في ذكرى إمضاء البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة:
10 سنوات مرّت على إمضاء الدولة التونسية للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في17ماي 2011، والتابع لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس سنة 1988. وبالرغم من إرساء الآلية الوطنية الوقائية المتمثّلة في الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فإنّ عدّة مضامين تنتظر إلى حدّ اليوم إدخال التنقيحات المستوجبة لاسيّما منها على مستوى المجلّة الجزائية على غرار مطابقة تعريف "التعذيب" وفقا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ومقتضيات المادة1 من الجزء الأوّل للإتّفاقية، هذا إلى جانب ضرورة مواءمة جملة المعايير الدولية المتعلّقة بالمنظومة القضائية، الأمنية والسجنية وما تنصّ عليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
"الصباح نيوز" وتزامنا مع السنة العاشرة لإمضاء البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حاورت الدكتورة حميدة الدريدي عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب واللجنة الفرعية للتعذيب بخصوص أهمية هذه المصادقة والأثر الذي تحقّق خلال هذه العشرية.
* بمجرّد انضمام الدولة التونسية إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فهي قد التزمت باتخاذ جملة من التدابير من أجل تحقيق مقاصد اتفاقية مناهضة التعذيب.
ماذا تحقّق على أرض الواقع منذ إمضاء الدولة التونسية على البروتوكول طيلة 10سنوات. وهل يمكن القول اليوم بأنّ التعذيب "لم يعد سياسة دولة" رغم أنّ تقارير عديدة تؤكّد أنّه مايزال قائما؟
- مشكلة التعذيب هي مزمنة وموجودة ليس في تونس فقط ولكن كل دول العالم بما فيها البلدان الديمقراطية، وفي ظل وجود ترسانة من الاتفاقيات الدولية والقوانين فإنّها تحد من التعذيب ورغم مصادقة بعض البلدان العربية على الإتفاقية فإنّ التعذيب ما يزال موجود و تغيير القوانين لا يرتقي بالشكل الكافي والمعايير الدولية على غرار التعريف الوارد بالفصل 101 مكرر الجديد من المجلة الجزائية وهو تعريف مقيّد بالمقارنة مع التعريف الذي تنصّ عليه اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حيث يُقصِرُ مثلا التمييز على التمييز العنصري ، ولايتطرّق إلى الحقيقة المتمثّلة في أنّ التعذيب يُرتكب بدافع أشكال أخرى من التمييز.
كما أنّ البروتوكول الاختياري للاتفاقية أتى بمفهوم جديد مفاده وأنّه للتقليص من وطأة التعذيب فلابدّ من فتح الأبواب أمام الهيئات الرقابية لأنّ التعذيب والتعذيب الممنهج يمارس خلف الأبواب المغلقة تحت إمرة الدولة والبروتوكول الاختياري ليس في تعارض بأيّ حال من الأحوال مع السلطات ولكن لإعانتها على التخلّص من آفة التعذيب ونتج عن البروتوكول هيئات دولية ووطنية للوقاية من التعذيب ولو اعتبرنا انّ التعذيب لم يعد سياسة دولة ممنهجة غير أنّه هناك بعض المراكز الأمنية المعروفة بانتهاجها هذه السياسة إلى اليوم ولابدّ لذلك أن ينتهي.
* تمّ بمقتضى القانون الأساسي عدد 43 لسنة 2013 إرساء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والتي أنتم عضوا منتخبا فيها. وقد أشارت المادة 19 من البروتوكول إلى تمكينكم في مجال ولايتكم"تقديم توصيات إلى السلطات المعنية بغرض تحسين معاملة وأوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم ومنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مع مراعاة المعايير ذات الصلة التي وضعتها الأمم المتحدة".
ما مدى تجاوب السلطات التونسية مع جملة التوصيات المقدّمة من قبلكم كهيئة؟
- الدور الرئيسي المنوط بعهدة الهيئة مبني على الزيارات والتي لم تستوعبها السلطات في الوهلة الأولى غير أنّه شيئا فشيئا تمّ تقبّلها، وعقب هذه الزيارات يتمّ الخروج بتوصيات مثلا لدى زيارة الوحدات السجنية يتمّ التوجّه في البداية والنهاية إلى مدير السجن والإشارة إلى القيام بالإصلاحات ثمّ تليها زيارات متابعة للتأكّد من مدى إنجاز الوعود، هذا إلى جانب تقارير الأولى يتمّ التوجّه بها إلى وزارة العدل تتضمّن التجاوزات والنقص المسجّل والثانية إلى المؤسّسة التشريعية وما تمّ ملاحظته أنّه لاوجود لسجون في بلادنا تستند إلى المعايير الدولية للمنظومة السجنية. كذلك يتمّ توجيه تقارير سنويّة إلى الرئاسات والتي لم ترد للهيئة إجابات بخصوصها ولكن هناك البعض من التوصيات الذي أُنجِز.
* ما مدى تقدّم الإصلاحات على مستوى المنظومة التشريعية والسجنية. وهل يتمّ استشارة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في ذلك؟
- لابدّ من وجود شغل إضافي بخصوص تنقيح المجلّة الجزائية التي تغيّرت معها حتى العقوبات نفس الشيء بالنسبة لقانون السجون الذي تجاوزهم الزمن وهي قوانين متخلّفة بالنظر ونسق تطوّر العصر ومن غير المعقول أن تبقى المجلّة على هذه الصيغة ولم يقع تشريكنا في اللجنة التي تمّ إحداثها على مستوى الوزارة للتنقيحات ولكن رغم كلّ شيء فعدّة إصلاحات نادينا بها موجودة على غرار العقوبة البديلة ولكن لم يقع تمريرها إلى مجلس نواب الشعب أو هي تُراوح مكانها في ظلّ غياب إرادة لتفعيلها.
وفيما يتعلّق بالمنظومة السجنية فهناك عدّة سجون تحسّنت على غرار سجن برج العامري رغم النقائص، سجن المسعدين بسوسة تقدّمت فيه خدمة الأطبّاء بإمكانية تحوّلهم بين أروقة السجن ويراقبون بشكل مباشر صحة المساجين والتغيير الحاصل عموما يجري ببطء وما يُتداول بخصوص مقترح إضافة بناء سجون جديدة فشخصيا أنا ضدّ تشييد سجون جديدة ولكن ما يجب هو القيام بالإصلاحات اللازمة طبقا للمعايير الدولية لحلّ مشكلة الإكتظاظ وإيجاد حلّ لتواجد القضاة الدائم وفق خصوصية على غرار قاضي تنفيذ العقوبات الموجود في أوروبا.
كما أنّه هناك إشكالية بخصوص أطبّاء السجون ما يستوجب إيجاد حلول جذرية لمسألة النقص المسجّل والإطار القانوني المنظّم لهم من حيث التحفيز والتأهيل والتكوين خاصة وأنّهم يعملون في هذا الفضاء المغلق المعزول عن عائلاتهم.
أجرى الحوار / صابر عمري
تونس / الصباح نيوز
في ذكرى إمضاء البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة:
10 سنوات مرّت على إمضاء الدولة التونسية للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في17ماي 2011، والتابع لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس سنة 1988. وبالرغم من إرساء الآلية الوطنية الوقائية المتمثّلة في الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فإنّ عدّة مضامين تنتظر إلى حدّ اليوم إدخال التنقيحات المستوجبة لاسيّما منها على مستوى المجلّة الجزائية على غرار مطابقة تعريف "التعذيب" وفقا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ومقتضيات المادة1 من الجزء الأوّل للإتّفاقية، هذا إلى جانب ضرورة مواءمة جملة المعايير الدولية المتعلّقة بالمنظومة القضائية، الأمنية والسجنية وما تنصّ عليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
"الصباح نيوز" وتزامنا مع السنة العاشرة لإمضاء البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حاورت الدكتورة حميدة الدريدي عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب واللجنة الفرعية للتعذيب بخصوص أهمية هذه المصادقة والأثر الذي تحقّق خلال هذه العشرية.
* بمجرّد انضمام الدولة التونسية إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فهي قد التزمت باتخاذ جملة من التدابير من أجل تحقيق مقاصد اتفاقية مناهضة التعذيب.
ماذا تحقّق على أرض الواقع منذ إمضاء الدولة التونسية على البروتوكول طيلة 10سنوات. وهل يمكن القول اليوم بأنّ التعذيب "لم يعد سياسة دولة" رغم أنّ تقارير عديدة تؤكّد أنّه مايزال قائما؟
- مشكلة التعذيب هي مزمنة وموجودة ليس في تونس فقط ولكن كل دول العالم بما فيها البلدان الديمقراطية، وفي ظل وجود ترسانة من الاتفاقيات الدولية والقوانين فإنّها تحد من التعذيب ورغم مصادقة بعض البلدان العربية على الإتفاقية فإنّ التعذيب ما يزال موجود و تغيير القوانين لا يرتقي بالشكل الكافي والمعايير الدولية على غرار التعريف الوارد بالفصل 101 مكرر الجديد من المجلة الجزائية وهو تعريف مقيّد بالمقارنة مع التعريف الذي تنصّ عليه اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حيث يُقصِرُ مثلا التمييز على التمييز العنصري ، ولايتطرّق إلى الحقيقة المتمثّلة في أنّ التعذيب يُرتكب بدافع أشكال أخرى من التمييز.
كما أنّ البروتوكول الاختياري للاتفاقية أتى بمفهوم جديد مفاده وأنّه للتقليص من وطأة التعذيب فلابدّ من فتح الأبواب أمام الهيئات الرقابية لأنّ التعذيب والتعذيب الممنهج يمارس خلف الأبواب المغلقة تحت إمرة الدولة والبروتوكول الاختياري ليس في تعارض بأيّ حال من الأحوال مع السلطات ولكن لإعانتها على التخلّص من آفة التعذيب ونتج عن البروتوكول هيئات دولية ووطنية للوقاية من التعذيب ولو اعتبرنا انّ التعذيب لم يعد سياسة دولة ممنهجة غير أنّه هناك بعض المراكز الأمنية المعروفة بانتهاجها هذه السياسة إلى اليوم ولابدّ لذلك أن ينتهي.
* تمّ بمقتضى القانون الأساسي عدد 43 لسنة 2013 إرساء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والتي أنتم عضوا منتخبا فيها. وقد أشارت المادة 19 من البروتوكول إلى تمكينكم في مجال ولايتكم"تقديم توصيات إلى السلطات المعنية بغرض تحسين معاملة وأوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم ومنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مع مراعاة المعايير ذات الصلة التي وضعتها الأمم المتحدة".
ما مدى تجاوب السلطات التونسية مع جملة التوصيات المقدّمة من قبلكم كهيئة؟
- الدور الرئيسي المنوط بعهدة الهيئة مبني على الزيارات والتي لم تستوعبها السلطات في الوهلة الأولى غير أنّه شيئا فشيئا تمّ تقبّلها، وعقب هذه الزيارات يتمّ الخروج بتوصيات مثلا لدى زيارة الوحدات السجنية يتمّ التوجّه في البداية والنهاية إلى مدير السجن والإشارة إلى القيام بالإصلاحات ثمّ تليها زيارات متابعة للتأكّد من مدى إنجاز الوعود، هذا إلى جانب تقارير الأولى يتمّ التوجّه بها إلى وزارة العدل تتضمّن التجاوزات والنقص المسجّل والثانية إلى المؤسّسة التشريعية وما تمّ ملاحظته أنّه لاوجود لسجون في بلادنا تستند إلى المعايير الدولية للمنظومة السجنية. كذلك يتمّ توجيه تقارير سنويّة إلى الرئاسات والتي لم ترد للهيئة إجابات بخصوصها ولكن هناك البعض من التوصيات الذي أُنجِز.
* ما مدى تقدّم الإصلاحات على مستوى المنظومة التشريعية والسجنية. وهل يتمّ استشارة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في ذلك؟
- لابدّ من وجود شغل إضافي بخصوص تنقيح المجلّة الجزائية التي تغيّرت معها حتى العقوبات نفس الشيء بالنسبة لقانون السجون الذي تجاوزهم الزمن وهي قوانين متخلّفة بالنظر ونسق تطوّر العصر ومن غير المعقول أن تبقى المجلّة على هذه الصيغة ولم يقع تشريكنا في اللجنة التي تمّ إحداثها على مستوى الوزارة للتنقيحات ولكن رغم كلّ شيء فعدّة إصلاحات نادينا بها موجودة على غرار العقوبة البديلة ولكن لم يقع تمريرها إلى مجلس نواب الشعب أو هي تُراوح مكانها في ظلّ غياب إرادة لتفعيلها.
وفيما يتعلّق بالمنظومة السجنية فهناك عدّة سجون تحسّنت على غرار سجن برج العامري رغم النقائص، سجن المسعدين بسوسة تقدّمت فيه خدمة الأطبّاء بإمكانية تحوّلهم بين أروقة السجن ويراقبون بشكل مباشر صحة المساجين والتغيير الحاصل عموما يجري ببطء وما يُتداول بخصوص مقترح إضافة بناء سجون جديدة فشخصيا أنا ضدّ تشييد سجون جديدة ولكن ما يجب هو القيام بالإصلاحات اللازمة طبقا للمعايير الدولية لحلّ مشكلة الإكتظاظ وإيجاد حلّ لتواجد القضاة الدائم وفق خصوصية على غرار قاضي تنفيذ العقوبات الموجود في أوروبا.
كما أنّه هناك إشكالية بخصوص أطبّاء السجون ما يستوجب إيجاد حلول جذرية لمسألة النقص المسجّل والإطار القانوني المنظّم لهم من حيث التحفيز والتأهيل والتكوين خاصة وأنّهم يعملون في هذا الفضاء المغلق المعزول عن عائلاتهم.