في ثاني زيارة لمسؤول رفيع المستوى من الإدارة الأمريكية في أقل من شهرين، تستهل بداية من اليوم مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة المكلفة بشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت زيارتها إلى تونس، التي تستمر حتى يوم 14 ماي الجاري.
ومن المقرر أن تلتقي لمبرت "بكبار المسؤولين الحكوميين وممثلي المجتمع المدني، للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب التونسي والحاجة إلى عملية إصلاح سياسي واقتصادي شفافة تشمل الجميع وتمثل مختلف الأطياف التونسية"، وفق ما جاء في بلاغ سفارة الولايات المتحدة بتونس.
وتأتي زيارة المسؤولة الأمريكية بعد زيارة مثيرة للجدل قامت بها قبل شهر ونصف تقريبا زميلتها في الخارجية الأمريكية “أوزرا زيا” مساعدة وزير الخارجية لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان التي زارت تونس من 23 مارس الماضي إلى غاية 27 من نفس الشهر.
الملفت للانتباه، أن برنامج زيارة لمبرت لا يختلف كثيرا عن برنامج زيارة مواطنتها أوزرا، التي ارتبط مجيئها إلى تونس بأحداث سياسية مهمة وقعت في تلك الفترة، وكانت جلها محل "قلق" وانتقاد شديدين من إدارة الرئيس بايدن، أبرزها ما وقع قبل الزيارة مثل حل المجلس الأعلى للقضاء (يوم 6 فيفري) وتعويضه بمجلس وقتي، وبعد الزيارة بقليل مثل حل البرلمان (يوم 30 مارس)، ثم حل هيئة الانتخابات ( يوم 21 أفريل) وتعويضها بهيئة جديدة.
الغريب في الأمر، أن الجلسة العامة الافتراضية التي دعا إليها مكتب البرلمان المنحل وما عقبها من قرارات، تزامنت مع اختتام وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للأمن المدني والديمقراطية عُزرا زِيّا، لزيارتها إلى تونس والتقت خلالها ممثلين عن المجتمع المدني وأحزاب ونقابات وأيضا رئيسة الحكومة ووزير الخارجية عثمان الجارندي.
علما أن زيا أكدت خلال لقائها بالجارندي على "أهمية أن يكون المسار في تونس تشاركيا" وأن "واشنطن التي رافقتها في انتقالها الديمقراطي تتطلع إلى مواصلة دعم التجربة الديمقراطية التونسية".
متابعة أمريكية لصيقة لتطورات المشهد التونسي
تأتي زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة المكلفة بشؤون الشرق الأدنى، في سياق يعكس اهتمام الإدارة الأمريكية بما يجري في تونس منذ 25 جويلية 2021 تاريخ إعلان الرئيس سعيد عن قراره "تصحيح مسار الثورة"، ومنذ ذلك التاريخ لم تغمض عين الولايات المتحدة عن متابعة تطورات المشهد السياسي في تونس لحظة واحدة..
ومن خلال تصريحات الناطق باسم الإدارة الأمريكية، ونشاط السفير السابق في تونس (لم يتم تعويضه بعد) أو من خلال زيارات الوفود الرسمية والبرلمانية الأمريكية والاتصالات الهاتفية والدبلوماسية، وهي تمارس ما يشبه الضغط الدبلوماسي والاقتصادي المكثف على قصر قرطاج للقبول بتنازلات والانفتاح على المعارضة السياسية كتنظيم حوار وطني، وتسريع العودة إلى المسار الديمقراطي، والاكتفاء بالتعبير عن القلق تجاه كل من يصدر من قرارات ليست محل إجماع أو موافقة خاصة من قبل خصوم سعيد ومعارضيه..
ويذكر آن آخر موقف عبرت عنه الولايات المتّحدة الأمريكية تجاه تونس، تعلق بقرار سعيّد حل الهيئة المستقلة للانتخابات، إذ أصدرت الإدارة الأمريكية بلاغا بتاريخ 27 أفريل الماضي، عبرت فيه عن "قلقها العميق" حيال قرار الرئيس قيس سعيّد "بإعادة هيكلة أحادية الجانب للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات".
جاء ذلك في الإحاطة الصحفية اليومية للمتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية، نيد برايس وفق بيان نشرته السفارة الأمريكية بتونس على صفحتها الرسمية على فيسبوك.
وأضاف برايس أن "وجود هيئة عليا للانتخابات مستقلّة بحقّ لأمر بالغ الأهمّية نظرًا للدور المنوط بها دستوريا في تنظيم الاستفتاء والانتخابات البرلمانية القادمة".
كما تأتي زيارة لمبرت إلى تونس في وقت يشهد فيه المناخ السياسي مزيدا من التوتر مع اقتراب مواعيد انتخابية مهمة على غرار استفتاء 25 جويلية، وبعد وقت قصير من قرار سعيد حل هيئة الانتخابات وإصدار مرسوم ينقح قانون الهيئة وتعيين أعضاء جدد بها.
وتأتي الزيارة أيضا إثر لقاء جمع قبل يومين، القائمة بالأعمال بالنيابة بالسفارة الأمريكية بتونس ناتاشا فرانشيسكي، مع وزير الدفاع الوطني عماد مميش، وكان محوره مزيد دعم التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية.
وحسب بلاغ إعلامي، لوزارة الدفاع، أكد مميش، أهميّة الشّراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، التي قال إنها ما فتئت تتدعّم في قطاع الدفاع، حيث شهد التعاون العسكري التونسي الأمريكي في السنوات الأخيرة "نسقًا تصاعديًا" في مجالات متعدّدة ومتنوّعة، ما ساهم في الارتقاء بالجاهزية العملياتية للقوات المسلّحة.
بدورها، نوّهت فرانشيسكي، بالتطوّر الحاصل في قدرات المؤسسة العسكرية التونسية والمستوى الرفيع الذي بلغه التعاون العسكري بين البلدين والنتائج المحققة في المجال، معبّرة عن عزم الإدارة الأمريكية على مواصلة الوقوف إلى جانب تونس في ما يتعلق بأمن الحدود والتكوين والتدريب والمساعدة الفنية..
علما أن السفير الأمريكي السابق دونالد بلوم غادر تونس بعد انتهاء مهامه قبل شهر تقريبا. وأثار تأخر تعيين سفير جديد بدلا عنه، جدلا بخصوص إمكانية أن يعكس ذلك موقفا سلبيا للإدارة الأمريكية تجاه تونس، غير أن السفارة الأمريكية بتونس، سرعان ما أكدت في بلاغ لها نشرته يوم 14 أفريل الماضي، على التزامها بالعلاقات الثنائية بين تونس وأمريكا، موضّحة أنّ "مستوى تمثيلها الدبلوماسي في تونس سيظل على مستوى سفير".
وأشارت إلى أن "انتهاء مهام بلوم في تونس، بعد ثلاث سنوات، وهي الفترة المتعارف عليها، مؤكدة أنه إلى حين تعيين سفير جديد ستتولى القائمة بالأعمال ناتاشا فرانشيسكي الإشراف على أعمال السفارة وهو تقليد دبلوماسي دولي معمول به".
وأوضحت السفارة أنّ "تعيين سفير أمريكي جديد يتطلب ترشيحًا من البيت الأبيض ومصادقة من الكونغرس الأمريكي رّدا على "انتقادات بتعيين قائمة بالأعمال عوضا عن سفير فور انتهاء مهام السفير السابق دونالد بلوم".
ضغوطات دبلوماسية واقتصادية
ومهما يكن من أمر، فإن زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة المكلفة بشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت إلى تونس، وقبلها مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المكلّفة بشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، تعبران عن موقف الإدارة الأمريكية تجاه ما يجري من تطورات في تونس، موقف تحركه أساسا المصالح الأمريكية في المنطقة في علاقة بموقع تونس الاستراتيجي بشمال إفريقيا، وفي علاقة بالملف الليبي الذي يظل من أولويات الإدارة الأمريكية.
كما عملت واشنطن على تكثيف الضغوطات الدبلوماسية والاقتصادية على تونس من خلال تأثيرها الواضح على دوائر القرار في كل من صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين وتمطيط قدر الإمكان في المفاوضات الجارية والمستمرة مع الحكومة التونسية من أجل التوصل إل اتفاق مالي جديد، فضلا عن ممارسة ضغوطات على بعض الدول خاصة منها الخليجية التي أبدت استعدادا لمساعدة تونس اقتصاديا وماليا..
ورغم الانتقادات الموجهة لقرارات الرئيس سعيد، إلا أن إدارة بايدن حرصت على الإبقاء على قنوات التواصل الدبلوماسي مفتوحة مع قرطاج، وممارسة مراقبة حذرة ولصيقة لما يجري من تطورات في المشهد السياسي التونسي، علما أن الولايات المتحدة وعكس مواقف بعض الدول، لم تصف رسميا ولحد الآن ما جرى في 25 جويلية بالانقلاب على الدستور.
على النقيض من ذلك، تسعى لوبيات من برلمانيين ونشطاء بالمجتمع المدني الأمريكي إلى التعبير عن مواقف عدائية تجاه تونس، والتأثير على دوائر القرار، على غرار البيان شديد اللهجة الموجه إلى الرئيس جو بايدن، وحمل إمضاء سفراء أمريكيين سابقين في تونس مع مجموعة من الجامعيين والدبلوماسيين وممثلي المجتمع المدني، وصدر في 4 مارس 2022، دعوا فيه إلى مزيد الضغط على الرئيس سعيد وانتقدوا غياب رد فعل أمريكي على ما وصفوه بـ"هجوم سعيد على الديمقراطية" وطالبوا بعودة سريعة بهيئة تشريعية منتخبة (برلمان) وإعادة الهيئات المستقلة.
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
في ثاني زيارة لمسؤول رفيع المستوى من الإدارة الأمريكية في أقل من شهرين، تستهل بداية من اليوم مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة المكلفة بشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت زيارتها إلى تونس، التي تستمر حتى يوم 14 ماي الجاري.
ومن المقرر أن تلتقي لمبرت "بكبار المسؤولين الحكوميين وممثلي المجتمع المدني، للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب التونسي والحاجة إلى عملية إصلاح سياسي واقتصادي شفافة تشمل الجميع وتمثل مختلف الأطياف التونسية"، وفق ما جاء في بلاغ سفارة الولايات المتحدة بتونس.
وتأتي زيارة المسؤولة الأمريكية بعد زيارة مثيرة للجدل قامت بها قبل شهر ونصف تقريبا زميلتها في الخارجية الأمريكية “أوزرا زيا” مساعدة وزير الخارجية لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان التي زارت تونس من 23 مارس الماضي إلى غاية 27 من نفس الشهر.
الملفت للانتباه، أن برنامج زيارة لمبرت لا يختلف كثيرا عن برنامج زيارة مواطنتها أوزرا، التي ارتبط مجيئها إلى تونس بأحداث سياسية مهمة وقعت في تلك الفترة، وكانت جلها محل "قلق" وانتقاد شديدين من إدارة الرئيس بايدن، أبرزها ما وقع قبل الزيارة مثل حل المجلس الأعلى للقضاء (يوم 6 فيفري) وتعويضه بمجلس وقتي، وبعد الزيارة بقليل مثل حل البرلمان (يوم 30 مارس)، ثم حل هيئة الانتخابات ( يوم 21 أفريل) وتعويضها بهيئة جديدة.
الغريب في الأمر، أن الجلسة العامة الافتراضية التي دعا إليها مكتب البرلمان المنحل وما عقبها من قرارات، تزامنت مع اختتام وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للأمن المدني والديمقراطية عُزرا زِيّا، لزيارتها إلى تونس والتقت خلالها ممثلين عن المجتمع المدني وأحزاب ونقابات وأيضا رئيسة الحكومة ووزير الخارجية عثمان الجارندي.
علما أن زيا أكدت خلال لقائها بالجارندي على "أهمية أن يكون المسار في تونس تشاركيا" وأن "واشنطن التي رافقتها في انتقالها الديمقراطي تتطلع إلى مواصلة دعم التجربة الديمقراطية التونسية".
متابعة أمريكية لصيقة لتطورات المشهد التونسي
تأتي زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة المكلفة بشؤون الشرق الأدنى، في سياق يعكس اهتمام الإدارة الأمريكية بما يجري في تونس منذ 25 جويلية 2021 تاريخ إعلان الرئيس سعيد عن قراره "تصحيح مسار الثورة"، ومنذ ذلك التاريخ لم تغمض عين الولايات المتحدة عن متابعة تطورات المشهد السياسي في تونس لحظة واحدة..
ومن خلال تصريحات الناطق باسم الإدارة الأمريكية، ونشاط السفير السابق في تونس (لم يتم تعويضه بعد) أو من خلال زيارات الوفود الرسمية والبرلمانية الأمريكية والاتصالات الهاتفية والدبلوماسية، وهي تمارس ما يشبه الضغط الدبلوماسي والاقتصادي المكثف على قصر قرطاج للقبول بتنازلات والانفتاح على المعارضة السياسية كتنظيم حوار وطني، وتسريع العودة إلى المسار الديمقراطي، والاكتفاء بالتعبير عن القلق تجاه كل من يصدر من قرارات ليست محل إجماع أو موافقة خاصة من قبل خصوم سعيد ومعارضيه..
ويذكر آن آخر موقف عبرت عنه الولايات المتّحدة الأمريكية تجاه تونس، تعلق بقرار سعيّد حل الهيئة المستقلة للانتخابات، إذ أصدرت الإدارة الأمريكية بلاغا بتاريخ 27 أفريل الماضي، عبرت فيه عن "قلقها العميق" حيال قرار الرئيس قيس سعيّد "بإعادة هيكلة أحادية الجانب للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات".
جاء ذلك في الإحاطة الصحفية اليومية للمتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية، نيد برايس وفق بيان نشرته السفارة الأمريكية بتونس على صفحتها الرسمية على فيسبوك.
وأضاف برايس أن "وجود هيئة عليا للانتخابات مستقلّة بحقّ لأمر بالغ الأهمّية نظرًا للدور المنوط بها دستوريا في تنظيم الاستفتاء والانتخابات البرلمانية القادمة".
كما تأتي زيارة لمبرت إلى تونس في وقت يشهد فيه المناخ السياسي مزيدا من التوتر مع اقتراب مواعيد انتخابية مهمة على غرار استفتاء 25 جويلية، وبعد وقت قصير من قرار سعيد حل هيئة الانتخابات وإصدار مرسوم ينقح قانون الهيئة وتعيين أعضاء جدد بها.
وتأتي الزيارة أيضا إثر لقاء جمع قبل يومين، القائمة بالأعمال بالنيابة بالسفارة الأمريكية بتونس ناتاشا فرانشيسكي، مع وزير الدفاع الوطني عماد مميش، وكان محوره مزيد دعم التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية.
وحسب بلاغ إعلامي، لوزارة الدفاع، أكد مميش، أهميّة الشّراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، التي قال إنها ما فتئت تتدعّم في قطاع الدفاع، حيث شهد التعاون العسكري التونسي الأمريكي في السنوات الأخيرة "نسقًا تصاعديًا" في مجالات متعدّدة ومتنوّعة، ما ساهم في الارتقاء بالجاهزية العملياتية للقوات المسلّحة.
بدورها، نوّهت فرانشيسكي، بالتطوّر الحاصل في قدرات المؤسسة العسكرية التونسية والمستوى الرفيع الذي بلغه التعاون العسكري بين البلدين والنتائج المحققة في المجال، معبّرة عن عزم الإدارة الأمريكية على مواصلة الوقوف إلى جانب تونس في ما يتعلق بأمن الحدود والتكوين والتدريب والمساعدة الفنية..
علما أن السفير الأمريكي السابق دونالد بلوم غادر تونس بعد انتهاء مهامه قبل شهر تقريبا. وأثار تأخر تعيين سفير جديد بدلا عنه، جدلا بخصوص إمكانية أن يعكس ذلك موقفا سلبيا للإدارة الأمريكية تجاه تونس، غير أن السفارة الأمريكية بتونس، سرعان ما أكدت في بلاغ لها نشرته يوم 14 أفريل الماضي، على التزامها بالعلاقات الثنائية بين تونس وأمريكا، موضّحة أنّ "مستوى تمثيلها الدبلوماسي في تونس سيظل على مستوى سفير".
وأشارت إلى أن "انتهاء مهام بلوم في تونس، بعد ثلاث سنوات، وهي الفترة المتعارف عليها، مؤكدة أنه إلى حين تعيين سفير جديد ستتولى القائمة بالأعمال ناتاشا فرانشيسكي الإشراف على أعمال السفارة وهو تقليد دبلوماسي دولي معمول به".
وأوضحت السفارة أنّ "تعيين سفير أمريكي جديد يتطلب ترشيحًا من البيت الأبيض ومصادقة من الكونغرس الأمريكي رّدا على "انتقادات بتعيين قائمة بالأعمال عوضا عن سفير فور انتهاء مهام السفير السابق دونالد بلوم".
ضغوطات دبلوماسية واقتصادية
ومهما يكن من أمر، فإن زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة المكلفة بشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت إلى تونس، وقبلها مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المكلّفة بشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، تعبران عن موقف الإدارة الأمريكية تجاه ما يجري من تطورات في تونس، موقف تحركه أساسا المصالح الأمريكية في المنطقة في علاقة بموقع تونس الاستراتيجي بشمال إفريقيا، وفي علاقة بالملف الليبي الذي يظل من أولويات الإدارة الأمريكية.
كما عملت واشنطن على تكثيف الضغوطات الدبلوماسية والاقتصادية على تونس من خلال تأثيرها الواضح على دوائر القرار في كل من صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين وتمطيط قدر الإمكان في المفاوضات الجارية والمستمرة مع الحكومة التونسية من أجل التوصل إل اتفاق مالي جديد، فضلا عن ممارسة ضغوطات على بعض الدول خاصة منها الخليجية التي أبدت استعدادا لمساعدة تونس اقتصاديا وماليا..
ورغم الانتقادات الموجهة لقرارات الرئيس سعيد، إلا أن إدارة بايدن حرصت على الإبقاء على قنوات التواصل الدبلوماسي مفتوحة مع قرطاج، وممارسة مراقبة حذرة ولصيقة لما يجري من تطورات في المشهد السياسي التونسي، علما أن الولايات المتحدة وعكس مواقف بعض الدول، لم تصف رسميا ولحد الآن ما جرى في 25 جويلية بالانقلاب على الدستور.
على النقيض من ذلك، تسعى لوبيات من برلمانيين ونشطاء بالمجتمع المدني الأمريكي إلى التعبير عن مواقف عدائية تجاه تونس، والتأثير على دوائر القرار، على غرار البيان شديد اللهجة الموجه إلى الرئيس جو بايدن، وحمل إمضاء سفراء أمريكيين سابقين في تونس مع مجموعة من الجامعيين والدبلوماسيين وممثلي المجتمع المدني، وصدر في 4 مارس 2022، دعوا فيه إلى مزيد الضغط على الرئيس سعيد وانتقدوا غياب رد فعل أمريكي على ما وصفوه بـ"هجوم سعيد على الديمقراطية" وطالبوا بعودة سريعة بهيئة تشريعية منتخبة (برلمان) وإعادة الهيئات المستقلة.