* استطعنا تقديم 30 دراسة إستراتيجية وإصدار 40 مذكرة جيوساسية
* هذا ما اقترحه سعيد قبل 25 جويلية
* برنامج إصلاحي هادف ذهب مع حكومة الفخفاخ وفترة المشيشي كانت فظيعة
* لم يصلنا أي مقترح أو مشروع من أي جهة حزبية أو سياسية
تونس – الصباح
أكد سامي بن جنّات، مدير عام المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن هذه المؤسسة تواصل عملها وفق سياسة ومنهج عمل وطني وبمنأى عن كل التجاذبات السياسية أو توظيف حزبي. لأنه يعتبر أن مؤسسات الدولة لا يجب تسييسها نظرا لما تمثله في مهامها وأدوارها من بعد وطني واستشراف وخدمة لتونس وللأجيال القادمة. مبينا في الغرض أن المعهد ينكب حاليا على إعداد دراسة تعنى بتونس في أفق 2056 وغيرها من الدراسات الأخرى التي تتمحور حول قضايا وبرامج ومسائل مستقبلية. وتطرق بن جنات في حديثه لـ"الصباح، إلى علاقة المعهد براهن الجدل السياسي في تونس اليوم وتحدث عن كيفية انخراطه في معالجة الوضع بشكل عام، باعتبار أن هذه المؤسسة العمومية تابعة لرئاسة الجمهورية، وانطلاقا من مهمة المعهد المبنية بالأساس على البحث والدراسة والتحليل والتنقيب عن آفاق المستقبل القريب والبعيد وذلك عبر الانفتاح على خبراء وباحثين في مجالات علمية واقتصادية وصحية وفكرية وبيئية مختلفة.
كما تطرق إلى عدة مسائل أخرى كشف فيها عن أبرز ما قدمه المعهد في علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي والثقافي، ومدى تأثير الصراع السياسي القائم على برنامجه، مقابل تشديده على أن برنامج المعهد ومنجزه لا يخضع في تفاصيله وأهدافه لأي أجندا أو ضغوط.
حاورته: نزيهة الغضباني
*أي دور للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية في هذه المرحلة الاستثنائية خاصة أن المعهد مؤسسة عمومية تتبع رئاسة الجمهورية التي تتولى تسيير دواليب الدولة؟
مهمة هذه المؤسسة تتمثل في إعداد الدراسات والقيام بالندوات واللقاءات وجمع البيانات الإحصائية والتقارير الواردة من المصادر المتاحة وتقييمها وفق الأساليب المناسبة والتقنيات العلمية إضافة إلى العمل على تطوير أدوات العمل المختلفة التي تمكن المعهد من أداء رسالته وإقامة علاقات تعاون وعمل وشراكة مع المؤسسات والهياكل والجامعات والمراكز البحثية على حد سواء التونسية والأجنبية. كل ذلك يتم بإشراف معهدنا بمشاركة خبراء في مختلف المجالات والاختصاصات من تونس ومن بلدان أجنبية وذلك وفق ما يتطلبه البرنامج أو المسائل والقضايا المطروحة للمعالجة والدراسة والبحث. وهو ما حرصت على تأكيده عمليا في برامج عمل المعهد منذ تاريخ التحاقي به منذ عامين ونصف تقريبا.
ولكن لا أخفي أن المناخ السياسي كان له تأثيره على عمل المعهد. ورغم ذلك استطعنا خلال هذه المدة تقديم 30 دراسة إستراتيجية في مجالات مختلفة وإصدار 40 مذكرة جيوساسية في إطار مساعي البحث عن مخارج من الأزمات وبناء تونس جديدة وتحضير مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
*هل تعني أن هذا المعهد يعمل مستقلا ودون تدخل مؤسسة رئاسة الجمهورية مرجع النظر إداريا له؟
مثلما سبق ووضحت أن هذه المؤسسة تعمل لمصلحة الدولة التونسية لأن المعهد هو حاضنة لمفكرين وعلماء وخبراء يشاركون في تقديم مشاريع برامج ومقترحات يتم التعاطي معها بطرق عليمة بحثية بحتة لفائدة الدولة ولمصلحة الأجيال القادمة. لذلك أجدد التأكيد أنه ليس لنا أي دخل في الصراعات السياسية والحزبية القائمة وليس هناك أي جهة داخلية أو خارجية تتدخل في عملنا أو تعمل على توجيهه منذ مسكي بزمام إدارة المعهد، بالنسبة للسّيّد رئيس الجمهورية باعتبار أننا نوجه للرئاسة نتائج كل عمل نقوم به ويكون على علم ببرنامج العمل السنوي ويصادق عليه بصفة مسبقة وله أن يقترح مواضيع للدراسة والتحليل. علما أن الدراسات والبحوث التي نقوم بها تدوم مدة مطولة أدناها في غالب الأحيان تدوم ستة أشهر.
*وهل تغير الأمر بعد 25 جويلية ليصبح المعهد خاضعا في اختياراته وبرامج عمله للرئاسة؟
هناك حقيقة يجب تأكيدها وتوضيحها للجميع وهي أن رئاسة الجمهورية لم تتدخل في عملنا وقد وصلتنا منها اقتراحات حول بعض المواضيع قبل 25 جويلية حول القانون والنظام الانتخابي وذلك بناء على الهنات والنقائص المسجلة في القانون الانتخابي الذي كان معمول به من أجل تدارك النقائص التي كانت سببا في توتر وتردي الوضع سياسيا. وقد تم إنجاز دراسة في الغرض بإشراف ثلاثة جامعيين مختصين في المجال هم كل من الهادي بن مراد ومنى التابعي وهناء بن عبدة.
والمعهد يواصل العمل والقيام بدوره ليكون حمّال حلول علمية ومشاريع استشرافية.
*إلى أي مدى ساهم معهد تونس للدراسات الإستراتيجية في تقديم الحلول أو المخارج العملية لبلادنا من جملة الأزمات التي تعيشها؟
في الحقيقة نحن نعمل بناء على سيناريوهات مأمولة للخروج من الوضعيات والأزمات في مجالات عديدة اقتصادية وتربوية ومالية وإدارية وبيئية ومناخية واجتماعية ودبلوماسية وقانونية وغيرها. ويقدم فيها الخبراء والمختصون رؤى ونظريات ومشاريع حلول. لكن يبقى كل شيء على كاهل الفاعل السياسي أي الجهة التي ستنفذ سواء تعلق الأمر برئاسة الجمهورية أو الحكومة.
*قلت إن المناخ السياسي السائد له تأثيره على المعهد، ماذا تقصد؟
هذه حقيقة لا يمكن إخفاؤها ولكنها لم تؤثر على استقلالية هذه المؤسسة. فقد مررنا بثلاث فترات تأثر فيها عمل المعهد بموازين القوى والصراع والتجاذب السياسي الذي كان قائما. فقد وجدنا في فترة حكومة إلياس الفخفاخ تعاونا كبيرا لأن حكومته كانت موجهة للعمل على تنفيذ جملة من الإصلاحات الكبرى على أسس علمية ومناهج عمل دقيقة وثابتة. وأذكر أننا ناقشنا عديد المقترحات والبرامج مع الوزارة المعنية بمتابعة ملف الإصلاحات والإنقاذ للدولة وفق خطة وأولويات عمل تلك الحكومة في مجالات صحية واقتصادية واجتماعية وإدارية وطاقية بالأساس بهدف تعزيز السيادة الوطنية وضمان الأمن القومي خاصة في ظل تفشي جائحة كوفيد 19 وما خلفته من انعكاسات سلبية. أعترف أن تلك الفترة رغم قصر مدتها إلا أنها كانت حافلة بالبرامج والمقترحات العملية الهادفة. لكن الفترة الثانية وهي فترة حكومة المشيشي كانت جد فظيعة، انعدمت فيها كل مؤشرات العمل والتواصل مع الحكومة بسبب انخراطها في الصراع السياسي لذلك قررنا تغيير إستراتيجية عمل المعهد وركزنا على المواضيع التي تهم الأمن القومي والطاقة والصحة والمالية العمومية والاقتصار في عملنا على التواصل مع الخبراء وبعض المؤسسات والجامعات المعنية من ناحية ورئاسة الجمهورية من ناحية أخرى لتقديم نتائج عمل المعهد. ليعود المعهد إلى العمل والتواصل مع كل الوزارات تقريبا بعد 25 جويلية. ليقيننا أن دور المعهد هام في المسار الإصلاحي الذي تحتاجه بلادنا.
*هل هناك متابعة للمشاريع التي يقدمها المعهد وتأكيد على ضرورة الالتزام بما يقدمه من رؤى واستراتيجيات إصلاح؟
أعترف أن المعهد يقدم نتائج ما يقوم به من دراسات ندوات للخبراء والمختصين في مجالات مختلفة إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية وهي التي تتولى تقديم تلك المشاريع والحلول إلى الحكومة ومن ثمة الوزارات المعنية. ولكل فاعل سياسي حرية تحيين تلك البرامج والمقترحات حسب ما تمليه الضرورة. ويكفي أن أذكر في الغرض أننا أمضينا عقد شراكة مع وزارة السياحة والصناعات التقليدية وانطلقنا في إعداد برنامج للنهوض بالسياحة في بلادنا في أفق 2035.
إضافة إلى برنامج نهوض الاقتصاد الوطني مع وزارة الاقتصاد والتخطيط 2025/ 2035 وتحضير دراسة استشرافية تتناول عديد المحاور لتونس 2056 في علاقة بالتطورات التي شهد الاقتصاد العالمي الجديد والذكاء الاصطناعي ومنوال التنمية والاقتصاد الجديدة ومشاريع أخرى تتعلق بتطوير إستراتيجية تونس في قطاع البحر والبيئة والانتقال الطاقي والإيكولوجي وغيرها من المسائل الأخرى المتعلقة بالانتقال التكنولوجي والطاقي والفلاحة والأمن الغذائي والمائي والتوازنات الاجتماعية والعقد الاجتماعي وقضايا دولية أخرى. لأن بلادنا ليست بمعزل عن العالم وما يعرفه من متغيرات في ظل ما يربطها من اتفاقيات تعاون وشراكة. فمعهدنا يعد الدراسة مرفوقة بمخطط عمل يتضمن مشاريع قرارات بهدف تسهيل مهمة صاحب القرار في اتخاذ القرار لا غير. وأعترف أن هناك عديد المسائل التي يتم فيها الأخذ بعين الاعتبار ما قدمه المعهد على غرار مشروع إصلاح التربية وما تضمنه من مقترح إحداث المجلس الأعلى للتربية طبقا لقرار رئيس الجمهورية ومن المنتظر أن يصدر هذا المشروع في إطار عمل مشترك.
وللتذكير أيضا فإن المعهد أعد أيضا مشاريع عمل في نفس السياق الإصلاحي تعنى بالأمن القومي والإرهاب وأمن الحدود بإشراف مختصين في المجالات المعنية. وذلك بالانطلاق من التشخيص وصولا إلى تقديم المقترحات وتحويلها إلى برامج إصلاح عمل قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
*ولكن السياسي حاضر بقوة في برامج عمل المعهد أليس كذلك؟
ما أريد التأكيد عليه أن المعهد منفتح على كل القطاعات والمجالات والمحاور من خلال الخبراء المختصين في مجالات مختلفة بعيدا عن التحزب أو تسييس أي قضية أو موضوع مطروح. كما الشأن في تعاطي المعهد مع رهانات الدولة الدولية والجيوسياسية في علاقة بالقضايا الإقليمية والعالمية وسياستها الخارجية. وهناك اجتماعات أسبوعية تعقد في الغرض يتم إثرها تقديم مذكرات يقظة جيوساسية في محاور ومجالات مختلفة تراعي تطورات الأوضاع وقدمنا إلى حد الآن 40 مذكرة جيوسياسية.
* إلى أي مدى تعتبر ما يقدمه المعهد ناجع ويمكن اعتماده خارطة إصلاح عملية؟
المعهد يقدم مقترحات تهم البلاد بشكل عام وهي مشاريع ورؤى مشتركة لخبرات وطنية ودولية. وأعتقد أن الوضع اليوم لم يعد يحتمل الحلول الترقيعية والعالم كله انتفض على نفسه وبصدد تغيير المناويل والقوانين المعمول بها في مختلف المجالات لبناء وتشكيل عالم جديد لأن العالم اليوم مقبل على مقترحات ومفاهيم جديدة وبلادنا ليس في قطيعة عن العالم. لذلك فإن ما يقدمه الخبراء في مختلف المجالات هي مقترحات في مجملها هادفة وذات مستوى استشرافي عالي ويجب استثمار حجم الدعم والثقة العالمية لبلادنا وما تتميز به من ثروات طبيعية وطاقية كفيلة بتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.
*هل تقدمت أحزاب بمشاريع إلى المعهد؟
في الحقيقة لم يصلنا أي مقترح أو مشروع من أي جهة حزبية أو سياسية، رغم محاولات بعض الجهات السياسية اختراق هذه المؤسسة، وذلك لعدة اعتبارات لعل أهمها أنه ليس لي شخصيا أي انتماء سياسي ثم لأيماني بأن مثل هذه المؤسسات لا يجب تسييسها نظرا لمهامها وأدوارها لفائدة الدولة والمجتمع بشكل عام. وهي مؤسسة تعمل لصالح تونس ولا تخدم أي مشروع أو أجندا حزبية ضيقة.
*راجت مؤخرا أخبار حول غلق هذه المؤسسة بم تفسر ذلك؟
أقل ما أقول عما تم تداوله في هذا الشأن أنها ادعاءات وافتراءات تتنزل في إطار الهجوم الذي يشنه البعض على رئيس الجمهورية قيس سعيد. فالمعهد يواصل أبحاثه ودراساته بنسقه المعهود. وربما اختيارنا العمل في صمت دفع بعض الجهات للزج بهذه المؤسسة في الجدل السياسي القائم ولكنها لم تنجح في مساعيها.
* رئاسة الجمهورية لم تتدخل في عمل المعهد
* استطعنا تقديم 30 دراسة إستراتيجية وإصدار 40 مذكرة جيوساسية
* هذا ما اقترحه سعيد قبل 25 جويلية
* برنامج إصلاحي هادف ذهب مع حكومة الفخفاخ وفترة المشيشي كانت فظيعة
* لم يصلنا أي مقترح أو مشروع من أي جهة حزبية أو سياسية
تونس – الصباح
أكد سامي بن جنّات، مدير عام المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن هذه المؤسسة تواصل عملها وفق سياسة ومنهج عمل وطني وبمنأى عن كل التجاذبات السياسية أو توظيف حزبي. لأنه يعتبر أن مؤسسات الدولة لا يجب تسييسها نظرا لما تمثله في مهامها وأدوارها من بعد وطني واستشراف وخدمة لتونس وللأجيال القادمة. مبينا في الغرض أن المعهد ينكب حاليا على إعداد دراسة تعنى بتونس في أفق 2056 وغيرها من الدراسات الأخرى التي تتمحور حول قضايا وبرامج ومسائل مستقبلية. وتطرق بن جنات في حديثه لـ"الصباح، إلى علاقة المعهد براهن الجدل السياسي في تونس اليوم وتحدث عن كيفية انخراطه في معالجة الوضع بشكل عام، باعتبار أن هذه المؤسسة العمومية تابعة لرئاسة الجمهورية، وانطلاقا من مهمة المعهد المبنية بالأساس على البحث والدراسة والتحليل والتنقيب عن آفاق المستقبل القريب والبعيد وذلك عبر الانفتاح على خبراء وباحثين في مجالات علمية واقتصادية وصحية وفكرية وبيئية مختلفة.
كما تطرق إلى عدة مسائل أخرى كشف فيها عن أبرز ما قدمه المعهد في علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي والثقافي، ومدى تأثير الصراع السياسي القائم على برنامجه، مقابل تشديده على أن برنامج المعهد ومنجزه لا يخضع في تفاصيله وأهدافه لأي أجندا أو ضغوط.
حاورته: نزيهة الغضباني
*أي دور للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية في هذه المرحلة الاستثنائية خاصة أن المعهد مؤسسة عمومية تتبع رئاسة الجمهورية التي تتولى تسيير دواليب الدولة؟
مهمة هذه المؤسسة تتمثل في إعداد الدراسات والقيام بالندوات واللقاءات وجمع البيانات الإحصائية والتقارير الواردة من المصادر المتاحة وتقييمها وفق الأساليب المناسبة والتقنيات العلمية إضافة إلى العمل على تطوير أدوات العمل المختلفة التي تمكن المعهد من أداء رسالته وإقامة علاقات تعاون وعمل وشراكة مع المؤسسات والهياكل والجامعات والمراكز البحثية على حد سواء التونسية والأجنبية. كل ذلك يتم بإشراف معهدنا بمشاركة خبراء في مختلف المجالات والاختصاصات من تونس ومن بلدان أجنبية وذلك وفق ما يتطلبه البرنامج أو المسائل والقضايا المطروحة للمعالجة والدراسة والبحث. وهو ما حرصت على تأكيده عمليا في برامج عمل المعهد منذ تاريخ التحاقي به منذ عامين ونصف تقريبا.
ولكن لا أخفي أن المناخ السياسي كان له تأثيره على عمل المعهد. ورغم ذلك استطعنا خلال هذه المدة تقديم 30 دراسة إستراتيجية في مجالات مختلفة وإصدار 40 مذكرة جيوساسية في إطار مساعي البحث عن مخارج من الأزمات وبناء تونس جديدة وتحضير مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
*هل تعني أن هذا المعهد يعمل مستقلا ودون تدخل مؤسسة رئاسة الجمهورية مرجع النظر إداريا له؟
مثلما سبق ووضحت أن هذه المؤسسة تعمل لمصلحة الدولة التونسية لأن المعهد هو حاضنة لمفكرين وعلماء وخبراء يشاركون في تقديم مشاريع برامج ومقترحات يتم التعاطي معها بطرق عليمة بحثية بحتة لفائدة الدولة ولمصلحة الأجيال القادمة. لذلك أجدد التأكيد أنه ليس لنا أي دخل في الصراعات السياسية والحزبية القائمة وليس هناك أي جهة داخلية أو خارجية تتدخل في عملنا أو تعمل على توجيهه منذ مسكي بزمام إدارة المعهد، بالنسبة للسّيّد رئيس الجمهورية باعتبار أننا نوجه للرئاسة نتائج كل عمل نقوم به ويكون على علم ببرنامج العمل السنوي ويصادق عليه بصفة مسبقة وله أن يقترح مواضيع للدراسة والتحليل. علما أن الدراسات والبحوث التي نقوم بها تدوم مدة مطولة أدناها في غالب الأحيان تدوم ستة أشهر.
*وهل تغير الأمر بعد 25 جويلية ليصبح المعهد خاضعا في اختياراته وبرامج عمله للرئاسة؟
هناك حقيقة يجب تأكيدها وتوضيحها للجميع وهي أن رئاسة الجمهورية لم تتدخل في عملنا وقد وصلتنا منها اقتراحات حول بعض المواضيع قبل 25 جويلية حول القانون والنظام الانتخابي وذلك بناء على الهنات والنقائص المسجلة في القانون الانتخابي الذي كان معمول به من أجل تدارك النقائص التي كانت سببا في توتر وتردي الوضع سياسيا. وقد تم إنجاز دراسة في الغرض بإشراف ثلاثة جامعيين مختصين في المجال هم كل من الهادي بن مراد ومنى التابعي وهناء بن عبدة.
والمعهد يواصل العمل والقيام بدوره ليكون حمّال حلول علمية ومشاريع استشرافية.
*إلى أي مدى ساهم معهد تونس للدراسات الإستراتيجية في تقديم الحلول أو المخارج العملية لبلادنا من جملة الأزمات التي تعيشها؟
في الحقيقة نحن نعمل بناء على سيناريوهات مأمولة للخروج من الوضعيات والأزمات في مجالات عديدة اقتصادية وتربوية ومالية وإدارية وبيئية ومناخية واجتماعية ودبلوماسية وقانونية وغيرها. ويقدم فيها الخبراء والمختصون رؤى ونظريات ومشاريع حلول. لكن يبقى كل شيء على كاهل الفاعل السياسي أي الجهة التي ستنفذ سواء تعلق الأمر برئاسة الجمهورية أو الحكومة.
*قلت إن المناخ السياسي السائد له تأثيره على المعهد، ماذا تقصد؟
هذه حقيقة لا يمكن إخفاؤها ولكنها لم تؤثر على استقلالية هذه المؤسسة. فقد مررنا بثلاث فترات تأثر فيها عمل المعهد بموازين القوى والصراع والتجاذب السياسي الذي كان قائما. فقد وجدنا في فترة حكومة إلياس الفخفاخ تعاونا كبيرا لأن حكومته كانت موجهة للعمل على تنفيذ جملة من الإصلاحات الكبرى على أسس علمية ومناهج عمل دقيقة وثابتة. وأذكر أننا ناقشنا عديد المقترحات والبرامج مع الوزارة المعنية بمتابعة ملف الإصلاحات والإنقاذ للدولة وفق خطة وأولويات عمل تلك الحكومة في مجالات صحية واقتصادية واجتماعية وإدارية وطاقية بالأساس بهدف تعزيز السيادة الوطنية وضمان الأمن القومي خاصة في ظل تفشي جائحة كوفيد 19 وما خلفته من انعكاسات سلبية. أعترف أن تلك الفترة رغم قصر مدتها إلا أنها كانت حافلة بالبرامج والمقترحات العملية الهادفة. لكن الفترة الثانية وهي فترة حكومة المشيشي كانت جد فظيعة، انعدمت فيها كل مؤشرات العمل والتواصل مع الحكومة بسبب انخراطها في الصراع السياسي لذلك قررنا تغيير إستراتيجية عمل المعهد وركزنا على المواضيع التي تهم الأمن القومي والطاقة والصحة والمالية العمومية والاقتصار في عملنا على التواصل مع الخبراء وبعض المؤسسات والجامعات المعنية من ناحية ورئاسة الجمهورية من ناحية أخرى لتقديم نتائج عمل المعهد. ليعود المعهد إلى العمل والتواصل مع كل الوزارات تقريبا بعد 25 جويلية. ليقيننا أن دور المعهد هام في المسار الإصلاحي الذي تحتاجه بلادنا.
*هل هناك متابعة للمشاريع التي يقدمها المعهد وتأكيد على ضرورة الالتزام بما يقدمه من رؤى واستراتيجيات إصلاح؟
أعترف أن المعهد يقدم نتائج ما يقوم به من دراسات ندوات للخبراء والمختصين في مجالات مختلفة إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية وهي التي تتولى تقديم تلك المشاريع والحلول إلى الحكومة ومن ثمة الوزارات المعنية. ولكل فاعل سياسي حرية تحيين تلك البرامج والمقترحات حسب ما تمليه الضرورة. ويكفي أن أذكر في الغرض أننا أمضينا عقد شراكة مع وزارة السياحة والصناعات التقليدية وانطلقنا في إعداد برنامج للنهوض بالسياحة في بلادنا في أفق 2035.
إضافة إلى برنامج نهوض الاقتصاد الوطني مع وزارة الاقتصاد والتخطيط 2025/ 2035 وتحضير دراسة استشرافية تتناول عديد المحاور لتونس 2056 في علاقة بالتطورات التي شهد الاقتصاد العالمي الجديد والذكاء الاصطناعي ومنوال التنمية والاقتصاد الجديدة ومشاريع أخرى تتعلق بتطوير إستراتيجية تونس في قطاع البحر والبيئة والانتقال الطاقي والإيكولوجي وغيرها من المسائل الأخرى المتعلقة بالانتقال التكنولوجي والطاقي والفلاحة والأمن الغذائي والمائي والتوازنات الاجتماعية والعقد الاجتماعي وقضايا دولية أخرى. لأن بلادنا ليست بمعزل عن العالم وما يعرفه من متغيرات في ظل ما يربطها من اتفاقيات تعاون وشراكة. فمعهدنا يعد الدراسة مرفوقة بمخطط عمل يتضمن مشاريع قرارات بهدف تسهيل مهمة صاحب القرار في اتخاذ القرار لا غير. وأعترف أن هناك عديد المسائل التي يتم فيها الأخذ بعين الاعتبار ما قدمه المعهد على غرار مشروع إصلاح التربية وما تضمنه من مقترح إحداث المجلس الأعلى للتربية طبقا لقرار رئيس الجمهورية ومن المنتظر أن يصدر هذا المشروع في إطار عمل مشترك.
وللتذكير أيضا فإن المعهد أعد أيضا مشاريع عمل في نفس السياق الإصلاحي تعنى بالأمن القومي والإرهاب وأمن الحدود بإشراف مختصين في المجالات المعنية. وذلك بالانطلاق من التشخيص وصولا إلى تقديم المقترحات وتحويلها إلى برامج إصلاح عمل قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
*ولكن السياسي حاضر بقوة في برامج عمل المعهد أليس كذلك؟
ما أريد التأكيد عليه أن المعهد منفتح على كل القطاعات والمجالات والمحاور من خلال الخبراء المختصين في مجالات مختلفة بعيدا عن التحزب أو تسييس أي قضية أو موضوع مطروح. كما الشأن في تعاطي المعهد مع رهانات الدولة الدولية والجيوسياسية في علاقة بالقضايا الإقليمية والعالمية وسياستها الخارجية. وهناك اجتماعات أسبوعية تعقد في الغرض يتم إثرها تقديم مذكرات يقظة جيوساسية في محاور ومجالات مختلفة تراعي تطورات الأوضاع وقدمنا إلى حد الآن 40 مذكرة جيوسياسية.
* إلى أي مدى تعتبر ما يقدمه المعهد ناجع ويمكن اعتماده خارطة إصلاح عملية؟
المعهد يقدم مقترحات تهم البلاد بشكل عام وهي مشاريع ورؤى مشتركة لخبرات وطنية ودولية. وأعتقد أن الوضع اليوم لم يعد يحتمل الحلول الترقيعية والعالم كله انتفض على نفسه وبصدد تغيير المناويل والقوانين المعمول بها في مختلف المجالات لبناء وتشكيل عالم جديد لأن العالم اليوم مقبل على مقترحات ومفاهيم جديدة وبلادنا ليس في قطيعة عن العالم. لذلك فإن ما يقدمه الخبراء في مختلف المجالات هي مقترحات في مجملها هادفة وذات مستوى استشرافي عالي ويجب استثمار حجم الدعم والثقة العالمية لبلادنا وما تتميز به من ثروات طبيعية وطاقية كفيلة بتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.
*هل تقدمت أحزاب بمشاريع إلى المعهد؟
في الحقيقة لم يصلنا أي مقترح أو مشروع من أي جهة حزبية أو سياسية، رغم محاولات بعض الجهات السياسية اختراق هذه المؤسسة، وذلك لعدة اعتبارات لعل أهمها أنه ليس لي شخصيا أي انتماء سياسي ثم لأيماني بأن مثل هذه المؤسسات لا يجب تسييسها نظرا لمهامها وأدوارها لفائدة الدولة والمجتمع بشكل عام. وهي مؤسسة تعمل لصالح تونس ولا تخدم أي مشروع أو أجندا حزبية ضيقة.
*راجت مؤخرا أخبار حول غلق هذه المؤسسة بم تفسر ذلك؟
أقل ما أقول عما تم تداوله في هذا الشأن أنها ادعاءات وافتراءات تتنزل في إطار الهجوم الذي يشنه البعض على رئيس الجمهورية قيس سعيد. فالمعهد يواصل أبحاثه ودراساته بنسقه المعهود. وربما اختيارنا العمل في صمت دفع بعض الجهات للزج بهذه المؤسسة في الجدل السياسي القائم ولكنها لم تنجح في مساعيها.