ضمن الحلقات العلمية والفكرية التي يحتضنها يوميا فضاء معرض الشارقة الدولي للكتاب، تم طرح تساؤل حول مدى تأثير الكاتب والكتاب في المتلقي.. سؤال من شان الإجابة عنه ان تعطي فكرة عن دور الادب بصفة عامة والكتاب بصفة خاصة اليوم في الفعل والتأثير.
عديد الادباء المشاركين في الندوة الفكرية التي حملت عنوان "أثر الكتابة" أشاروا الى أن مهمة الكاتب الأساسية من خلال ما يقدمه هي بالأساس الفعل والتأثير في المتلقي والجمهور باي شكل من الاشكال، سواءً من خلال تفسير الغموض الذي يحيط ببعض الأشياء، أو إخبار القارئ بشيء ما يجول في خاطره او إعطاء المعلومة او التوجيه نحو هدف ما يرغب الكاتب في ان يتجه نحوه القارئ او المتلقي.
الكتابة أشبه بتمرين متواصل على الفعل والتأثير
الجلسة الحوارية، تحدث فيها كلٌّ عدد من الادباء العرب والاجانب، تناولت مدى قدرة الكتابة على تغيير أفكار القراء تصرفاتهم نظرياتهم وحتى أنماط حياتهم. وفي هذا الإطار ذكرت منصورة عزالدين الكاتبة والصحفية المصرية: "إن الكاتب يريد من خلال الكتابة إيصال رسالة يحاول أن تكون مفهومة، ولكنها قد تكون مبهمة أحياناً، لأن الكتابة تنبع من الأوهام، والكاتب بدوره يحولها إلى حقيقة". وأضافت عزالدين: "إنه من الغرور أن يعتقد الكاتب مسبقاً أنه قادر على التأثير، فالكاتب لديه حلم قبل أن يبدأ بالكتابة، وهو يعلم أنه قد لا يتحقق، فهناك كتّاب لم يفيدوا ولم يغيروا ولم يفعلوا لا في التاريخ ولا في مجتمعاتهم.
وتابعت: "الكتابة أشبه بتمرين متواصل على الفعل والتأثير والطوق نحو التغيير، وهوما يعطي للكاتب دوما الفرصة للإضافة وتقديم الجديد امام شعوره المتواصل بانه بإمكانه ان يغير وهو ما لا يتوفر لدى الكاتب النرجسي الذي يعتقد بمجرد كتاب او مؤلف انه قدم فعلا وانه غير في الموجود وانه فعل في المجتمع."
وقالت:" ان نجاح الكاتب يتمثل في القدرة على التأثير في القارئ وجعله قادراً على اكتشاف الجديد واكتشاف الخطأ واكتشاف التناقض من حوله بعد أن كان يعتقد أن الأشياء المحيطة به عادية ولا يمكن ان تكون الا كما كانت عليه. ليتحول بعدها نحو التفكير والاستنباط والتغيير".
مجرد تدوين او تحبير لصفحات بيضاء
من جهته قال خالد خليفة الكاتب والشاعر والسيناريست السوري، أن الإجابة عن سؤال مدى تأثير وفعل الكتابة بالقارئ، مرتبطة بالمكان والزمان، والجواب الممكن هو إن الكاتب لا يستطيع فعل شيء آخر سوى الكتابة، وقال: "أنا في كل عام، ومع كل كتاب، أزداد جهلاً بالكتابة، وأسوء لحظاتي هي حين أنتهي من الكتاب ويذهب للطباعة".
وقال: "كلما تقدمنا في عملية الكتابة، أصبحنا أكثر هشاشة وأقل ادعاءً، وكل كاتب يعتقد أن معركته هي مع التاريخ، ولكنهم يرحلون دون أن يشاركوا فيها، وهناك كتاب عظماء ماتت أعمالهم بموتهم، وأنا شخصياً لا أعتقد أني غيرت حياة أحد، ولكن الكاتب يمكن أن يضيف شيئاً إلى حياة القارئ".
وكلمات الاديب السوري تبدو انها متأثرة بواقع بلاده حيث كانت تشاؤمية ومؤكدة لعدم قدرة الكاتب في التأثير وان الكتابة هي مجرد تدوين او تحبير لصفحات بيضاء دون الفعل في الواقع وفي التاريخ.
مشاركة القراء عبر التأثير والفعل وكذلك الاستفادة
الكاتبة كارين ميلي جيمس أفادت من جهتها أنه لا يمكن الجزم فعلا بتأثير المؤلف في المتلقي واحتمالات الفعل والتغيير الممكن حصولها لدى القارئ بعد مطالعته للكتاب تبقى غير واضحة. واضافت ان العلاقة بين الطرفين مسألة متشعبة للغاية ولا يمكن حصرها في سياق وحيد، وقالت: "أنا مثلاً، أول ما دفعني إلى الكتابة هو التحدث عن مشاكلي الشخصية، وحين كبرت، أردت أن أحول ذكريات عائلتي إلى كلمات مقروءة، ولاحقاً بدأت أناقش كيف يمكن أن يعيش الإنسان مغامراته ويشارك فيها قرائه في اطار التأثير والفعل والاستفادة".
وأضافت: "حين نبدأ بالكتابة، فإن الدافع الرئيسي لا يكون التأثير في القراء، بل إن الهدف منها هو أن نخبر القراء بما يجول في خاطرنا، ونستمتع معاً بالقراءة". واضافت: "الكاتب يدخل عالماً آخر حين يكتب، وينغمس مع قرائه في رحلة، وهنا يكمن التأثير، وعلى سبيل المثال، هناك كتّاب حاولوا التأثير في الحياة السياسية، ولكن تأثيرهم برز في النواحي الاجتماعية بعكس ما أرادوا".
قراءات مختلفة لم تجب عن مدى تأثير الكاتب في قرائه، فالتأثير ممكن وغير ممكن ويرتبط بالظرف الزماني والمكاني وكذلك بالواقع النفسي للمتلقي وأيضا بمدى ارتباط وفهم الكاتب لمحيطه ولمن يكتب.. لكن هذا لا ينكر دور الكتاب في التأثير الثقافي والفكري والسلوكي ولا يمكن ربط مسالة التأثير بالفعل الفوري او المباشر حيث يمكن ان يكون التأثير لاحقا ويمكن ان يغير تدريجيا من فكر وثقافة وسلوك المتلقي.. وهذا امر حتمي يؤكد دور الكتاب ودور المطالعة ومدى تأثيرهما ليس على المتلقي فحسب بل كذلك في النظريات التي يسير عليها المجتمع ككل ثقافيا وسياسيا واقتصاديا...
الشارقة-الصباح –من مبعوثنا سفيان رجب
ضمن الحلقات العلمية والفكرية التي يحتضنها يوميا فضاء معرض الشارقة الدولي للكتاب، تم طرح تساؤل حول مدى تأثير الكاتب والكتاب في المتلقي.. سؤال من شان الإجابة عنه ان تعطي فكرة عن دور الادب بصفة عامة والكتاب بصفة خاصة اليوم في الفعل والتأثير.
عديد الادباء المشاركين في الندوة الفكرية التي حملت عنوان "أثر الكتابة" أشاروا الى أن مهمة الكاتب الأساسية من خلال ما يقدمه هي بالأساس الفعل والتأثير في المتلقي والجمهور باي شكل من الاشكال، سواءً من خلال تفسير الغموض الذي يحيط ببعض الأشياء، أو إخبار القارئ بشيء ما يجول في خاطره او إعطاء المعلومة او التوجيه نحو هدف ما يرغب الكاتب في ان يتجه نحوه القارئ او المتلقي.
الكتابة أشبه بتمرين متواصل على الفعل والتأثير
الجلسة الحوارية، تحدث فيها كلٌّ عدد من الادباء العرب والاجانب، تناولت مدى قدرة الكتابة على تغيير أفكار القراء تصرفاتهم نظرياتهم وحتى أنماط حياتهم. وفي هذا الإطار ذكرت منصورة عزالدين الكاتبة والصحفية المصرية: "إن الكاتب يريد من خلال الكتابة إيصال رسالة يحاول أن تكون مفهومة، ولكنها قد تكون مبهمة أحياناً، لأن الكتابة تنبع من الأوهام، والكاتب بدوره يحولها إلى حقيقة". وأضافت عزالدين: "إنه من الغرور أن يعتقد الكاتب مسبقاً أنه قادر على التأثير، فالكاتب لديه حلم قبل أن يبدأ بالكتابة، وهو يعلم أنه قد لا يتحقق، فهناك كتّاب لم يفيدوا ولم يغيروا ولم يفعلوا لا في التاريخ ولا في مجتمعاتهم.
وتابعت: "الكتابة أشبه بتمرين متواصل على الفعل والتأثير والطوق نحو التغيير، وهوما يعطي للكاتب دوما الفرصة للإضافة وتقديم الجديد امام شعوره المتواصل بانه بإمكانه ان يغير وهو ما لا يتوفر لدى الكاتب النرجسي الذي يعتقد بمجرد كتاب او مؤلف انه قدم فعلا وانه غير في الموجود وانه فعل في المجتمع."
وقالت:" ان نجاح الكاتب يتمثل في القدرة على التأثير في القارئ وجعله قادراً على اكتشاف الجديد واكتشاف الخطأ واكتشاف التناقض من حوله بعد أن كان يعتقد أن الأشياء المحيطة به عادية ولا يمكن ان تكون الا كما كانت عليه. ليتحول بعدها نحو التفكير والاستنباط والتغيير".
مجرد تدوين او تحبير لصفحات بيضاء
من جهته قال خالد خليفة الكاتب والشاعر والسيناريست السوري، أن الإجابة عن سؤال مدى تأثير وفعل الكتابة بالقارئ، مرتبطة بالمكان والزمان، والجواب الممكن هو إن الكاتب لا يستطيع فعل شيء آخر سوى الكتابة، وقال: "أنا في كل عام، ومع كل كتاب، أزداد جهلاً بالكتابة، وأسوء لحظاتي هي حين أنتهي من الكتاب ويذهب للطباعة".
وقال: "كلما تقدمنا في عملية الكتابة، أصبحنا أكثر هشاشة وأقل ادعاءً، وكل كاتب يعتقد أن معركته هي مع التاريخ، ولكنهم يرحلون دون أن يشاركوا فيها، وهناك كتاب عظماء ماتت أعمالهم بموتهم، وأنا شخصياً لا أعتقد أني غيرت حياة أحد، ولكن الكاتب يمكن أن يضيف شيئاً إلى حياة القارئ".
وكلمات الاديب السوري تبدو انها متأثرة بواقع بلاده حيث كانت تشاؤمية ومؤكدة لعدم قدرة الكاتب في التأثير وان الكتابة هي مجرد تدوين او تحبير لصفحات بيضاء دون الفعل في الواقع وفي التاريخ.
مشاركة القراء عبر التأثير والفعل وكذلك الاستفادة
الكاتبة كارين ميلي جيمس أفادت من جهتها أنه لا يمكن الجزم فعلا بتأثير المؤلف في المتلقي واحتمالات الفعل والتغيير الممكن حصولها لدى القارئ بعد مطالعته للكتاب تبقى غير واضحة. واضافت ان العلاقة بين الطرفين مسألة متشعبة للغاية ولا يمكن حصرها في سياق وحيد، وقالت: "أنا مثلاً، أول ما دفعني إلى الكتابة هو التحدث عن مشاكلي الشخصية، وحين كبرت، أردت أن أحول ذكريات عائلتي إلى كلمات مقروءة، ولاحقاً بدأت أناقش كيف يمكن أن يعيش الإنسان مغامراته ويشارك فيها قرائه في اطار التأثير والفعل والاستفادة".
وأضافت: "حين نبدأ بالكتابة، فإن الدافع الرئيسي لا يكون التأثير في القراء، بل إن الهدف منها هو أن نخبر القراء بما يجول في خاطرنا، ونستمتع معاً بالقراءة". واضافت: "الكاتب يدخل عالماً آخر حين يكتب، وينغمس مع قرائه في رحلة، وهنا يكمن التأثير، وعلى سبيل المثال، هناك كتّاب حاولوا التأثير في الحياة السياسية، ولكن تأثيرهم برز في النواحي الاجتماعية بعكس ما أرادوا".
قراءات مختلفة لم تجب عن مدى تأثير الكاتب في قرائه، فالتأثير ممكن وغير ممكن ويرتبط بالظرف الزماني والمكاني وكذلك بالواقع النفسي للمتلقي وأيضا بمدى ارتباط وفهم الكاتب لمحيطه ولمن يكتب.. لكن هذا لا ينكر دور الكتاب في التأثير الثقافي والفكري والسلوكي ولا يمكن ربط مسالة التأثير بالفعل الفوري او المباشر حيث يمكن ان يكون التأثير لاحقا ويمكن ان يغير تدريجيا من فكر وثقافة وسلوك المتلقي.. وهذا امر حتمي يؤكد دور الكتاب ودور المطالعة ومدى تأثيرهما ليس على المتلقي فحسب بل كذلك في النظريات التي يسير عليها المجتمع ككل ثقافيا وسياسيا واقتصاديا...