بعد تسمية رئيس مجلسها وأعضائه، تنتظر هيئة الانتخابات الجديدة مهام ثقيلة في وقت قصير بالنظر إلى اقتراب موعد الاستفتاء الشعبي الذي سيكون يوم 25 جويلية حسب خارطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد ديسمبر الماضي.
ولعل أبرز هذه المهام إطلاق حملة واسعة النطاق لتسجيل الناخبين في الداخل والخارج نظرا إلى وجود أكثر من مليوني تونسي غير مسجلين.
فرغم أن التسجيل من الناحية الواقعية متواصل في مقرات الهيئات الفرعية منذ سنة 2019 ولم يتوقف، فإن أغلب التونسيين لا يعلمون بالأمر لأن الهيئة لم تطلق حملات تحسيسية واسعة لحث الناس على التسجيل،إذ قرر مجلس الهيئة برئاسة نبيل بفون في اجتماعه الملتئم موفى شهر مارس الماضي تكثيف التسجيل المستمرّ بداية من شهر ماي 2022 وحسب العديد من الناشطين في الجمعيات المهتمة بمراقبة الانتخابات كان من المفروض إطلاق حملة التسجيل منذ إعلان الرئيس عن موعدي الاستفتاء والانتخابات وعدم انتظار صدور الأمر المتعلق بدعوة الناخبين.. ويمكن تفسير سبب التأخير في حملة التسجيل المكثف بغياب الاعتمادات لأن مجلس الهيئة في نفس الاجتماع وحسب ما ورد في مداولتها المنشورة في الرائد الرسمي قرر توجيه مراسلة إلى وزارة المالية لطلب الاعتمادات الضرورية الخاصّة بحملة التسجيل وطلب من الإدارة التنفيذية الاستعداد المادّي واللوجستي للانطلاق في هذه الحملة.
وقبل قرار تكثيف التسجيل المستمر، وعملا بمقتضيات الفصل 24 من القرار عدد 6 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أفريل 2017 المتعلق بقواعد وإجراءات تسجيل الناخبين، وضعت الهيئة يوم 31 جانفي 2021 على ذمّة العموم القائمات الأولية للناخبين المسجلين إلى موفى سنة 2021 ثم تولت فتح باب الاعتراض على تلك القائمات أيام 16 و17 و18 فيفري 2022 وتولت في اجتماعها المنعقد يوم21 فيفري البت في الاعتراضات الواردة عليها وبلغ عددها 24 منها 17 وصلت في الآجال و7 خارج الآجال.
وفي نفس ذلك الاجتماع قرر مجلس الهيئة التراجع عن تنقيح الفصل 24 سالف الذكر والذي نص على أنه في حالة تنظيم انتخابات جزئية أو سابقة لأوانها أو استفتاء، يتمّ اعتماد آخر قائمة نهائية للناخبين تمّ ضبطها.
التدقيق في السجل
إضافة إلى حملة تسجيل الناخبين فإن مجلس الهيئة مدعو إلى القيام بتدقيق شامل في السجل الانتخابي وهو مطلب ملح رفعته جل الجمعيات والمنظمات المعنية بمراقبة الانتخابات لأنها لا تريد رؤية أسماء موتى في قائمات الناخبين يوم الاقتراع مثلما حدث في محطات انتخابية سابقة.
وغير بعيد عن مطلب المجتمع المدني تجدر الإشارة إلى أن محكمة المحاسبات تقدمت بمطلب رسمي للهيئة في مدّها بالسجلّ الانتخابي لكن مجلس الهيئة رفض مطلبها وذلك استنادا إلى رأي الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية بأنّه يمكن لمحكمة المحاسبات الاطلاع على المعطيات الخاصة بالسجلّ على عين المكان وفي حدود الإمكان وذلك طبقا لمقتضيات القانون الأساسي المنظم للهيئة، وكان رئيس الهيئة الحالي والرئيس السابق قد تحفظا عند التصويت صلب مجلس الهيئة على طلب محكمة المحاسبات وذلك لأن القانون الأساسي لهذه المحكمة وهو القانون عدد 41 لسنة 2019 وتحديدا الفصل الرابع منه يتيح لمحكمة المحاسبات الحق في النفاذ إلى قواعد المعلومات التابعة للهيئات الخاضعة لرقابتها ولا يمكن معارضتها بالسرّ المهني، وإذا كانت المعلومات أو الوثائق أو القواعد تتضمّن معطيات ذات صبغة سرّية فإن المحكمة المذكورة تتّخذ في شأنها جميع الإجراءات الكفيلة بضمان المحافظة على سريتها.
وإضافة إلى تحيين السجل الانتخابي وإشهار قائمات الناخبين بمناسبة الاستفتاء أو الانتخابات على الموقع الرسمي للهيئة، فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطالبة بالقانون، بضمان حق الاقتراع لكل ناخب وضمان المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين ووضع روزنامة الاستفتاءات وإشهارها وتنفيذها وقبول تصاريح المشاركة في حملة الاستفتاء والبت فيها ووضع آليات التنظيم والإدارة والرقابة الضامنة لنزاهة هذا الاستفتاء وشفافيته فضلا عن تكوين المراقبين الراجعين إليها بالنظر وضبط برامج تحسيسية لحث الناس على المشاركة في الاستفتاء ومراقبة مدى الالتزام بقواعد الحملات الخاصة بالاستفتاء ووسائلها ومراقبة تمويل هذه الحملات واتخاذ القرارات اللازمة في شأنها، وهي مدعوة أيضا إلى إبداء الرأي في جميع مشاريع النصوص ذات العلاقة بالانتخابات والاستفتاءات.
مهام أخرى
بالعودة إلى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تجدر الإشارة إلى أن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر مطالب باختيار نائب له وتكليف أحد أعضاء الهيئة بخطة ناطق رسمي. وبما أن رئيس الهيئة بمقتضى المرسوم المذكور أصبح رئيسا للجهاز التنفيذي للهيئة إضافة إلى كونه رئيسا لمجلس الهيئة فسيتعين عليه القيام بكل ما يلزم لسد الشغورات الموجودة في هذا الجهاز الذي يضطلع بدور خطير قصد ضمان النجاعة المطلوبة..
أما مجلس الهيئة فهو مطالب بضبط تركيبة الهيئات الفرعية في حدود ثلاثة أعضاء بكل هيئة فرعية وباختيار المترشحين لعضوية الهيئات الفرعية بالأغلبية المطلقة لأعضائه الحاضرين وفق الشروط الآتي ذكرها: صفة الناخب، وسن لا تقل عن 35 سنة، والنزاهة والاستقلالية والحياد والكفاءة والخبرة، وأن لا يكون عضوا منتخبا في إحدى الهيئات المهنية، وأن لا يكون منخرطا أو ناشطا في أي حزب سياسي خلال الخمس سنوات السابقة إضافة إلى شرط عدم تحمل أي مسؤولية صلب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل أو مناشدة رئيس الجمهورية المخلوع زين العابدين بن علي للترشح لمدة رئاسية جديدة، وشرط عدم تحمل مسؤولية في الحكومة أو تقلد منصب وال أو كاتب عام ولاية أو معتمد أو عمدة طيلة حكم الرئيس المخلوع.. فالشروط ذات العلاقة بالتجمع والرئيس بن علي مازالت سارية المفعول إلى اليوم لأن البرلمان لم يصادق سابقا على مقترح قانون يتعلق بحذف هذه الشروط.
وقبل كل هذا سيجد مجلس الهيئة مباشرة بعد تسلمه لمهامه، مسارا انتخابيا قد انطلق بعد ويتعلق هذا المسار بالانتخابات الجزئية في بلدية بني مطير من ولاية جندوبة، لأنه وفق الرزنامة المعلن عنها في وقت سابق، من المنتظر أن يكون الاقتراع بالنسبة إلى الأمنيين والعسكريين يوم السبت 4 جوان 2022 وبالنسبة للمدنيين فسيكون الاقتراع يوم 5 جوان 2022، والسؤال المطروح هو هل أن مجلس الهيئة بالتركيبة الجديدة قادر على تنفيذ المهام الثقيلة المناطة بعهدة الهيئة؟ ولا شك أن الأمر يحتاج إلى انسجام كبير بين رئيس الهيئة وبقية الأعضاء، والأهم من ذلك يتطلب من مجلس الهيئة كاملا وضع شرط النزاهة والاستقلالية والحياد نصب أعينه، لأن هذا المجلس سيكون تحت مجهر المراقبين والملاحظين والصحفيين المحليين والأجانب، وكذلك تحت مجهر الأحزاب والمنظمات، خاصة في ظل الاحترازات على طريقة تعيين رئيسه وأعضائه وفي ظل المخاوف من ضرب استقلالية الهيئة.
وللتذكير فإنه بناء على ما ورد في الأمر الرئاسي المتعلّق بتسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصادر أول أمس فإن فاروق بوعسكر هو الرئيس الجديد للهيئة وذلك بعد أن كان عضوا بمجلسها وبعد أن شغل خطة نائب رئيس الهيئة، أما أعضاء مجلس الهيئة فهم على التوالي:سامي بن سلامة الذي كان عضوا بمجلس الهيئة التي ترأسها كمال الجندوبي والتي أشرفت على تنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ومحمد التليلي منصري، الذي تم انتخابه عضوا للهيئة منذ سنة 2017 والذي ترأس بدوره الهيئة بعد استقالة شفيق صرصار ليعلن هو بدوره في 5 جويلية 2018 استقالته من رئاسة الهيئة واحتفاظه بالعضوية فيها.
كما يتكون مجلس الهيئة أيضا من الأعضاء الحبيب الربعي، قاض عدلي، وماهر الجديدي، قاض إداري، ومحمود الواعر، قاض مالي، ومحمد نوفل الفريخة، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية.
وكان المرسوم عدد 22 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات أثار عند صدوره احتجاج العديد من الناشطين في المجتمع المدني وهناك من قالوا إن الهيئة الجديدة لن تكون مستقلة لأنها معينة من قبل الرئيس قيس سعيد. أما رئيس الهيئة نبيل بافون فقد نشر يوم 29 أفريل الماضي على الصفحة الرسمية للهيئة بيانا عبر فيه عن موقفه كرئيس للهيئة من صدور المرسوم عدد 22 وأشار فيه بالخصوص إلى أن هيئة الانتخابات تستمد شرعية ومشروعية وجودها من البناء الديمقراطي الذي تبناه التونسيون والتونسيات منذ 2011 ومن أحكام الدستور الذي وضعوه منذ 2014، والمرسوم على حد وصفه غير دستوري وغير قانوني ويتعارض مع أبسط المعايير الدولية شكلا ومضمونا ونسف نهائيا استقلالية الهيئة وحيادها وحتى علويتها لأنها أصبحت هيئة يتولى رئيس الجمهورية دون سواه تسمية كل أعضائها ورئيسها وإعفائهم من مهامهم. وأضاف بفون في نفس البيان أنه سيخضع مكرها لأحكام المرسوم الفاقد للشرعية والمشروعية إلى حين استرجاع تونس لمسارها الديمقراطي، وذكر أنه يحتفظ بحقه في التظلم أمام القضاء الوطني دفاعا عن استقلالية الهيئة وعلويتها وإعلاء لراية الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
بعد تسمية رئيس مجلسها وأعضائه، تنتظر هيئة الانتخابات الجديدة مهام ثقيلة في وقت قصير بالنظر إلى اقتراب موعد الاستفتاء الشعبي الذي سيكون يوم 25 جويلية حسب خارطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد ديسمبر الماضي.
ولعل أبرز هذه المهام إطلاق حملة واسعة النطاق لتسجيل الناخبين في الداخل والخارج نظرا إلى وجود أكثر من مليوني تونسي غير مسجلين.
فرغم أن التسجيل من الناحية الواقعية متواصل في مقرات الهيئات الفرعية منذ سنة 2019 ولم يتوقف، فإن أغلب التونسيين لا يعلمون بالأمر لأن الهيئة لم تطلق حملات تحسيسية واسعة لحث الناس على التسجيل،إذ قرر مجلس الهيئة برئاسة نبيل بفون في اجتماعه الملتئم موفى شهر مارس الماضي تكثيف التسجيل المستمرّ بداية من شهر ماي 2022 وحسب العديد من الناشطين في الجمعيات المهتمة بمراقبة الانتخابات كان من المفروض إطلاق حملة التسجيل منذ إعلان الرئيس عن موعدي الاستفتاء والانتخابات وعدم انتظار صدور الأمر المتعلق بدعوة الناخبين.. ويمكن تفسير سبب التأخير في حملة التسجيل المكثف بغياب الاعتمادات لأن مجلس الهيئة في نفس الاجتماع وحسب ما ورد في مداولتها المنشورة في الرائد الرسمي قرر توجيه مراسلة إلى وزارة المالية لطلب الاعتمادات الضرورية الخاصّة بحملة التسجيل وطلب من الإدارة التنفيذية الاستعداد المادّي واللوجستي للانطلاق في هذه الحملة.
وقبل قرار تكثيف التسجيل المستمر، وعملا بمقتضيات الفصل 24 من القرار عدد 6 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أفريل 2017 المتعلق بقواعد وإجراءات تسجيل الناخبين، وضعت الهيئة يوم 31 جانفي 2021 على ذمّة العموم القائمات الأولية للناخبين المسجلين إلى موفى سنة 2021 ثم تولت فتح باب الاعتراض على تلك القائمات أيام 16 و17 و18 فيفري 2022 وتولت في اجتماعها المنعقد يوم21 فيفري البت في الاعتراضات الواردة عليها وبلغ عددها 24 منها 17 وصلت في الآجال و7 خارج الآجال.
وفي نفس ذلك الاجتماع قرر مجلس الهيئة التراجع عن تنقيح الفصل 24 سالف الذكر والذي نص على أنه في حالة تنظيم انتخابات جزئية أو سابقة لأوانها أو استفتاء، يتمّ اعتماد آخر قائمة نهائية للناخبين تمّ ضبطها.
التدقيق في السجل
إضافة إلى حملة تسجيل الناخبين فإن مجلس الهيئة مدعو إلى القيام بتدقيق شامل في السجل الانتخابي وهو مطلب ملح رفعته جل الجمعيات والمنظمات المعنية بمراقبة الانتخابات لأنها لا تريد رؤية أسماء موتى في قائمات الناخبين يوم الاقتراع مثلما حدث في محطات انتخابية سابقة.
وغير بعيد عن مطلب المجتمع المدني تجدر الإشارة إلى أن محكمة المحاسبات تقدمت بمطلب رسمي للهيئة في مدّها بالسجلّ الانتخابي لكن مجلس الهيئة رفض مطلبها وذلك استنادا إلى رأي الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية بأنّه يمكن لمحكمة المحاسبات الاطلاع على المعطيات الخاصة بالسجلّ على عين المكان وفي حدود الإمكان وذلك طبقا لمقتضيات القانون الأساسي المنظم للهيئة، وكان رئيس الهيئة الحالي والرئيس السابق قد تحفظا عند التصويت صلب مجلس الهيئة على طلب محكمة المحاسبات وذلك لأن القانون الأساسي لهذه المحكمة وهو القانون عدد 41 لسنة 2019 وتحديدا الفصل الرابع منه يتيح لمحكمة المحاسبات الحق في النفاذ إلى قواعد المعلومات التابعة للهيئات الخاضعة لرقابتها ولا يمكن معارضتها بالسرّ المهني، وإذا كانت المعلومات أو الوثائق أو القواعد تتضمّن معطيات ذات صبغة سرّية فإن المحكمة المذكورة تتّخذ في شأنها جميع الإجراءات الكفيلة بضمان المحافظة على سريتها.
وإضافة إلى تحيين السجل الانتخابي وإشهار قائمات الناخبين بمناسبة الاستفتاء أو الانتخابات على الموقع الرسمي للهيئة، فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطالبة بالقانون، بضمان حق الاقتراع لكل ناخب وضمان المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين ووضع روزنامة الاستفتاءات وإشهارها وتنفيذها وقبول تصاريح المشاركة في حملة الاستفتاء والبت فيها ووضع آليات التنظيم والإدارة والرقابة الضامنة لنزاهة هذا الاستفتاء وشفافيته فضلا عن تكوين المراقبين الراجعين إليها بالنظر وضبط برامج تحسيسية لحث الناس على المشاركة في الاستفتاء ومراقبة مدى الالتزام بقواعد الحملات الخاصة بالاستفتاء ووسائلها ومراقبة تمويل هذه الحملات واتخاذ القرارات اللازمة في شأنها، وهي مدعوة أيضا إلى إبداء الرأي في جميع مشاريع النصوص ذات العلاقة بالانتخابات والاستفتاءات.
مهام أخرى
بالعودة إلى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تجدر الإشارة إلى أن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر مطالب باختيار نائب له وتكليف أحد أعضاء الهيئة بخطة ناطق رسمي. وبما أن رئيس الهيئة بمقتضى المرسوم المذكور أصبح رئيسا للجهاز التنفيذي للهيئة إضافة إلى كونه رئيسا لمجلس الهيئة فسيتعين عليه القيام بكل ما يلزم لسد الشغورات الموجودة في هذا الجهاز الذي يضطلع بدور خطير قصد ضمان النجاعة المطلوبة..
أما مجلس الهيئة فهو مطالب بضبط تركيبة الهيئات الفرعية في حدود ثلاثة أعضاء بكل هيئة فرعية وباختيار المترشحين لعضوية الهيئات الفرعية بالأغلبية المطلقة لأعضائه الحاضرين وفق الشروط الآتي ذكرها: صفة الناخب، وسن لا تقل عن 35 سنة، والنزاهة والاستقلالية والحياد والكفاءة والخبرة، وأن لا يكون عضوا منتخبا في إحدى الهيئات المهنية، وأن لا يكون منخرطا أو ناشطا في أي حزب سياسي خلال الخمس سنوات السابقة إضافة إلى شرط عدم تحمل أي مسؤولية صلب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل أو مناشدة رئيس الجمهورية المخلوع زين العابدين بن علي للترشح لمدة رئاسية جديدة، وشرط عدم تحمل مسؤولية في الحكومة أو تقلد منصب وال أو كاتب عام ولاية أو معتمد أو عمدة طيلة حكم الرئيس المخلوع.. فالشروط ذات العلاقة بالتجمع والرئيس بن علي مازالت سارية المفعول إلى اليوم لأن البرلمان لم يصادق سابقا على مقترح قانون يتعلق بحذف هذه الشروط.
وقبل كل هذا سيجد مجلس الهيئة مباشرة بعد تسلمه لمهامه، مسارا انتخابيا قد انطلق بعد ويتعلق هذا المسار بالانتخابات الجزئية في بلدية بني مطير من ولاية جندوبة، لأنه وفق الرزنامة المعلن عنها في وقت سابق، من المنتظر أن يكون الاقتراع بالنسبة إلى الأمنيين والعسكريين يوم السبت 4 جوان 2022 وبالنسبة للمدنيين فسيكون الاقتراع يوم 5 جوان 2022، والسؤال المطروح هو هل أن مجلس الهيئة بالتركيبة الجديدة قادر على تنفيذ المهام الثقيلة المناطة بعهدة الهيئة؟ ولا شك أن الأمر يحتاج إلى انسجام كبير بين رئيس الهيئة وبقية الأعضاء، والأهم من ذلك يتطلب من مجلس الهيئة كاملا وضع شرط النزاهة والاستقلالية والحياد نصب أعينه، لأن هذا المجلس سيكون تحت مجهر المراقبين والملاحظين والصحفيين المحليين والأجانب، وكذلك تحت مجهر الأحزاب والمنظمات، خاصة في ظل الاحترازات على طريقة تعيين رئيسه وأعضائه وفي ظل المخاوف من ضرب استقلالية الهيئة.
وللتذكير فإنه بناء على ما ورد في الأمر الرئاسي المتعلّق بتسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصادر أول أمس فإن فاروق بوعسكر هو الرئيس الجديد للهيئة وذلك بعد أن كان عضوا بمجلسها وبعد أن شغل خطة نائب رئيس الهيئة، أما أعضاء مجلس الهيئة فهم على التوالي:سامي بن سلامة الذي كان عضوا بمجلس الهيئة التي ترأسها كمال الجندوبي والتي أشرفت على تنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ومحمد التليلي منصري، الذي تم انتخابه عضوا للهيئة منذ سنة 2017 والذي ترأس بدوره الهيئة بعد استقالة شفيق صرصار ليعلن هو بدوره في 5 جويلية 2018 استقالته من رئاسة الهيئة واحتفاظه بالعضوية فيها.
كما يتكون مجلس الهيئة أيضا من الأعضاء الحبيب الربعي، قاض عدلي، وماهر الجديدي، قاض إداري، ومحمود الواعر، قاض مالي، ومحمد نوفل الفريخة، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية.
وكان المرسوم عدد 22 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات أثار عند صدوره احتجاج العديد من الناشطين في المجتمع المدني وهناك من قالوا إن الهيئة الجديدة لن تكون مستقلة لأنها معينة من قبل الرئيس قيس سعيد. أما رئيس الهيئة نبيل بافون فقد نشر يوم 29 أفريل الماضي على الصفحة الرسمية للهيئة بيانا عبر فيه عن موقفه كرئيس للهيئة من صدور المرسوم عدد 22 وأشار فيه بالخصوص إلى أن هيئة الانتخابات تستمد شرعية ومشروعية وجودها من البناء الديمقراطي الذي تبناه التونسيون والتونسيات منذ 2011 ومن أحكام الدستور الذي وضعوه منذ 2014، والمرسوم على حد وصفه غير دستوري وغير قانوني ويتعارض مع أبسط المعايير الدولية شكلا ومضمونا ونسف نهائيا استقلالية الهيئة وحيادها وحتى علويتها لأنها أصبحت هيئة يتولى رئيس الجمهورية دون سواه تسمية كل أعضائها ورئيسها وإعفائهم من مهامهم. وأضاف بفون في نفس البيان أنه سيخضع مكرها لأحكام المرسوم الفاقد للشرعية والمشروعية إلى حين استرجاع تونس لمسارها الديمقراطي، وذكر أنه يحتفظ بحقه في التظلم أمام القضاء الوطني دفاعا عن استقلالية الهيئة وعلويتها وإعلاء لراية الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.