يقصد "بالدولة العميقة" شبكة الأشخاص الذين ينتمون إلى تنظيم غير رسمي، له مصالحه الواسعة، وامتداداته العريضة في الداخل والخارج. ونقطة القوة فيه أن عناصره الأساسية لها وجودها في مختلف مؤسسات ومفاصل الدولة، المدنية، والعسكرية، والسياسية، والإعلامية، والأمنية .
وتستمد الدولة العميقة نفوذها من التعيينات التي تقوم بها في الادارة لذلك ظهر مصطلح الادارة العميقة التي تحرس مصالح الأشخاص أو اللوبيات المتنفذة وتعرقل كل من يهدد مصالحها أو ينافسها.
في التقرير الشهير لسفير الاتحاد الاوروبي السابق في تونس برغاميني سنة2017 تحدث عن تغول ونفوذ 13 عائلة في الاقتصاد التونسي وهناك عائلات متنفذة حتى قبل الاستقلال ولم يستطع أحد مقاومتها بما في ذلك من يرفعون الشعارات الثورية بل راينا ثوارا ينتقدونهم نهارا ويسهرون معهم ليلا ،،
لا يقتصر الأمر على الجانب الأقتصادي بل يتجاوزه الى كل المجالات بما في ذلك وزارة الداخلية ، ورغم الصورة الشهيرة لوزير الداخلية الحالي توفيق شرف الدين مع العقيد لطفي القلمامي والتي وعده فيها باعادة الاعتبار وتفعيل الحكم البات الصادر في حقه بعد المظلمة التي تعرض لها لكنه لم يف بوعده مثلما اشار إلى ذلك حتى الديبلوماسي السابق حسن محنوش في تدوينة على صفحته في الفيسبوك، ولاحظنا كيف علل الوزير السابق عبد اللطيف المكي عدم عودة القلمامي رغم شهادته له بالكفاءة بمعارضة بعض القيادات الامنية .. هل تجرؤ هذه القيادات على منع تفعيل حكما قضائيا لولا التعليمات؟ طبعاً لا ... ولا عجب أن يكون العقيد القلمامي ضحية الحسابات الجهوية، ومن يعرف الرجل يدرك وطنيته وحاجة البلاد الى كل الكفاءات لمواجهة التحديات.
انها الادارة العميقة التي تشتغل لفائدة مراكز النفوذ وليس لفائدة المصلحة العليا البلاد ، وكما قال غاندي(كثيرون حول السلطة قليلون حول الوطن)، وهناك كثيرون مثل القلمامي في كل القطاعات وكم من مشاريع تنموية اجهضت بسبب الحسابات والتعطيلات .
يشكل تغول الجهات المتنفذة أحد اسباب الفساد لأن اللامساواة امام القانون وعدم توفر الفرص بعدالة امام الجميع أحد مظاهره، ومقاومته تتطلب إرادة سياسية وليس شعارات لأن الفساد كالعدوى التي تتسلل الى كل جسم الدولة.
حسب الخبراء تخسر تونس نقطتين سنويا جراء استشراء الفساد ونقطتين بسبب غياب آليات الحوكمة الرشيدة والتصرف بالمال العام. كما يقدر الخبراء بأن الفساد يكلفنا 20% من ناتجنا الوطني الخام وهو رقم مفزع، كما يكلفنا الفساد فيما يتعلق بالصفقات والشراءات العمومية تقريبا 25% من مجملها، أي تقريبا بقيمة مليار دولار. وهذه الأرقام مخيفة خاصة بالنسبة إلى الاقتصاد التونسي الذي يعتمد على قطاع الخدمات .
لكل هذه الاسباب يهاجر الشباب عبر قوارب الموت بحثا عن فرص العمل والحياة كما فضل الكثير من أصحاب الأعمال الشباب الاستثمار في الخارج خوفا من بطش تلك العائلات المتنفذة التي تحكم تونس.
(*) كاتب و محلل سياسي
بقلم :الاستاذ بولبابه سالم (*)
يقصد "بالدولة العميقة" شبكة الأشخاص الذين ينتمون إلى تنظيم غير رسمي، له مصالحه الواسعة، وامتداداته العريضة في الداخل والخارج. ونقطة القوة فيه أن عناصره الأساسية لها وجودها في مختلف مؤسسات ومفاصل الدولة، المدنية، والعسكرية، والسياسية، والإعلامية، والأمنية .
وتستمد الدولة العميقة نفوذها من التعيينات التي تقوم بها في الادارة لذلك ظهر مصطلح الادارة العميقة التي تحرس مصالح الأشخاص أو اللوبيات المتنفذة وتعرقل كل من يهدد مصالحها أو ينافسها.
في التقرير الشهير لسفير الاتحاد الاوروبي السابق في تونس برغاميني سنة2017 تحدث عن تغول ونفوذ 13 عائلة في الاقتصاد التونسي وهناك عائلات متنفذة حتى قبل الاستقلال ولم يستطع أحد مقاومتها بما في ذلك من يرفعون الشعارات الثورية بل راينا ثوارا ينتقدونهم نهارا ويسهرون معهم ليلا ،،
لا يقتصر الأمر على الجانب الأقتصادي بل يتجاوزه الى كل المجالات بما في ذلك وزارة الداخلية ، ورغم الصورة الشهيرة لوزير الداخلية الحالي توفيق شرف الدين مع العقيد لطفي القلمامي والتي وعده فيها باعادة الاعتبار وتفعيل الحكم البات الصادر في حقه بعد المظلمة التي تعرض لها لكنه لم يف بوعده مثلما اشار إلى ذلك حتى الديبلوماسي السابق حسن محنوش في تدوينة على صفحته في الفيسبوك، ولاحظنا كيف علل الوزير السابق عبد اللطيف المكي عدم عودة القلمامي رغم شهادته له بالكفاءة بمعارضة بعض القيادات الامنية .. هل تجرؤ هذه القيادات على منع تفعيل حكما قضائيا لولا التعليمات؟ طبعاً لا ... ولا عجب أن يكون العقيد القلمامي ضحية الحسابات الجهوية، ومن يعرف الرجل يدرك وطنيته وحاجة البلاد الى كل الكفاءات لمواجهة التحديات.
انها الادارة العميقة التي تشتغل لفائدة مراكز النفوذ وليس لفائدة المصلحة العليا البلاد ، وكما قال غاندي(كثيرون حول السلطة قليلون حول الوطن)، وهناك كثيرون مثل القلمامي في كل القطاعات وكم من مشاريع تنموية اجهضت بسبب الحسابات والتعطيلات .
يشكل تغول الجهات المتنفذة أحد اسباب الفساد لأن اللامساواة امام القانون وعدم توفر الفرص بعدالة امام الجميع أحد مظاهره، ومقاومته تتطلب إرادة سياسية وليس شعارات لأن الفساد كالعدوى التي تتسلل الى كل جسم الدولة.
حسب الخبراء تخسر تونس نقطتين سنويا جراء استشراء الفساد ونقطتين بسبب غياب آليات الحوكمة الرشيدة والتصرف بالمال العام. كما يقدر الخبراء بأن الفساد يكلفنا 20% من ناتجنا الوطني الخام وهو رقم مفزع، كما يكلفنا الفساد فيما يتعلق بالصفقات والشراءات العمومية تقريبا 25% من مجملها، أي تقريبا بقيمة مليار دولار. وهذه الأرقام مخيفة خاصة بالنسبة إلى الاقتصاد التونسي الذي يعتمد على قطاع الخدمات .
لكل هذه الاسباب يهاجر الشباب عبر قوارب الموت بحثا عن فرص العمل والحياة كما فضل الكثير من أصحاب الأعمال الشباب الاستثمار في الخارج خوفا من بطش تلك العائلات المتنفذة التي تحكم تونس.