هناك، ذلك المكان الذي يطلّ من أعلى على البحر ليرتسم في سماء المتوسّط لوحة فنّية فريدة تذكّر الحضارة الإنسانية بتربة تشكّل فيه الكثير ممًا نشاهده اليوم على سطح هذا الكوكب . مهرجان قرطاج و الذي كان الصعود إلى ركحه حلما و الذي كان قبلة محبّبة لكبار النجوم من شرق الأرض و غربها أصبح اليوم ساحة مفتوحة مستباحة و أرضا لا حارس لها. ما يجب أن لا يخفى على أحد أنّ الأمم الكبرى تصنع برموزها و برمزياتها و قرطاج التي نتحدّث عنها ليست بناءا معلًبا بتجهيزات عصرية، قرطاج هيّ هويّة شعب و ذاكرة وطن بأسره و مهرجان قرطاج هوّ رمزيتنا الأولى و رسالتنا لكلّ شعوب الأرض التي نعلن فيها باللغة الإنسانية الأكثر وقعا و تأثيرا(الفنّ) عن تحضًرنا و انفتاحنا و تسامحنا و كلّ ما يرتبط بتاريخ هذا الوطن . لمن يعلمون و من لا يعلمون انتشرت على أرضنا في السنوات الأخيرة آفة التفاهة و التسطيح و بدأت تبتلع كلّ المساحات الممكنة في الفضاء العام لتجتاح الإعلام بشقّيه الكلاسيكي و الافتراضي و أصبح هذا الإعلام المتواضع يصنع نجوما حسب الطلب تتجنّد لها أقلاما و عقولا مأجورة للتحوّل في النهاية إلى نجوم ترفّع نسب المشاهدة و تجلب اهتمام ضحايا التفاهة و التسطيح من الذين تمّ تدجينهم في تلك المربّعات ، هذه النجوم التي لا بريق لها يتمّ فرضها اليوم في مهرجان قرطاج بإسم ذلك النجاح المفتعل و بطرق أترفّع عن وصفها و نحن في حضرة قرطاج. هل تدرك الإدارات المتعاقبة على مهرجان قرطاج مكانة المكان الذي يشرفون عليه ،هل يدركون خطورة هذه المسؤولية، هل يدركون الجهود الجبّارة و التضحيات التي قدّمها مثقّفو هذا الوطن و فنّانيه ليستعيد هذا المكان رمزيّته الكونيّة . مهرجان قرطاج ، هذا الحصن المنيع الذي أنقذ هذه الأرض من كلً أنماط الانغلاق و التطرّف و جعلها أرضا تلتقي فيها كلّ ثقافات هذه الأرض يريدون اليوم أن يجعلوها "أرضا متجعّدة مغبار " على حدّ تعبير المسعدي و لا صوت يسمع للسلّطة الرسميّة وزارة الثقافة أو كلّ من له سلطة للتدخّل … هذا المقال المشحون و المستفزّ أردناه صيحة فزع و وجع على ما يحصل في مهرجان قرطاج العظيمة من حفل افتتاح لا يليق بنا و لا يشبهنا إلى وجوه تجلب للمهرجان الاساءة أكثر من تلك العائدات التي تعود على أبنائنا بوباء التفاهة . أين أبناء هذا الوطن ممّن أفنوا أعمارهم في الفنّ و الثقافة و إلى متى سنسمح برأي من لا رأي لهم في إدارة مهرجان بحجم وطن. تمّ القضاء على الهوية النخبويّة لمهرجان قرطاج الدولي ليرتع فيه من هبّ و دبً كما تمّ التخلّي على التراث الفنّي التونسي و التخلّي عن رموز الأغنية التونسية و عن فنّهم الذي كان من المفترض أن يبعث الروح في الذاكرة الجماعية بتنظيم تظاهرات بمهرجان قرطاج في هذا السياق و كيف يتمّ تغييب أنماط موسيقية محلّية يمكن بالاشتغال عليها تصديرها للعالمية نذكر منه المالوف. هنالك تغييب ممنهج لأبناء هذا الوطن من الفنّانين و إزاحتهم عن الفعل الفنّي الثقافي في مقابل عروض افتتاح و اختتام هيّ بمثابة نسخة مشوّهة و مبتذلة لعروض تاريخية أبدعها موسيقيين تونسين كبار و ما يحزً في النفس هوً أن تدفع الدّولة آلاف الدولارات لخلاص هذه العروض . لقد آن الأوان لتكوين لجنة من مثقّفي و فنّاني هذا الوطن ليعيدوا لهذا المهرجان ألقه و بريقة و هذه ليست قضيّة عرضيّة أو جانبيّة يمكن تجاوزها أر القفز عليها بل هيّ مسألة حاسمة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ هذا العالم المفتوح الذي تتهدًد فيه الكيانات الضعيفة بطمس خصوصياتها الحضارية و الثقافية بما يجعل الحرب الثقافية في قلب الصراع و ما يجعل مهرجان قرطاج في قلب الثقافة . إنّ هذا المهرجان اليوم محاصر بالتفاهة وًمكبّل برغبة القائمين عليه بالمسألة التجاريّة الربحية و في هذا السياق لا بدّ أن نكون واضحين مباشراتيين : إنّ مهرجان قرطاج ليس محلًا تجاريّا و لا مصنعا إنّه رمزيّة تختزل تاريخ شعب و لا بدً أن ترصد له كلّ الاعتمادات ليلعب دوره الذي أطنبتا في وصفه و لكي نسحب الذريعة من القائمين على المهرجان من الذين لم يقوموا بواجبهم لأرض لم تبخل عليهم بشرف انتماء لا يعلمونه.
سليم العڤربي رئيس جمعية موطن الياسمين
هناك، ذلك المكان الذي يطلّ من أعلى على البحر ليرتسم في سماء المتوسّط لوحة فنّية فريدة تذكّر الحضارة الإنسانية بتربة تشكّل فيه الكثير ممًا نشاهده اليوم على سطح هذا الكوكب . مهرجان قرطاج و الذي كان الصعود إلى ركحه حلما و الذي كان قبلة محبّبة لكبار النجوم من شرق الأرض و غربها أصبح اليوم ساحة مفتوحة مستباحة و أرضا لا حارس لها. ما يجب أن لا يخفى على أحد أنّ الأمم الكبرى تصنع برموزها و برمزياتها و قرطاج التي نتحدّث عنها ليست بناءا معلًبا بتجهيزات عصرية، قرطاج هيّ هويّة شعب و ذاكرة وطن بأسره و مهرجان قرطاج هوّ رمزيتنا الأولى و رسالتنا لكلّ شعوب الأرض التي نعلن فيها باللغة الإنسانية الأكثر وقعا و تأثيرا(الفنّ) عن تحضًرنا و انفتاحنا و تسامحنا و كلّ ما يرتبط بتاريخ هذا الوطن . لمن يعلمون و من لا يعلمون انتشرت على أرضنا في السنوات الأخيرة آفة التفاهة و التسطيح و بدأت تبتلع كلّ المساحات الممكنة في الفضاء العام لتجتاح الإعلام بشقّيه الكلاسيكي و الافتراضي و أصبح هذا الإعلام المتواضع يصنع نجوما حسب الطلب تتجنّد لها أقلاما و عقولا مأجورة للتحوّل في النهاية إلى نجوم ترفّع نسب المشاهدة و تجلب اهتمام ضحايا التفاهة و التسطيح من الذين تمّ تدجينهم في تلك المربّعات ، هذه النجوم التي لا بريق لها يتمّ فرضها اليوم في مهرجان قرطاج بإسم ذلك النجاح المفتعل و بطرق أترفّع عن وصفها و نحن في حضرة قرطاج. هل تدرك الإدارات المتعاقبة على مهرجان قرطاج مكانة المكان الذي يشرفون عليه ،هل يدركون خطورة هذه المسؤولية، هل يدركون الجهود الجبّارة و التضحيات التي قدّمها مثقّفو هذا الوطن و فنّانيه ليستعيد هذا المكان رمزيّته الكونيّة . مهرجان قرطاج ، هذا الحصن المنيع الذي أنقذ هذه الأرض من كلً أنماط الانغلاق و التطرّف و جعلها أرضا تلتقي فيها كلّ ثقافات هذه الأرض يريدون اليوم أن يجعلوها "أرضا متجعّدة مغبار " على حدّ تعبير المسعدي و لا صوت يسمع للسلّطة الرسميّة وزارة الثقافة أو كلّ من له سلطة للتدخّل … هذا المقال المشحون و المستفزّ أردناه صيحة فزع و وجع على ما يحصل في مهرجان قرطاج العظيمة من حفل افتتاح لا يليق بنا و لا يشبهنا إلى وجوه تجلب للمهرجان الاساءة أكثر من تلك العائدات التي تعود على أبنائنا بوباء التفاهة . أين أبناء هذا الوطن ممّن أفنوا أعمارهم في الفنّ و الثقافة و إلى متى سنسمح برأي من لا رأي لهم في إدارة مهرجان بحجم وطن. تمّ القضاء على الهوية النخبويّة لمهرجان قرطاج الدولي ليرتع فيه من هبّ و دبً كما تمّ التخلّي على التراث الفنّي التونسي و التخلّي عن رموز الأغنية التونسية و عن فنّهم الذي كان من المفترض أن يبعث الروح في الذاكرة الجماعية بتنظيم تظاهرات بمهرجان قرطاج في هذا السياق و كيف يتمّ تغييب أنماط موسيقية محلّية يمكن بالاشتغال عليها تصديرها للعالمية نذكر منه المالوف. هنالك تغييب ممنهج لأبناء هذا الوطن من الفنّانين و إزاحتهم عن الفعل الفنّي الثقافي في مقابل عروض افتتاح و اختتام هيّ بمثابة نسخة مشوّهة و مبتذلة لعروض تاريخية أبدعها موسيقيين تونسين كبار و ما يحزً في النفس هوً أن تدفع الدّولة آلاف الدولارات لخلاص هذه العروض . لقد آن الأوان لتكوين لجنة من مثقّفي و فنّاني هذا الوطن ليعيدوا لهذا المهرجان ألقه و بريقة و هذه ليست قضيّة عرضيّة أو جانبيّة يمكن تجاوزها أر القفز عليها بل هيّ مسألة حاسمة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ هذا العالم المفتوح الذي تتهدًد فيه الكيانات الضعيفة بطمس خصوصياتها الحضارية و الثقافية بما يجعل الحرب الثقافية في قلب الصراع و ما يجعل مهرجان قرطاج في قلب الثقافة . إنّ هذا المهرجان اليوم محاصر بالتفاهة وًمكبّل برغبة القائمين عليه بالمسألة التجاريّة الربحية و في هذا السياق لا بدّ أن نكون واضحين مباشراتيين : إنّ مهرجان قرطاج ليس محلًا تجاريّا و لا مصنعا إنّه رمزيّة تختزل تاريخ شعب و لا بدً أن ترصد له كلّ الاعتمادات ليلعب دوره الذي أطنبتا في وصفه و لكي نسحب الذريعة من القائمين على المهرجان من الذين لم يقوموا بواجبهم لأرض لم تبخل عليهم بشرف انتماء لا يعلمونه.