أثار التجانس السياسي في المواقف الحزبية والميدانية بين مبادرة مواطنون ضد الانقلاب وجبهة الخلاص الوطني خاصة بعد إطلاق مبادرة احمد نجيب الشابي يوم 26 افريل وتحرك 15 ماي عدة أسئلة ومواقف.
وتقاطعت الأسئلة حول طبيعة التحالف بين المكونين السياسيين وماهية أهدافهما منذ الكشف عن أول لقاء بين قيادات من مبادرة مواطنون ضد الانقلاب ومبادرة اللقاء الوطني التي يترأسها السياسي المخضرم احمد نجيب الشابي يوم 28ديسمبر المنقضي.
وشكك متابعون في النوايا الصادقة لهذا التحالف منذ بدايته ، على اعتبار أن الشابي كثيرا ما أعلن عن استعدائه لحركة النهضة التي تشكل العمود الفقري لمواطنين ضد الانقلاب سواء منذ الجلسات الأولى للمجلس الوطني التأسيسي أو ما تلاها من تحركات اثر اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي أو ما يعرف باعتصام الرحيل الذي دفع برئيس الحكومة الأسبق علي العريض لإعلان الاستقالة وتسليم المهام لحكومة مهدي جمعة.
تحالف انتهازي
وقد التقط متابعون هذا المعطى التاريخي ليصفوا التجمع السياسي بالانتهازي، حيث شخصية الشابي الباحثة عن خروج من الباب السياسي الكبير وتحقيق حلمه برئاسة الدولة وبين حركة النهضة الساعية لفك العزلة عنها بعد أن عجزت عن مسايرة أحداث 25/7 في البداية.
تهمة الانتهازية، وجدت صداها داخل بعض الأوساط الضيقة سيما تلك التي اختارت نهج الاصطفاف وراء رئيس الجمهورية قيس سعيد على أمل أن تقنعه بالالتفات اليها من خلال سب خصوم الرئيس والتنكيل بهم معنويا.
كما وجد هذا الوصف طريقه عند أطراف حزبية التي كثيرا ما استعدت حركة النهضة وعملت جاهدة للإبقاء على حزب موبليزير داخل مربع العزلة والرفض.
لقاء موضوعي..
في المقابل تقف شخصيات أخرى لتؤكد على أن تحالف الشابي والنهضة ويساريين وقوميين ومستقلين يأتي في إطار المبادرة السياسية المشتركة هو تحالف موضوعي أملته ظروف "الخطر الداهم" بعد ان اشتركت الأطراف المذكورة في تحديد الحد الأدنى السياسي وهو إنهاء الحالة الاستثنائية أولا ومناهضة إجراءات سعيد ثالثا وعودة الديمقراطية ثالثا.
ويرفض أصحاب هذا الرأي أن توصف المبادرة بالانتهازية بعد أن أثبتت تماسكها وتأثيرها الايجابي على الواقع السياسي لتنجح في التشكيك بجدوى الاستشارة الالكترونية وفي إقناع أحزاب ومنظمات وشخصيات مدنية وسياسية وازنة للالتحاق بالمبادرة.
فبتاريخ 8 نوفمبر 2021 أعلن المستشار الأول لرئيس الجمهورية والديبلوماسي السابق عبد الرؤوف بالطبيب عن التحاقه بمواطنين ضد الانقلاب وفي أول تصريح له قال بالطبيب "ان صداقتي برئيس الجمهورية لن تكون على حساب المواقف الوطنية وقد حاولت في عدة مرات الاتصال به لتقديم النصح لكن ذلك لم يحصل".
18 أكتوبر جديد
مع إعلان رئيس الجمهورية عن رؤيته السياسية يوم 35 جويلية انقسمت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الى ثلاثة أقسام.
فبين من يرى في تحرك سعيد تصحيحا للمسار وبين من يرى فيه شكلا من أشكال الانقلاب والاستئثار بالسلطة والتوغل وبين من خير المنطقة الرمادية حيث الوقوف على الربوة في انتظار مآلات الأمور والقفز لاحقا الى الطرف الأقوى.
وبحسر المواقف وتجميعها منذ إعلان التدابير الاستثنائية، بات واضحا أن الرافضين لما اعتبروه "انقلاب" 25 جويلية هي تلك المجموعات السياسية والتي شكلت في مرحلة من المراحل حجر عثرة أمام سياسات الرئيس الراحل زين العابدين بن علي على غرار زعيم اليسار وأمين عام حزب العمال حمة الهمامي والأستاذ المستقل العياشي الهمامي بالإضافة الى الأستاذين احمد نجيب الشابي ورضا بلحاج وعبدالرؤوف العيادي والرئيس الأسبق منصف المرزوقي.
وقد شكلت هذه المجموعة الى جانب القيادي النهضاوي سمير ديلو هيئة 18 أكتوبر والتي وقفت في وجه الآلة القمعية لنظام 7/11 في وقت كانت فيه بعض الأحزاب منتشية بديمقراطية بن علي لكنها سرعان ما انقلبت عليه خلال جلسة برلمانية يوم 12جانفي 2011 لتعلن ولائها "للثورة" بعد ان كانت موالية لصانع التغيير.
إسقاط تاريخي
مع تنزيل الأحداث الحاصلة اليوم ومقارنتها تاريخيا مع أحداث ما قبل انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي فان المتابع للشأن العام يكتشف ان من عارض ديكتاتورية بن علي هم أنفسهم من يقفون في وجه ما يسمونه "بالانقلاب".
فجل الأحزاب الرافضة والمتخوفة من تفرد قيس سعيد بالحكم وفرض رؤيته بالقوة، هي تلك الأطراف التي آمنت بالديمقراطية زمن "التخمة النوفمبرية" وعملت على ضمان الحد الأدنى منها رغم القمع المسلط على المناضلين.
ورغم تحولات المشهد وحالة الرخاء السياسي منذ 2011 فقد حافظت ذات الأطراف على قناعاتها بالدفاع عن مدنية الدولة ورفضها لأي تغييرات في النمط التونسي لتعود مجددا اليوم وتجد نفسها واقفة على نفس الخط للدفاع عن الديمقراطية ومجموع الحقوق والحريات التي تحقق منذ بعد الثورة.
تحالف الشيوخ الثلاثة
مع تخلي جزء واسع من النخبة عن دورها النضالي في مواجهة السلطة كشفت مبادرة الشابي عن تحالف داخل تحالف .
تحالف يقوده ثلاثة شيوخ وهم راشد الغنوشي 80 سنة ونجيب الشابي 77 عاما وعزالدين الحزڤي76 سنة حيث يشكل هذا الثلاثي مرجعا داخل مبادرة مواطنون ضد الانقلاب ومبادرة جبهة الخلاص الوطني.
ورغم الاختلاف الإيديولوجي بين الغنوشي (إسلامي) وبين الحزقي (يسار) فقد نجح الرجلان في تخطي سنوات الصراع الفكري لتأسيس نواة نضالية تجمع كل العائلات السياسية في تونس من اليمين الى اليسار وهو ما جعل محل اهتمام داخل البلاد وخارجها.
اهتمام ترجمته اللقاءات والزيارات سواء أثناء إضراب الجوع الذي خاضه عزالدين الحزقي ورفاقه أو اثر إطلاق مبادرة الخلاص لنجيب الشابي.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
أثار التجانس السياسي في المواقف الحزبية والميدانية بين مبادرة مواطنون ضد الانقلاب وجبهة الخلاص الوطني خاصة بعد إطلاق مبادرة احمد نجيب الشابي يوم 26 افريل وتحرك 15 ماي عدة أسئلة ومواقف.
وتقاطعت الأسئلة حول طبيعة التحالف بين المكونين السياسيين وماهية أهدافهما منذ الكشف عن أول لقاء بين قيادات من مبادرة مواطنون ضد الانقلاب ومبادرة اللقاء الوطني التي يترأسها السياسي المخضرم احمد نجيب الشابي يوم 28ديسمبر المنقضي.
وشكك متابعون في النوايا الصادقة لهذا التحالف منذ بدايته ، على اعتبار أن الشابي كثيرا ما أعلن عن استعدائه لحركة النهضة التي تشكل العمود الفقري لمواطنين ضد الانقلاب سواء منذ الجلسات الأولى للمجلس الوطني التأسيسي أو ما تلاها من تحركات اثر اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي أو ما يعرف باعتصام الرحيل الذي دفع برئيس الحكومة الأسبق علي العريض لإعلان الاستقالة وتسليم المهام لحكومة مهدي جمعة.
تحالف انتهازي
وقد التقط متابعون هذا المعطى التاريخي ليصفوا التجمع السياسي بالانتهازي، حيث شخصية الشابي الباحثة عن خروج من الباب السياسي الكبير وتحقيق حلمه برئاسة الدولة وبين حركة النهضة الساعية لفك العزلة عنها بعد أن عجزت عن مسايرة أحداث 25/7 في البداية.
تهمة الانتهازية، وجدت صداها داخل بعض الأوساط الضيقة سيما تلك التي اختارت نهج الاصطفاف وراء رئيس الجمهورية قيس سعيد على أمل أن تقنعه بالالتفات اليها من خلال سب خصوم الرئيس والتنكيل بهم معنويا.
كما وجد هذا الوصف طريقه عند أطراف حزبية التي كثيرا ما استعدت حركة النهضة وعملت جاهدة للإبقاء على حزب موبليزير داخل مربع العزلة والرفض.
لقاء موضوعي..
في المقابل تقف شخصيات أخرى لتؤكد على أن تحالف الشابي والنهضة ويساريين وقوميين ومستقلين يأتي في إطار المبادرة السياسية المشتركة هو تحالف موضوعي أملته ظروف "الخطر الداهم" بعد ان اشتركت الأطراف المذكورة في تحديد الحد الأدنى السياسي وهو إنهاء الحالة الاستثنائية أولا ومناهضة إجراءات سعيد ثالثا وعودة الديمقراطية ثالثا.
ويرفض أصحاب هذا الرأي أن توصف المبادرة بالانتهازية بعد أن أثبتت تماسكها وتأثيرها الايجابي على الواقع السياسي لتنجح في التشكيك بجدوى الاستشارة الالكترونية وفي إقناع أحزاب ومنظمات وشخصيات مدنية وسياسية وازنة للالتحاق بالمبادرة.
فبتاريخ 8 نوفمبر 2021 أعلن المستشار الأول لرئيس الجمهورية والديبلوماسي السابق عبد الرؤوف بالطبيب عن التحاقه بمواطنين ضد الانقلاب وفي أول تصريح له قال بالطبيب "ان صداقتي برئيس الجمهورية لن تكون على حساب المواقف الوطنية وقد حاولت في عدة مرات الاتصال به لتقديم النصح لكن ذلك لم يحصل".
18 أكتوبر جديد
مع إعلان رئيس الجمهورية عن رؤيته السياسية يوم 35 جويلية انقسمت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الى ثلاثة أقسام.
فبين من يرى في تحرك سعيد تصحيحا للمسار وبين من يرى فيه شكلا من أشكال الانقلاب والاستئثار بالسلطة والتوغل وبين من خير المنطقة الرمادية حيث الوقوف على الربوة في انتظار مآلات الأمور والقفز لاحقا الى الطرف الأقوى.
وبحسر المواقف وتجميعها منذ إعلان التدابير الاستثنائية، بات واضحا أن الرافضين لما اعتبروه "انقلاب" 25 جويلية هي تلك المجموعات السياسية والتي شكلت في مرحلة من المراحل حجر عثرة أمام سياسات الرئيس الراحل زين العابدين بن علي على غرار زعيم اليسار وأمين عام حزب العمال حمة الهمامي والأستاذ المستقل العياشي الهمامي بالإضافة الى الأستاذين احمد نجيب الشابي ورضا بلحاج وعبدالرؤوف العيادي والرئيس الأسبق منصف المرزوقي.
وقد شكلت هذه المجموعة الى جانب القيادي النهضاوي سمير ديلو هيئة 18 أكتوبر والتي وقفت في وجه الآلة القمعية لنظام 7/11 في وقت كانت فيه بعض الأحزاب منتشية بديمقراطية بن علي لكنها سرعان ما انقلبت عليه خلال جلسة برلمانية يوم 12جانفي 2011 لتعلن ولائها "للثورة" بعد ان كانت موالية لصانع التغيير.
إسقاط تاريخي
مع تنزيل الأحداث الحاصلة اليوم ومقارنتها تاريخيا مع أحداث ما قبل انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي فان المتابع للشأن العام يكتشف ان من عارض ديكتاتورية بن علي هم أنفسهم من يقفون في وجه ما يسمونه "بالانقلاب".
فجل الأحزاب الرافضة والمتخوفة من تفرد قيس سعيد بالحكم وفرض رؤيته بالقوة، هي تلك الأطراف التي آمنت بالديمقراطية زمن "التخمة النوفمبرية" وعملت على ضمان الحد الأدنى منها رغم القمع المسلط على المناضلين.
ورغم تحولات المشهد وحالة الرخاء السياسي منذ 2011 فقد حافظت ذات الأطراف على قناعاتها بالدفاع عن مدنية الدولة ورفضها لأي تغييرات في النمط التونسي لتعود مجددا اليوم وتجد نفسها واقفة على نفس الخط للدفاع عن الديمقراطية ومجموع الحقوق والحريات التي تحقق منذ بعد الثورة.
تحالف الشيوخ الثلاثة
مع تخلي جزء واسع من النخبة عن دورها النضالي في مواجهة السلطة كشفت مبادرة الشابي عن تحالف داخل تحالف .
تحالف يقوده ثلاثة شيوخ وهم راشد الغنوشي 80 سنة ونجيب الشابي 77 عاما وعزالدين الحزڤي76 سنة حيث يشكل هذا الثلاثي مرجعا داخل مبادرة مواطنون ضد الانقلاب ومبادرة جبهة الخلاص الوطني.
ورغم الاختلاف الإيديولوجي بين الغنوشي (إسلامي) وبين الحزقي (يسار) فقد نجح الرجلان في تخطي سنوات الصراع الفكري لتأسيس نواة نضالية تجمع كل العائلات السياسية في تونس من اليمين الى اليسار وهو ما جعل محل اهتمام داخل البلاد وخارجها.
اهتمام ترجمته اللقاءات والزيارات سواء أثناء إضراب الجوع الذي خاضه عزالدين الحزقي ورفاقه أو اثر إطلاق مبادرة الخلاص لنجيب الشابي.