توجه القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي لرئيس الجمهورية قيس سعيد.
و جاء في رسالة المكي :
"تحية وطنية طيبة
بعد إذنكم أقول لكم نفس القول الذي كنت أقوله لصاحبي.
كنت أقول له ناصحا و بصدق:
إن حصولك على الأغلبية في الحركة و في الحكم و لو بنسبة عالية لا يسمح لك بأن تفعل ما تشاء دون مراعاة طبيعة الحركة و البلاد و نضالها و تاريخها و أخلاقها و تضاريسها.
إن الحكم قبل أن يكون بالأغلبية يكون بالإنسجام مع طبيعة البلد و الشعب و مع طبيعة أخلاقه و مكتسباته وطموحاته .فالبلاد ( بِمّالِيها ) يحرسونها كما يقال
لو أخذ بالنصيحة لما كانت أخطاء كثيرة و لما كانت آثارها و مفاعيلها السلبية.
لذلك سيدي الرئيس أكرر لكم نفس القول ناصحا لكم و للشعب و البلد و الله على ما أقول و على سريرتي شهيد.
لقد اختلف الناس حول ما قمتم به يوم الخامس و العشرين من جويلية الماضي و هم اليوم يتساءلون كيف الخروج مما نحن فيه و هم خائفون على مستقبلهم و مستقبل بلادهم؟ مستعجلين الوقت الذي يحدث فيه الانفراج.
هناك طريقان لا ثالث لهما للخروج مما نحن فيه،
الأول سهل و سلس و منظم من داخل الدستور و مضمون النتائج و يتماشى مع خصائص بلدنا و شعبه و يقربك من حلفائك الحقيقيين الذين انتخبوك و إن اختلفوا معك في التنزيل فإنهم يتقاسمون معك نفس المبادئ حول الحكم و نزاهه و أدواره، و يبقيك رئيسا للجميع و ليس رئيسا منتصرا لآراء أنصارك فقط و يمكّن من التركيز على قضايا الناس الأساسية و يجلب الإحترام أمام العالم. و هو أفضل ترجمة عملية لما رددتموه مرار أنكم لستم انقلابيا و لا دكتاتورا و هذا شيئ إيجابي يبنى عليه.
و الثاني صعب و مجهول النتائج و مرتجل و من خارج الدستور و يهمش قضايا الناس و يفرق و لا يجمع و يستدعي التدخل الخارجي.
أما الحل الأول فينطلق من أننا لا ننكر جميعا أن ما كان يحصل قبل الخامس و العشرين من جويلية كان خليطا من الأخطاء الخطيرة لا يجب أن يستمر و من أنه يجب أن نستفيد جميعا من هذه الصدمة لننطلق إلى إصلاح الأوضاع ضمن الدستور و ذلك بإعادة البرلمان و إصلاح أخطائه بصورة كاملة عبر تغيير نظامه الداخلي و تجديد رئاسته و عبر تعاقدات سياسية تمكن من أداء دوره بفعالية و مقاومة الفاسدين و المعتدين على القانون و بسيادة الإحترام بينه و بين باقي مؤسسات الدولة.
كما يجب تشكيل حكومة متفق عليها تقدم برنامج إنقاذ تواجه به التحديات التي تواجه البلاد و المواطنين .
هذان الإجراءان يمكنان من عدم العودة إلى الوراء عبر إعادة المؤسسات مع التخلص من مشاكلها السابقة ثم بعد ذلك ننطلق في إصلاح القوانين الأساسية كقانون الإنتخابات و تنقيح النظام السياسي للبلاد وفق الصيغ الدستورية و بآليات يتفق عليها و عندها يمكن تقديم الانتخابات أو تركها في موعدها المحدد
بهذا التمشي تخرج تونس أكبر و أعلى شأنا أمام العالم و هو يتماشى و الخصائص الحضارية لشعبنا و تاريخنا و ميله إلى الحلول الهادئة و المرنة و الفعالة.
أما الطريق الثاني فهو الذي يبدأ بتعليق الدستور و حل البرلمان و الدخول في المجهول و الاجتهاد و الاجتهاد المضاد و يشجع على المغامرات،فلقد سمعنا جميعا بتشكيل ما يسمى بالحشد الشعبي فماذا بعد ؟
كما أنه حل ربما يتطلب التعويل على القوة الصلبة لفرض وجهة النظر هذه و لتسيير الدولة مما سيؤدي إلى تسييس هذه المؤسسات القائمة على الحياد الجمهوري و يؤدي إلى جفوة بين الحاكم و قطاعات واسعة من الشعب خاصة بعد هبوط موجة الحماس لما يحدث الآن أمام حقائق الحياة الصعبة.
فما ألجأنا إلى سلوك هذا المسلك الصعب غير مضمون النتائج و الحل الأول موجود و قادر على تعبئة الجميع حوله و على إدخال البلاد في موجة من الأمل و الطمأنينة و العمل بعد أن حدثت الصدمة النفسية الايجابية و أقنعت بضرورة التدارك و التغيير و الخروج مما كنا فيه من حالة نكدة".
و ختم المكي رسالته بالقول بان استعجال الوقت جزء من سلامة الحلّ.