رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة لـ"الصباح": ليبيا ليست فرصة بالنسبة لنا بل امتداد طبيعي وهناك مشاريع بها لا تنجزها إلا شركات تونسية
عاد الحديث في الأيام الأخيرة عن الملف الاقتصادي وإعادة أعمار ليبيا بعد مرحلة الاستقرار النسبي التي تشهدها الجارة ليبيا وخاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة وانتهت الى توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم اقتصادية بقيمة مليارات الدولارات.. في المقابل فان علاقة تونس بليبيا لا تبدو في أفضل حالاتها في الآونة الأخيرة رغم الزيارة التي أداها الدبيبة منذ أيام إلى تونس، وقد اعتبر البعض ان فتور العلاقة وأزمة المعابر الأخيرة أدت الى أن الشركات التونسية خاصة تلك المختصة في الأشغال العامة ومقاولات البناء، وجودها دون المأمول في الخطة الاقتصادية للدبيبة ولا تنصف الدولة التونسية التي كانت الدولة الوحيدة التي ساندت بقوة الشعب الليبي بعد ثورته كما كانت الدولة الوحيدة التي لم تغلق الحدود في وجه الأشقاء الليبيين .
ورغم أن المكلف بالملفات العربية والإفريقية بديوان رئيس الجمهورية وليد الحجام قال بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ليبيا قال في تصريح سابق لـ"الصباح" أن : »الدولة التونسية لا تنظر إلى ليبيا كفرصة استثمار يجب استغلالها.. بل كبلد شقيق له مشاغل ومشاكل داخلية يجب ان نقف معه ونسنده بكل ما نملك من وسائل حتى تعود ليبيا للنهوض من جديد، وإذا كان الملف الاقتصادي وإعادة اعمار ليبيا من الملفات المهمة والتي نوليها عناية فإننا نؤكد أن ذلك يجب أن يكون ضمن رؤية تشاركية وتضامنية بين البلدين ووفق مصلحتهما المشتركة وليس على حساب أي طرف"، إلا أنه بدا من الواضح اليوم أن الحكومة الليبية لا تفكر بنفس الطريقة التشاركية التي يتبناها رئيس الجمهورية.
ليبيا ليست فرصة أو صفقة..
رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة، جمال القصيبي، وفي تصريح لـ"الصباح" حول حقيقة العلاقات الاقتصادية مع ليبيا قال : »نحن كقطاع خاص كنّا قد سافرنا الى ليبيا ثلاث أو أربع مرّات معلنة من أجل إعادة ربط العلاقات مع الجانب الليبي.. ولكن ما أصر على قوله وأتمسك به واعتقد انه نفس الشيء بالنسبة للدولة التونسية.. نحن لا ننظر إلى ليبيا كفرصة أو كغنيمة استثمار.. بل كامتداد طبيعي لتونس وكما يقول نحن شعب واحد في دولتين".
ويضيف جمال القصيبي : »نحن أخلاقيا وواقعيا وتاريخيا لا يمكن أن ننظر الى ليبيا كفرصة ولكن أعتقد أنه من الضروري اليوم أن نقيم هذه العلاقة في الاتجاهين.. وبالنسبة لنا أعتقد من الشجاعة أن نراجع أخطائنا ونعترف بها..، صحيح أن الشعب الليبي وجد في الدولة التونسية الملاذ الآمن زمن الحرب وأننا لم نغلق يوما الأبواب في وجوههم رغم ان كل دول الجوار الليبي أغلقت حدودها في وجوههم.. ولكن مع ذلك يجب أن لا ننكر بعض الأخطاء، مثلا أن الدولة التونسية لم تكن مرنة في منح الليبيين، الراغبين في ذلك، شهادة الإقامة ونفس الشيء بالنسبة لاقتناء مساكن على الأراضي التونسية ولكن مع ذلك نحن لم ننظر يوما الى ليبيا فرصة أو صفقة.. خاصة وأن أغلبية الليبيين يريدون التعامل مع تونس وليس مع الدول القوية في المنطقة لأنهم يدركون جيدا وعلى المستوى السياسي خاصة أن هذه الدول ستستغل نفوذها الإقليمي للتحكم في القرار الليبي « .
حسابات الواقع
ويؤكد رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة أن الحديث عن العلاقات الاقتصادية مع ليبيا يفرض الحديث الواقع الليبي اليوم، مضيفا : » يجب أن نأخذ في عين الاعتبار ثلاثة أمور، أولا ليبيا عليها أن تنهي المشاريع التي انطلقت فيها قبل الثورة الليبية، وهذه المشاريع هي بقيمة آلاف المليارات، وإذا لم تكمل ليبيا التزاماتها تجاه هذه المشاريع فان الخطايا التي ستسلط عليها ستكون خطايا رهيبة وكبيرة جدا، أعطيك مثالا روسيا التي تعطلت مشاريعها في ليبيا منذ الثورة وتوجهت إلى الهيئات التحكيمية الدولية وهي اليوم تطلب تعويضات وخسائر، قيمتها تساوي ثلاث مرات من قيمة العقود..
ثانيا يجب أن نعلم أن الحكومة الليبية لا تملك الى اليوم ميزانية للاستثمار في مشاريع عملاقة وأن الميزانية الموجودة هي ميزانية التسيير اليومي لشؤون الدولة، وهذا ربما هو سبب الصراع بين الحكومة والبرلمان ..
أما بالنسبة للسبب الثالث، فان هناك نوعية مشاريع لا يمكن في ليبيا أن يقوم بها الا التونسيين خاصة في غرب ليبيا، "وهي المشاريع المتوسطة التي أسميها بالمشاريع اللصيقة والتي لها خصوصية وقربا كبيرا من البلديات ومن الحياة اليومية لليبيين، الذين يرتاحون حين يكون في هذه المشاريع تونسيين.. «
لجنة عليا لحل المشاكل
بالنسبة لمشاريع إعادة التعمير، يقول القصيبي »هي مشاريع مهمة جدا رغم انه لنا مشكل عمالة في تونس، بعد تراجع ثقافة العمل وهذا يجب أن نعترف به، وخاصة بالنظر الى أن ظروف العيش أصبحت صعبة في ليبيا هذا بالنسبة لسوق المقاولات « .
ويضيف »بالنسبة لسوق السلع فاليوم يجب أن نعلم أن في ليبيا هناك أطراف وجهات تعطل في التونسيين في ملف التبادل التجاري، وهناك نوع من الأبواب الموصودة في وجه الشركات التونسية في ليبيا خاصة في علاقة بهذا الملف وذلك بتأثير من قوى أجنبية ذات نفوذ إقليمي وهي خاصة تركيا..، ونحن لا نذيع سرا عندما نقول اليوم أن القوى الإقليمية ما زالت تملك النفوذ في الداخل الليبي وتسعى إلى ارتهان القرار السياسي… ثم أن هناك ملفا على غاية من الخطورة وهو يهدد كينونة ومستقبل الشركات التونسية والاقتصاد الوطني وهو مشكل التهريب، فاليوم المهربين باتوا لاعبا رئيسيا في الأزمة الليبية، يملكون موقع نفوذا هاما في السوق الليبية وهم يهربون الى تونس البضائع التركية والصينية وزادت سطوتهم وأصبحوا أصحاب نفوذ لهم مصلحة حتى في تعطيل المعابر الحدودية ".
ويختم القضيبي بقول أن : »المطلوب هو تشكيل لجنة على أعلى مستوى تكون تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية للنظر في كل هذه الإشكاليات والمشاكل، واستغلال علاقات حسن الجوار لبناء علاقة مصلحة متبادلة وكذلك تفعيل ديبلوماسية اقتصادية يمكن أن تؤثر في القرار الدولي وتسمح لليبيين بإيداع أموالهم في البنوك التونسية كما فعلت الجزائر والامارات العربية المتحدة علما وأن البنوك لا ترفض قبول هذه الأموال، ولكنها ترفض خوفا من تبعات ذلك في علاقة بمؤسسات مالية دولية ولكن البنك المركزي هو المطالب بإيجاد حل لهذا المشكل« .
منية العرفاوي
تونس- الصباح
عاد الحديث في الأيام الأخيرة عن الملف الاقتصادي وإعادة أعمار ليبيا بعد مرحلة الاستقرار النسبي التي تشهدها الجارة ليبيا وخاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة وانتهت الى توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم اقتصادية بقيمة مليارات الدولارات.. في المقابل فان علاقة تونس بليبيا لا تبدو في أفضل حالاتها في الآونة الأخيرة رغم الزيارة التي أداها الدبيبة منذ أيام إلى تونس، وقد اعتبر البعض ان فتور العلاقة وأزمة المعابر الأخيرة أدت الى أن الشركات التونسية خاصة تلك المختصة في الأشغال العامة ومقاولات البناء، وجودها دون المأمول في الخطة الاقتصادية للدبيبة ولا تنصف الدولة التونسية التي كانت الدولة الوحيدة التي ساندت بقوة الشعب الليبي بعد ثورته كما كانت الدولة الوحيدة التي لم تغلق الحدود في وجه الأشقاء الليبيين .
ورغم أن المكلف بالملفات العربية والإفريقية بديوان رئيس الجمهورية وليد الحجام قال بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ليبيا قال في تصريح سابق لـ"الصباح" أن : »الدولة التونسية لا تنظر إلى ليبيا كفرصة استثمار يجب استغلالها.. بل كبلد شقيق له مشاغل ومشاكل داخلية يجب ان نقف معه ونسنده بكل ما نملك من وسائل حتى تعود ليبيا للنهوض من جديد، وإذا كان الملف الاقتصادي وإعادة اعمار ليبيا من الملفات المهمة والتي نوليها عناية فإننا نؤكد أن ذلك يجب أن يكون ضمن رؤية تشاركية وتضامنية بين البلدين ووفق مصلحتهما المشتركة وليس على حساب أي طرف"، إلا أنه بدا من الواضح اليوم أن الحكومة الليبية لا تفكر بنفس الطريقة التشاركية التي يتبناها رئيس الجمهورية.
ليبيا ليست فرصة أو صفقة..
رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة، جمال القصيبي، وفي تصريح لـ"الصباح" حول حقيقة العلاقات الاقتصادية مع ليبيا قال : »نحن كقطاع خاص كنّا قد سافرنا الى ليبيا ثلاث أو أربع مرّات معلنة من أجل إعادة ربط العلاقات مع الجانب الليبي.. ولكن ما أصر على قوله وأتمسك به واعتقد انه نفس الشيء بالنسبة للدولة التونسية.. نحن لا ننظر إلى ليبيا كفرصة أو كغنيمة استثمار.. بل كامتداد طبيعي لتونس وكما يقول نحن شعب واحد في دولتين".
ويضيف جمال القصيبي : »نحن أخلاقيا وواقعيا وتاريخيا لا يمكن أن ننظر الى ليبيا كفرصة ولكن أعتقد أنه من الضروري اليوم أن نقيم هذه العلاقة في الاتجاهين.. وبالنسبة لنا أعتقد من الشجاعة أن نراجع أخطائنا ونعترف بها..، صحيح أن الشعب الليبي وجد في الدولة التونسية الملاذ الآمن زمن الحرب وأننا لم نغلق يوما الأبواب في وجوههم رغم ان كل دول الجوار الليبي أغلقت حدودها في وجوههم.. ولكن مع ذلك يجب أن لا ننكر بعض الأخطاء، مثلا أن الدولة التونسية لم تكن مرنة في منح الليبيين، الراغبين في ذلك، شهادة الإقامة ونفس الشيء بالنسبة لاقتناء مساكن على الأراضي التونسية ولكن مع ذلك نحن لم ننظر يوما الى ليبيا فرصة أو صفقة.. خاصة وأن أغلبية الليبيين يريدون التعامل مع تونس وليس مع الدول القوية في المنطقة لأنهم يدركون جيدا وعلى المستوى السياسي خاصة أن هذه الدول ستستغل نفوذها الإقليمي للتحكم في القرار الليبي « .
حسابات الواقع
ويؤكد رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة أن الحديث عن العلاقات الاقتصادية مع ليبيا يفرض الحديث الواقع الليبي اليوم، مضيفا : » يجب أن نأخذ في عين الاعتبار ثلاثة أمور، أولا ليبيا عليها أن تنهي المشاريع التي انطلقت فيها قبل الثورة الليبية، وهذه المشاريع هي بقيمة آلاف المليارات، وإذا لم تكمل ليبيا التزاماتها تجاه هذه المشاريع فان الخطايا التي ستسلط عليها ستكون خطايا رهيبة وكبيرة جدا، أعطيك مثالا روسيا التي تعطلت مشاريعها في ليبيا منذ الثورة وتوجهت إلى الهيئات التحكيمية الدولية وهي اليوم تطلب تعويضات وخسائر، قيمتها تساوي ثلاث مرات من قيمة العقود..
ثانيا يجب أن نعلم أن الحكومة الليبية لا تملك الى اليوم ميزانية للاستثمار في مشاريع عملاقة وأن الميزانية الموجودة هي ميزانية التسيير اليومي لشؤون الدولة، وهذا ربما هو سبب الصراع بين الحكومة والبرلمان ..
أما بالنسبة للسبب الثالث، فان هناك نوعية مشاريع لا يمكن في ليبيا أن يقوم بها الا التونسيين خاصة في غرب ليبيا، "وهي المشاريع المتوسطة التي أسميها بالمشاريع اللصيقة والتي لها خصوصية وقربا كبيرا من البلديات ومن الحياة اليومية لليبيين، الذين يرتاحون حين يكون في هذه المشاريع تونسيين.. «
لجنة عليا لحل المشاكل
بالنسبة لمشاريع إعادة التعمير، يقول القصيبي »هي مشاريع مهمة جدا رغم انه لنا مشكل عمالة في تونس، بعد تراجع ثقافة العمل وهذا يجب أن نعترف به، وخاصة بالنظر الى أن ظروف العيش أصبحت صعبة في ليبيا هذا بالنسبة لسوق المقاولات « .
ويضيف »بالنسبة لسوق السلع فاليوم يجب أن نعلم أن في ليبيا هناك أطراف وجهات تعطل في التونسيين في ملف التبادل التجاري، وهناك نوع من الأبواب الموصودة في وجه الشركات التونسية في ليبيا خاصة في علاقة بهذا الملف وذلك بتأثير من قوى أجنبية ذات نفوذ إقليمي وهي خاصة تركيا..، ونحن لا نذيع سرا عندما نقول اليوم أن القوى الإقليمية ما زالت تملك النفوذ في الداخل الليبي وتسعى إلى ارتهان القرار السياسي… ثم أن هناك ملفا على غاية من الخطورة وهو يهدد كينونة ومستقبل الشركات التونسية والاقتصاد الوطني وهو مشكل التهريب، فاليوم المهربين باتوا لاعبا رئيسيا في الأزمة الليبية، يملكون موقع نفوذا هاما في السوق الليبية وهم يهربون الى تونس البضائع التركية والصينية وزادت سطوتهم وأصبحوا أصحاب نفوذ لهم مصلحة حتى في تعطيل المعابر الحدودية ".
ويختم القضيبي بقول أن : »المطلوب هو تشكيل لجنة على أعلى مستوى تكون تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية للنظر في كل هذه الإشكاليات والمشاكل، واستغلال علاقات حسن الجوار لبناء علاقة مصلحة متبادلة وكذلك تفعيل ديبلوماسية اقتصادية يمكن أن تؤثر في القرار الدولي وتسمح لليبيين بإيداع أموالهم في البنوك التونسية كما فعلت الجزائر والامارات العربية المتحدة علما وأن البنوك لا ترفض قبول هذه الأموال، ولكنها ترفض خوفا من تبعات ذلك في علاقة بمؤسسات مالية دولية ولكن البنك المركزي هو المطالب بإيجاد حل لهذا المشكل« .