مع إعلان الرئيس قيس سعيد يوم 25جويلية عن إجراءاته الاستثنائية انقسمت الحياة الحزبية إلى صنفين تراوحت بين أحزاب الموالاة وأحزاب المعارضة.
فقد باركت الموالاة إجراءات الرئيس وصنفتها ضمن خانة الإصلاح واعتبرتها مسار تصحيح في حين رأت فيها أحزاب المعارضة انقلابا على المشهد السياسي والديمقراطي في البلاد.
ولم يمنع هذا الاختلاف من ظهور شخصيات سياسية جديدة على الساحة لتشكل منطلقات معارضتها لحركة النهضة وللبرلمان بالأساس بوابة للتقرب من قصر قرطاج حيث المساندة المطلقة وغير المشروطة لرئيس الدولة في مشهد كثيرا ما ذكّر التونسيين بالأحزاب الكرتونية زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي (باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي زمن أمينه العام أحمد الاينوبلي).
وشكلت أحزاب الموالاة دافعا إعلاميا لقيس سعيد بعد أن أسست لخطاب سياسي غير مألوف خلال العقد الماضي كان فيه رئيس السلطة التنفيذية محور تبجيل ومدح بلغ ببعضهم لحد المناشدة والمشاركة في تحركات ميدانية دعت لها تنسيقيات سعيد.
ورغم أن أنصار الرئيس عبروا في أكثر من مرة عن رفضهم للأحزاب واعتبروها "زائدة دودية"، تصر بعض الشخصيات الحزبية على المشاركة جنبا إلى جنب مع أنصار سعيد كما هو حال مشاركة قيادات من حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب التحالف من اجل تونس في تحرك الأحد الماضي.
إصرار الأحزاب على المشاركة مع المجموعات المحسوبة على الرئيس والركوب على تحركاتهم انتهى بقيادات حزبية للطرد من الشارع وهو ما عرفه القيادي المستقيل من حزب التيار الديمقراطي محمد عمار بعد طرده من مسيرة مساندة رئيس الجمهورية يوم 3 أكتوبر الماضي.
ورغم فشلها في استقطاب التونسيين، نجحت هذه الأحزاب في خلق حزام إعلامي حول سعيد بعد أن تكثف حضورها التلفزي والإذاعي في محاولة لخلق رأي عام موال للرئيس، كما نشطت صفحات الفايسبوك الممولة، للدفع بمواقف أحزاب الموالاة وتضخيمها وضمان انتشارها أكثر فأكثر.
غير أن ذلك لم يفلح بعد أن كشفت أحزاب الموالاة عن ضعفها في التأثير على الشارع وإقناعه بالنزول للمشاركة في تحرك 8 ماي الجاري وفي تحرك 6 فيفري الماضي.
تدافع الموالين على 25/7 كشف الوجه الانتهازي لأحزاب وشخصيات ومنظمات عملت على اللحاق بمركب قيس سعيد على أمل الوصول إلى المحطة القادمة بيد أن ذلك لم يكن عسيرا على الرئيس ليكتشفهم ويكشف عنهم في خطاب 13ديسمبر المنقضي.
وقال سعيد في خطاب له على الوطنية الأولى "فلا ثبات عندهم على أي قيمة من القيم كانوا يعتقدون أنني سأوزع المناصب والحقائب ولكن حين يئسوا انقلبوا على أعقابهم خاسئين.. فشكرا لهم على مساهمتهم وشكرا لهم على إدعائهم وكذبهم لأنهم لو كانوا صادقين لماذا تغيرت مواقفهم بعد أن فقدوا أملهم في المناصب".
يحصل كل ذلك في وقت اخذ فيه قيس سعيد يتحرك منفردا دون شركاء سياسيين أو وسائط اجتماعية وبعد أن عرى الجميع أمام الجميع، ليؤكد على انه بديل لكل هؤلاء وليس شريكا لهم كما تتوهم أحزاب الموالاة .
هكذا وضعية دفعت بسعيد للوقوف على رأس الهرم السياسي ورفض كل المحيطين به وتحويلهم إلى الهامش.
ولم تفلح محاولات الموالاة في إقناع الرئيس بتسليط الضوء عليهم والقبول بهم ليزيد سعيد من سرعته ويختار الذهاب إلى "حوار وطني" دون أحزاب حيث لا مكان للمعارضة أو حتى لحزامه السياسي من الأحزاب .
إشارات التقطها الاتحاد العام التونسي للشغل بتوجس وقلق ليعبر عنها الأمين العام المساعد سامي الطاهري في حواره الأخير ليقول "إن اتحاد الشغل لن يشارك في أي جريمة لـ”قتل الأحزاب”، لأنه في صورة القضاء على الأحزاب اليوم سوف يقع القضاء على المنظمات في المرة القادمة."
ويتقاطع موقف الطاهري مع تصريح الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي والذي شدد في تصريح سابق له "انه لا تراجع عن تشريك المنظمات والأحزاب السياسية في أي حوار وطني".
وإذ يبدو ذلك "مفهوما" بالنسبة للمعارضة على اعتبار أنها ستكون حجر عثرة أمام برنامج الرئيس السياسي ورؤيته فان غير المفهوم هو رفضه لتلك الأحزاب التي عبرت عن مساندته المطلقة له ولبرنامجه.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
مع إعلان الرئيس قيس سعيد يوم 25جويلية عن إجراءاته الاستثنائية انقسمت الحياة الحزبية إلى صنفين تراوحت بين أحزاب الموالاة وأحزاب المعارضة.
فقد باركت الموالاة إجراءات الرئيس وصنفتها ضمن خانة الإصلاح واعتبرتها مسار تصحيح في حين رأت فيها أحزاب المعارضة انقلابا على المشهد السياسي والديمقراطي في البلاد.
ولم يمنع هذا الاختلاف من ظهور شخصيات سياسية جديدة على الساحة لتشكل منطلقات معارضتها لحركة النهضة وللبرلمان بالأساس بوابة للتقرب من قصر قرطاج حيث المساندة المطلقة وغير المشروطة لرئيس الدولة في مشهد كثيرا ما ذكّر التونسيين بالأحزاب الكرتونية زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي (باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي زمن أمينه العام أحمد الاينوبلي).
وشكلت أحزاب الموالاة دافعا إعلاميا لقيس سعيد بعد أن أسست لخطاب سياسي غير مألوف خلال العقد الماضي كان فيه رئيس السلطة التنفيذية محور تبجيل ومدح بلغ ببعضهم لحد المناشدة والمشاركة في تحركات ميدانية دعت لها تنسيقيات سعيد.
ورغم أن أنصار الرئيس عبروا في أكثر من مرة عن رفضهم للأحزاب واعتبروها "زائدة دودية"، تصر بعض الشخصيات الحزبية على المشاركة جنبا إلى جنب مع أنصار سعيد كما هو حال مشاركة قيادات من حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب التحالف من اجل تونس في تحرك الأحد الماضي.
إصرار الأحزاب على المشاركة مع المجموعات المحسوبة على الرئيس والركوب على تحركاتهم انتهى بقيادات حزبية للطرد من الشارع وهو ما عرفه القيادي المستقيل من حزب التيار الديمقراطي محمد عمار بعد طرده من مسيرة مساندة رئيس الجمهورية يوم 3 أكتوبر الماضي.
ورغم فشلها في استقطاب التونسيين، نجحت هذه الأحزاب في خلق حزام إعلامي حول سعيد بعد أن تكثف حضورها التلفزي والإذاعي في محاولة لخلق رأي عام موال للرئيس، كما نشطت صفحات الفايسبوك الممولة، للدفع بمواقف أحزاب الموالاة وتضخيمها وضمان انتشارها أكثر فأكثر.
غير أن ذلك لم يفلح بعد أن كشفت أحزاب الموالاة عن ضعفها في التأثير على الشارع وإقناعه بالنزول للمشاركة في تحرك 8 ماي الجاري وفي تحرك 6 فيفري الماضي.
تدافع الموالين على 25/7 كشف الوجه الانتهازي لأحزاب وشخصيات ومنظمات عملت على اللحاق بمركب قيس سعيد على أمل الوصول إلى المحطة القادمة بيد أن ذلك لم يكن عسيرا على الرئيس ليكتشفهم ويكشف عنهم في خطاب 13ديسمبر المنقضي.
وقال سعيد في خطاب له على الوطنية الأولى "فلا ثبات عندهم على أي قيمة من القيم كانوا يعتقدون أنني سأوزع المناصب والحقائب ولكن حين يئسوا انقلبوا على أعقابهم خاسئين.. فشكرا لهم على مساهمتهم وشكرا لهم على إدعائهم وكذبهم لأنهم لو كانوا صادقين لماذا تغيرت مواقفهم بعد أن فقدوا أملهم في المناصب".
يحصل كل ذلك في وقت اخذ فيه قيس سعيد يتحرك منفردا دون شركاء سياسيين أو وسائط اجتماعية وبعد أن عرى الجميع أمام الجميع، ليؤكد على انه بديل لكل هؤلاء وليس شريكا لهم كما تتوهم أحزاب الموالاة .
هكذا وضعية دفعت بسعيد للوقوف على رأس الهرم السياسي ورفض كل المحيطين به وتحويلهم إلى الهامش.
ولم تفلح محاولات الموالاة في إقناع الرئيس بتسليط الضوء عليهم والقبول بهم ليزيد سعيد من سرعته ويختار الذهاب إلى "حوار وطني" دون أحزاب حيث لا مكان للمعارضة أو حتى لحزامه السياسي من الأحزاب .
إشارات التقطها الاتحاد العام التونسي للشغل بتوجس وقلق ليعبر عنها الأمين العام المساعد سامي الطاهري في حواره الأخير ليقول "إن اتحاد الشغل لن يشارك في أي جريمة لـ”قتل الأحزاب”، لأنه في صورة القضاء على الأحزاب اليوم سوف يقع القضاء على المنظمات في المرة القادمة."
ويتقاطع موقف الطاهري مع تصريح الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي والذي شدد في تصريح سابق له "انه لا تراجع عن تشريك المنظمات والأحزاب السياسية في أي حوار وطني".
وإذ يبدو ذلك "مفهوما" بالنسبة للمعارضة على اعتبار أنها ستكون حجر عثرة أمام برنامج الرئيس السياسي ورؤيته فان غير المفهوم هو رفضه لتلك الأحزاب التي عبرت عن مساندته المطلقة له ولبرنامجه.