إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الحلقة الثانية من ملف الهجرة غير النظامية ...نزيف المفقودين، الجرح المفتوح...اللغز الذي مازال طي الكتمان

في مقر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مازالت عائلات المفقودين في عرض البحر تبحث عن ذويها.

ازداد الأمل في فتح ملف المفقودين لأمهات مازلن يبحثن عن حقيقة أطفالهن من الشباب الذين وصلوا منذ سنوات السواحل الأوروبية ثم اختفوا فجأة عن الأنظار تاركين وراءهم لغزا كبيرا.

في مقر المنتدى التقينا فاطمة الكسراوي أم لشاب مفقود منذ سنة 2011.

حدثتنا فاطمة التي أسست جمعية للبحث عن المفقودين، جمعية أمهات المفقودين:"لدي أمل كبير خاصة بعد أن التقى عبد الستار بن موسى وعبد الرحمان الهذيلي مع الرئيس قيس سعيد، رئيس الجمهورية وتحدثوا معه في ملف الهجرة غير النظامية. نحن لدينا أمل كبير في أن يعمل الرئيس على هذا الملف خاصة أن حزب النهضة الحاكم سابقا لم يفعل من اجلنا شيئا. نرجو أن يسمعنا الرئيس نحن الأولياء الذين نحترق على فلذات أكبادنا منذ 11 عاما. هناك من الأمهات من ماتت و هناك من أحرقت نفسها و انتحرت من اجل فقدانها لابنها..هناك العديد من الأولياء لم يعد باستطاعتهم المجيء إلى هنا.. كنا سابقا أكثر عددا هناك من الأولياء من فقدوا الأمل فدولتنا قصّرت في حق أبنائنا الذين هاجروا من اجل مستقبل أفضل .."

هنا عرفوا البطالة و التهميش و الفقر.. العيش في تونس بالنسبة لهم، كالموت: سيان بالنسبة لهم الموت في البحر او العيش في تونس لا يوجد شغل و ان وجد فهو بالمحاباة لا نصيب لأبناء الفقراء فيه" .

جاءت فاطمة كسراوي مرفقة بهاجر العياشي،عرفت فاطمة هاجر وسط معمعة البحث عن المفقودين،هاجر أم لشابين مفقودين هما أيضا.

فرشت فوق الطاولة عشرات الصور لشباب في مقتبل العمر، مفقودون منذ عشر سنوات.

لم تفقد هاجر الأمل في العثور على طفليها،تعبت من الانتظار لكنها بقيت صامدة ،زوجها لم يسعفه الحظ ليقاوم اكثر،مرض و تعبت نفسيته و أصبح عاجزا عن مقاومة الأمراض التي استبدت بجسده فمات و في قلبه غصة ابنيه المفقودين بعد ان رآهما في فيديوهات على الانترنت يستقلان حافلة نقل لمراكز الايواء في إيطاليا سنة 2011.

Photos_666.jpg

بالألم نفسه و الحرقة ذاتها حدثتنا هاجر عن معاناة مازالت محفورة في ذاكرتها.قالت بكل حرقة:" حتى و ان عارضت هجرة طفلي فقد نجحا في الهروب .انطلقوا ليلتها من مدينة الهوارية.منذ تلك الليلة انقطعت أخبارهما. شاهد زوجي عبر الانترنت فيديو يقول ان هناك 22 مهاجرا غير نظامي وصلوا الى بونتالريا الايطالية و هي قاعدة عسكريّة. ظلت العائلات تبحث، و تتالت رحلات الهجرة الغير شرعية و بدأنا نجتمع دائما و نبحث و نتصل بكل الحكومات التي تعاقبت في تونس. في الأعوام الاولى كانوا يرحبون بنا في الخارجيّة و يتعاطفون معنا و منذ 2014 تغيّرت المعاملات و أصبحوا يفضون وقفاتنا السلمية بالقوة.. نحن فقط نبحث عن الحقيقة قلنا لهم أعطونا الاتفاقية لنطلع عليها رفضوا و قالوا إنها اتفاقية بين الدول لا يمكنكم الاطلاع عليها.. هذا الملف فيه غموض و كل الحكومات مشاركة في طمس هذا الملف ...أبنائي أحياء انأ متأكدة و أحس بذلك و لن استسلم و ان مت انا فهناك أمهات أخريات يبحثن هن أيضا عن أطفالهن  لن نسكت إلى أن نعرف أين أولادنا".

ظل ملف الهجرة غير النظامية الملف الأبرز على  طاولة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية.فكل تقارير المنتدى توحي بان اللغز الذي حير أهالي مئات المفقودين ظل مفتوحا الى اليوم في أروقة منظمات المجتمع المدني.

لكن نزيف الهجرة غير النظامية مازال كبيرا اذ شهد عدد المهاجرين غير النظاميين ارتفاعا ملحوظا في بداية شهر جويلية الماضي مقارنة بالأشهر الفارطة من سنة 2021، حيث لفت تقرير منتدى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية إلى وصول 1276 من المهاجرين غير النظاميين إلى السواحل الإيطالية خلال الفترة المتراوحة بين 1 إلى 13 جويلية2021.
وكان المكلف بالإعلام بالمنتدى، رمضان بن عمر، صرح سابقا ، أن من أبرز العوامل التي ساهمت في ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين خلال هذه الفترة، هي تداعيات الجائحة وتدهور الوضع الصحي بالبلاد فضلا عن عجز الدولة عن توفير اللقاح المضاد لفيروس " كورونا" في الفترة الأخيرة وتأخر عملية التلقيح الوطنية ضد كوفيد-19.

لكن ليست الجائحة فقط هي ما يدفع لركوب البحر في مصير غير آمن فبالنسبة لرمضان بن عمر فان ملف الهجرة غير النظامية استعمل اليوم كورقة سياسية لإخافة المجتمع الدولي سيما من قبل حركة النهضة التي هدد رئيسها راشد الغنوشي الدول الأوروبية بإغراقها بالمهاجرين غير النظاميين.

سمير الروافي.. اللغز المحير عن المفقودين..

سنة 2011 شاهدت عائلات المفقودين فيديو يوثق وصول مجموعة من المهاجرين غير النظاميين الى إيطاليا. في إحدى الحافلات برز رأس شاب اسمه سمير الروافي، اخرج الشاب يومها رأسه من حافلة تتبع السلطات الإيطالية.كانت الحافلة مملوءة بشباب تونسيين يحاصرها أعوان امن ايطاليون من الجهات الأربع. اخرج سمير الروافي يومها رأسه مشيرا وتوجه الى الكاميرا ثم قال: «لن أعود الى تونس لو ذبحوني" جملة بقيت معلقة الى اليوم في لغز كل من فقدت العائلات أثارهم منذ ذلك اليوم. عائلة سمير وغيرها من العائلات مازالت تبحث الى اليوم عن جواب لمصير مئات الشبان الذين اختفوا عن الأنظار منذ ان ركبوا في ذلك اليوم الحافلة التي كانت مدججة بأعوان يحيطونها.

 

لم يظهر أي شاب من المفقودين رغم ان عددهم قدر بأكثر من خمس مائة مفقود.يشك الأهالي في ان ذويهم تعرضوا لاتجار بالبشر و انهم ربما موجودون في السجون الإيطالية او مراكز الإيواء التي قليلا ما يدخلها الصحافيون لاكتشاف ما يحصل داخلها من خروقات لحقوق الإنسان.

شركات استثمارية أجنبية تمتص قوت شباب تونس

في أحد مقاهي مدينة منزل بورقيبة يمضي محمد علي الخليفي اغلب ساعات اليوم.

 لقد بدأ منذ فترة رحلة البحث عن عمل جديد بعد ان جرب العمل في كل مصانع ولاية بنزرت التي تمتد فيها المناطق الصناعية لكل المصانع التي تستثمر في الجهة.

اشتغل محمد علي على امتداد سبع سنوات في مصانع الجهة هو الذي درس الإعلامية. لكنه اليوم يفضل البقاء عاطلا عن العمل بدل الرضوخ لشركات استثمارية أجنبية يقول انها تمتص جهد العامل في ظروف صعبة ولساعات طويلة مقابل الفتات من المليمات.

جرب محمد علي ان يحصل على تأشيرة للهجرة نحو فرنسا فاختصاصه مطلوب هناك ولديه أصدقاء كثر بلغوا السواحل الأوروبية وانطلقوا في العمل برواتب جيدة.

رفضت السفارات إعطاء محمد علي التأشيرة، ها هو اليوم يستعد هو الاخر لعله ينجح عبر البحر في الالتحاق بشباب مثله كثيرون منهم ركبوا البحر ونجحت مسيرتهم في إيجاد عمل يضمن راتبا محترما وامتيازات منها الترقيات التي يرى محمد علي انها لا تحصل في تونس الا بالولاءات من اشخاص عملوا معه في المصانع وكانوا اقل منه تحصيلا علميا لكنهم كانوا يتبوؤون مناصب عليا ويهضمون حقوق العمال.

الى المنطقة الصناعية في منزل بورقيبة قادنا محمد علي الخليفي، الى واجهة مؤسسة أجنبية تستثمر في تونس.

Photos_555.jpg

يرى الشاب الثلاثيني انها مؤسسة استثمارية من أبرز المؤسسات المشغلة لليد العاملة في تونس. لكن كل ما تنتجه يتم تصديره مقابل رواتب ضعيفة جدا لا تساعد محمد علي وامثاله من تامين عيشهم في ظل غلاء المعيشة.

على شاطئ البحر يرمي محمد علي نظره الى ما وراء السواحل التونسية. عرضت عليه صورا لمراكب موت غرق كل من فيها. لم تحرك فيه الصور الكثير فقد تعود عليها بل ان من أصدقائه من قضى نحبه في ذات المركب. لكن الحياة بالنسبة له استحالت في بلد لم يعد يتسع لطموحاته. هو على وعي بمخاطر الرحلة لكنه لن يفوت التجربة عن نفسه. قريبا سيحاول وغيره الكثير يحلمون بالهروب أيضا. فالبقاء هنا موت بطيء حسب اعتقاده. فإما "حياة كريمة هناك في أوروبا او موتة واحدة في عرض البحر.." هكذا حاول ان يلخص لنا محمد علي القصة، قصة شاب من شباب تونس الحالمين بأرض غير هذه الأرض.

Photos_111.jpg

مبروكة خذير

الحلقة الثانية من ملف الهجرة غير النظامية ...نزيف المفقودين، الجرح المفتوح...اللغز الذي مازال طي الكتمان

في مقر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مازالت عائلات المفقودين في عرض البحر تبحث عن ذويها.

ازداد الأمل في فتح ملف المفقودين لأمهات مازلن يبحثن عن حقيقة أطفالهن من الشباب الذين وصلوا منذ سنوات السواحل الأوروبية ثم اختفوا فجأة عن الأنظار تاركين وراءهم لغزا كبيرا.

في مقر المنتدى التقينا فاطمة الكسراوي أم لشاب مفقود منذ سنة 2011.

حدثتنا فاطمة التي أسست جمعية للبحث عن المفقودين، جمعية أمهات المفقودين:"لدي أمل كبير خاصة بعد أن التقى عبد الستار بن موسى وعبد الرحمان الهذيلي مع الرئيس قيس سعيد، رئيس الجمهورية وتحدثوا معه في ملف الهجرة غير النظامية. نحن لدينا أمل كبير في أن يعمل الرئيس على هذا الملف خاصة أن حزب النهضة الحاكم سابقا لم يفعل من اجلنا شيئا. نرجو أن يسمعنا الرئيس نحن الأولياء الذين نحترق على فلذات أكبادنا منذ 11 عاما. هناك من الأمهات من ماتت و هناك من أحرقت نفسها و انتحرت من اجل فقدانها لابنها..هناك العديد من الأولياء لم يعد باستطاعتهم المجيء إلى هنا.. كنا سابقا أكثر عددا هناك من الأولياء من فقدوا الأمل فدولتنا قصّرت في حق أبنائنا الذين هاجروا من اجل مستقبل أفضل .."

هنا عرفوا البطالة و التهميش و الفقر.. العيش في تونس بالنسبة لهم، كالموت: سيان بالنسبة لهم الموت في البحر او العيش في تونس لا يوجد شغل و ان وجد فهو بالمحاباة لا نصيب لأبناء الفقراء فيه" .

جاءت فاطمة كسراوي مرفقة بهاجر العياشي،عرفت فاطمة هاجر وسط معمعة البحث عن المفقودين،هاجر أم لشابين مفقودين هما أيضا.

فرشت فوق الطاولة عشرات الصور لشباب في مقتبل العمر، مفقودون منذ عشر سنوات.

لم تفقد هاجر الأمل في العثور على طفليها،تعبت من الانتظار لكنها بقيت صامدة ،زوجها لم يسعفه الحظ ليقاوم اكثر،مرض و تعبت نفسيته و أصبح عاجزا عن مقاومة الأمراض التي استبدت بجسده فمات و في قلبه غصة ابنيه المفقودين بعد ان رآهما في فيديوهات على الانترنت يستقلان حافلة نقل لمراكز الايواء في إيطاليا سنة 2011.

Photos_666.jpg

بالألم نفسه و الحرقة ذاتها حدثتنا هاجر عن معاناة مازالت محفورة في ذاكرتها.قالت بكل حرقة:" حتى و ان عارضت هجرة طفلي فقد نجحا في الهروب .انطلقوا ليلتها من مدينة الهوارية.منذ تلك الليلة انقطعت أخبارهما. شاهد زوجي عبر الانترنت فيديو يقول ان هناك 22 مهاجرا غير نظامي وصلوا الى بونتالريا الايطالية و هي قاعدة عسكريّة. ظلت العائلات تبحث، و تتالت رحلات الهجرة الغير شرعية و بدأنا نجتمع دائما و نبحث و نتصل بكل الحكومات التي تعاقبت في تونس. في الأعوام الاولى كانوا يرحبون بنا في الخارجيّة و يتعاطفون معنا و منذ 2014 تغيّرت المعاملات و أصبحوا يفضون وقفاتنا السلمية بالقوة.. نحن فقط نبحث عن الحقيقة قلنا لهم أعطونا الاتفاقية لنطلع عليها رفضوا و قالوا إنها اتفاقية بين الدول لا يمكنكم الاطلاع عليها.. هذا الملف فيه غموض و كل الحكومات مشاركة في طمس هذا الملف ...أبنائي أحياء انأ متأكدة و أحس بذلك و لن استسلم و ان مت انا فهناك أمهات أخريات يبحثن هن أيضا عن أطفالهن  لن نسكت إلى أن نعرف أين أولادنا".

ظل ملف الهجرة غير النظامية الملف الأبرز على  طاولة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية.فكل تقارير المنتدى توحي بان اللغز الذي حير أهالي مئات المفقودين ظل مفتوحا الى اليوم في أروقة منظمات المجتمع المدني.

لكن نزيف الهجرة غير النظامية مازال كبيرا اذ شهد عدد المهاجرين غير النظاميين ارتفاعا ملحوظا في بداية شهر جويلية الماضي مقارنة بالأشهر الفارطة من سنة 2021، حيث لفت تقرير منتدى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية إلى وصول 1276 من المهاجرين غير النظاميين إلى السواحل الإيطالية خلال الفترة المتراوحة بين 1 إلى 13 جويلية2021.
وكان المكلف بالإعلام بالمنتدى، رمضان بن عمر، صرح سابقا ، أن من أبرز العوامل التي ساهمت في ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين خلال هذه الفترة، هي تداعيات الجائحة وتدهور الوضع الصحي بالبلاد فضلا عن عجز الدولة عن توفير اللقاح المضاد لفيروس " كورونا" في الفترة الأخيرة وتأخر عملية التلقيح الوطنية ضد كوفيد-19.

لكن ليست الجائحة فقط هي ما يدفع لركوب البحر في مصير غير آمن فبالنسبة لرمضان بن عمر فان ملف الهجرة غير النظامية استعمل اليوم كورقة سياسية لإخافة المجتمع الدولي سيما من قبل حركة النهضة التي هدد رئيسها راشد الغنوشي الدول الأوروبية بإغراقها بالمهاجرين غير النظاميين.

سمير الروافي.. اللغز المحير عن المفقودين..

سنة 2011 شاهدت عائلات المفقودين فيديو يوثق وصول مجموعة من المهاجرين غير النظاميين الى إيطاليا. في إحدى الحافلات برز رأس شاب اسمه سمير الروافي، اخرج الشاب يومها رأسه من حافلة تتبع السلطات الإيطالية.كانت الحافلة مملوءة بشباب تونسيين يحاصرها أعوان امن ايطاليون من الجهات الأربع. اخرج سمير الروافي يومها رأسه مشيرا وتوجه الى الكاميرا ثم قال: «لن أعود الى تونس لو ذبحوني" جملة بقيت معلقة الى اليوم في لغز كل من فقدت العائلات أثارهم منذ ذلك اليوم. عائلة سمير وغيرها من العائلات مازالت تبحث الى اليوم عن جواب لمصير مئات الشبان الذين اختفوا عن الأنظار منذ ان ركبوا في ذلك اليوم الحافلة التي كانت مدججة بأعوان يحيطونها.

 

لم يظهر أي شاب من المفقودين رغم ان عددهم قدر بأكثر من خمس مائة مفقود.يشك الأهالي في ان ذويهم تعرضوا لاتجار بالبشر و انهم ربما موجودون في السجون الإيطالية او مراكز الإيواء التي قليلا ما يدخلها الصحافيون لاكتشاف ما يحصل داخلها من خروقات لحقوق الإنسان.

شركات استثمارية أجنبية تمتص قوت شباب تونس

في أحد مقاهي مدينة منزل بورقيبة يمضي محمد علي الخليفي اغلب ساعات اليوم.

 لقد بدأ منذ فترة رحلة البحث عن عمل جديد بعد ان جرب العمل في كل مصانع ولاية بنزرت التي تمتد فيها المناطق الصناعية لكل المصانع التي تستثمر في الجهة.

اشتغل محمد علي على امتداد سبع سنوات في مصانع الجهة هو الذي درس الإعلامية. لكنه اليوم يفضل البقاء عاطلا عن العمل بدل الرضوخ لشركات استثمارية أجنبية يقول انها تمتص جهد العامل في ظروف صعبة ولساعات طويلة مقابل الفتات من المليمات.

جرب محمد علي ان يحصل على تأشيرة للهجرة نحو فرنسا فاختصاصه مطلوب هناك ولديه أصدقاء كثر بلغوا السواحل الأوروبية وانطلقوا في العمل برواتب جيدة.

رفضت السفارات إعطاء محمد علي التأشيرة، ها هو اليوم يستعد هو الاخر لعله ينجح عبر البحر في الالتحاق بشباب مثله كثيرون منهم ركبوا البحر ونجحت مسيرتهم في إيجاد عمل يضمن راتبا محترما وامتيازات منها الترقيات التي يرى محمد علي انها لا تحصل في تونس الا بالولاءات من اشخاص عملوا معه في المصانع وكانوا اقل منه تحصيلا علميا لكنهم كانوا يتبوؤون مناصب عليا ويهضمون حقوق العمال.

الى المنطقة الصناعية في منزل بورقيبة قادنا محمد علي الخليفي، الى واجهة مؤسسة أجنبية تستثمر في تونس.

Photos_555.jpg

يرى الشاب الثلاثيني انها مؤسسة استثمارية من أبرز المؤسسات المشغلة لليد العاملة في تونس. لكن كل ما تنتجه يتم تصديره مقابل رواتب ضعيفة جدا لا تساعد محمد علي وامثاله من تامين عيشهم في ظل غلاء المعيشة.

على شاطئ البحر يرمي محمد علي نظره الى ما وراء السواحل التونسية. عرضت عليه صورا لمراكب موت غرق كل من فيها. لم تحرك فيه الصور الكثير فقد تعود عليها بل ان من أصدقائه من قضى نحبه في ذات المركب. لكن الحياة بالنسبة له استحالت في بلد لم يعد يتسع لطموحاته. هو على وعي بمخاطر الرحلة لكنه لن يفوت التجربة عن نفسه. قريبا سيحاول وغيره الكثير يحلمون بالهروب أيضا. فالبقاء هنا موت بطيء حسب اعتقاده. فإما "حياة كريمة هناك في أوروبا او موتة واحدة في عرض البحر.." هكذا حاول ان يلخص لنا محمد علي القصة، قصة شاب من شباب تونس الحالمين بأرض غير هذه الأرض.

Photos_111.jpg

مبروكة خذير

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews