دعا المشاركون في ندوة إقليمية حول مستقبل التربية والتعليم في البلدان العربية انعقدت أمس وتتواصل هذا اليوم بالعاصمة ببادرة من المعهد العربي لحقوق الإنسان وذلك بالشراكة مع اليونسكو، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، واتحاد المحامين العرب، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، إلى صياغة عقد اجتماعي جديد حول التعليم وضمان حق التعليم مدى الحياة، وشددوا على ضرورة توفر الإرادة السياسية لتحقيق هذه الأهداف.. واستنادا إلى مخرجات تقرير منظمة اليونسكو الوارد تحت عنوان "وضع تصورات جديدة لمستقبلنا معا: عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم"، تحدثوا عن التحديات المطروحة أمام إصلاح التربية والتعليم في البلدان العربية خاصة في ظل الرقمنة وتسارع نسق التطور التكنولوجي من ناحية وتزايد المشاكل التي تهدد التنمية المستدامة من ناحية أخرى، كما أن هناك من أشار إلى أن التعليم كفعل إنساني ومنتج مجتمعي لا يكون خارج القيمة، وأن الثقافة العربية تشترك في معاداة المنظومة الحقوقية وهي قائمة على نصوص تمييزية وعلى محامل عنصرية إما يؤسسها النص المقدس أو الوعي الجمعي أو التراكمات الثقافية وبالتالي كيف لمن ينتمي إلى هذه الثقافة أن ينتج القيمة التي تؤمن بكونية حقوق الإنسان وتؤمن بحرية الإنسان وبالمساواة وكيف يمكن تحرير التربية والتعليم من هذه الثقافة.
عبد الباسط بن حسن رئيس مجلس إدارة المعهد العربي لحقوق الإنسان بين أن التقرير الجديد لمنظمة اليونسكو يطرح قضايا التربية والتعليم ويؤسس لمطلب ملح لبناء عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم وهو يؤكد على وجود مسؤولية مشتركة للاستثمار في التعليم، وذكر أن الهدف من المنتدى الذي يقام احتفاء بالذكرى 33 لتأسيس المعهد ويحمل هذا العام اسم الخبير التربوي الراحل نجيب عبد المولى، يتمثل في عرض هذا التقرير على طاولة النقاش وطرح مشروع يتضمن ورقات بحثية حول إعداد دليل للتعلم مدى الحياة وحول مشروع انجاز عقد اجتماعي حول التعليم.. وذكر أنه تم القيام باستشارة موسعة أدارتها اليونسكو وأدت إلى توضيح الرؤية حول أبعاد التقرير وانه تم تنظيم 22 استشارة في المنطقة العربية حوله ولعل أبرز ما أمكن ملاحظته هو أن هناك اتفاقا على ضرورة النهوض بالتعليم والتأسيس للحق في التعليم وأنسنة التعليم وفي نفس الوقت هناك إحساس مشترك بالتشظي والعزلة وهناك خوف على التعليم وخوف من التعليم وخوف على فضاءات التعلم الرسمي وغير الرسمي وخوف من هذه الفضاءات وهذا الخوف مرده ليس فقط تردي التعليم بل في ضبابية المستقبل والشعور بأننا في البلدان العربية لم نعد نبني المشترك بل نبني العدم بشكل مشترك..، ولاحظ بن حسن أن الأزمة أعمق من قضية التعليم. وأضاف أن التعليم هو جزء من أزمة اشمل..
وأشار مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان إلى أنه منذ بدايات الحداثة وتأسيس الرؤية الجديدة للتربية والتعليم كانت هذه الرؤية تقوم على فكرة أساسية وهي أن التعليم يهدف إلى المواطنة وأن التعليم يجب أن يتمأسس وفي هذا السياق جاءت المدرسة العمومية وبقيت هذه النظرة للتعليم كرسالة والتعليم للإنقاذ وصناعة المستقبل موجودة في كل الحقبات..، فجل البلدان استثمرت في التعليم وهذا الاستثمار كان حوله إجماع بما في ذلك القطاع الخاص.
وقال بن حسن إن التقرير ركز على جملة من النقاط أولها حقوق الإنسان في مفهومها المترابط الشامل، حقوق تؤسس للتعليم الجديد، وهي جزء أساسي لبناء عقد اجتماعي حول التعليم، أما الفكرة الموالية فهي التعليم مدى الحياة وهو ما يتطلب وضع رؤية تجمع بين التربية الوالدية والتعليم ما قبل المدرسي والتربية في المدرسة والتربية في الجامعة والتربية في مراكز التكوين والتأهيل والتربية في السجون وغيرها، فالتعليم يجب أن يعيد تأسيس فضاءات التعلم بمختلف أنواعها..، وتتمثل المسالة الثالثة التي ركز عليها التقرير والتي لها تبعات كبرى على حد اعتقاد بن حسن في المعرفة كحق، أي الحق في بناء المعرفة وتداولها وديمقراطية الوصول إليها، وبالنسبة إلى النقطة الموالية التي ركز عليها التقرير فتتمثل على حد قوله في مسألة الاستدامة في الرؤية والسياسات والمخططات والبرامج والعمل المتواصل لبناء العقد الاجتماعي والحفاظ عليه.. وأضاف أن التقرير تعرض أيضا إلى فكرة التضامن، فالتعليم الجديد الذي سيؤثر في كل المعاني يجب أن يقوم على التضامن داخل المجتمع الواحد والتضامن بين الدول والتضامن بين المجتمعات.. وذكر أن هذه التحديات تأتي في ظل وجود أزمات متعددة وشعور بالعزلة وخوف من الحاضر والمستقبل، فالحضارة العربية التي لم تسبقها حضارة أخرى في إنتاج الخيرات وصنع المعلومات هي في نفس الوقت تعاني من غياب التوزيع العادل للثروات وتعاني من النزاعات والحروب والتغيرات المناخية وغيرها، فهناك طاقات كبيرة لكن في نفس الوقت هناك حواجز أمام تمتع الإنسان بها.
وأكد عبد الباسط بن حسن على أهمية توفر الإرادة السياسية لبناء عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم ولضمان التعلم مدى الحياة، وتعقيبا عن استفسار حول مدى توفر هذه الإرادة السياسية في تونس أجاب مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان في تصريح صحفي أن تونس شهدت مبادرات عديدة لإصلاح المنظومات التربوية آخرها المبادرة المتعلقة بإطلاق الحوار المواطني المجتمعي لإصلاح المنظومة التربوية الذي ساهمت فيه وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل وشبكة عهد وتم في إطاره انجاز عدة تصورات يمكن أن تنهض بالتعليم لكن ما نحتاجه اليوم هو الاستدامة في الإصلاح والقرار السياسي الواضح بوضع سياسات تنقذ المدرسة العمومية وتستثمر في التعليم بشكل مستمر ومستدام وذكر أنه يجب الذهاب في الإصلاح بقرار سياسي واضح وبقرارات تنقذ المدرسة العمومية ويجب التوجه إلى عقد اجتماعي جديد يمكن من وضع كل الطاقات والإمكانيات والموارد من اجل الذهاب في طريق الإصلاح دون تقطعات ودون معيقات.
التعليم أولوية الأولويات
وترى هلين قيول المسؤولة عن برنامج التربية بمكتب اليونسكو بالمغرب أنه لا بد من إعادة التفكير في دور المدارس وإضفاء الطابع الرقمي وتعزيز الموارد التي يجب ضخها لفائدة قطاع التعليم من أجل تحقيق التقدم والنمو والازدهار، وفي نفس السياق بين علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن التعليم هو المحور الأساسي الذي من شأنه أن يحقق الرفاه والتقدم، وذكر أن التعليم يجب أن يصبح أولوية الأوليات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فهو رافعة التنوير وشدد على وجود ضرورة لعقد اجتماعي جديد يضمن التعليم مدى الحياة. أما سيد شعبان الأمين العام المساعد لدولة المقر باتحاد المحامين العرب فلاحظ أن المعلم يلعب دورا هاما في المنظومة التربوية لكن هذا الدور تأثر خلال جائحة كورونا وفي هذا السياق ساهم التعليم عن بعد في تعزيز دور المعلم بوضع برامج لفائدته وهي تقوم على تكنولوجيا المعلومات. وذكر أن قضية المناهج التعليمية تأتي بدورها على رأس الأولويات لان التعليم في اغلب البلدان العربية تعليم مركزي يعمل على إعداد مواطنين غير فاعلين إضافة إلى ضعف الإمكانيات المتاحة للمتعلمين وأشار إلى أنه من المهم البحث عن الطالب الذي يدرب على ملكات الإبداع بعيدا عن حشو دماغه بمعلومات لا يستوعبها. وفسر شعبان أن نصف السكان في الوطن العربي يعيشون تحت خط الفقر لكن في المقابل لا بد من تطوير التعليم وتطوير دور المعلم وهو ما يقتضي التعاون المشترك بين الدول العربية ويتطلب بعث صندوق عربي مخصص للتعليم. وأكد زياد عبد الصمد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري الاستثمار في الإنسان المتنور القادر على قبول الآخر وتقبل فكر الآخر والاشتراك معه.. ولاحظ أن المعرفة هي حق من حقوق الإنسان وهي في نفس الوقت وسيلة لتطويره ونمائه فكريا حتى يصبح فاعلا في تحقيق التنمية.. وأشار عبد الصمد بالخصوص إلى أن التعليم ليس سلعة ولا يجوز أن يخضع لآليات السوق وقاعدة العرض والطلب لأن التعليم حق يساهم في صناعة رأس المال البشري الذي يساهم بدوره في تحقيق التنمية التي تعد وسيلة لتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع. ولاحظت عائدة الفرشيشي المتفقدة العامة في التربية أن تقرير اليونسكو مهم لأنه حصيلة تفكير مشترك وحوار جماعي قاد إلى اتفاق على بناء تصورات موحدة وهو يهدف إلى بناء عقد جديد للتربية والتعليم، عقد يراد منه أن يكون جديدا في علاقة بواقع متحرك بنسق سريع مفزع وهو يكشف أن تحسين الحياة مرتهن بالنظم التربوية، فالتعليم والتربية أولوية ومن منطلقات التعليم والتربية يتغير العالم نحو الأفضل أو يتغير في اتجاهات أخرى.. وذكرت أن العقد الجديد يجب أن يساعد على بناء مستقبل قائم على الحرية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والرقمنة
وذكر صبحي الطويل مدير مستقبل التعليم والتجديد بمنظمة اليونسكو أن التقرير يهدف إلى بناء المجتمعات وهو ثمرة عمل دام سنتين على مستوى الهيئة الدولية المتكونة من 17 عضوا من كافة الأقاليم في العالم وتحدث عن أهمية إطلاق حوار حول التعليم لأنه لا بد من عقد اجتماعي جديد يصحح موروث الماضي وأخطاءه ويساهم في تشكيل مستقبل عادل ومنصف ومستدام وفسر أن العقد الجديد هو مقترح قائم على جملة من الركائز أولها أن التعليم مسؤولية جماعية مشتركة بين مختلف الأطراف الفاعلة، وكذلك إن الحق في التعليم يكون مرتبطا بحقوق أخرى من الحق في المعلومة والحق في المشاركة والحق في العلوم، فضلا عن تحويل نظام التعليم كي يكون قادرا على المساهمة في النهوض بالمجتمع وتحقيق تنمية مستدامة. وذكر زياد عبد الصمد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية أن التعليم من الضرورات الأساسية وهو حق من حقوق الإنسان نصت عليه كل الدساتير كما أنه شرط لتحقيق المواطنة والتنمية المستدامة..، وبين أن خطة عمل 2030 ركزت على أن التعليم حق بل على أن التعليم الجيد والتعليم مدى الحياة هو حق من حقوق الإنسان وعلى أن التعليم ليس سلعة بل قيمة تساهم في تطوير الإنسان وذكر أن أهداف التنمية المستدامة ركزت على المساواة وتكافؤ الفرص في التعليم وعلى تكوين الشباب وتدريبهم وبين أن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يفصل بين الحق في التعليم والحق في الثقافة.
لا للانغلاق
وفي كلمة لوزير التربية فتحي السلاوتي قدمها عوضا عنه رياض بوبكر مدير عام البرامج والتعليم المستمر بوزارة التربية أشار إلى أن وزارة التربية لديها اقتناع تام بضرورة الانخراط في مسار تشاركي مع المجتمع المدني بما يجعل إستراتيجية التربية صورة لما يتوق إليه المجتمع، فالمجتمع حسب قوله يتوق إلى تربية جيدة للجميع، تربية تتوافق مع المعايير الدولية خاصة مع ما نصت عليه أهداف التنمية. وذكر أن الرسالة الثانية التي يريد توجيهها هي أن التحديات التي تواجه تنفيذ السياسة التربوية تقتضي أن تكون كل القوى الحية في البلاد متضامنة معا لرفع هذه التحديات. ولاحظ أنه كلما تعلق الأمر بالتشخيص هناك توافق لكن عند المرور إلى مرحلة اختيار المداخل تشتبه السبل وتتداخل المسالك.. وقال إنه من المشروع التساؤل لماذا لم يقع المرور إلى وضع التصورات المتعلقة بالإصلاح التربوي تلك التي تم الاشتغال عليها منذ 2012 حيز التنفيذ؟ ولاحظ أن هناك تركيزا على المناهج والمناهج في حد ذاتها خطوة عملاقة لكن تحويلها إلى ممارسة يحتاج إلى قطع مسافة هامة. وخلص إلى أنه في صورة الرغبة في تطوير المشهد التربوي لا يمكن أن ننغلق على أنفسنا.
سعيدة بوهلال
تونس- الصباح
دعا المشاركون في ندوة إقليمية حول مستقبل التربية والتعليم في البلدان العربية انعقدت أمس وتتواصل هذا اليوم بالعاصمة ببادرة من المعهد العربي لحقوق الإنسان وذلك بالشراكة مع اليونسكو، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، واتحاد المحامين العرب، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، إلى صياغة عقد اجتماعي جديد حول التعليم وضمان حق التعليم مدى الحياة، وشددوا على ضرورة توفر الإرادة السياسية لتحقيق هذه الأهداف.. واستنادا إلى مخرجات تقرير منظمة اليونسكو الوارد تحت عنوان "وضع تصورات جديدة لمستقبلنا معا: عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم"، تحدثوا عن التحديات المطروحة أمام إصلاح التربية والتعليم في البلدان العربية خاصة في ظل الرقمنة وتسارع نسق التطور التكنولوجي من ناحية وتزايد المشاكل التي تهدد التنمية المستدامة من ناحية أخرى، كما أن هناك من أشار إلى أن التعليم كفعل إنساني ومنتج مجتمعي لا يكون خارج القيمة، وأن الثقافة العربية تشترك في معاداة المنظومة الحقوقية وهي قائمة على نصوص تمييزية وعلى محامل عنصرية إما يؤسسها النص المقدس أو الوعي الجمعي أو التراكمات الثقافية وبالتالي كيف لمن ينتمي إلى هذه الثقافة أن ينتج القيمة التي تؤمن بكونية حقوق الإنسان وتؤمن بحرية الإنسان وبالمساواة وكيف يمكن تحرير التربية والتعليم من هذه الثقافة.
عبد الباسط بن حسن رئيس مجلس إدارة المعهد العربي لحقوق الإنسان بين أن التقرير الجديد لمنظمة اليونسكو يطرح قضايا التربية والتعليم ويؤسس لمطلب ملح لبناء عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم وهو يؤكد على وجود مسؤولية مشتركة للاستثمار في التعليم، وذكر أن الهدف من المنتدى الذي يقام احتفاء بالذكرى 33 لتأسيس المعهد ويحمل هذا العام اسم الخبير التربوي الراحل نجيب عبد المولى، يتمثل في عرض هذا التقرير على طاولة النقاش وطرح مشروع يتضمن ورقات بحثية حول إعداد دليل للتعلم مدى الحياة وحول مشروع انجاز عقد اجتماعي حول التعليم.. وذكر أنه تم القيام باستشارة موسعة أدارتها اليونسكو وأدت إلى توضيح الرؤية حول أبعاد التقرير وانه تم تنظيم 22 استشارة في المنطقة العربية حوله ولعل أبرز ما أمكن ملاحظته هو أن هناك اتفاقا على ضرورة النهوض بالتعليم والتأسيس للحق في التعليم وأنسنة التعليم وفي نفس الوقت هناك إحساس مشترك بالتشظي والعزلة وهناك خوف على التعليم وخوف من التعليم وخوف على فضاءات التعلم الرسمي وغير الرسمي وخوف من هذه الفضاءات وهذا الخوف مرده ليس فقط تردي التعليم بل في ضبابية المستقبل والشعور بأننا في البلدان العربية لم نعد نبني المشترك بل نبني العدم بشكل مشترك..، ولاحظ بن حسن أن الأزمة أعمق من قضية التعليم. وأضاف أن التعليم هو جزء من أزمة اشمل..
وأشار مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان إلى أنه منذ بدايات الحداثة وتأسيس الرؤية الجديدة للتربية والتعليم كانت هذه الرؤية تقوم على فكرة أساسية وهي أن التعليم يهدف إلى المواطنة وأن التعليم يجب أن يتمأسس وفي هذا السياق جاءت المدرسة العمومية وبقيت هذه النظرة للتعليم كرسالة والتعليم للإنقاذ وصناعة المستقبل موجودة في كل الحقبات..، فجل البلدان استثمرت في التعليم وهذا الاستثمار كان حوله إجماع بما في ذلك القطاع الخاص.
وقال بن حسن إن التقرير ركز على جملة من النقاط أولها حقوق الإنسان في مفهومها المترابط الشامل، حقوق تؤسس للتعليم الجديد، وهي جزء أساسي لبناء عقد اجتماعي حول التعليم، أما الفكرة الموالية فهي التعليم مدى الحياة وهو ما يتطلب وضع رؤية تجمع بين التربية الوالدية والتعليم ما قبل المدرسي والتربية في المدرسة والتربية في الجامعة والتربية في مراكز التكوين والتأهيل والتربية في السجون وغيرها، فالتعليم يجب أن يعيد تأسيس فضاءات التعلم بمختلف أنواعها..، وتتمثل المسالة الثالثة التي ركز عليها التقرير والتي لها تبعات كبرى على حد اعتقاد بن حسن في المعرفة كحق، أي الحق في بناء المعرفة وتداولها وديمقراطية الوصول إليها، وبالنسبة إلى النقطة الموالية التي ركز عليها التقرير فتتمثل على حد قوله في مسألة الاستدامة في الرؤية والسياسات والمخططات والبرامج والعمل المتواصل لبناء العقد الاجتماعي والحفاظ عليه.. وأضاف أن التقرير تعرض أيضا إلى فكرة التضامن، فالتعليم الجديد الذي سيؤثر في كل المعاني يجب أن يقوم على التضامن داخل المجتمع الواحد والتضامن بين الدول والتضامن بين المجتمعات.. وذكر أن هذه التحديات تأتي في ظل وجود أزمات متعددة وشعور بالعزلة وخوف من الحاضر والمستقبل، فالحضارة العربية التي لم تسبقها حضارة أخرى في إنتاج الخيرات وصنع المعلومات هي في نفس الوقت تعاني من غياب التوزيع العادل للثروات وتعاني من النزاعات والحروب والتغيرات المناخية وغيرها، فهناك طاقات كبيرة لكن في نفس الوقت هناك حواجز أمام تمتع الإنسان بها.
وأكد عبد الباسط بن حسن على أهمية توفر الإرادة السياسية لبناء عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم ولضمان التعلم مدى الحياة، وتعقيبا عن استفسار حول مدى توفر هذه الإرادة السياسية في تونس أجاب مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان في تصريح صحفي أن تونس شهدت مبادرات عديدة لإصلاح المنظومات التربوية آخرها المبادرة المتعلقة بإطلاق الحوار المواطني المجتمعي لإصلاح المنظومة التربوية الذي ساهمت فيه وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل وشبكة عهد وتم في إطاره انجاز عدة تصورات يمكن أن تنهض بالتعليم لكن ما نحتاجه اليوم هو الاستدامة في الإصلاح والقرار السياسي الواضح بوضع سياسات تنقذ المدرسة العمومية وتستثمر في التعليم بشكل مستمر ومستدام وذكر أنه يجب الذهاب في الإصلاح بقرار سياسي واضح وبقرارات تنقذ المدرسة العمومية ويجب التوجه إلى عقد اجتماعي جديد يمكن من وضع كل الطاقات والإمكانيات والموارد من اجل الذهاب في طريق الإصلاح دون تقطعات ودون معيقات.
التعليم أولوية الأولويات
وترى هلين قيول المسؤولة عن برنامج التربية بمكتب اليونسكو بالمغرب أنه لا بد من إعادة التفكير في دور المدارس وإضفاء الطابع الرقمي وتعزيز الموارد التي يجب ضخها لفائدة قطاع التعليم من أجل تحقيق التقدم والنمو والازدهار، وفي نفس السياق بين علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن التعليم هو المحور الأساسي الذي من شأنه أن يحقق الرفاه والتقدم، وذكر أن التعليم يجب أن يصبح أولوية الأوليات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فهو رافعة التنوير وشدد على وجود ضرورة لعقد اجتماعي جديد يضمن التعليم مدى الحياة. أما سيد شعبان الأمين العام المساعد لدولة المقر باتحاد المحامين العرب فلاحظ أن المعلم يلعب دورا هاما في المنظومة التربوية لكن هذا الدور تأثر خلال جائحة كورونا وفي هذا السياق ساهم التعليم عن بعد في تعزيز دور المعلم بوضع برامج لفائدته وهي تقوم على تكنولوجيا المعلومات. وذكر أن قضية المناهج التعليمية تأتي بدورها على رأس الأولويات لان التعليم في اغلب البلدان العربية تعليم مركزي يعمل على إعداد مواطنين غير فاعلين إضافة إلى ضعف الإمكانيات المتاحة للمتعلمين وأشار إلى أنه من المهم البحث عن الطالب الذي يدرب على ملكات الإبداع بعيدا عن حشو دماغه بمعلومات لا يستوعبها. وفسر شعبان أن نصف السكان في الوطن العربي يعيشون تحت خط الفقر لكن في المقابل لا بد من تطوير التعليم وتطوير دور المعلم وهو ما يقتضي التعاون المشترك بين الدول العربية ويتطلب بعث صندوق عربي مخصص للتعليم. وأكد زياد عبد الصمد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري الاستثمار في الإنسان المتنور القادر على قبول الآخر وتقبل فكر الآخر والاشتراك معه.. ولاحظ أن المعرفة هي حق من حقوق الإنسان وهي في نفس الوقت وسيلة لتطويره ونمائه فكريا حتى يصبح فاعلا في تحقيق التنمية.. وأشار عبد الصمد بالخصوص إلى أن التعليم ليس سلعة ولا يجوز أن يخضع لآليات السوق وقاعدة العرض والطلب لأن التعليم حق يساهم في صناعة رأس المال البشري الذي يساهم بدوره في تحقيق التنمية التي تعد وسيلة لتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع. ولاحظت عائدة الفرشيشي المتفقدة العامة في التربية أن تقرير اليونسكو مهم لأنه حصيلة تفكير مشترك وحوار جماعي قاد إلى اتفاق على بناء تصورات موحدة وهو يهدف إلى بناء عقد جديد للتربية والتعليم، عقد يراد منه أن يكون جديدا في علاقة بواقع متحرك بنسق سريع مفزع وهو يكشف أن تحسين الحياة مرتهن بالنظم التربوية، فالتعليم والتربية أولوية ومن منطلقات التعليم والتربية يتغير العالم نحو الأفضل أو يتغير في اتجاهات أخرى.. وذكرت أن العقد الجديد يجب أن يساعد على بناء مستقبل قائم على الحرية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والرقمنة
وذكر صبحي الطويل مدير مستقبل التعليم والتجديد بمنظمة اليونسكو أن التقرير يهدف إلى بناء المجتمعات وهو ثمرة عمل دام سنتين على مستوى الهيئة الدولية المتكونة من 17 عضوا من كافة الأقاليم في العالم وتحدث عن أهمية إطلاق حوار حول التعليم لأنه لا بد من عقد اجتماعي جديد يصحح موروث الماضي وأخطاءه ويساهم في تشكيل مستقبل عادل ومنصف ومستدام وفسر أن العقد الجديد هو مقترح قائم على جملة من الركائز أولها أن التعليم مسؤولية جماعية مشتركة بين مختلف الأطراف الفاعلة، وكذلك إن الحق في التعليم يكون مرتبطا بحقوق أخرى من الحق في المعلومة والحق في المشاركة والحق في العلوم، فضلا عن تحويل نظام التعليم كي يكون قادرا على المساهمة في النهوض بالمجتمع وتحقيق تنمية مستدامة. وذكر زياد عبد الصمد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية أن التعليم من الضرورات الأساسية وهو حق من حقوق الإنسان نصت عليه كل الدساتير كما أنه شرط لتحقيق المواطنة والتنمية المستدامة..، وبين أن خطة عمل 2030 ركزت على أن التعليم حق بل على أن التعليم الجيد والتعليم مدى الحياة هو حق من حقوق الإنسان وعلى أن التعليم ليس سلعة بل قيمة تساهم في تطوير الإنسان وذكر أن أهداف التنمية المستدامة ركزت على المساواة وتكافؤ الفرص في التعليم وعلى تكوين الشباب وتدريبهم وبين أن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يفصل بين الحق في التعليم والحق في الثقافة.
لا للانغلاق
وفي كلمة لوزير التربية فتحي السلاوتي قدمها عوضا عنه رياض بوبكر مدير عام البرامج والتعليم المستمر بوزارة التربية أشار إلى أن وزارة التربية لديها اقتناع تام بضرورة الانخراط في مسار تشاركي مع المجتمع المدني بما يجعل إستراتيجية التربية صورة لما يتوق إليه المجتمع، فالمجتمع حسب قوله يتوق إلى تربية جيدة للجميع، تربية تتوافق مع المعايير الدولية خاصة مع ما نصت عليه أهداف التنمية. وذكر أن الرسالة الثانية التي يريد توجيهها هي أن التحديات التي تواجه تنفيذ السياسة التربوية تقتضي أن تكون كل القوى الحية في البلاد متضامنة معا لرفع هذه التحديات. ولاحظ أنه كلما تعلق الأمر بالتشخيص هناك توافق لكن عند المرور إلى مرحلة اختيار المداخل تشتبه السبل وتتداخل المسالك.. وقال إنه من المشروع التساؤل لماذا لم يقع المرور إلى وضع التصورات المتعلقة بالإصلاح التربوي تلك التي تم الاشتغال عليها منذ 2012 حيز التنفيذ؟ ولاحظ أن هناك تركيزا على المناهج والمناهج في حد ذاتها خطوة عملاقة لكن تحويلها إلى ممارسة يحتاج إلى قطع مسافة هامة. وخلص إلى أنه في صورة الرغبة في تطوير المشهد التربوي لا يمكن أن ننغلق على أنفسنا.