا من جهة النص القانوني الناظم لها والذي يجعل لرئيس الجمهورية اليد الطولى في التعيينات صلبها سواء كان ذلك بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة، وفسر أن الهيئة أصبحت لا تتمتع بمقتضى قانونها الأساسي في حد ذاته بمستويات الاستقلالية الدنيا، وتحجج البعض من أعضائها بأن العبرة هي بالاستقلالية الفعلية يجعل من هذه الاستقلالية رهينة سلوكيات أفراد وليس رهينة ضمانات قانونية حقيقية ،وهذا ما يجعل أعضاء الهيئة دائما تحت دائرة التقييم السياسي والتقييم الواقعي ويفقدهم إمكانية الاحتماء بالضمانات القانونية، وكل هذا حسب قول الجامعي، أدى إلى نتيجة وهي أن هيئة الانتخابات من خلال قانونها هي هيئة تابعة وهي من خلال الممارسات هيئة غير مبادرة وغير شجاعة،
ولاحظ المختار في تصريح لـ"الصباح" أن الهيئة أصبحت منتقدة أيضا لأن خطابها أصبح أحيانا كما لو أنه يدافع عن الرؤية الرسمية وكما لو أنه يؤول ويفسر ما تريده السلطة فهو لا يكتفي بدور الهيئة، وأشار إلى أن خطاب الهيئة وسلوكها يبعث على الحيرة ويدعو إلى طرح سؤال مفاده هل نحن إزاء هيئة تتعلل بالتقنوية وبالبيروقراطية، أي بكون دورها تقني فقط، أم أننا إزاء هيئة تفتش وتبحث في نوايا رئيس الجمهورية ثم تجسم هذه النوايا في القرارات التي تتخذها وذلك على شاكلة مواقفها المحتشمة من تعديل القانون المنظم لها.
ويرى الجامعي أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تبدو مرتعشة ومترددة وتبدو أنها في خدمة رئيس الجمهورية والحال أن المطلوب منها هو إدارة المسار الانتخابي بكل استقلالية، كما لاحظ الأستاذ عبد الرزاق المختار أن قرار الهيئة الأخير القاضي بتعديل رزنامة الانتخابات التشريعية لسنة 2022 يضرب المسار الانتخابي كمسار واضح الملامح، فبهذا القرار أصبح المسار قابلا لتسرب الخطأ وقابلا للتمديد، والحال أنه في التجارب المقارنة لا يتم التدخل في المسار الانتخابي وتواريخه إلا في حالة الخطر الداهم والقوة القاهرة.
سعيدة بوهلال