-المحافظة على هوية المهرجان وعدم استنساخ تجارب أخرى الطريق الأوحد لضمان الاستمرارية
تحصل نجيب بلقاضي على جائزة لجنة التحكيم الخاصة امس عن فيلمه "قربان" في سهرة التتويجات واختتام الدورة الأولى لمهرجان السينما الدولي بالحمامات.. وهو المخرج التونسي الوحيد المتوج في الدورة التأسيسية لهذا المولود السينمائي الذي كان محل استحسان وإعجاب من حيث الفكرة واختيار المكان ومحل استبشار بما يمكن أن يحققه لفائدة السينما التونسية على المستوى الإفريقي والعالمي..
"الصباح نيوز" اتصلت بالفائز المخرج، الممثل، المنتج والموسيقي نجيب بلقاضي للحديث عن المهرجان وكيفية ضمان نجاحه، استمراريته ومعانقته العالمية.. كما التطرق الى فيلمه "قربان" وتجربة الممثل والمخرج.. فضلا عن ظروف التصوير أيام الحجر الصحي.. فكان الحوار التالي:
*هل كان فوزك بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان الحمامات للسينما عن فيلمك "قربان" متوقعا؟
- نعم.. ربما لأن فيلم "قربان" تحصل منذ زمن ليس ببعيد عن جائزة في مهرجان الأقصر ..وانا سعيد جدا كسعادتي بولادة مهرجان دولي للسينما..
والفيلم بالنسبة لي يعد من التجارب الفريدة من نوعها في مسيرتي السينمائية لاني سابقا كنت مصرا على ألا أكون ممثلا ومخرجا في فيلم "باستاردو" و"عيني". دوري كان في هذين العملين الأخيرين من آخر الادوار في الكاستينغ باعتبار انه من الصعب التوفيق بين الإخراج والتمثيل..لذلك كنت غالبا ما أثمن في تصريحات سابقة قدرات العديد من الممثلين المخرجين لأنه ليس بالأمر الهين أن تنجح في المهمتين..
وهو ما جعل تجربة "قربان" صعبة بما أني كنت المخرج والممثل في الآن نفسه.. تجربة صعبة لأنه -في كل مقطع- أتجرد من تقمص الشخصية état d'âme de personnage لأعود فيما بعد كمخرج.. وكنت مضطرا لخوض تلك التجربة نظرا للحجر الصحي وظروف التصوير لم تكن ملائمة لاختيار ممثل في دور سليم(دور البطولة) وتحمل إعادة التصوير مرات ومرات.. لأجد نفسي "مكره أخاك لا بطل"..
كما أني وجدت نفسي اعمل في ظروف لا يسمح فيها حتى ب autorisation de tournage فكان "قربان" بمثابة un acte de rébellion .. كتبت النص في خمسة أيام وهو ما اعتبره إنجازا قياسيا مقارنة بأعمال سينمائية أخرى.. خاصة وانه تم تصويره خلال أسبوعين ونصف..
من الطريف ايضا انه على غرار "باستاردو" سجل "قربان" حضور عنصر الحيوان في دور بطولة.. قط في دور "فوزي" وهو من بين القطط التي أعتني بها واوليها كل الاهتمام في المنزل..
و"قربان" هو فيلم noir et blanc.. حيث كان الاختيار من المخرج "راديكاليا"..لأن الفيلم ببساطة يجسد شعبا hypercontrasté..وأردت ان أبرز ذلك من خلال الأبيض والأسود..ثم "الكونتراست " بين هذين اللونين..إضافة الى إطار التمثيل حيث اعتمدت حصر الممثلين.. ليكون الفيلم خاليا من أي mouvement .. عبارة عن des plans fixes..
ما تقييمك للدورة الأولى لمهرجان السينما بالحمامات؟
-العديد من العوامل تجعلك سعيدا بهذا الإنجاز خاصة وأنك على بينة من أن الجماهير الواسعة ستتابع "قربان" .. وهو بالنسبة لي أهم من الجوائز ذلك أني اصريت على أن ينظم نقاش حول الفيلم وهو ما تم.. "وهذا علاش احنا نعملو في الأفلام" ..
اما الجانب الإيجابي للمهرجان عامة فهو اقتحامه -على غرار مهرجان منارات- خانة المهرجانات الصيفية الكبرى وهي ظاهرة صحية لأن الحركية في الصيف ستكون مختلفة، ذلك أن وجهة التونسي في الصيف لا تكون قاعات السينما.. لكن هذه المرة ستقصده السينما أينما كان ف"يضرب عصفورين بحجرة".. يتمتع ويتثقف..
اما عن تقييم المهرجان الدولي للسينما بالحمامات فمن المحال فعل ذلك أو التنبؤ بذلك لأن تقييم اي مهرجان يكون عبر "طول النفس " .. كما أنه من الصعب الحكم على تظاهرة في دورتها الأولى نظرا لبعض المشاكل والهنات التي تطالها.. وانا شخصيا كنت من بين الحاضرين في أكبر المهرجانات السينمائية في العالم ورغم أني لاحظت " toute la volonté du monde" في فعاليات الدورة التأسيسية إلا أن ذلك لم يثمر نجاحا باهرا أو انطلاقة تجعلك متيقنا من نجاح المهرجان واستمراريته على المدى الطويل..
هل ترى أن مهرجان الحمامات للسينما قادر على النجاح والاستمرارية؟
- عن تجربة أرى أن أهم عامل لاستمرارية اي مهرجان هو النفس الطويل.. فمثلا مهرجان دبي الذي كان من أهم المهرجانات في الشرق الأوسط اندثر بعد 15او 16سنة بجرة قلم رغم انه كان يعرض أهم الأفلام العالمية ويمنح الجوائز القيمة فضلا عن برمجة ورشات لتكوين الانتاج..
ثم لا ننسى أن "كان" و"فونيس" و"برلان" اعمارها تفوق الستين سنة وهي مهرجانات موجودة منذ أواخر الثلاثينات واستطاعت أن تصمد وتواصل نشاطها رغم المشاكل والحروب العالمية ومخلفاتها.. حتى كورونا لم تثنها عن مواصلة المشوار بثبات ..
لهذه الاسباب-وبكل موضوعية- لا نستطيع أن نكون منافسين لمثل هذه المهرجانات.. لكن الاهم من ذلك هو المحافظة على هوية المهرجان.. مثل jcc الذي تمتع بهوية قوية وفريدة من نوعها..
كما يجب ان يكون مهرجان الحمامات مدافعا عن السينما التونسية بعيدا عن استنساخ تجارب أخرى.. بالنسبة لي هوية المهرجان والجمهور هم العنصران الاساسيان لنجاحه.. أقول ذلك عن تجربة حيث لاحظت ان العديد من المهرجانات لم تلق النجاح رغم الإمكانيات المادية الكبيرة في ظل غياب الجماهير.. لهذا السبب اسميها المهرجانات الميتة..
إذا حين تتوفر نوايا تأسيس مهرجان مخالف للمهرجانات ويشهد حسن التنظيم سيكون لمهرجان الحمامات شأن كبير ولم لا معانقة العالمية.. "Positionnement حلو برشة كمهرجان صيفي.. تعمل غطسة ومبعد تمشي تتفرج" .. كما أنه من شانه أن يجمع جمهور "الكابون".. ولا يفوتني ان اسوق "طرفة" خلال عرض فيلم "قربان" حيث فوجئت بشاب عشريني قال لي بالحرف الواحد "لأول مرة أشاهد عرضا سينمائيا وقد أعجبني "قربان" ومن المؤكد أنها لن تكون المرة الأخيرة."
وليد عبداللاوي
-"قربان" يجسد شعبا تونسيا hypercontrasté
-المحافظة على هوية المهرجان وعدم استنساخ تجارب أخرى الطريق الأوحد لضمان الاستمرارية
تحصل نجيب بلقاضي على جائزة لجنة التحكيم الخاصة امس عن فيلمه "قربان" في سهرة التتويجات واختتام الدورة الأولى لمهرجان السينما الدولي بالحمامات.. وهو المخرج التونسي الوحيد المتوج في الدورة التأسيسية لهذا المولود السينمائي الذي كان محل استحسان وإعجاب من حيث الفكرة واختيار المكان ومحل استبشار بما يمكن أن يحققه لفائدة السينما التونسية على المستوى الإفريقي والعالمي..
"الصباح نيوز" اتصلت بالفائز المخرج، الممثل، المنتج والموسيقي نجيب بلقاضي للحديث عن المهرجان وكيفية ضمان نجاحه، استمراريته ومعانقته العالمية.. كما التطرق الى فيلمه "قربان" وتجربة الممثل والمخرج.. فضلا عن ظروف التصوير أيام الحجر الصحي.. فكان الحوار التالي:
*هل كان فوزك بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان الحمامات للسينما عن فيلمك "قربان" متوقعا؟
- نعم.. ربما لأن فيلم "قربان" تحصل منذ زمن ليس ببعيد عن جائزة في مهرجان الأقصر ..وانا سعيد جدا كسعادتي بولادة مهرجان دولي للسينما..
والفيلم بالنسبة لي يعد من التجارب الفريدة من نوعها في مسيرتي السينمائية لاني سابقا كنت مصرا على ألا أكون ممثلا ومخرجا في فيلم "باستاردو" و"عيني". دوري كان في هذين العملين الأخيرين من آخر الادوار في الكاستينغ باعتبار انه من الصعب التوفيق بين الإخراج والتمثيل..لذلك كنت غالبا ما أثمن في تصريحات سابقة قدرات العديد من الممثلين المخرجين لأنه ليس بالأمر الهين أن تنجح في المهمتين..
وهو ما جعل تجربة "قربان" صعبة بما أني كنت المخرج والممثل في الآن نفسه.. تجربة صعبة لأنه -في كل مقطع- أتجرد من تقمص الشخصية état d'âme de personnage لأعود فيما بعد كمخرج.. وكنت مضطرا لخوض تلك التجربة نظرا للحجر الصحي وظروف التصوير لم تكن ملائمة لاختيار ممثل في دور سليم(دور البطولة) وتحمل إعادة التصوير مرات ومرات.. لأجد نفسي "مكره أخاك لا بطل"..
كما أني وجدت نفسي اعمل في ظروف لا يسمح فيها حتى ب autorisation de tournage فكان "قربان" بمثابة un acte de rébellion .. كتبت النص في خمسة أيام وهو ما اعتبره إنجازا قياسيا مقارنة بأعمال سينمائية أخرى.. خاصة وانه تم تصويره خلال أسبوعين ونصف..
من الطريف ايضا انه على غرار "باستاردو" سجل "قربان" حضور عنصر الحيوان في دور بطولة.. قط في دور "فوزي" وهو من بين القطط التي أعتني بها واوليها كل الاهتمام في المنزل..
و"قربان" هو فيلم noir et blanc.. حيث كان الاختيار من المخرج "راديكاليا"..لأن الفيلم ببساطة يجسد شعبا hypercontrasté..وأردت ان أبرز ذلك من خلال الأبيض والأسود..ثم "الكونتراست " بين هذين اللونين..إضافة الى إطار التمثيل حيث اعتمدت حصر الممثلين.. ليكون الفيلم خاليا من أي mouvement .. عبارة عن des plans fixes..
ما تقييمك للدورة الأولى لمهرجان السينما بالحمامات؟
-العديد من العوامل تجعلك سعيدا بهذا الإنجاز خاصة وأنك على بينة من أن الجماهير الواسعة ستتابع "قربان" .. وهو بالنسبة لي أهم من الجوائز ذلك أني اصريت على أن ينظم نقاش حول الفيلم وهو ما تم.. "وهذا علاش احنا نعملو في الأفلام" ..
اما الجانب الإيجابي للمهرجان عامة فهو اقتحامه -على غرار مهرجان منارات- خانة المهرجانات الصيفية الكبرى وهي ظاهرة صحية لأن الحركية في الصيف ستكون مختلفة، ذلك أن وجهة التونسي في الصيف لا تكون قاعات السينما.. لكن هذه المرة ستقصده السينما أينما كان ف"يضرب عصفورين بحجرة".. يتمتع ويتثقف..
اما عن تقييم المهرجان الدولي للسينما بالحمامات فمن المحال فعل ذلك أو التنبؤ بذلك لأن تقييم اي مهرجان يكون عبر "طول النفس " .. كما أنه من الصعب الحكم على تظاهرة في دورتها الأولى نظرا لبعض المشاكل والهنات التي تطالها.. وانا شخصيا كنت من بين الحاضرين في أكبر المهرجانات السينمائية في العالم ورغم أني لاحظت " toute la volonté du monde" في فعاليات الدورة التأسيسية إلا أن ذلك لم يثمر نجاحا باهرا أو انطلاقة تجعلك متيقنا من نجاح المهرجان واستمراريته على المدى الطويل..
هل ترى أن مهرجان الحمامات للسينما قادر على النجاح والاستمرارية؟
- عن تجربة أرى أن أهم عامل لاستمرارية اي مهرجان هو النفس الطويل.. فمثلا مهرجان دبي الذي كان من أهم المهرجانات في الشرق الأوسط اندثر بعد 15او 16سنة بجرة قلم رغم انه كان يعرض أهم الأفلام العالمية ويمنح الجوائز القيمة فضلا عن برمجة ورشات لتكوين الانتاج..
ثم لا ننسى أن "كان" و"فونيس" و"برلان" اعمارها تفوق الستين سنة وهي مهرجانات موجودة منذ أواخر الثلاثينات واستطاعت أن تصمد وتواصل نشاطها رغم المشاكل والحروب العالمية ومخلفاتها.. حتى كورونا لم تثنها عن مواصلة المشوار بثبات ..
لهذه الاسباب-وبكل موضوعية- لا نستطيع أن نكون منافسين لمثل هذه المهرجانات.. لكن الاهم من ذلك هو المحافظة على هوية المهرجان.. مثل jcc الذي تمتع بهوية قوية وفريدة من نوعها..
كما يجب ان يكون مهرجان الحمامات مدافعا عن السينما التونسية بعيدا عن استنساخ تجارب أخرى.. بالنسبة لي هوية المهرجان والجمهور هم العنصران الاساسيان لنجاحه.. أقول ذلك عن تجربة حيث لاحظت ان العديد من المهرجانات لم تلق النجاح رغم الإمكانيات المادية الكبيرة في ظل غياب الجماهير.. لهذا السبب اسميها المهرجانات الميتة..
إذا حين تتوفر نوايا تأسيس مهرجان مخالف للمهرجانات ويشهد حسن التنظيم سيكون لمهرجان الحمامات شأن كبير ولم لا معانقة العالمية.. "Positionnement حلو برشة كمهرجان صيفي.. تعمل غطسة ومبعد تمشي تتفرج" .. كما أنه من شانه أن يجمع جمهور "الكابون".. ولا يفوتني ان اسوق "طرفة" خلال عرض فيلم "قربان" حيث فوجئت بشاب عشريني قال لي بالحرف الواحد "لأول مرة أشاهد عرضا سينمائيا وقد أعجبني "قربان" ومن المؤكد أنها لن تكون المرة الأخيرة."