* ركود وضعف في الحركية التجارية.. يدفع التجار إلى إقرار تخفيضات اختيارية تصل إلى 50%..
تونس-الصباح
لا تعرف محلات بيع الملابس الجاهزة والأحذية والشوارع المؤدية لها ذلك الاكتظاظ وزحمة السير التي كانت تعيش على وقعها خلال الأيام الأخير لشهر الصيام. فإلى غاية أمس، اليوم الثاني والعشرون من شهر رمضان، وقبل نحو الأسبوع من حلول عيد الفطر، يمكن أن يلاحظ أن الحركية التجارية كانت ضعيفة، وان اغلب المواطنين كانوا إما يكتفون بمشاهدة ما عرض في الكاشفات الخارجية للمحلات دون الولوج الى داخلها أو تكون جولتهم قصيرة داخل المحل ليغادرونه ساخطين مزعوجين من الأسعار التي حملته الملابس المعروضة.
ويفشل الجزء الأكبر من محاولات الباعة لاستقطاب الحرفاء عبر تطميناتهم انه سيخصونهم بأثمان امتيازية. فالهوة كانت عميقة بين الجيوب الفارغة وتلك الأسعار المشطة للأحذية والملابس الخاصة بالأطفال بمختلف أعمارهم.
وحسب أسماء (أم لطفلين)، سجلت أسعار الملابس والأحذية على حد السواء ارتفاعا هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة بمعدلات في حدود 30% فيما يهم ماركات محلية الصنع في وقت تصل فيه الزيادات في ما يهم المنتوجات المستوردة الى الضعف في بعض الأحيان أي 100%. وببساطة يمكن ان تكلف ملابس عيد الفطر عائلة متوسطة الدخل تضم طفلين فقط اجر احد الزوجين كاملا، أي نحو 1000 دينار.
من جانبها تقول آمال التي كانت تتجول رفقة ابنتيها بين محلات بيع الأحذية، انها قد حاولت ان تستفيد من موسم التخفيضات وقامت باقتناء الملابس قبل حلول شهر رمضان يصعب عليها اليوم اقتناء الأحذية التي شهدت أثمانها قفزة غير مسبوقة وهي تفكر جديا وزوجها أن يلتجئ الى سوق الأحذية المستعملة في مراعاة لقدرتهما الشرائية.
وبسخرية وابتسامة تحمل الكثير من الألم، تكلم سالم وهو ينظر الى ابنته ذات الـ16 عاما، لقد تنازلت "ميسون" هذه السنة على ملابس العيد ويبدو أن حتى رغبتي في ان اقتني لها ولو قطعة واحدة سيفشل.. وبكل حسرة أضاف "تونس ما تريدني أن افرح ابنتي هذا العيد".
وحسب ما كان معروضا من أسعار يمكن أن تتراوح كلفة "كسوة العيد" بطابعها الشتوي لطفل واحد سنه لا يتجاوز 12 عاما في المحلات التي تبيع منتوجات مستوردة على اقل التقديرات 400 دينار فيما تبلغ في محلات بيع الملابس المصنعة محليا بين 200 دينار و250 دينارا في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار أكثر مع فئة اليافعين وتخرج على السيطرة والضبط.
ويقر المدير الجهوي للتجارة بتونس ماهر الغربي في تصريحه لـ"الصباح" أن أسعار الملابس قد عرفت ارتفاعا ملحوظا هذا الموسم ويكشف ان حملة المراقبة التي انطلقت منذ أسبوع قد أفضت الى رفع 63 مخالفة اقتصادية تعلقت غالبيتها بالفوترة وعدم إشهار الأسعار.
وكشف ماهر الغربي انه والى غاية ليلة البارحة كانت الحركية ضعيفة وسط العاصمة. وهو ما يبدو حسب رأيه الدافع وراء إقبال عدد لا بأس به من التجار على إقرار تخفيضات اختيارية تراوحت ما بين 10% و50% طبقا للعلامات التي تم معاينتها.
من ناحيته أفاد عمار ضيّة رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك، أن آثار ارتفاع تكلفة الإنتاج المتأتية من انخفاض قيمة الدينار وتطورات أسعار المحروقات، مخلفاته قد بدت واضحة على كل جوانب معيشة وحياة المستهلك التونسي. فهو اكبر المتضررين ومن دفع ثمن هذا الغلاء المسجل.
وأشار الى أن جزءا من المنتوجات والملابس الجاهزة قد عرف قفزة نوعية وعرفت زيادات واضحة في أثمانها وفق ما أقرته الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة في حد ذاتها وهو ما يمكن أن نفسر به ضعف الإقبال من قبل المواطنين والتجاء عدد آخر منهم الى سوق الملابس المستهلكة.
وأشار عمار ضيّة، الى ان الاستهلاك هو ما يصنع التنمية والحركية التجارية ودعا التجار في هذا السياق الى التقليص من هامش ربحهم وإقرار تخفيضات مشجعة على الاستهلاك لأن تحقيق ربح بسيط أفضل من عدم البيع أصلا.
وذكر ان موسم الملابس الشتوية او الربيعية في نهايته وفي حال لم يروج التاجر منتوجاته المعروضة خلال هذه الأيام فسيكون مصير سلعه التخزين الى السنة القادمة وفقدانها لجزء من قيمتها.
ويجدر التذكير انه وحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء، عرفت السنة الجارية 2022، تطورا شهريا في نسبة التضخم وصل شهر مارس الفارط الى غاية الـ7.2% في الوقت الذي كانت فيه في حدود 4% منذ سنة أي خلال شهر مارس 2021. ويرجح الخبراء الاقتصاديون حفاظ نسبة التضخم على النسق التصاعدي الذي انطلقت فيه منذ بداية السنة على خلفية تواصل الحرب الروسية الأوكرانية وحالة الركود العالمي. وتقول أرقام المعهد الوطني للإحصاء ان الملابس الجاهزة والأحذية قد عرفت ارتفاعا بنسبة 9.8%. في الوقت الذي يرى فيه عمار ضية ان الأسعار قد عرفت تصاعدا بنسبة تصل الى 15% ويقول لطفي الرياحي رئيس منظمة إرشاد المستهلك في تصريح إعلامي ان غالبية التونسيين يقتنون ملابس العيد من محلات المنتوجات المستوردة والتي تشهد تضخما على مستوى الأسعار وتكون لأسعارها تداعيات على مستوى الأسعار المحلية. ويذكر انه تم تسجيل ارتفاع في أسعار الملابس والأحذية تتجاوز الـ20% .
ريم سوودي
* ركود وضعف في الحركية التجارية.. يدفع التجار إلى إقرار تخفيضات اختيارية تصل إلى 50%..
تونس-الصباح
لا تعرف محلات بيع الملابس الجاهزة والأحذية والشوارع المؤدية لها ذلك الاكتظاظ وزحمة السير التي كانت تعيش على وقعها خلال الأيام الأخير لشهر الصيام. فإلى غاية أمس، اليوم الثاني والعشرون من شهر رمضان، وقبل نحو الأسبوع من حلول عيد الفطر، يمكن أن يلاحظ أن الحركية التجارية كانت ضعيفة، وان اغلب المواطنين كانوا إما يكتفون بمشاهدة ما عرض في الكاشفات الخارجية للمحلات دون الولوج الى داخلها أو تكون جولتهم قصيرة داخل المحل ليغادرونه ساخطين مزعوجين من الأسعار التي حملته الملابس المعروضة.
ويفشل الجزء الأكبر من محاولات الباعة لاستقطاب الحرفاء عبر تطميناتهم انه سيخصونهم بأثمان امتيازية. فالهوة كانت عميقة بين الجيوب الفارغة وتلك الأسعار المشطة للأحذية والملابس الخاصة بالأطفال بمختلف أعمارهم.
وحسب أسماء (أم لطفلين)، سجلت أسعار الملابس والأحذية على حد السواء ارتفاعا هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة بمعدلات في حدود 30% فيما يهم ماركات محلية الصنع في وقت تصل فيه الزيادات في ما يهم المنتوجات المستوردة الى الضعف في بعض الأحيان أي 100%. وببساطة يمكن ان تكلف ملابس عيد الفطر عائلة متوسطة الدخل تضم طفلين فقط اجر احد الزوجين كاملا، أي نحو 1000 دينار.
من جانبها تقول آمال التي كانت تتجول رفقة ابنتيها بين محلات بيع الأحذية، انها قد حاولت ان تستفيد من موسم التخفيضات وقامت باقتناء الملابس قبل حلول شهر رمضان يصعب عليها اليوم اقتناء الأحذية التي شهدت أثمانها قفزة غير مسبوقة وهي تفكر جديا وزوجها أن يلتجئ الى سوق الأحذية المستعملة في مراعاة لقدرتهما الشرائية.
وبسخرية وابتسامة تحمل الكثير من الألم، تكلم سالم وهو ينظر الى ابنته ذات الـ16 عاما، لقد تنازلت "ميسون" هذه السنة على ملابس العيد ويبدو أن حتى رغبتي في ان اقتني لها ولو قطعة واحدة سيفشل.. وبكل حسرة أضاف "تونس ما تريدني أن افرح ابنتي هذا العيد".
وحسب ما كان معروضا من أسعار يمكن أن تتراوح كلفة "كسوة العيد" بطابعها الشتوي لطفل واحد سنه لا يتجاوز 12 عاما في المحلات التي تبيع منتوجات مستوردة على اقل التقديرات 400 دينار فيما تبلغ في محلات بيع الملابس المصنعة محليا بين 200 دينار و250 دينارا في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار أكثر مع فئة اليافعين وتخرج على السيطرة والضبط.
ويقر المدير الجهوي للتجارة بتونس ماهر الغربي في تصريحه لـ"الصباح" أن أسعار الملابس قد عرفت ارتفاعا ملحوظا هذا الموسم ويكشف ان حملة المراقبة التي انطلقت منذ أسبوع قد أفضت الى رفع 63 مخالفة اقتصادية تعلقت غالبيتها بالفوترة وعدم إشهار الأسعار.
وكشف ماهر الغربي انه والى غاية ليلة البارحة كانت الحركية ضعيفة وسط العاصمة. وهو ما يبدو حسب رأيه الدافع وراء إقبال عدد لا بأس به من التجار على إقرار تخفيضات اختيارية تراوحت ما بين 10% و50% طبقا للعلامات التي تم معاينتها.
من ناحيته أفاد عمار ضيّة رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك، أن آثار ارتفاع تكلفة الإنتاج المتأتية من انخفاض قيمة الدينار وتطورات أسعار المحروقات، مخلفاته قد بدت واضحة على كل جوانب معيشة وحياة المستهلك التونسي. فهو اكبر المتضررين ومن دفع ثمن هذا الغلاء المسجل.
وأشار الى أن جزءا من المنتوجات والملابس الجاهزة قد عرف قفزة نوعية وعرفت زيادات واضحة في أثمانها وفق ما أقرته الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة في حد ذاتها وهو ما يمكن أن نفسر به ضعف الإقبال من قبل المواطنين والتجاء عدد آخر منهم الى سوق الملابس المستهلكة.
وأشار عمار ضيّة، الى ان الاستهلاك هو ما يصنع التنمية والحركية التجارية ودعا التجار في هذا السياق الى التقليص من هامش ربحهم وإقرار تخفيضات مشجعة على الاستهلاك لأن تحقيق ربح بسيط أفضل من عدم البيع أصلا.
وذكر ان موسم الملابس الشتوية او الربيعية في نهايته وفي حال لم يروج التاجر منتوجاته المعروضة خلال هذه الأيام فسيكون مصير سلعه التخزين الى السنة القادمة وفقدانها لجزء من قيمتها.
ويجدر التذكير انه وحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء، عرفت السنة الجارية 2022، تطورا شهريا في نسبة التضخم وصل شهر مارس الفارط الى غاية الـ7.2% في الوقت الذي كانت فيه في حدود 4% منذ سنة أي خلال شهر مارس 2021. ويرجح الخبراء الاقتصاديون حفاظ نسبة التضخم على النسق التصاعدي الذي انطلقت فيه منذ بداية السنة على خلفية تواصل الحرب الروسية الأوكرانية وحالة الركود العالمي. وتقول أرقام المعهد الوطني للإحصاء ان الملابس الجاهزة والأحذية قد عرفت ارتفاعا بنسبة 9.8%. في الوقت الذي يرى فيه عمار ضية ان الأسعار قد عرفت تصاعدا بنسبة تصل الى 15% ويقول لطفي الرياحي رئيس منظمة إرشاد المستهلك في تصريح إعلامي ان غالبية التونسيين يقتنون ملابس العيد من محلات المنتوجات المستوردة والتي تشهد تضخما على مستوى الأسعار وتكون لأسعارها تداعيات على مستوى الأسعار المحلية. ويذكر انه تم تسجيل ارتفاع في أسعار الملابس والأحذية تتجاوز الـ20% .