اختلفت القراءات للموقف الأمريكي تجاه تونس، بين من رأى في بلاغ البيت الأبيض حول لقاء وفد أمريكي برئيس الجمهورية قيس سعيد دليلا على أن الولايات المتحدة تتعامل مع الأمر الواقع في تونس على أساس أنها تتفهم قرارات سعيد يوم 25 جويلية، وبين من رأى فيه ضغطا على رئيس الجمهورية، في اتجاه تعيين رئيس حكومة والمضي قدما في اتخاذ إجراءات للخروج من الوضع الاستثنائي، وبين من رأى أنه من الأفضل ألا تتدخل واشنطن في الشأن الداخلي التونسي.
بيان البيت الأبيض كان أشار إلى أن "النائب الأول لمستشار الأمن القومي، جوناتان فاينر، (ناقش) مع الرئيس سعيّد، الحاجة الملحة إلى تعيين رئيس وزراء مكلف لتشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية العاجلة التي تواجه تونس". ويتضمن بيان البيت الأبيض أيضا حديثا عن أهمية حوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والمتعلقة بالقانون الانتخابي بالقول "إن تمكين حكومة جديدة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد سيخلق أيضا مساحة لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة استجابة للمطالب التي أعرب عنها العديد من التونسيين على نطاق واسع لتحسين مستويات المعيشة بالإضافة إلى الحكم الصادق والفعال والشفاف".
"خطة سعيد غير واضحة"
"الصباح" تحدثت إلى الباحثة سارة يركيس في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط. والتي تتركز بحوثها على التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية في تونس، إلى جانب العلاقات بين الدولة والمجتمع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي ترى أن "الولايات المتحدة منخرطة للغاية مع الرئيس سعيد ومستشاريه في محاولة ضمان بقاء الديمقراطية على المسار الصحيح". وتشير بهذا الخصوص إلى أنه "كانت هناك عدة مكالمات رفيعة المستوى وزيارة الأسبوع الماضي من نائب مستشار الأمن القومي، الذي أوضح أن البيت الأبيض قلق بشأن تصرفات سعيد".
وتتابع الباحثة الأمريكية "يبدو أن الإجراءات منذ 25 جويلية مناهضة للديمقراطية إلى حد كبير، وهو ما يمثل خطورة على التحول الديمقراطي في تونس. لكن لا يزال من غير الواضح ما هي خطة سعيد طويلة المدى، لذلك من السابق لأوانه تحديد مدى تعرض الديمقراطية للخطر في هذه المرحلة". وبخصوص سؤالنا حول السيناريوهات التي تراها محتملة في تونس مستقبلا فإنها ترى أن "هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك العودة إلى الوضع السابق، أو اتفاق تفاوضي حول خارطة طريق مع تأييد المجتمع المدني، أو احتجاجات جماهيرية عندما ينفد صبر الناس".
“تونس في مفترق طرق"
عناوين التحاليل ومقالات الرأي التي كتبت بعيد قرارات الرئيس في الولايات المتحدة، اتجهت في مجملها للتعبير عن التخوف من هذه القرارات وخروج تونس عن طريق الديمقراطية، بعض العناوين في الصحافة الغربية كانت تبالغ إلى حد الحديث عن حرب أهلية محتملة، ولكن بعضها بدأ يتحدث مؤخرا عن عدم وضوح الصورة، وأن تونس تقف على مفترق طرق، "فورين بوليسي" تعنون في 11 أوت 2021 أن "تونس على حافة الهاوية بين الإصلاح والاستبداد"، في تقرير يشير إلى أنه "في 25 جويلية، قام الرئيس التونسي، قيس سعيد، بخطوة غير عادية. بعد يوم من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، بعضها عنيف، أقال رئيس الحكومة، ورفع الحصانة عن السياسيين من الملاحقة الجنائية، وعلق البرلمان لمدة شهر. الآن، في منتصف الطريق من فترة الثلاثين يوما تلك، لا تزال البلاد تنتظر كلمة حول من سيكون رئيس الحكومة الجديد أو ما هي خطة الرئيس لإخراج البلاد من أزماتها السياسية العاجلة والاضطراب الاقتصادي على المدى الطويل".
العديد من المقالات الأخرى أيضا رأت أن ما يحدث في تونس هو امتحان لتمسك إدارة بايدن بالدفاع فعليا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أننا لم نعثر على تعليقات تخص زيارة وفد أمريكي إلى تونس.
وبتاريخ 26 جويلية كانت وزارة الخارجية الأمريكية نص على أن "الولايات المتحدة (تراقب) عن كثب التطورات في تونس. كنا على تواصل مع مسؤولين في الحكومة التونسية للتأكيد على أن حلول المشاكل السياسية والاقتصادية في تونس يجب أن تستند إلى الدستور التونسي ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية. وكنا واضحين في حثّ جميع الأطراف على تجنّب اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تخنق الخطاب الديمقراطي أو تؤدي إلى العنف. نحن منزعجون بشكل خاص من التقارير التي تفيد بإغلاق مكاتب وسائل الإعلام ونحث على الاحترام الدقيق لحرية التعبير وغيرها من الحقوق المدنية. يجب على تونس ألا تضيّع مكاسبها الديمقراطية، وستواصل الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب الديمقراطية التونسية".
بالرغم من اختلاف القراءات للموقف الأمريكي من التطورات في تونس، فإن الثابت أن التعليقات ومقالات الرأي في الصحافة الأمريكية والبريطانية انتقلت من لهجة حادة وعناوين مخيفة عن الوضع في تونس، إلى ترقب وانتظار ما ستؤول إليه الأمور، الاحتمالات الكثيرة الممكنة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالخطوات التي سيتخذها سعيد مستقبلا، وهي ربما التي ستحدد بشكل أوضح المواقف من الوضع في تونس.
أروى الكعلي
تونس-الصباح
اختلفت القراءات للموقف الأمريكي تجاه تونس، بين من رأى في بلاغ البيت الأبيض حول لقاء وفد أمريكي برئيس الجمهورية قيس سعيد دليلا على أن الولايات المتحدة تتعامل مع الأمر الواقع في تونس على أساس أنها تتفهم قرارات سعيد يوم 25 جويلية، وبين من رأى فيه ضغطا على رئيس الجمهورية، في اتجاه تعيين رئيس حكومة والمضي قدما في اتخاذ إجراءات للخروج من الوضع الاستثنائي، وبين من رأى أنه من الأفضل ألا تتدخل واشنطن في الشأن الداخلي التونسي.
بيان البيت الأبيض كان أشار إلى أن "النائب الأول لمستشار الأمن القومي، جوناتان فاينر، (ناقش) مع الرئيس سعيّد، الحاجة الملحة إلى تعيين رئيس وزراء مكلف لتشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية العاجلة التي تواجه تونس". ويتضمن بيان البيت الأبيض أيضا حديثا عن أهمية حوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والمتعلقة بالقانون الانتخابي بالقول "إن تمكين حكومة جديدة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد سيخلق أيضا مساحة لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة استجابة للمطالب التي أعرب عنها العديد من التونسيين على نطاق واسع لتحسين مستويات المعيشة بالإضافة إلى الحكم الصادق والفعال والشفاف".
"خطة سعيد غير واضحة"
"الصباح" تحدثت إلى الباحثة سارة يركيس في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط. والتي تتركز بحوثها على التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية في تونس، إلى جانب العلاقات بين الدولة والمجتمع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي ترى أن "الولايات المتحدة منخرطة للغاية مع الرئيس سعيد ومستشاريه في محاولة ضمان بقاء الديمقراطية على المسار الصحيح". وتشير بهذا الخصوص إلى أنه "كانت هناك عدة مكالمات رفيعة المستوى وزيارة الأسبوع الماضي من نائب مستشار الأمن القومي، الذي أوضح أن البيت الأبيض قلق بشأن تصرفات سعيد".
وتتابع الباحثة الأمريكية "يبدو أن الإجراءات منذ 25 جويلية مناهضة للديمقراطية إلى حد كبير، وهو ما يمثل خطورة على التحول الديمقراطي في تونس. لكن لا يزال من غير الواضح ما هي خطة سعيد طويلة المدى، لذلك من السابق لأوانه تحديد مدى تعرض الديمقراطية للخطر في هذه المرحلة". وبخصوص سؤالنا حول السيناريوهات التي تراها محتملة في تونس مستقبلا فإنها ترى أن "هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك العودة إلى الوضع السابق، أو اتفاق تفاوضي حول خارطة طريق مع تأييد المجتمع المدني، أو احتجاجات جماهيرية عندما ينفد صبر الناس".
“تونس في مفترق طرق"
عناوين التحاليل ومقالات الرأي التي كتبت بعيد قرارات الرئيس في الولايات المتحدة، اتجهت في مجملها للتعبير عن التخوف من هذه القرارات وخروج تونس عن طريق الديمقراطية، بعض العناوين في الصحافة الغربية كانت تبالغ إلى حد الحديث عن حرب أهلية محتملة، ولكن بعضها بدأ يتحدث مؤخرا عن عدم وضوح الصورة، وأن تونس تقف على مفترق طرق، "فورين بوليسي" تعنون في 11 أوت 2021 أن "تونس على حافة الهاوية بين الإصلاح والاستبداد"، في تقرير يشير إلى أنه "في 25 جويلية، قام الرئيس التونسي، قيس سعيد، بخطوة غير عادية. بعد يوم من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، بعضها عنيف، أقال رئيس الحكومة، ورفع الحصانة عن السياسيين من الملاحقة الجنائية، وعلق البرلمان لمدة شهر. الآن، في منتصف الطريق من فترة الثلاثين يوما تلك، لا تزال البلاد تنتظر كلمة حول من سيكون رئيس الحكومة الجديد أو ما هي خطة الرئيس لإخراج البلاد من أزماتها السياسية العاجلة والاضطراب الاقتصادي على المدى الطويل".
العديد من المقالات الأخرى أيضا رأت أن ما يحدث في تونس هو امتحان لتمسك إدارة بايدن بالدفاع فعليا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أننا لم نعثر على تعليقات تخص زيارة وفد أمريكي إلى تونس.
وبتاريخ 26 جويلية كانت وزارة الخارجية الأمريكية نص على أن "الولايات المتحدة (تراقب) عن كثب التطورات في تونس. كنا على تواصل مع مسؤولين في الحكومة التونسية للتأكيد على أن حلول المشاكل السياسية والاقتصادية في تونس يجب أن تستند إلى الدستور التونسي ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية. وكنا واضحين في حثّ جميع الأطراف على تجنّب اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تخنق الخطاب الديمقراطي أو تؤدي إلى العنف. نحن منزعجون بشكل خاص من التقارير التي تفيد بإغلاق مكاتب وسائل الإعلام ونحث على الاحترام الدقيق لحرية التعبير وغيرها من الحقوق المدنية. يجب على تونس ألا تضيّع مكاسبها الديمقراطية، وستواصل الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب الديمقراطية التونسية".
بالرغم من اختلاف القراءات للموقف الأمريكي من التطورات في تونس، فإن الثابت أن التعليقات ومقالات الرأي في الصحافة الأمريكية والبريطانية انتقلت من لهجة حادة وعناوين مخيفة عن الوضع في تونس، إلى ترقب وانتظار ما ستؤول إليه الأمور، الاحتمالات الكثيرة الممكنة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالخطوات التي سيتخذها سعيد مستقبلا، وهي ربما التي ستحدد بشكل أوضح المواقف من الوضع في تونس.