إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اجتماع منتظر بين الرئيس ووفد من الاتحاد.. لقاء المصارحة في وقت معقدّ.. !؟

تونس- الصباح

لن يكون اللقاء المرتقب الذي يتم التحضير له منذ أيام بين رئيس الجمهورية ووفد من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، سهلا أو عاديا أو مجرد اجتماع بروتوكولي. وينُظر إليه كفرصة سانحة لوضع النقاط على الحروف والبدء في مرحلة جديدة من تاريخ تونس.

فوقع الأزمة متعددة الأبعاد، التي تمر بها البلاد منذ فترة طويلة كبير ومعقد ومؤثر للغاية، يجعل من الاجتماع المنتظر شبيها بلقاء مصارحة وبمفاوضات مصيرية استثنائية وشاملة بين رئيس السلطة التنفيذية والمنظمة الشغيلة قد تشمل الملف الاجتماعي والمسألة السياسية والمواعيد الانتخابية المقررة خلال هذه السنة.

كما ستكون وضعية المالية العمومية وسياسة الدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية وخاصة في مجال الحد من لهيب الأسعار ومحاربة ظواهر الاحتكاروالمضاربة بالمواد الأساسية وفقدانها في الأسواق، محور الاجتماع المنتظر، فضلا عن ملف المفاوضات المعقد والصعب مع صندوق النقد الدولي.

ويكتسي اللقاء أهمية بالغة، بالنظر إلى عدة أسباب وعوامل، فالمنظمة النقابية باتت تحمل همّ، لا فقط الشغالين والأجراء والفئات المفقّرة، ومن الطبيعي أن تسعى للدفاع عن مصالحهم ومقدراتهم الشرائية، بل أيضا ستقوم بدور الوسيط الذي ينقل آمال وأصوات قوى المجتمع المدني والسياسي بمختلف تشكيلاته وتياراته والتي تتطلع إلى توضيح رؤية الرئيس في علاقة بمسار 25 جويلية ومآلاته وكيفية الخروج من حالة التدابير الاستثنائية، والقبول بمبدأ التشاركية والحوار قبل الإقدام على إصلاحات سياسية وتشريعية معمقة قد تشمل الدستور والقوانين الانتخابية..   

وكان الناطق باسم اتحاد الشغل والأمين العام المساعد سامي الطاهري قد أعلن وسط الأسبوع المنقضي أن الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي تلقى يوم الثلاثاء الماضي، اتصالا هاتفيا، من رئيس الجمهورية قام بدعوته فيه إلى عقد لقاء قريب.

ورجّح الطاهري أن يتم التطرق إلى الوضع العام بالبلاد الذي يشهد ترديّا وتأزما ناتجا عن الأزمة المالية وجمود الاستثمار والاقتصاد الموازي، واعتبر أن عدم ضبط استراتجيات لإنعاش قطاعات على غاية من الأهمية، مثل الفلاحة والطاقة والسياحة، من جهة، وغموض الوضع السياسي، من جهة أخرى، من أبرز العوامل التي عمقت تأزّم البلاد ماليا واقتصاديا واجتماعيا .

رسائل ومؤشرات

سبق اللقاء المنتظر الذي لم يتم بعد الإعلان عن موعده، تصريحات وتحركات قام بها أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي مباشرة بعد إعادة انتخابه في المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الذي انعقد أواسط فيفري الماضي. كما سبق اللقاء رسائل ومؤشرات "حسن نوايا" تمهيدا لمحادثات أعمق بين الجانبين قد يكون محورها سياسي إلى جانب الاجتماعي..

وكان آخر لقاء ثنائي بين سعيد والطبوبي انعقد بتاريخ 15 جانفي 2022 لكن لم تتسرب معطيات عن فحواه. تلاه في مطلع شهر فيفري الماضي، أياما قبل انعقاد مؤتمر الاتحاد، اجتماع بين الطبوبي ورئيسة الحكومة حضره محافظ البنك المركزي وكان محوره التحضير للمفاوضات التمهيدية مع صندوق النقد الدولي.

ومباشرة بعد إعادة انتخابه، سارع رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة إلى تهنئة الأمين العام وأعضاء المكتب التنفيذي، في إشارة إلى عدم انقطاع قنوات الاتصال والتواصل بين السلطة التنفيذية ومنظمة حشاد.. ليعلن الطبوبي في تصريح لافت للقناة الوطنية الأولى مباشرة بعد نهاية المؤتمر أن الاتحاد سيجري قريبا محادثات مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد ثمّ مع المنظمات الوطنية لبحث حلحلة الأزمة الراهنة في البلاد عن طريق التفاوض والحوار..

لكن الطبوبي والمكتب التنفيذي الجديد المنتخب حديثا حرصا على توجيه رسائل إلى رئيس الجمهورية والحكومة سواء عبر تصريحات أو بيانات، تفيد بأن مواقف الاتحاد العام التونسي الشغل المبدئية والثابتة من عدة قضايا وملفات وطنية على رأسها الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة التي تمر بها البلاد، لم تتغير، ولن تتأثر بأية ضغوطات مهما كان مصدرها.

وفي علاقة بسعي الحكومة إلى إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي من أجل برنامج تمويل مقابل التعهد بحزمة إصلاحات، جدّد الطبوبي رفض المنظمة الشغيلة سياسة السلطة التنفيذية في رفع الدعم او تجميد الأجور، أو التفويت في مؤسسات القطاع العام. وقال في آخر تصريح له، تلميحا للمأزق الاقتصادي للحكومة وغياب الحلول،  إن الاتحاد لن يكون شاهد زور، كما لن يكون حطب نارٍ لأي طرف سواء كان من يحكم او من في المعارضة. 

حل الأزمة لن يكون إلا تونسيا- تونسيا

بالعودة إلى نتائج المؤتمر الأخير للاتحاد، لا بد من الإشارة إلى قرارات المؤتمر بتفويض المكتب التنفيذي للاتحاد اقتراح خارطة طريق جديدة (الثالثة منذ أكتوبر 2020) للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، ومن الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وتقديم حلول سياسية واقتصادية واجتماعية، ترتكز على مسار 25 جويلية والقطع مع المنظومة التي سبقته..

اللافت للانتباه أن مؤتمر الاتحاد أعاد الكرة إلى ملعب السلطة التنفيذية بدعوة متجددة للحوار والتشاركية، وشدد على ضرورة أن تكون عملية الإصلاح شاملة لتشمل جميع المسارات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وحتى القضائية..

وفي هذا السياق، اعتبرت اللائحة العامة للمؤتمر أن الاستشارة الوطنية الإلكترونية غير قادرة على أن تكون بديلا عن الحوار والتشارك، وأّن تعديل الدستور "لا يمكن تحقيقه إلا عبر نتائج حوار مجتمعي واسع". وشدد على "رفض كل أشكال الاستقواء بالأجنبي واعتبار حل الأزمة لا يمكن إلا أن يكون تونسيا- تونسيا."

ما من شك أن الاتحاد وانطلاقا من نتائج المؤتمر وتحملا لمسؤولياته الوطنية، يرى أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلاد أضحى لا يحتمل مزيدا من الانتظار ولا بدّ من الانطلاق في البحث عن مخارج لحل الأزمة وذلك عن طريق الحوار.

وزادت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على تونس الطين بلة وزادت من صلابة موقف اتحاد الشغل الذي يرى بضرورة الاستفادة من دروس هذه الحرب، والعمل عل توخي التشاركية والانفتاح في ملفات كبيرة وحساسية مرتبطة بالمقدرة الشرائية للفئات الضعيفة والفقيرة، مثل إصلاح منظومة الدعم والبحث عن حلول بديلة طويلة المدى تؤكد على دور الدولة التنموي ودفع الاستثمار والرهان على قطاعات انتاجية واعدة مثل الفلاحة، والعمل على تحصين البيت الداخلي عبر الاستقرار السياسي وتحقيق الأمن القومي الغذائي..

جدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي يشترط توقيع الاتحاد العام التونسي للشغل على برنامج الإصلاحات الذي تقترحه الحكومة، ومرد هذا الشرط يعود إلى تخوف صندوق النقد من تراجع الحكومة عن تنفيذ الإصلاحات، خاصة بعد أن تعلّلت حكومة يوسف الشاهد بمعارضة الاتحاد لتبرير فشلها في تنفيذ الإصلاحات والاخلال بالتزاماتها، السبب الذي كان وراء تعليق الصندوق صرف جزء هام من أقساط قرض بـ 2,9 مليار دولار.

 

رفيق بن عبد الله

اجتماع منتظر بين الرئيس ووفد من الاتحاد.. لقاء المصارحة في وقت معقدّ.. !؟

تونس- الصباح

لن يكون اللقاء المرتقب الذي يتم التحضير له منذ أيام بين رئيس الجمهورية ووفد من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، سهلا أو عاديا أو مجرد اجتماع بروتوكولي. وينُظر إليه كفرصة سانحة لوضع النقاط على الحروف والبدء في مرحلة جديدة من تاريخ تونس.

فوقع الأزمة متعددة الأبعاد، التي تمر بها البلاد منذ فترة طويلة كبير ومعقد ومؤثر للغاية، يجعل من الاجتماع المنتظر شبيها بلقاء مصارحة وبمفاوضات مصيرية استثنائية وشاملة بين رئيس السلطة التنفيذية والمنظمة الشغيلة قد تشمل الملف الاجتماعي والمسألة السياسية والمواعيد الانتخابية المقررة خلال هذه السنة.

كما ستكون وضعية المالية العمومية وسياسة الدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية وخاصة في مجال الحد من لهيب الأسعار ومحاربة ظواهر الاحتكاروالمضاربة بالمواد الأساسية وفقدانها في الأسواق، محور الاجتماع المنتظر، فضلا عن ملف المفاوضات المعقد والصعب مع صندوق النقد الدولي.

ويكتسي اللقاء أهمية بالغة، بالنظر إلى عدة أسباب وعوامل، فالمنظمة النقابية باتت تحمل همّ، لا فقط الشغالين والأجراء والفئات المفقّرة، ومن الطبيعي أن تسعى للدفاع عن مصالحهم ومقدراتهم الشرائية، بل أيضا ستقوم بدور الوسيط الذي ينقل آمال وأصوات قوى المجتمع المدني والسياسي بمختلف تشكيلاته وتياراته والتي تتطلع إلى توضيح رؤية الرئيس في علاقة بمسار 25 جويلية ومآلاته وكيفية الخروج من حالة التدابير الاستثنائية، والقبول بمبدأ التشاركية والحوار قبل الإقدام على إصلاحات سياسية وتشريعية معمقة قد تشمل الدستور والقوانين الانتخابية..   

وكان الناطق باسم اتحاد الشغل والأمين العام المساعد سامي الطاهري قد أعلن وسط الأسبوع المنقضي أن الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي تلقى يوم الثلاثاء الماضي، اتصالا هاتفيا، من رئيس الجمهورية قام بدعوته فيه إلى عقد لقاء قريب.

ورجّح الطاهري أن يتم التطرق إلى الوضع العام بالبلاد الذي يشهد ترديّا وتأزما ناتجا عن الأزمة المالية وجمود الاستثمار والاقتصاد الموازي، واعتبر أن عدم ضبط استراتجيات لإنعاش قطاعات على غاية من الأهمية، مثل الفلاحة والطاقة والسياحة، من جهة، وغموض الوضع السياسي، من جهة أخرى، من أبرز العوامل التي عمقت تأزّم البلاد ماليا واقتصاديا واجتماعيا .

رسائل ومؤشرات

سبق اللقاء المنتظر الذي لم يتم بعد الإعلان عن موعده، تصريحات وتحركات قام بها أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي مباشرة بعد إعادة انتخابه في المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الذي انعقد أواسط فيفري الماضي. كما سبق اللقاء رسائل ومؤشرات "حسن نوايا" تمهيدا لمحادثات أعمق بين الجانبين قد يكون محورها سياسي إلى جانب الاجتماعي..

وكان آخر لقاء ثنائي بين سعيد والطبوبي انعقد بتاريخ 15 جانفي 2022 لكن لم تتسرب معطيات عن فحواه. تلاه في مطلع شهر فيفري الماضي، أياما قبل انعقاد مؤتمر الاتحاد، اجتماع بين الطبوبي ورئيسة الحكومة حضره محافظ البنك المركزي وكان محوره التحضير للمفاوضات التمهيدية مع صندوق النقد الدولي.

ومباشرة بعد إعادة انتخابه، سارع رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة إلى تهنئة الأمين العام وأعضاء المكتب التنفيذي، في إشارة إلى عدم انقطاع قنوات الاتصال والتواصل بين السلطة التنفيذية ومنظمة حشاد.. ليعلن الطبوبي في تصريح لافت للقناة الوطنية الأولى مباشرة بعد نهاية المؤتمر أن الاتحاد سيجري قريبا محادثات مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد ثمّ مع المنظمات الوطنية لبحث حلحلة الأزمة الراهنة في البلاد عن طريق التفاوض والحوار..

لكن الطبوبي والمكتب التنفيذي الجديد المنتخب حديثا حرصا على توجيه رسائل إلى رئيس الجمهورية والحكومة سواء عبر تصريحات أو بيانات، تفيد بأن مواقف الاتحاد العام التونسي الشغل المبدئية والثابتة من عدة قضايا وملفات وطنية على رأسها الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة التي تمر بها البلاد، لم تتغير، ولن تتأثر بأية ضغوطات مهما كان مصدرها.

وفي علاقة بسعي الحكومة إلى إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي من أجل برنامج تمويل مقابل التعهد بحزمة إصلاحات، جدّد الطبوبي رفض المنظمة الشغيلة سياسة السلطة التنفيذية في رفع الدعم او تجميد الأجور، أو التفويت في مؤسسات القطاع العام. وقال في آخر تصريح له، تلميحا للمأزق الاقتصادي للحكومة وغياب الحلول،  إن الاتحاد لن يكون شاهد زور، كما لن يكون حطب نارٍ لأي طرف سواء كان من يحكم او من في المعارضة. 

حل الأزمة لن يكون إلا تونسيا- تونسيا

بالعودة إلى نتائج المؤتمر الأخير للاتحاد، لا بد من الإشارة إلى قرارات المؤتمر بتفويض المكتب التنفيذي للاتحاد اقتراح خارطة طريق جديدة (الثالثة منذ أكتوبر 2020) للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، ومن الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وتقديم حلول سياسية واقتصادية واجتماعية، ترتكز على مسار 25 جويلية والقطع مع المنظومة التي سبقته..

اللافت للانتباه أن مؤتمر الاتحاد أعاد الكرة إلى ملعب السلطة التنفيذية بدعوة متجددة للحوار والتشاركية، وشدد على ضرورة أن تكون عملية الإصلاح شاملة لتشمل جميع المسارات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وحتى القضائية..

وفي هذا السياق، اعتبرت اللائحة العامة للمؤتمر أن الاستشارة الوطنية الإلكترونية غير قادرة على أن تكون بديلا عن الحوار والتشارك، وأّن تعديل الدستور "لا يمكن تحقيقه إلا عبر نتائج حوار مجتمعي واسع". وشدد على "رفض كل أشكال الاستقواء بالأجنبي واعتبار حل الأزمة لا يمكن إلا أن يكون تونسيا- تونسيا."

ما من شك أن الاتحاد وانطلاقا من نتائج المؤتمر وتحملا لمسؤولياته الوطنية، يرى أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلاد أضحى لا يحتمل مزيدا من الانتظار ولا بدّ من الانطلاق في البحث عن مخارج لحل الأزمة وذلك عن طريق الحوار.

وزادت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على تونس الطين بلة وزادت من صلابة موقف اتحاد الشغل الذي يرى بضرورة الاستفادة من دروس هذه الحرب، والعمل عل توخي التشاركية والانفتاح في ملفات كبيرة وحساسية مرتبطة بالمقدرة الشرائية للفئات الضعيفة والفقيرة، مثل إصلاح منظومة الدعم والبحث عن حلول بديلة طويلة المدى تؤكد على دور الدولة التنموي ودفع الاستثمار والرهان على قطاعات انتاجية واعدة مثل الفلاحة، والعمل على تحصين البيت الداخلي عبر الاستقرار السياسي وتحقيق الأمن القومي الغذائي..

جدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي يشترط توقيع الاتحاد العام التونسي للشغل على برنامج الإصلاحات الذي تقترحه الحكومة، ومرد هذا الشرط يعود إلى تخوف صندوق النقد من تراجع الحكومة عن تنفيذ الإصلاحات، خاصة بعد أن تعلّلت حكومة يوسف الشاهد بمعارضة الاتحاد لتبرير فشلها في تنفيذ الإصلاحات والاخلال بالتزاماتها، السبب الذي كان وراء تعليق الصندوق صرف جزء هام من أقساط قرض بـ 2,9 مليار دولار.

 

رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews