يسعى رجال المال والأعمال بتونس إلى الفوز بنصيب من "إعادة الإعمار" في ليبيا، واستعادة المبادرة الخاصة للتبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين بمعية منظمات وطنية اقتصادية، خاصة مع تسجيل منافسة مع دول أخرى استغلت الأوضاع وغلق الحدود بين البلدين الشقيقين لتفتك بعض الامتيازات والأسواق.
ويعد مجلس الأعمال التونسي الإفريقي أحد ركائز هذه المبادرات الجدية، حيث كان لـ"الصباح " حديث مع نائب رئيس المجلس ومدير عام التطوير لمجموعة "سوروبات" الدولية عصام بن يوسف.
وفي ما يخص نجاح تونس في الحصول على "نصيب الأسد" من "كعكة" إعادة الإعمار بليبيا، أكّد محدثنا أنّ ليبيا تعدّ الشريك الاقتصادي الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي مما سيخول لها الحصول على نصيبها مع الأولوية في سلم المتعاقدين في مشروع "إعادة الإعمار"، حسب ما أعلن عنه وزراء ليبيون في عدة مناسبات سابقة...
وبالرغم من هذه الامتيازات، استدرك بن يوسف بالقول، مؤكدا ان "دول اخرى سبقتنا واستفادت من المشروع ابرزها مصر التي أمضت 14 اتفاقية شراكة اقتصادية مع ليبيا، إلى جانب إبرام عقود تنفيذية والحصول على نصيب هام في العمالة بليبيا (من المنتظر دخول حوالي مليون عامل مصري إلى ليبيا) وهو ما تم الاتفاق بشانه خلال زيارة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة إلى مصر الأسبوع قبل الماضي.. وكذلك تركيا التي استفادت بسبب أمور سياسية وعلاقاتها الكبيرة مع حكومة الغرب ".
وأوضح بن يوسف أنّ تونس وبعد أن تقدمت خطوات هامة للظفر بـ"نصيب الأسد"، بفضل المحادثات الثنائية بين البلدين وبمشاركة القطاع الخاص الذي نظم عدة تظاهرات في الغرض لعلّ من أهمها مبادرات مجلس الأعمال التونسي الإفريقي بتنظيم معارض بالبلدين، وصفها بمبادرة "الجار للجار"، غير أنها لم تجد الطريق مفتوحا أمامها بعد أن أُغلقت الحدود التونسية الليبية بتاريخ 8 جويلية الماضي بقرار من الجانب الليبي بسبب الوضع الوبائي وانتشار جائحة كورونا ليمتد هذا الغلق إلى غاية الأسبوع الماضي.
خطوات إلى الخلف
وقال محدثنا إن قرار غلق الحدود جعل تونس تتراجع خطوات إلى الخلف في ما يهمّ المبادلات التجارية بين البلدين إذْ أنه وبعد تحقيق حجم مبادلات وصل إلى مليار ونصف في ظرف 6 أشهر بفضل تضافر الجهود بين البلدين الشقيقين في القطاعين العام والخاص نزل حجم المبادلات إلى الصفر، رقم أضرّ كثيرا الشركات والمصانع التونسية التي تتعامل مع ليبيا وتسبب في خسائر هامة لها فبعد أن أعدّت العدّة للسوق الليبية وجدت نفسها "تائهة" خاصة في ظل الغموض حول اعادة الفتح من جديد ....
وواصل بن يوسف بالتأكيد أن السوق الليبية لم تبق مكتوفة الأيدي امام قرار الغلق وفسحت المجال لاسواق اخرى اقتنصت الفرصة في ظل غياب السوق التونسية وتموقعت في ليبيا في مشروع "إعادة الإعمار" باعتبار ان "الاستثمار لا يتحمل حالة الترقب"، مُشيرا إلى تواجد عدد من رجال أعمال تونسيين كانوا قد تحولوا إلى ليبيا عن طريق تركيا لإمضاء اتفاقيات شراكة وعمل.
وفي سياق آخر، اعتبر محدثنا أن تونس كانت لديها الفرصة لتفعيل عدة اتفاقيات ثنائية ولاسترجاع مستحقاتها المالية المتعلقة بالمصحات الخاصة التي استقبلت الليبيين زمن الثورة، إلاّ أنها لم تحسن استغلالها، منتقدا تغييب القطاع الخاص عند قدوم وفود رسمية من عدة دول وبينها ليبيا بالأساس.
استغلال الفرص
كما شدّد على ضرورة استغلال الفرص بإعادة فتح الحدود بين البلدين والتباحث في موضوع "الشركات القادرة" التي تحدث عنها وزير المواصلات الليبي، مُذكّرا بأنّ هذا الأخير أفاد أن الشركات القادرة التونسية ستكون لها فرص في ليبيا. وفي هذا السياق، أكّد أنّ عدد الشركات القادرة في تونس لا يتجاوز الـ10، موضحا أن هذه الشركات يجب أن تكون قادرة ماليا على جلب "خطابات ضمان" تتراوح بين 3 و5 بالمائة من قيمة المشروع إضافة إلى تقديم "دفعة مُقدمة" تقدر بين 10 و15 بالمائة من القيمة الجملية للمشروع.
وطالب محدثنا الجهات الرسمية في تونس بأن تسعى إلى تذليل إشكال انتصاب المؤسسات الناشئة التونسية والليبية في البلدين، خاصة وأن عمل الشركات في ليبيا يخضع إلى تراخيص كما أنّ المشاركة في المقاولات الليبية لا يجب أن تقل عن 30 مليار دينار ليبي ، داعيا إلى التباحث في كل هذه النقاط بين وزيري الاقتصاد والمالية والتجارة التونسيين ونظرائهما الليبيين صلب اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
وبخصوص الملف التونسي-الليبي، اوضح المسؤول بان مكانة تونس في ليبيا مازالت موجودة حتى في ظل التوجه الجديد إلى مصر.. حيث ان العلاقات التونسية الليبية هي علاقات تاريخية وشخصية وعلاقات قرب.. ونحن كمجلس الأعمال التونسي الإفريقي سنقوم بزيارة رفيعة المستوى قريبا إلى ليبيا للالتقاء بالجهات الفاعلة في القطاع الخاص والقطاع العام على غرار وزارة الاستثمار الليبية، مؤكدا على ضرورة تعافي النسيج الاقتصادي التونسي الليبي الذي يتطلب استراتيجية واضحة ومشتركة من الجانبين مع سعينا المتواصل للانفتاح على السوق الافريقية....
عبير الطرابلسي
*ليبيا شريكنا الاقتصادي الثاني...
يسعى رجال المال والأعمال بتونس إلى الفوز بنصيب من "إعادة الإعمار" في ليبيا، واستعادة المبادرة الخاصة للتبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين بمعية منظمات وطنية اقتصادية، خاصة مع تسجيل منافسة مع دول أخرى استغلت الأوضاع وغلق الحدود بين البلدين الشقيقين لتفتك بعض الامتيازات والأسواق.
ويعد مجلس الأعمال التونسي الإفريقي أحد ركائز هذه المبادرات الجدية، حيث كان لـ"الصباح " حديث مع نائب رئيس المجلس ومدير عام التطوير لمجموعة "سوروبات" الدولية عصام بن يوسف.
وفي ما يخص نجاح تونس في الحصول على "نصيب الأسد" من "كعكة" إعادة الإعمار بليبيا، أكّد محدثنا أنّ ليبيا تعدّ الشريك الاقتصادي الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي مما سيخول لها الحصول على نصيبها مع الأولوية في سلم المتعاقدين في مشروع "إعادة الإعمار"، حسب ما أعلن عنه وزراء ليبيون في عدة مناسبات سابقة...
وبالرغم من هذه الامتيازات، استدرك بن يوسف بالقول، مؤكدا ان "دول اخرى سبقتنا واستفادت من المشروع ابرزها مصر التي أمضت 14 اتفاقية شراكة اقتصادية مع ليبيا، إلى جانب إبرام عقود تنفيذية والحصول على نصيب هام في العمالة بليبيا (من المنتظر دخول حوالي مليون عامل مصري إلى ليبيا) وهو ما تم الاتفاق بشانه خلال زيارة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة إلى مصر الأسبوع قبل الماضي.. وكذلك تركيا التي استفادت بسبب أمور سياسية وعلاقاتها الكبيرة مع حكومة الغرب ".
وأوضح بن يوسف أنّ تونس وبعد أن تقدمت خطوات هامة للظفر بـ"نصيب الأسد"، بفضل المحادثات الثنائية بين البلدين وبمشاركة القطاع الخاص الذي نظم عدة تظاهرات في الغرض لعلّ من أهمها مبادرات مجلس الأعمال التونسي الإفريقي بتنظيم معارض بالبلدين، وصفها بمبادرة "الجار للجار"، غير أنها لم تجد الطريق مفتوحا أمامها بعد أن أُغلقت الحدود التونسية الليبية بتاريخ 8 جويلية الماضي بقرار من الجانب الليبي بسبب الوضع الوبائي وانتشار جائحة كورونا ليمتد هذا الغلق إلى غاية الأسبوع الماضي.
خطوات إلى الخلف
وقال محدثنا إن قرار غلق الحدود جعل تونس تتراجع خطوات إلى الخلف في ما يهمّ المبادلات التجارية بين البلدين إذْ أنه وبعد تحقيق حجم مبادلات وصل إلى مليار ونصف في ظرف 6 أشهر بفضل تضافر الجهود بين البلدين الشقيقين في القطاعين العام والخاص نزل حجم المبادلات إلى الصفر، رقم أضرّ كثيرا الشركات والمصانع التونسية التي تتعامل مع ليبيا وتسبب في خسائر هامة لها فبعد أن أعدّت العدّة للسوق الليبية وجدت نفسها "تائهة" خاصة في ظل الغموض حول اعادة الفتح من جديد ....
وواصل بن يوسف بالتأكيد أن السوق الليبية لم تبق مكتوفة الأيدي امام قرار الغلق وفسحت المجال لاسواق اخرى اقتنصت الفرصة في ظل غياب السوق التونسية وتموقعت في ليبيا في مشروع "إعادة الإعمار" باعتبار ان "الاستثمار لا يتحمل حالة الترقب"، مُشيرا إلى تواجد عدد من رجال أعمال تونسيين كانوا قد تحولوا إلى ليبيا عن طريق تركيا لإمضاء اتفاقيات شراكة وعمل.
وفي سياق آخر، اعتبر محدثنا أن تونس كانت لديها الفرصة لتفعيل عدة اتفاقيات ثنائية ولاسترجاع مستحقاتها المالية المتعلقة بالمصحات الخاصة التي استقبلت الليبيين زمن الثورة، إلاّ أنها لم تحسن استغلالها، منتقدا تغييب القطاع الخاص عند قدوم وفود رسمية من عدة دول وبينها ليبيا بالأساس.
استغلال الفرص
كما شدّد على ضرورة استغلال الفرص بإعادة فتح الحدود بين البلدين والتباحث في موضوع "الشركات القادرة" التي تحدث عنها وزير المواصلات الليبي، مُذكّرا بأنّ هذا الأخير أفاد أن الشركات القادرة التونسية ستكون لها فرص في ليبيا. وفي هذا السياق، أكّد أنّ عدد الشركات القادرة في تونس لا يتجاوز الـ10، موضحا أن هذه الشركات يجب أن تكون قادرة ماليا على جلب "خطابات ضمان" تتراوح بين 3 و5 بالمائة من قيمة المشروع إضافة إلى تقديم "دفعة مُقدمة" تقدر بين 10 و15 بالمائة من القيمة الجملية للمشروع.
وطالب محدثنا الجهات الرسمية في تونس بأن تسعى إلى تذليل إشكال انتصاب المؤسسات الناشئة التونسية والليبية في البلدين، خاصة وأن عمل الشركات في ليبيا يخضع إلى تراخيص كما أنّ المشاركة في المقاولات الليبية لا يجب أن تقل عن 30 مليار دينار ليبي ، داعيا إلى التباحث في كل هذه النقاط بين وزيري الاقتصاد والمالية والتجارة التونسيين ونظرائهما الليبيين صلب اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
وبخصوص الملف التونسي-الليبي، اوضح المسؤول بان مكانة تونس في ليبيا مازالت موجودة حتى في ظل التوجه الجديد إلى مصر.. حيث ان العلاقات التونسية الليبية هي علاقات تاريخية وشخصية وعلاقات قرب.. ونحن كمجلس الأعمال التونسي الإفريقي سنقوم بزيارة رفيعة المستوى قريبا إلى ليبيا للالتقاء بالجهات الفاعلة في القطاع الخاص والقطاع العام على غرار وزارة الاستثمار الليبية، مؤكدا على ضرورة تعافي النسيج الاقتصادي التونسي الليبي الذي يتطلب استراتيجية واضحة ومشتركة من الجانبين مع سعينا المتواصل للانفتاح على السوق الافريقية....