أثار خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم غرة ماي الجاري الذي تحدث فيه بالخصوص عن تأسيس جمهورية جديدة في تونس وعن دستور سيتم إعداده ثم إقراره عن طريق الاستفتاء الذي سيقام في موعده المحدد يوم 25 جويلية 2022 اعتراض عدد من الأحزاب واحتراز أخرى. إذ أعلن الحزب الدستوري الحر أمس خلال ندوة صحفية بالعاصمة عن اعتزامه خوض جملة من التحركات النضالية ضد ما وصفته رئيسة الحزب عبير موسي بعملية اختطاف الدولة من قبل الرئيس سعيد، أما حركة النهضة فإنها وفق تأكيد القيادي بهذه الحركة محمد القوماني قررت الدخول في مشاورات مع بقية مكونات جبهة الخلاص التي يتزعمها أحمد نجيب الشابي قصد الرد المناسب على مخططات الرئيس، في حين تجدد حركة الشعب حسب ما أشار إليه رضا الدلاعي القيادي بهذا الحزب، المطالبة بحوار حقيقي تشارك فيه المنظمات الوطنية والخبراء والأحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية حوار لا يحدد مربعه بصفة مسبقة ولا يكون حول نصوص جاهزة.
ففي ندوتها الصحفية، أشارت عبير موسي إلى أن الأمور تسير نحو اختطاف رسمي للدولة أمام أعين التونسيين وقالت إنه تم بلوغ نقطة اللاعودة لأن الرئيس خرج للتونسيين ليلة العيدوحدثهم عن جمهورية جديدة وعن دستور جديد سيتم إعداده خلالأيام معدودة وسيعين لجنة للغرض هو وحده الذي يعرف تركيبتها وماذا ستفعل والحال أنه يعرف جيدا أنه لا يمكن سن دستور جديد في أيام معدودات، وفسرت أن ما قاله الرئيس اعتراف صريح بأن النصوص جاهزة والدستور مكتوب وجاهز، والمهندسين أتموا كل شيء وينتظرون أن يقع استدراج الشعب التونسي بطرق ملتوية نحو صناديق يقال إنها صناديق استفتاء وصناديق مشاركة ديمقراطية وهي في الحقيقية صناديق لممارسة ما أسمته بالبيعة ولتمرير الدستور والجمهورية الجديدةمهما كانت نسبة المشاركة.
وأضافت موسي قائلة: "لقد حصل ما في الصدور وحتى إن شارك في الاستفتاء شخصان فقط استفتاء تدلسه هيئة الانتخابات المعينة على مقاس الرئيس سعيد فسيقولون إنالاستفتاء نجح نجاحاباهرا كما نجحت الاستشارة وإننا أبهرنا العالم باستفتاء على النموذج الإيراني الذي يقوم على البيعة"..
وتساءلت موسي مستنكرة لماذا التعتيم على محتوى ما يريدون تمريره على الاستفتاءإذا كانت نية الرئيس صافية وإذا كان يريد إنقاذ تونس مما وصفته بمنظومة الخراب والإفساد وذكرت أن الإصرار على التكتم وعلىتمرير جمهورية جديدة في إطار من التعتيم لم يكن المطلب الرئيسي للتونسيين ولم يكن مدرجا في جدول أعمال التونسيين..
ونبهت عبير موسي أكثر من مرة من أن هناك عملية اختطاف وتدليس للإرادة الشعبية وعملية اعتداء سافر على إرادة الشعب التونسي، وللرد عليها تحدثت عن مسيرة 15 ماي نحو قصر قرطاج وهي مسيرة ستنطلق حسب قولها من سيدي بوسعيد وسيتم خلالها رفع الراية الوطنية لا غير وقالت إن المشاركة فيها مفتوحة للتونسيين الراغبين في التعبير عن معارضتهم للاستفتاء بتلك الطريقة وللتذكير بأنهم ليسو رعايا ودعت التونسيين إلى عدم السقوط في فخ الصمت والتخاذل والتراجعوترك سعيد يفعل ما يريده.
وعبرت عن رغبتها في أن تكون مسيرة 15 ماي وسيلة للتعبير أمام العالم أجمع على أن هناك فئة كبيرة من التونسيين لا تريد ما يريده رئيس الجمهورية، وأنها ليست مع سعيد وأيضا ليست مع الغنوشي وهي ترفض أن تسمح الدولة بتكوين جبهة من الإخوان وبيادقهم وكتلهم البرلمانية التي تسببت في خراب البلاد وأشارت متحدثة عن جبهة الخلاص إن إعادةإنتاج منظومة الإخوان وبيادقهم مرفوضة وحملت رئيس الجمهورية مسؤولياته في عدم محاسبة هؤلاء على جرائمهم الأمر الذي جعلهم اليوم يقدمون أنفسهم كبديل وجعلت الشعب يتساءل أيهما الأفضل الذهاب مع سعيد أو الذهاب مع "سيدهم الشيخ" وتقصد راشد الغنوشيأما القوى الوطنية التي يساندها الشعب فيتم التعتيم على خطابها وخارطة طريقها..
وأضافت موسي أنهم لن يصمتوا على ما يقوم به الرئيس سعيد من تدمير لما تبقى من مؤسسات الدولة ومن تجميع للسلط لهدف تحقيق مشروعه الهدام المستوحى من النموذج الإيراني ومن دولة الخلافة وكما أكدت أنهم سيواصلون نضالهم ضد الإخوان وضد جبهاتهم وضد من يسوق لهم ومن يريد إرجاعهم لحكم التونسيين غصبا عنهم، وقالت إنها ضد الفوضى ونبهت من مخاطر إرساء نظام في ظاهرة رئاسي في حين انه نظام تسلطي وتجبري، نظام دولة الخلافة الذي يتقاطع مع ما يريده حزب التحرير وقالت إن سعيد ليس بعيدا عن جماعة حزب التحريرلأنه كلما يخرج إلى الشعب يتبنى خطبا رجعيا لا يليق بتونس البورقيبية الحداثية. وحذرت موسى السلطات من محاولات التضييق على مسيرة 15 ماي وقالت إن أي تضييق على المسيرة هو مصادرة لرأي الشعب التونسي الذي لا يريد تغيير مؤسسات الدولة بطريقة غير شرعية وبينت أن الدولة مطالبة بواجب حماية المشاركين في المسيرة، وبينت أنه إضافة إلى مسيرة 15 ماي فان الحزب الدستوري الحر كون هيئة دفاع قارة للدفاع عن قيادة الحزب والكتلة البرلمانية حيال عمليات الهرسلة التي يتعرضون إليها من قبل ما وصفتهم بجماعة القرضاوي والإخوان.
ولمتابعة كل القضايا التي تم رفعها بعد 25 جويلية وذكرت بأحداث العنف التي تعرضت إليها وبالقضايا المرفوعة للغرض وقالت إن القضاء لم ينصفها ولوحت باللجوء إلى القضاء الدولي كما أشارت إلى أنه تم رفع قضية من أجل إلغاء قرار المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وذكر أن هذا المجلس المعين من قبل الرئيس سعيد سيعين هيئة الانتخابات وذكرت أن هيئة الدفاع ستقوم بصفة آلية بالطعن في أي قرار يخص هيئة الانتخابات وأمر دعوة الناخبين لأن هذا المسار حسب وصفها مدلس وأضافت أن هيئة الدفاع ستعمل على تقديم شكايات ضد من سيتم تعيينهم في لجنة الصياغة التي تحدث عنها الرئيس سعيد لان هؤلاء يعلمون أن القانون الانتخابي لا يسمح بعرض نصوص على الاستفتاء لم يقع التصويت عليهامن قبل البرلمان وهم بهذه الكيفية يشاركون في جريمة الاعتداء على الدولة.كما أعلنت موسى عن نية حزبها توسيع الاعتصام المفتوح الذي كان قد انطلق منذ يوم 14 ديسمبر 2021..
مشاورات
محمد القوماني القيادي في حركة النهضة بين أن كلمة قيس سعيد ليلة العيد أكدت مرة أخرى أنه لا يحترم مقتضيات الدستور في كونه رئيسا لكل التونسيين، لأنه في خطابه المذكور وصف بعض المواطنين بالعدو قياسا على العدو الإسرائيلي وذلك باستعارته للسياق التاريخي للاءات الثلاثة في مؤتمر الخرطوم وهي لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض.
وأضاف القوماني في تصريح لـ"الصباح" أن سعيد دون تفويض من الشعب يكرس الإرادة الفردية المطلقة، ويقوم بإلغاء دستور الثورة.. دستور 2014 الذي وضعه المجلس الوطني التأسيسي ذلك المجلس الذي كانت فيه تمثيلية واسعة والذي صوت على الدستور بأغلبية تقارب الإجماع، فالرئيس سعيد على حد اعتقاد القوماني يريد شطب الدستور ويريد جمهورية ثالثة ويريد تشكيل لجنة.. وأشار إلى أن حركة النهضة ترفض جمهورية قيسية تغتال دستور تونس وتكرس النظام الفردي المطلق، وبين أن سعيد عندما يتحدث عن الإرادة الشعبية فعليه أن يعلم أن الإرادة الشعبية لا تعبر عنها استشارة الكترونية وإنما البرلمان الذي صوت له أكثر من ثلاثة ملايين تونسي. وأضاف أن هذا المسار إذا استمر سيطيل الأزمة السياسية ولن يؤسس لأي جمهورية، وذكر أن الرئيس سعيد يريد الاستفادة من المرحلة الاستثنائية لفرض ما يريده بالقوة القهرية، فهو يريد تكريس إرادته الشخصية وتدليس إرادة الشعب.
وأضاف القوماني قائلا :" لكن لا شك أن الشعب الذي عاش عشر سنوات من المسار الديمقراطي لن يقبل بهذا الوضع وسيتحرك في الوقت المناسب لوضع حد لغطرسة الرئيس قيس سعيد".
وعن كيفية الرد على قرارات سعيد بين القوماني أن حركة النهضة ستتشاور مع كل الأطراف المشكلة لجبهة الخلاص الوطني ومع بقية الفعاليات من أحزاب سياسية ومنظمات للحوار معا حول المخاطر الحقيقية المهددة لكيان الدولة والتي من شأنها أن تعصف بمكاسب تونس وستتخذ في الوقت المناسب الخطوات الواجب القيام بها.
وتعقيبا على المخاوف من الاستقطاب الثنائي التي عبرت عنها بعض الأحزاب السياسية وفي مقدمتها الحزب الدستوري الحر، بين القوماني أن حركة النهضة منذ 25 جويلية كانت حريصة على عدم الوقوع في فخ الاستقطاب وكانت حذرة في مواقفها وتحركاتها ونجحت إلى حد الآن في أن تمد الجسور مع طيف واسع من المشهد السياسي التونسي. وأشار إلى أن حركة النهضة لا ترى أن ما حصل يوم 25 جويلية كان ضدها وإنما كان استهدافا للمسار الديمقراطي برمته. ولاحظ أن الاستثمار الوحيد لرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي هو التخويف من النهضة والمتحالفين معها وهذا الخطاب بين حدوده عندما اعترفت موسى من تلقاء نفسها أنها هي التي هيأت لقرار حل البرلمان لأنها اشتغلت على ترذيل رئيسه راشد الغنوشي وعلى ترذيل المجلس ككل، فهي بهذه الكيفية ينطبق عليها المثل القائل "كي الشهيلي اتطيب لغيرها"، وقد باء مشروعها بالفشل لأن عموم التونسيين اليوم انتبهوا إلى الخطر الذي يهدد البلاد.
وذكر القوماني أن عبير موسي إن قلبت أن تندرج في الحوار الوطني الذي لا يقصي أحدا وإن هي تراهن على صناديق الاقراع فهي مرحب بها ولكن في صورة استمرارها في "فاشيتها" فطريقها مسدود.
حوار حقيقي
القيادي في حركة الشعب رضا الدلاعي أشار في تصريح لـ "الصباح " إلى أنه من الأكيد جدا أن الحوار مطلوب، وقال إن حركة الشعب نادت منذ مدة طويلة بالحوار لأننا إزاء صياغة مستقبل تونس ولأن الإقدام على تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد أو إصلاح المنظومة الانتخابية بكل جوانبها مسائل تتطلب حوارا حقيقيا لأنه يمكن التوجه نحو تعديل النظام السياسي والبحث عن أسس إرساء برلمان ناجع وبيئة انتخابية تضمن انتخابات حرة نزيهة وشفافية.
وأضاف الدلاعي أن هذا الحوار للأسف تأخر كثيرا بحكم الرزنامة الضاغطة التي حددها رئيس الجمهورية والتي على أساسها سيكون الاستفتاء يوم 25 جويلية والانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر، وقال إنهم في حركة الشعب كانوا يتمنون لو أن الحوار انطلق منذ مدة حتى يقام في شيء من الأريحية وبعيدا عن الإكراهات التي تحوم حوله وتحوم حول مخرجاته. وفسر أن حركة الشعب تريد حوارا حقيقيا وحوارا معمقا لا يتقيد بمربعات الاستشارة الوطنية، فالحوار يجب أن يكون مفتوحا للمنظمات الوطنية ولكل المكونات الداعمة لمسار 25 جويلية وأن يكون هناك انفتاح فعلي على الخبراء وعلى الجمعيات المهتمة بالشأن الانتخابي والبرلماني مثل جمعية عتيد ومنظمة البوصلة وغيرهما من الجمعيات والمنظمات التي راكمت الخبرة والتجربة وصاحبت العمليات الانتخابية في تونس بعد الثورة وبالتالي يمكنها أن تساهم مساهمة جيدة في تعديل المنظومة الانتخابية.
وأشار الدلاعي إلى أنهم في حركة الشعب يرفضون أن يكون هناك نص جاهز، ولكن على حد قوله يمكن لرئيس الجمهورية أن يقدم تصوراتوهذه التصورات في كل الحالات لا بد أن توضع على طاولة الحوار مثلما مثل تصورات المنظمات والأحزاب فللأحزاب والمنظمات أن تعرض هي الأخرى على طاولة الحوار تصوراتها سواء تعلقت بتعديل الدستور أو وضع دستور جديد أو بالمنظومة الانتخابية، وأشار الدلاعيإلى أنه لا يمكن القبول بأن يكون هناك مربع محدد يحوم حوله الحوار، فالحوار لا بد أن يكون حقيقيا وأن يكون حوله اتفاق فعلي، وغياب هذا الشرط لا يخدم البلاد لأن من سيشاركون في الحوار لا يصوغون المستقبل لأنفسهم بل هم يصوغون مستقبلا جديدا للبلاد من خلال وضع نظام سياسي ناجع ومنظومة انتخابية تفضي إلى برلمان فاعل يخرج البلاد من حالة العبث السياسي الذي عرفته.
وخلص القيادي في حركة الشعب إلى أن حزبه متخوف من ضيق الوقت وهو في نفس الوقت يدعو إلى أن يكون الحوار دون مسلمات مسبقة ودون مربع محدد، كما يريد أن تكون للحوار قدرة على إيجاد الصيغ المثلى. وبين الدلاعي أن حركة الشعب لديها تصورات وستعمل على عرضها على الحوار في الإبان وستتفاعل مع بقية الحاضرين لكنها في المقابل تعتبر أن الحوار في جانبه السياسي غير كاف بل يجب أن ترافقه إجراءات اجتماعية واقتصادية لأن هناك ملفات اجتماعية حارقة لا بد من معالجتها. وعبر عن تسمك حزبه بتطبيق القانون عدد 38 المتعلق بالانتداب الاستثنائي في القطاع العام وتمسكه بتسوية وضعيات عمال الحضائر وإدماجهم سواء الفئة التي هي أقل من 45 سنة أو عمال الحضائر الذين تفوق أعمارهم 45 سنة وكذلك تسوية وضعيات المعملين والأساتذة النواب. وفسر سبب هذا المطلب بالإشارة إلى أنه لا يمكن الذهاب إلى الاستفتاء دون معالجة هذه الملفات الاجتماعية فالتركيز على المسائل السياسية والدستورية يجب أن تصاحبه بالضرورة إجراءات اجتماعية واقتصادية مهمة وهو عمل موكول للحكومة ولرئاسة الجمهورية وذلك حتى يحس الشعب أنه فعلا معني بالاستفتاء.
وللتذكير كان رئيس الجمهورية قيس سعيد أشار في كلمة توجه بها إلى الشعب التونسي بمناسبة عيد الفطر إلى أنه عملا بالأمر المتعلق بالتدابير الاستثنائية ستتشكل لجنة بهدف الإعداد لتأسيس جمهورية جديدة وقال إن هذه اللجنة تنهي أعمالها في ظرف أيام معدودات وإنه سيتم تشكيل هيئتين داخل اللجنة العليا للحوار الذي ستكون المنظمات الوطنية الأربعة موجودةفيه ثم يعرض ما تم إعداده على الشعب. وفسر أن هناك مرحلة الإعداد وأنه تم الانطلاق في هذه المرحلة بالاستشارة ثم تأتي مرحلة صياغة المطالب في مشروع يعرض على الاستفتاء في الموعد المحدد وهو 25 جويلية.. وشدد سعيد على أن هذا الحوار لن يكون كالحوارات السابقة وسيكون مفتوحا لمن انخرطوا صادقين في حركة التصحيح التي بدأت في 25 جويليةولن يكون مفتوحا مرة ثالثة لمن قال عنهم إنهم باعوا أنفسهم ولمن لا وطنية لهم إطلاقا ولمن خربوا ولمن جوعوا ولمن نكلوا بالشعب..
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
أثار خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم غرة ماي الجاري الذي تحدث فيه بالخصوص عن تأسيس جمهورية جديدة في تونس وعن دستور سيتم إعداده ثم إقراره عن طريق الاستفتاء الذي سيقام في موعده المحدد يوم 25 جويلية 2022 اعتراض عدد من الأحزاب واحتراز أخرى. إذ أعلن الحزب الدستوري الحر أمس خلال ندوة صحفية بالعاصمة عن اعتزامه خوض جملة من التحركات النضالية ضد ما وصفته رئيسة الحزب عبير موسي بعملية اختطاف الدولة من قبل الرئيس سعيد، أما حركة النهضة فإنها وفق تأكيد القيادي بهذه الحركة محمد القوماني قررت الدخول في مشاورات مع بقية مكونات جبهة الخلاص التي يتزعمها أحمد نجيب الشابي قصد الرد المناسب على مخططات الرئيس، في حين تجدد حركة الشعب حسب ما أشار إليه رضا الدلاعي القيادي بهذا الحزب، المطالبة بحوار حقيقي تشارك فيه المنظمات الوطنية والخبراء والأحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية حوار لا يحدد مربعه بصفة مسبقة ولا يكون حول نصوص جاهزة.
ففي ندوتها الصحفية، أشارت عبير موسي إلى أن الأمور تسير نحو اختطاف رسمي للدولة أمام أعين التونسيين وقالت إنه تم بلوغ نقطة اللاعودة لأن الرئيس خرج للتونسيين ليلة العيدوحدثهم عن جمهورية جديدة وعن دستور جديد سيتم إعداده خلالأيام معدودة وسيعين لجنة للغرض هو وحده الذي يعرف تركيبتها وماذا ستفعل والحال أنه يعرف جيدا أنه لا يمكن سن دستور جديد في أيام معدودات، وفسرت أن ما قاله الرئيس اعتراف صريح بأن النصوص جاهزة والدستور مكتوب وجاهز، والمهندسين أتموا كل شيء وينتظرون أن يقع استدراج الشعب التونسي بطرق ملتوية نحو صناديق يقال إنها صناديق استفتاء وصناديق مشاركة ديمقراطية وهي في الحقيقية صناديق لممارسة ما أسمته بالبيعة ولتمرير الدستور والجمهورية الجديدةمهما كانت نسبة المشاركة.
وأضافت موسي قائلة: "لقد حصل ما في الصدور وحتى إن شارك في الاستفتاء شخصان فقط استفتاء تدلسه هيئة الانتخابات المعينة على مقاس الرئيس سعيد فسيقولون إنالاستفتاء نجح نجاحاباهرا كما نجحت الاستشارة وإننا أبهرنا العالم باستفتاء على النموذج الإيراني الذي يقوم على البيعة"..
وتساءلت موسي مستنكرة لماذا التعتيم على محتوى ما يريدون تمريره على الاستفتاءإذا كانت نية الرئيس صافية وإذا كان يريد إنقاذ تونس مما وصفته بمنظومة الخراب والإفساد وذكرت أن الإصرار على التكتم وعلىتمرير جمهورية جديدة في إطار من التعتيم لم يكن المطلب الرئيسي للتونسيين ولم يكن مدرجا في جدول أعمال التونسيين..
ونبهت عبير موسي أكثر من مرة من أن هناك عملية اختطاف وتدليس للإرادة الشعبية وعملية اعتداء سافر على إرادة الشعب التونسي، وللرد عليها تحدثت عن مسيرة 15 ماي نحو قصر قرطاج وهي مسيرة ستنطلق حسب قولها من سيدي بوسعيد وسيتم خلالها رفع الراية الوطنية لا غير وقالت إن المشاركة فيها مفتوحة للتونسيين الراغبين في التعبير عن معارضتهم للاستفتاء بتلك الطريقة وللتذكير بأنهم ليسو رعايا ودعت التونسيين إلى عدم السقوط في فخ الصمت والتخاذل والتراجعوترك سعيد يفعل ما يريده.
وعبرت عن رغبتها في أن تكون مسيرة 15 ماي وسيلة للتعبير أمام العالم أجمع على أن هناك فئة كبيرة من التونسيين لا تريد ما يريده رئيس الجمهورية، وأنها ليست مع سعيد وأيضا ليست مع الغنوشي وهي ترفض أن تسمح الدولة بتكوين جبهة من الإخوان وبيادقهم وكتلهم البرلمانية التي تسببت في خراب البلاد وأشارت متحدثة عن جبهة الخلاص إن إعادةإنتاج منظومة الإخوان وبيادقهم مرفوضة وحملت رئيس الجمهورية مسؤولياته في عدم محاسبة هؤلاء على جرائمهم الأمر الذي جعلهم اليوم يقدمون أنفسهم كبديل وجعلت الشعب يتساءل أيهما الأفضل الذهاب مع سعيد أو الذهاب مع "سيدهم الشيخ" وتقصد راشد الغنوشيأما القوى الوطنية التي يساندها الشعب فيتم التعتيم على خطابها وخارطة طريقها..
وأضافت موسي أنهم لن يصمتوا على ما يقوم به الرئيس سعيد من تدمير لما تبقى من مؤسسات الدولة ومن تجميع للسلط لهدف تحقيق مشروعه الهدام المستوحى من النموذج الإيراني ومن دولة الخلافة وكما أكدت أنهم سيواصلون نضالهم ضد الإخوان وضد جبهاتهم وضد من يسوق لهم ومن يريد إرجاعهم لحكم التونسيين غصبا عنهم، وقالت إنها ضد الفوضى ونبهت من مخاطر إرساء نظام في ظاهرة رئاسي في حين انه نظام تسلطي وتجبري، نظام دولة الخلافة الذي يتقاطع مع ما يريده حزب التحرير وقالت إن سعيد ليس بعيدا عن جماعة حزب التحريرلأنه كلما يخرج إلى الشعب يتبنى خطبا رجعيا لا يليق بتونس البورقيبية الحداثية. وحذرت موسى السلطات من محاولات التضييق على مسيرة 15 ماي وقالت إن أي تضييق على المسيرة هو مصادرة لرأي الشعب التونسي الذي لا يريد تغيير مؤسسات الدولة بطريقة غير شرعية وبينت أن الدولة مطالبة بواجب حماية المشاركين في المسيرة، وبينت أنه إضافة إلى مسيرة 15 ماي فان الحزب الدستوري الحر كون هيئة دفاع قارة للدفاع عن قيادة الحزب والكتلة البرلمانية حيال عمليات الهرسلة التي يتعرضون إليها من قبل ما وصفتهم بجماعة القرضاوي والإخوان.
ولمتابعة كل القضايا التي تم رفعها بعد 25 جويلية وذكرت بأحداث العنف التي تعرضت إليها وبالقضايا المرفوعة للغرض وقالت إن القضاء لم ينصفها ولوحت باللجوء إلى القضاء الدولي كما أشارت إلى أنه تم رفع قضية من أجل إلغاء قرار المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وذكر أن هذا المجلس المعين من قبل الرئيس سعيد سيعين هيئة الانتخابات وذكرت أن هيئة الدفاع ستقوم بصفة آلية بالطعن في أي قرار يخص هيئة الانتخابات وأمر دعوة الناخبين لأن هذا المسار حسب وصفها مدلس وأضافت أن هيئة الدفاع ستعمل على تقديم شكايات ضد من سيتم تعيينهم في لجنة الصياغة التي تحدث عنها الرئيس سعيد لان هؤلاء يعلمون أن القانون الانتخابي لا يسمح بعرض نصوص على الاستفتاء لم يقع التصويت عليهامن قبل البرلمان وهم بهذه الكيفية يشاركون في جريمة الاعتداء على الدولة.كما أعلنت موسى عن نية حزبها توسيع الاعتصام المفتوح الذي كان قد انطلق منذ يوم 14 ديسمبر 2021..
مشاورات
محمد القوماني القيادي في حركة النهضة بين أن كلمة قيس سعيد ليلة العيد أكدت مرة أخرى أنه لا يحترم مقتضيات الدستور في كونه رئيسا لكل التونسيين، لأنه في خطابه المذكور وصف بعض المواطنين بالعدو قياسا على العدو الإسرائيلي وذلك باستعارته للسياق التاريخي للاءات الثلاثة في مؤتمر الخرطوم وهي لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض.
وأضاف القوماني في تصريح لـ"الصباح" أن سعيد دون تفويض من الشعب يكرس الإرادة الفردية المطلقة، ويقوم بإلغاء دستور الثورة.. دستور 2014 الذي وضعه المجلس الوطني التأسيسي ذلك المجلس الذي كانت فيه تمثيلية واسعة والذي صوت على الدستور بأغلبية تقارب الإجماع، فالرئيس سعيد على حد اعتقاد القوماني يريد شطب الدستور ويريد جمهورية ثالثة ويريد تشكيل لجنة.. وأشار إلى أن حركة النهضة ترفض جمهورية قيسية تغتال دستور تونس وتكرس النظام الفردي المطلق، وبين أن سعيد عندما يتحدث عن الإرادة الشعبية فعليه أن يعلم أن الإرادة الشعبية لا تعبر عنها استشارة الكترونية وإنما البرلمان الذي صوت له أكثر من ثلاثة ملايين تونسي. وأضاف أن هذا المسار إذا استمر سيطيل الأزمة السياسية ولن يؤسس لأي جمهورية، وذكر أن الرئيس سعيد يريد الاستفادة من المرحلة الاستثنائية لفرض ما يريده بالقوة القهرية، فهو يريد تكريس إرادته الشخصية وتدليس إرادة الشعب.
وأضاف القوماني قائلا :" لكن لا شك أن الشعب الذي عاش عشر سنوات من المسار الديمقراطي لن يقبل بهذا الوضع وسيتحرك في الوقت المناسب لوضع حد لغطرسة الرئيس قيس سعيد".
وعن كيفية الرد على قرارات سعيد بين القوماني أن حركة النهضة ستتشاور مع كل الأطراف المشكلة لجبهة الخلاص الوطني ومع بقية الفعاليات من أحزاب سياسية ومنظمات للحوار معا حول المخاطر الحقيقية المهددة لكيان الدولة والتي من شأنها أن تعصف بمكاسب تونس وستتخذ في الوقت المناسب الخطوات الواجب القيام بها.
وتعقيبا على المخاوف من الاستقطاب الثنائي التي عبرت عنها بعض الأحزاب السياسية وفي مقدمتها الحزب الدستوري الحر، بين القوماني أن حركة النهضة منذ 25 جويلية كانت حريصة على عدم الوقوع في فخ الاستقطاب وكانت حذرة في مواقفها وتحركاتها ونجحت إلى حد الآن في أن تمد الجسور مع طيف واسع من المشهد السياسي التونسي. وأشار إلى أن حركة النهضة لا ترى أن ما حصل يوم 25 جويلية كان ضدها وإنما كان استهدافا للمسار الديمقراطي برمته. ولاحظ أن الاستثمار الوحيد لرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي هو التخويف من النهضة والمتحالفين معها وهذا الخطاب بين حدوده عندما اعترفت موسى من تلقاء نفسها أنها هي التي هيأت لقرار حل البرلمان لأنها اشتغلت على ترذيل رئيسه راشد الغنوشي وعلى ترذيل المجلس ككل، فهي بهذه الكيفية ينطبق عليها المثل القائل "كي الشهيلي اتطيب لغيرها"، وقد باء مشروعها بالفشل لأن عموم التونسيين اليوم انتبهوا إلى الخطر الذي يهدد البلاد.
وذكر القوماني أن عبير موسي إن قلبت أن تندرج في الحوار الوطني الذي لا يقصي أحدا وإن هي تراهن على صناديق الاقراع فهي مرحب بها ولكن في صورة استمرارها في "فاشيتها" فطريقها مسدود.
حوار حقيقي
القيادي في حركة الشعب رضا الدلاعي أشار في تصريح لـ "الصباح " إلى أنه من الأكيد جدا أن الحوار مطلوب، وقال إن حركة الشعب نادت منذ مدة طويلة بالحوار لأننا إزاء صياغة مستقبل تونس ولأن الإقدام على تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد أو إصلاح المنظومة الانتخابية بكل جوانبها مسائل تتطلب حوارا حقيقيا لأنه يمكن التوجه نحو تعديل النظام السياسي والبحث عن أسس إرساء برلمان ناجع وبيئة انتخابية تضمن انتخابات حرة نزيهة وشفافية.
وأضاف الدلاعي أن هذا الحوار للأسف تأخر كثيرا بحكم الرزنامة الضاغطة التي حددها رئيس الجمهورية والتي على أساسها سيكون الاستفتاء يوم 25 جويلية والانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر، وقال إنهم في حركة الشعب كانوا يتمنون لو أن الحوار انطلق منذ مدة حتى يقام في شيء من الأريحية وبعيدا عن الإكراهات التي تحوم حوله وتحوم حول مخرجاته. وفسر أن حركة الشعب تريد حوارا حقيقيا وحوارا معمقا لا يتقيد بمربعات الاستشارة الوطنية، فالحوار يجب أن يكون مفتوحا للمنظمات الوطنية ولكل المكونات الداعمة لمسار 25 جويلية وأن يكون هناك انفتاح فعلي على الخبراء وعلى الجمعيات المهتمة بالشأن الانتخابي والبرلماني مثل جمعية عتيد ومنظمة البوصلة وغيرهما من الجمعيات والمنظمات التي راكمت الخبرة والتجربة وصاحبت العمليات الانتخابية في تونس بعد الثورة وبالتالي يمكنها أن تساهم مساهمة جيدة في تعديل المنظومة الانتخابية.
وأشار الدلاعي إلى أنهم في حركة الشعب يرفضون أن يكون هناك نص جاهز، ولكن على حد قوله يمكن لرئيس الجمهورية أن يقدم تصوراتوهذه التصورات في كل الحالات لا بد أن توضع على طاولة الحوار مثلما مثل تصورات المنظمات والأحزاب فللأحزاب والمنظمات أن تعرض هي الأخرى على طاولة الحوار تصوراتها سواء تعلقت بتعديل الدستور أو وضع دستور جديد أو بالمنظومة الانتخابية، وأشار الدلاعيإلى أنه لا يمكن القبول بأن يكون هناك مربع محدد يحوم حوله الحوار، فالحوار لا بد أن يكون حقيقيا وأن يكون حوله اتفاق فعلي، وغياب هذا الشرط لا يخدم البلاد لأن من سيشاركون في الحوار لا يصوغون المستقبل لأنفسهم بل هم يصوغون مستقبلا جديدا للبلاد من خلال وضع نظام سياسي ناجع ومنظومة انتخابية تفضي إلى برلمان فاعل يخرج البلاد من حالة العبث السياسي الذي عرفته.
وخلص القيادي في حركة الشعب إلى أن حزبه متخوف من ضيق الوقت وهو في نفس الوقت يدعو إلى أن يكون الحوار دون مسلمات مسبقة ودون مربع محدد، كما يريد أن تكون للحوار قدرة على إيجاد الصيغ المثلى. وبين الدلاعي أن حركة الشعب لديها تصورات وستعمل على عرضها على الحوار في الإبان وستتفاعل مع بقية الحاضرين لكنها في المقابل تعتبر أن الحوار في جانبه السياسي غير كاف بل يجب أن ترافقه إجراءات اجتماعية واقتصادية لأن هناك ملفات اجتماعية حارقة لا بد من معالجتها. وعبر عن تسمك حزبه بتطبيق القانون عدد 38 المتعلق بالانتداب الاستثنائي في القطاع العام وتمسكه بتسوية وضعيات عمال الحضائر وإدماجهم سواء الفئة التي هي أقل من 45 سنة أو عمال الحضائر الذين تفوق أعمارهم 45 سنة وكذلك تسوية وضعيات المعملين والأساتذة النواب. وفسر سبب هذا المطلب بالإشارة إلى أنه لا يمكن الذهاب إلى الاستفتاء دون معالجة هذه الملفات الاجتماعية فالتركيز على المسائل السياسية والدستورية يجب أن تصاحبه بالضرورة إجراءات اجتماعية واقتصادية مهمة وهو عمل موكول للحكومة ولرئاسة الجمهورية وذلك حتى يحس الشعب أنه فعلا معني بالاستفتاء.
وللتذكير كان رئيس الجمهورية قيس سعيد أشار في كلمة توجه بها إلى الشعب التونسي بمناسبة عيد الفطر إلى أنه عملا بالأمر المتعلق بالتدابير الاستثنائية ستتشكل لجنة بهدف الإعداد لتأسيس جمهورية جديدة وقال إن هذه اللجنة تنهي أعمالها في ظرف أيام معدودات وإنه سيتم تشكيل هيئتين داخل اللجنة العليا للحوار الذي ستكون المنظمات الوطنية الأربعة موجودةفيه ثم يعرض ما تم إعداده على الشعب. وفسر أن هناك مرحلة الإعداد وأنه تم الانطلاق في هذه المرحلة بالاستشارة ثم تأتي مرحلة صياغة المطالب في مشروع يعرض على الاستفتاء في الموعد المحدد وهو 25 جويلية.. وشدد سعيد على أن هذا الحوار لن يكون كالحوارات السابقة وسيكون مفتوحا لمن انخرطوا صادقين في حركة التصحيح التي بدأت في 25 جويليةولن يكون مفتوحا مرة ثالثة لمن قال عنهم إنهم باعوا أنفسهم ولمن لا وطنية لهم إطلاقا ولمن خربوا ولمن جوعوا ولمن نكلوا بالشعب..