الجمع بين الدراسة الأكاديمية والممارسة الفنية منحت الممثل ومدير الإنتاج أسامة الجامعي بعدا أعمق في رؤيته للقطاع الثقافي وتحديدا للمسرح فبعد تجارب في التمثيل والإنتاج منها "انتبه أشغال"، "حقائب" و"ريتشارد الثالث"، شهدت مسيرة الجامعي لقاء استثنائيا مع الفاضل الجعايبي بداية من مشاركته في مسرحية "تسونامي" إلى توليه إدارة الإنتاج في المسرح الوطني وإدارة قاعة الفن الرابع.
أسامة الجامعي اختار مؤخرا بعد خمس سنوات من العمل لصالح المسرح الوطني أن ينطلق في تجربة فنية عربية مع مسرح "سليمان البسام" (مخرج وكاتب مسرحي كويتي)، كشف عن تفاصيلها خلال لقائه مع "الصباح" وذلك إلى جانب عمله البحثي والأكاديمي حول مظاهر الفرجة والاحتفالية عند الأقليات في الجنوب التونسي وهو منحى علمي غاص أسامة الجامعي في عالمه وتحول فضول طفولته إلى بحث جاد ودراسات عليا.
*تعددت التجارب في مسيرتك بين الفني والبحثي فأي كفة ترجح لمشاريعك المستقبلية؟
- خياراتي كانت متوازية وهناك تكامل فيما بينها فالبحث الأكاديمي دافعه كان البحث في أشياء من طفولتي والتي أصبحت انظر إليها بعمق أكبر بعد البحث في خصوصياتها لذلك كان اهتمامي البحثي قائم على أقليات في الجنوب التونسي باعتباري أصيل المنطقة واشتغلت على مظاهر العبودية وهل أن الفن هو انعتاق أم تكريس للعبودية وانطلاقا من هذه البحوث الأكاديمية قمت بتصوير فيلم وثائقي مع رمزي البجاوي وبدعم من وزارة الشؤون الثقافية وبالتالي أعتقد أن خياراتي تتماهي غالبا بين الفني والأكاديمي لذلك سعيت لتأسيس شركة للإنتاج إلى جانب اهتمامي العلمي وأنتجت خلالها مسرحية "انتبه أشغال" وهي من إخراج غازي الزغباني و"ريتشارد الثالث" وأخرجها جعفر القاسمي وتبقى تجربة "حقائب" التي شاركت في أدوارها من الأعمال المهمة في المسرح التونسي وقد توجت بعدد من الجوائز وتركت أثرا في الجمهور المهتم بالمسرح. وحقيقة أهتم بالجانب البحثي كثيرا وقريبا أطرح كتابا ولكن أبقى ممثلا والممثل لا يتوب عن المسرح وسأعود قريبا للركح.
*اللقاء مع الفاضل الجعايبي وتجربة المسرح الوطني كيف تقيمها اليوم وأنت على مسافة؟
- البداية كانت بتربص لمسرحية "تسونامي" وتم اختياري للمشاركة في هذا العمل وهو إنتاج مشترك لـ"فاميليا" ومسرح شايو الوطني بباريس وقدمنا أكثر من 70 عرض لـ"تسونامي" ثم تم تعيين الفاضل الجعايبي لإدارة المسرح الوطني فكانت من شروطه حضور فريق عمله ومنهم أنا وتواصلت التجربة لخمس سنوات ومن مسؤولياتي في صلب هذه المؤسسة إدارة قاعة الفن الرابع، إدارة الإنتاج والتنسيق العام للمسرح الوطني ويمكن وصف هذه التجربة بالممتعة تعلمت خلالها الكثير من الفاضل الجعايبي وحملت النجاحات كما الأخطاء وفي 5 سنوات اشتغلنا مع أكثر من 40 مخرجا و180 ممثلا إضافة إلى المشاركة بالمهرجانات الدولية العالمية والتنظيم الإداري لهذه المؤسسة والأكيد أني فخور بالتجربة وبصداقتي مع الفاضل الجعايبي الذي ستجمعني معه مشاريع جديدة مستقبلا.
*وصف الفاضل الجعايبي خلال فترة توليه المسرح الوطني بـ"الدكتاتور" من قبل البعض فهل توافق من يعتقدون أن الإدارة أساءت للجعايبي الفنان؟
- للأسف النهايات مع المسرح الوطني لم تكن سعيدة مع النقابات وبعض الأعوان ولكن لا يمكن لأحد أن يفتك صفة الفنان من الفاضل الجعايبي لأن هذه الصفة لا تهدى ومن هو مطلع على الحركة المسرحية العالمية يعلم المكانة الكبيرة للفاضل الجعايبي في هذا المجال وعلى من ينعته بـ"الدكتاتور" أن يخجل.
*بعد المسرح الوطني خيرت تجربة عربية ألم تجد في المشهد الثقافي التونسي ما يشجعك على خوض تجربة محلية؟
- لا يوجد أهم من المسرح الوطني فنيا وتقنيا ولكن الظرف، الذي جمعني بالمسرحي سليمان البسام شجعني على خوض التجربة والالتحاق بفريقه الفني فقد سبق وعرض علي العمل معه على مستوى إدارة الإنتاج سنة 2017 لكن تعاقدي مع المسرح الوطني وعملي مع الفاضل الجعايبي منعني من خوض تجارب جديدة لأني أومن بالصداقة ولا يمكن أن أنهي عملي دون أن يكتمل وحين أعاد سليمان البسام التواصل معي وافقت على العمل معه بين مكتبي باريس والكويت وهو من الفنانين المهمين على مستوى عربي، درس وعمل كثيرا في مسارح بريطانيا ويحمل رؤية حديثة للمسرح.
*وماهي أهم ملامح تجربتك الجديدة مع مسرح سليمان البسام؟
- انطلق المشروع بعمل مسرحي بعنوان "اي ميديا" يضم ممثلين من جنسيات مختلفة منهم السورية حلا عمران وممثلين من جنوب افريقيا، نيجيريا ولبنان وكانت من ضمن المجموعة نادية بوستة غير أن ظروف عائلية منعتها من مواصلة التجربة ومسرحية "اي ميديا" من المنتظر أن تكون حاضرة ضمن برمجة أيام قرطاج المسرحية في دورتها القادمة وفي مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي وهي من إنتاج مسرح سليمان البسام، مركز الشيخ الجابر والمهرجان الدولي بنابولي وسنعود هذا الأسبوع للتمارين لمدة شهر وذلك بعد تعليق عروض العمل بسبب الجائحة ومسرحية "اي ميديا" تقوم على شخصية "ميديا" في علاقة براهننا بكل ما يحمله من مظاهر العنصرية، الاحتلال، الحروب وعالم "السوشيال ميديا."
وفي مسرح سليمان البسام نعمل على عدد من المشاريع المستقبلية منها مسرحية "صمت" ومشروع لإحداث مدرسة الممثل وسيكون طلابه من مختلف دول العالم.
*وماذا عن مشاريعك الفنية في تونس وهل اختارت إدارة الإنتاج على حساب التمثيل؟
- هناك مشاريع وعروض ولكن المسرح يحتاج تفرغ وحاليا متعاقد مع مسرح سليمان البسام وأعتقد أن التوجه لإدارة الإنتاج كان صدفة أو ضرورة فقد سعيت لتحسين ظروف العمل لزملائي الفنانين فقد عايشت أوضاع سيئة على هذا المستوى ورغبت في المساهمة في تطوير هذا المجال والتمثيل سيظل خيار أساسي في مشواري فلا يمكن للممثل أن يتوب عن المسرح.
*وكيف تنظر اليوم لواقع المسرح التونسي ووضع مراكز الفنون الدرامية؟
- أعتبره واقعا تعيسا فالمسرح يحتاج للكثير من المعرفة، التضحية، التواضع والنقد الذاتي وأعتقد أننا نتحمل مسؤولية عزوف الجمهور عن المسرح وهذا الحال ينسحب على وضع مراكز الفنون الركحية والدرامية التي تعود معاناتها لغياب الاستمرارية على مستوى وزارة الشؤون الثقافية فالوزير السابق محمد زين العابدين كان يرغب في تعميم مراكز الفنون الدرامية ووضع إدارة عامة تسيرها لكن للاسف لم يكتمل المشروع بعد تغييره وبقي المشروع معلقا فلا قانون يحمي هذه المؤسسات ولا أداء فني يثمن مجهود هذه الهياكل الفنية.
*وهل تعتقد أن أيام قرطاج المسرحية ستعيد إحياء المشهد بعد سنتين من الجائحة؟
- كنت في الهيئة المديرة خلال دورتي 2017 و2018 بإدارة حاتم دربال ومعنا نصاف بن حفصية المديرة الحالية للأيام وهي عارفة بخفايا المهرجان وكيفية إدارته وشخصيا أعتقد أن التكنولوجيا تقتل المسرح ولا يمكن تصنيف "ستريميتغ" كعرض مسرحي وهو أكبر كذبة وخير مثال على ذلك ما حدث في تظاهرة "أسبوع المسرح التونسي" لذلك فإن العودة للعروض الحية هي عودة للحياة والفن والركح.
حاورته نجلاء قموع
تونس - الصباح
الجمع بين الدراسة الأكاديمية والممارسة الفنية منحت الممثل ومدير الإنتاج أسامة الجامعي بعدا أعمق في رؤيته للقطاع الثقافي وتحديدا للمسرح فبعد تجارب في التمثيل والإنتاج منها "انتبه أشغال"، "حقائب" و"ريتشارد الثالث"، شهدت مسيرة الجامعي لقاء استثنائيا مع الفاضل الجعايبي بداية من مشاركته في مسرحية "تسونامي" إلى توليه إدارة الإنتاج في المسرح الوطني وإدارة قاعة الفن الرابع.
أسامة الجامعي اختار مؤخرا بعد خمس سنوات من العمل لصالح المسرح الوطني أن ينطلق في تجربة فنية عربية مع مسرح "سليمان البسام" (مخرج وكاتب مسرحي كويتي)، كشف عن تفاصيلها خلال لقائه مع "الصباح" وذلك إلى جانب عمله البحثي والأكاديمي حول مظاهر الفرجة والاحتفالية عند الأقليات في الجنوب التونسي وهو منحى علمي غاص أسامة الجامعي في عالمه وتحول فضول طفولته إلى بحث جاد ودراسات عليا.
*تعددت التجارب في مسيرتك بين الفني والبحثي فأي كفة ترجح لمشاريعك المستقبلية؟
- خياراتي كانت متوازية وهناك تكامل فيما بينها فالبحث الأكاديمي دافعه كان البحث في أشياء من طفولتي والتي أصبحت انظر إليها بعمق أكبر بعد البحث في خصوصياتها لذلك كان اهتمامي البحثي قائم على أقليات في الجنوب التونسي باعتباري أصيل المنطقة واشتغلت على مظاهر العبودية وهل أن الفن هو انعتاق أم تكريس للعبودية وانطلاقا من هذه البحوث الأكاديمية قمت بتصوير فيلم وثائقي مع رمزي البجاوي وبدعم من وزارة الشؤون الثقافية وبالتالي أعتقد أن خياراتي تتماهي غالبا بين الفني والأكاديمي لذلك سعيت لتأسيس شركة للإنتاج إلى جانب اهتمامي العلمي وأنتجت خلالها مسرحية "انتبه أشغال" وهي من إخراج غازي الزغباني و"ريتشارد الثالث" وأخرجها جعفر القاسمي وتبقى تجربة "حقائب" التي شاركت في أدوارها من الأعمال المهمة في المسرح التونسي وقد توجت بعدد من الجوائز وتركت أثرا في الجمهور المهتم بالمسرح. وحقيقة أهتم بالجانب البحثي كثيرا وقريبا أطرح كتابا ولكن أبقى ممثلا والممثل لا يتوب عن المسرح وسأعود قريبا للركح.
*اللقاء مع الفاضل الجعايبي وتجربة المسرح الوطني كيف تقيمها اليوم وأنت على مسافة؟
- البداية كانت بتربص لمسرحية "تسونامي" وتم اختياري للمشاركة في هذا العمل وهو إنتاج مشترك لـ"فاميليا" ومسرح شايو الوطني بباريس وقدمنا أكثر من 70 عرض لـ"تسونامي" ثم تم تعيين الفاضل الجعايبي لإدارة المسرح الوطني فكانت من شروطه حضور فريق عمله ومنهم أنا وتواصلت التجربة لخمس سنوات ومن مسؤولياتي في صلب هذه المؤسسة إدارة قاعة الفن الرابع، إدارة الإنتاج والتنسيق العام للمسرح الوطني ويمكن وصف هذه التجربة بالممتعة تعلمت خلالها الكثير من الفاضل الجعايبي وحملت النجاحات كما الأخطاء وفي 5 سنوات اشتغلنا مع أكثر من 40 مخرجا و180 ممثلا إضافة إلى المشاركة بالمهرجانات الدولية العالمية والتنظيم الإداري لهذه المؤسسة والأكيد أني فخور بالتجربة وبصداقتي مع الفاضل الجعايبي الذي ستجمعني معه مشاريع جديدة مستقبلا.
*وصف الفاضل الجعايبي خلال فترة توليه المسرح الوطني بـ"الدكتاتور" من قبل البعض فهل توافق من يعتقدون أن الإدارة أساءت للجعايبي الفنان؟
- للأسف النهايات مع المسرح الوطني لم تكن سعيدة مع النقابات وبعض الأعوان ولكن لا يمكن لأحد أن يفتك صفة الفنان من الفاضل الجعايبي لأن هذه الصفة لا تهدى ومن هو مطلع على الحركة المسرحية العالمية يعلم المكانة الكبيرة للفاضل الجعايبي في هذا المجال وعلى من ينعته بـ"الدكتاتور" أن يخجل.
*بعد المسرح الوطني خيرت تجربة عربية ألم تجد في المشهد الثقافي التونسي ما يشجعك على خوض تجربة محلية؟
- لا يوجد أهم من المسرح الوطني فنيا وتقنيا ولكن الظرف، الذي جمعني بالمسرحي سليمان البسام شجعني على خوض التجربة والالتحاق بفريقه الفني فقد سبق وعرض علي العمل معه على مستوى إدارة الإنتاج سنة 2017 لكن تعاقدي مع المسرح الوطني وعملي مع الفاضل الجعايبي منعني من خوض تجارب جديدة لأني أومن بالصداقة ولا يمكن أن أنهي عملي دون أن يكتمل وحين أعاد سليمان البسام التواصل معي وافقت على العمل معه بين مكتبي باريس والكويت وهو من الفنانين المهمين على مستوى عربي، درس وعمل كثيرا في مسارح بريطانيا ويحمل رؤية حديثة للمسرح.
*وماهي أهم ملامح تجربتك الجديدة مع مسرح سليمان البسام؟
- انطلق المشروع بعمل مسرحي بعنوان "اي ميديا" يضم ممثلين من جنسيات مختلفة منهم السورية حلا عمران وممثلين من جنوب افريقيا، نيجيريا ولبنان وكانت من ضمن المجموعة نادية بوستة غير أن ظروف عائلية منعتها من مواصلة التجربة ومسرحية "اي ميديا" من المنتظر أن تكون حاضرة ضمن برمجة أيام قرطاج المسرحية في دورتها القادمة وفي مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي وهي من إنتاج مسرح سليمان البسام، مركز الشيخ الجابر والمهرجان الدولي بنابولي وسنعود هذا الأسبوع للتمارين لمدة شهر وذلك بعد تعليق عروض العمل بسبب الجائحة ومسرحية "اي ميديا" تقوم على شخصية "ميديا" في علاقة براهننا بكل ما يحمله من مظاهر العنصرية، الاحتلال، الحروب وعالم "السوشيال ميديا."
وفي مسرح سليمان البسام نعمل على عدد من المشاريع المستقبلية منها مسرحية "صمت" ومشروع لإحداث مدرسة الممثل وسيكون طلابه من مختلف دول العالم.
*وماذا عن مشاريعك الفنية في تونس وهل اختارت إدارة الإنتاج على حساب التمثيل؟
- هناك مشاريع وعروض ولكن المسرح يحتاج تفرغ وحاليا متعاقد مع مسرح سليمان البسام وأعتقد أن التوجه لإدارة الإنتاج كان صدفة أو ضرورة فقد سعيت لتحسين ظروف العمل لزملائي الفنانين فقد عايشت أوضاع سيئة على هذا المستوى ورغبت في المساهمة في تطوير هذا المجال والتمثيل سيظل خيار أساسي في مشواري فلا يمكن للممثل أن يتوب عن المسرح.
*وكيف تنظر اليوم لواقع المسرح التونسي ووضع مراكز الفنون الدرامية؟
- أعتبره واقعا تعيسا فالمسرح يحتاج للكثير من المعرفة، التضحية، التواضع والنقد الذاتي وأعتقد أننا نتحمل مسؤولية عزوف الجمهور عن المسرح وهذا الحال ينسحب على وضع مراكز الفنون الركحية والدرامية التي تعود معاناتها لغياب الاستمرارية على مستوى وزارة الشؤون الثقافية فالوزير السابق محمد زين العابدين كان يرغب في تعميم مراكز الفنون الدرامية ووضع إدارة عامة تسيرها لكن للاسف لم يكتمل المشروع بعد تغييره وبقي المشروع معلقا فلا قانون يحمي هذه المؤسسات ولا أداء فني يثمن مجهود هذه الهياكل الفنية.
*وهل تعتقد أن أيام قرطاج المسرحية ستعيد إحياء المشهد بعد سنتين من الجائحة؟
- كنت في الهيئة المديرة خلال دورتي 2017 و2018 بإدارة حاتم دربال ومعنا نصاف بن حفصية المديرة الحالية للأيام وهي عارفة بخفايا المهرجان وكيفية إدارته وشخصيا أعتقد أن التكنولوجيا تقتل المسرح ولا يمكن تصنيف "ستريميتغ" كعرض مسرحي وهو أكبر كذبة وخير مثال على ذلك ما حدث في تظاهرة "أسبوع المسرح التونسي" لذلك فإن العودة للعروض الحية هي عودة للحياة والفن والركح.