بيع الأبناء الرضع في تونس.. رغم أنه لا يعدو أن يكون حالات معزولة إلا أنه يستوجب "دق ناقوس الخطر".. إذْ أنّه بعد أشهر على واقعة تتعلق بوجود صفحة "فايسبوكية" تعنى "ببيع الأطفال" وما أثارته من جدل كبير حينها داخل الأوساط العامة خاصة بعد إعلان عدد من الأمهات الحوامل نيتهن بيع أبنائهن حال ولادتهن.. تطالعنا في الآونة الأخيرة واقعتان مماثلتان الأولى بالمهدية وتتعلق بأم فوتت في ابنين رضيعين في سنة 2013 و2019 لاثنين من الأزواج بعد أن دلست هوية الأم في حالة منهما وقد تم إصدار ثلاثة بطاقات إيداع ضدها والأبوين "المزعومين"، وواقعة أخرى بولاية القصرين وتهمّ أيضا التفويت في ابن رضيع لسيدة لم تُنجب مقابل مبلغ مالي قدر بـ500 دينار.
"الصباح نيوز" تناولت الموضوع بالدرس من خلال قراءة لمختص في علم الاجتماع فضلا عن رصد العقوبات التي يمكن أن تسلط على مرتكبي هذه "الجريمة" طبقا لما ينص عليه القانون.
جريمة غريبة...
ومن جهته، أفاد المختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي أن "جريمة بيع الأطفال أو الاتجار بالرضع هي جريمة غريبة عن بلادنا، ولا تتماشى مع القيم والعادات الاجتماعية والدينية".
وأضاف الطويلي في حديثه مع "الصباح نيوز" أنّه "من المؤلم حقا الحديث عن وضعيات يتم فيها فصل الطفل عن والديه وعن إطاره الطبيعي، لغايات مادية أو لغايات أخرى كالاستغلال المادي أو الجسدي للطفل مما يعدّ جريمة بشعة تجرّمها جميع القوانين الدولية".
وذكر محدثنا أنه تم رصد بعض الحالات التي يتم فيها عرض أطفال للبيع على صفحات التواصل الاجتماعي، أو التي تم فيها سرقة رضع حديثي الولادة من المستشفيات قصد بيعهم، وهي حالات قليلة تدلّ على "التدني القيمي لبعض الأفراد الذين يرتكبونها ولا وجود لدلالات سوسيولوجية لها.. باعتبارها حالات متفرقة موجودة في كل بلدان العالم حتى المزدهرة منها مثل ألمانيا وأستراليا وغيرها".
وأكّد محدثنا على أنه "حينما يعرض رجل أو امرأة فلذة كبده للبيع ففي الأمر فرضيتان اثنتان، أولهما ألا يكون الولي جادا في مسألة البيع وإنما يتخذها كمحاولة منه للفت الانتباه لقضيته الأساسية المتمثلة في فقره المدقع، ولإضفاء شيء من المشهدية لطلباته، حيث يحاول المحتج التصريح بهمومه عبر محاولة صدم المجتمع بعرضه الأقصى والأكثر إيلاما، وانتظار تأثير الصدمة على الآخرين وتدخلهم لتغيير وضعيته، أما الفرضية الثانية "فتتمثل في كون الولي جاد في التخلص من ابنه بسبب البؤس المادي، ففي بعض الحالات الشاذة قد تفضل الأم أن تبيع أو تمنح ابنها إلى عائلة ميسورة حتى ترجو له حياة وتعليما أفضل بعيدا عن معاناتها الشخصية، أو بسبب البؤس الاجتماعي في حالات الإنجاب خارج إطار الزواج، حيث تضطر الأم إلى التخلص من الطفل بطرق شتى خوفا من الوصم الاجتماعي".
كما شدّد محدثنا على ضرورة اليقظة التامة، وإدانة جريمة الاتجار بالطفل وتشديد العقاب لمرتكبيها عبر تفعيل القوانين وإعادة النظر في كيفية التعامل مع مختلف الأطراف في هذه الجريمة، مُوضحا أنه "يجب حماية الطفل وانتشاله من الإطار غير الطبيعي وإن كان ضمن محيط جديد أكثر ثراء وأمانا، مع ضرورة إدانة كل الأطراف المشاركة في هذه الجريمة باعتبارها عملية استغلالية "مُقيتة ولا إنسانية وضاربة لكل القيم والمعايير الإنسانية".
العقوبات...
أمّا القاضي والناطق الرسمي باسم محاكم المهدية والمنستير فريد بن جحا فقد أكّد في تصريح لـ"الصباح نيوز" أن ما حصل يندرج في إطار جريمة الاتجار بالبشر.
واضاف أن العقوبات التي يمكن تسليطها على مرتكبي هذه الجرائم، وطبقا لما ينص عليه قانون 3 أوت لسنة 2016، فتتمثل في السجن لمدة 10 أعوام لكل من يتاجر بالبشر، وقد ترفع إلى 15 عاما سجنا في صورة الاتجار بطفل أو تدليس الحالة المدنية على غرار ما حصل في المهدية، مُعلنا أنّ المُشارك في هذه الجريمة يعاقب بنفس عقوبة الفاعل الأصلي.
سعيدة الميساوي
بيع الأبناء الرضع في تونس.. رغم أنه لا يعدو أن يكون حالات معزولة إلا أنه يستوجب "دق ناقوس الخطر".. إذْ أنّه بعد أشهر على واقعة تتعلق بوجود صفحة "فايسبوكية" تعنى "ببيع الأطفال" وما أثارته من جدل كبير حينها داخل الأوساط العامة خاصة بعد إعلان عدد من الأمهات الحوامل نيتهن بيع أبنائهن حال ولادتهن.. تطالعنا في الآونة الأخيرة واقعتان مماثلتان الأولى بالمهدية وتتعلق بأم فوتت في ابنين رضيعين في سنة 2013 و2019 لاثنين من الأزواج بعد أن دلست هوية الأم في حالة منهما وقد تم إصدار ثلاثة بطاقات إيداع ضدها والأبوين "المزعومين"، وواقعة أخرى بولاية القصرين وتهمّ أيضا التفويت في ابن رضيع لسيدة لم تُنجب مقابل مبلغ مالي قدر بـ500 دينار.
"الصباح نيوز" تناولت الموضوع بالدرس من خلال قراءة لمختص في علم الاجتماع فضلا عن رصد العقوبات التي يمكن أن تسلط على مرتكبي هذه "الجريمة" طبقا لما ينص عليه القانون.
جريمة غريبة...
ومن جهته، أفاد المختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي أن "جريمة بيع الأطفال أو الاتجار بالرضع هي جريمة غريبة عن بلادنا، ولا تتماشى مع القيم والعادات الاجتماعية والدينية".
وأضاف الطويلي في حديثه مع "الصباح نيوز" أنّه "من المؤلم حقا الحديث عن وضعيات يتم فيها فصل الطفل عن والديه وعن إطاره الطبيعي، لغايات مادية أو لغايات أخرى كالاستغلال المادي أو الجسدي للطفل مما يعدّ جريمة بشعة تجرّمها جميع القوانين الدولية".
وذكر محدثنا أنه تم رصد بعض الحالات التي يتم فيها عرض أطفال للبيع على صفحات التواصل الاجتماعي، أو التي تم فيها سرقة رضع حديثي الولادة من المستشفيات قصد بيعهم، وهي حالات قليلة تدلّ على "التدني القيمي لبعض الأفراد الذين يرتكبونها ولا وجود لدلالات سوسيولوجية لها.. باعتبارها حالات متفرقة موجودة في كل بلدان العالم حتى المزدهرة منها مثل ألمانيا وأستراليا وغيرها".
وأكّد محدثنا على أنه "حينما يعرض رجل أو امرأة فلذة كبده للبيع ففي الأمر فرضيتان اثنتان، أولهما ألا يكون الولي جادا في مسألة البيع وإنما يتخذها كمحاولة منه للفت الانتباه لقضيته الأساسية المتمثلة في فقره المدقع، ولإضفاء شيء من المشهدية لطلباته، حيث يحاول المحتج التصريح بهمومه عبر محاولة صدم المجتمع بعرضه الأقصى والأكثر إيلاما، وانتظار تأثير الصدمة على الآخرين وتدخلهم لتغيير وضعيته، أما الفرضية الثانية "فتتمثل في كون الولي جاد في التخلص من ابنه بسبب البؤس المادي، ففي بعض الحالات الشاذة قد تفضل الأم أن تبيع أو تمنح ابنها إلى عائلة ميسورة حتى ترجو له حياة وتعليما أفضل بعيدا عن معاناتها الشخصية، أو بسبب البؤس الاجتماعي في حالات الإنجاب خارج إطار الزواج، حيث تضطر الأم إلى التخلص من الطفل بطرق شتى خوفا من الوصم الاجتماعي".
كما شدّد محدثنا على ضرورة اليقظة التامة، وإدانة جريمة الاتجار بالطفل وتشديد العقاب لمرتكبيها عبر تفعيل القوانين وإعادة النظر في كيفية التعامل مع مختلف الأطراف في هذه الجريمة، مُوضحا أنه "يجب حماية الطفل وانتشاله من الإطار غير الطبيعي وإن كان ضمن محيط جديد أكثر ثراء وأمانا، مع ضرورة إدانة كل الأطراف المشاركة في هذه الجريمة باعتبارها عملية استغلالية "مُقيتة ولا إنسانية وضاربة لكل القيم والمعايير الإنسانية".
العقوبات...
أمّا القاضي والناطق الرسمي باسم محاكم المهدية والمنستير فريد بن جحا فقد أكّد في تصريح لـ"الصباح نيوز" أن ما حصل يندرج في إطار جريمة الاتجار بالبشر.
واضاف أن العقوبات التي يمكن تسليطها على مرتكبي هذه الجرائم، وطبقا لما ينص عليه قانون 3 أوت لسنة 2016، فتتمثل في السجن لمدة 10 أعوام لكل من يتاجر بالبشر، وقد ترفع إلى 15 عاما سجنا في صورة الاتجار بطفل أو تدليس الحالة المدنية على غرار ما حصل في المهدية، مُعلنا أنّ المُشارك في هذه الجريمة يعاقب بنفس عقوبة الفاعل الأصلي.