إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تحذيرات من الداخل.. وانتقادات من الخارج هل تنسف الحالة الاستثنائية مكسب الحريات في تونس؟

 

 تونس – الصباح

 

رغم تأكيد رئيس الجمهورية وإصراره وتعهده بضمان الحريات وآخرها في اجتماعه بمجلس الوزراء أول أمس على أن "الحريات مضمونة على عكس ما يُتداول وما يُشاع في الخارج"، نجد رقعة الخوف تتوسع بشأن ضرب هذه المكاسب وآخرها ما أعرب عنه العديد من الحقوقيين وقلقهم بشأن تردي وضع الحريات في علاقة بإيداع عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني السجن مؤخرا.

هذه التناقضات بين تصريحات "السلطة التنفيذية" وما يحدث على أرض الواقع يحتاج إلى فهم ورؤية أوضح حول مستقبل هذه المكاسب في ظل المؤشرات التي باتت تمثل خطرا على الوضع الحقوقي.

منذ 25 جويلية ومع انطلاق العمل بالفصل 80 حذرت عديد الشخصيات والمنظمات الحقوقية من تبعات الحالة الاستثنائية على الوضع الحقوقي في البلاد، وكانت نقابة الصحفيين التونسيين قد أعربت في أكثر من مناسبة عن مخاوفها من نسف مكسب الحريات وأصدرت عديد البيانات عبّرت من خلالها عن قلقها مما وصفته بـ"تردي وضع الحريات" في تونس، و"تصاعد وتيرة الاعتداءات والملاحقات بعد الإحالات على القضاء العسكري على خلفية الآراء والأفكار".

 

تصاعد الخوف..

ولعل الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها تونس في الأشهر الأخيرة بعد انطلاق سعيد في تطبيق جملة من القرارات الاستثنائية بدءا بتجميد أعمال البرلمان وترؤسه للنيابة العمومية وحل المجلس الأعلى للقضاء، تترجم تصاعد المخاوف من ضرب مكاسب الحقوق والحريات غير أن عديد الأطراف والشخصيات المساندة لقرار رئيس الدولة تعتبر أن مساره يندرج في إطار مكافحته للفساد وكل من أضرّ بالمال العام.

سلسلة المحاكمات العسكرية وآخرها الحكم على عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني بالسجن قد تجد له السلطة التنفيذية تبريرات من قبيل أن ذلك يندرج في إطار التدابير الاستثنائية أو مثلما اعتبره رئيس الجمهورية في كلمته منذ أيام في الدورة الـ49 لمجلس حقوق الإنسان بجينيف، بأن" التدابير الاستثنائية التي اتخذها يوم 25 جويلية 2021، كانت انطلاقا من قناعة بأن المقصد من وضع الدستور والتشريعات هو ضمان حقوق الإنسان بالفعل وفي الواقع وليس في النصوص وأن ما يشاع عند البعض من أن هذه التدابير هي وسيلة لنكران بعض الحقوق هو خطأ وتضليل ومحاولة للقيام بحملات تشويهية لا علاقة لها بالواقع إطلاقا"، لكن الوضع يختلف من وجهة نظر المنظمات الحقوقية المحلية التي اعتبرت إيقاف العميد وإيداعه السجن انتهاكا للحقوق والحريات، حيث حمل مرصد الحقوق والحريات "المسؤولية كاملة إلى هياكل مهنة المحاماة التي فضلت الاصطفاف السياسي خلف رئيس الجمهورية على أن تمنع تقديم منظوريها قرابين وتخلت عن دورها التاريخي في الدفاع عن الحقوق والحريات وعن دولة القانون والمؤسسات."

 

استهداف المدنيين..

العديد من الجهات والمنظمات الدولية تعتبر هي الأخرى أن استهداف المحاكم العسكرية في تونس المدنيين على خلفية آرائهم ومواقفهم ضربا للمسار الديمقراطي وكانت منظمة العفو الدولية أول المنددين بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وأكدت في أكتوبر الفارط أنه خلال "ثلاثة أشهر فقط حقق القضاء العسكري مع ما لا يقل عن 10 مدنيين منهم 4  حالات، مثلوا أمام المحاكم العسكرية، لمجرّد التعبير السلمي عن رأيهم المنتقد للحكومة".

كما دعت مجموعة من السفراء الأمريكيين السابقين بتونس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى "الضغط على الرئيس قيس سعيد، لإعادة تونس إلى الحكم الديمقراطي".

وعبر الدبلوماسيون في المراسلة عن "خشيتهم من أن يكون غياب رد فعل أمريكي قوي على هجوم سعيّد على الدّيمقراطية قد شجعه على المضي قدما في طريقه المدمر"، وطالبوا بضرورة "العودة السريعة لهيئة تشريعية منتخبة وإعادة الهيئات المستقلة، بما في ذلك المجلس الأعلى للقضاء والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وحماية التعددية السّياسية، وحرية التعبير التي أصبحت مهددة".

هذه الدعوات الخارجية يعتبرها العديد من المتابعين محاولات للتدخل في الشأن الداخلي ومسّا من السيادة الوطنية خاصة بعد مراسلة مساعد رئيس مجلس النواب ماهر مذيوب السيناتور الأمريكي كريس مورفي رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول الوضع ولقائه الأخير النائب بمجلس النواب الأمريكي توم مالينوْسكي الذي قال انه لقاء "من أجل دعم تونس وعودة الديمقراطية".

لكن الاختلافات بين من يعتبر مسار سعيد فيه ضرب للحقوق والحريات ومن يرى أن ذلك يندرج في إطار تصحيح المسار ستبقي الجدل حول هذه القضية قائما في ظل غياب رؤية وموقف حاسم مما يجري على أرض الواقع من وجود مؤشرات خطيرة أصبحت تهدد مكسب الحريات وقد تؤول من جديد إلى نقطة الصفر.

جهاد الكلبوسي

تحذيرات  من الداخل.. وانتقادات من الخارج  هل تنسف الحالة الاستثنائية مكسب الحريات في تونس؟

 

 تونس – الصباح

 

رغم تأكيد رئيس الجمهورية وإصراره وتعهده بضمان الحريات وآخرها في اجتماعه بمجلس الوزراء أول أمس على أن "الحريات مضمونة على عكس ما يُتداول وما يُشاع في الخارج"، نجد رقعة الخوف تتوسع بشأن ضرب هذه المكاسب وآخرها ما أعرب عنه العديد من الحقوقيين وقلقهم بشأن تردي وضع الحريات في علاقة بإيداع عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني السجن مؤخرا.

هذه التناقضات بين تصريحات "السلطة التنفيذية" وما يحدث على أرض الواقع يحتاج إلى فهم ورؤية أوضح حول مستقبل هذه المكاسب في ظل المؤشرات التي باتت تمثل خطرا على الوضع الحقوقي.

منذ 25 جويلية ومع انطلاق العمل بالفصل 80 حذرت عديد الشخصيات والمنظمات الحقوقية من تبعات الحالة الاستثنائية على الوضع الحقوقي في البلاد، وكانت نقابة الصحفيين التونسيين قد أعربت في أكثر من مناسبة عن مخاوفها من نسف مكسب الحريات وأصدرت عديد البيانات عبّرت من خلالها عن قلقها مما وصفته بـ"تردي وضع الحريات" في تونس، و"تصاعد وتيرة الاعتداءات والملاحقات بعد الإحالات على القضاء العسكري على خلفية الآراء والأفكار".

 

تصاعد الخوف..

ولعل الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها تونس في الأشهر الأخيرة بعد انطلاق سعيد في تطبيق جملة من القرارات الاستثنائية بدءا بتجميد أعمال البرلمان وترؤسه للنيابة العمومية وحل المجلس الأعلى للقضاء، تترجم تصاعد المخاوف من ضرب مكاسب الحقوق والحريات غير أن عديد الأطراف والشخصيات المساندة لقرار رئيس الدولة تعتبر أن مساره يندرج في إطار مكافحته للفساد وكل من أضرّ بالمال العام.

سلسلة المحاكمات العسكرية وآخرها الحكم على عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني بالسجن قد تجد له السلطة التنفيذية تبريرات من قبيل أن ذلك يندرج في إطار التدابير الاستثنائية أو مثلما اعتبره رئيس الجمهورية في كلمته منذ أيام في الدورة الـ49 لمجلس حقوق الإنسان بجينيف، بأن" التدابير الاستثنائية التي اتخذها يوم 25 جويلية 2021، كانت انطلاقا من قناعة بأن المقصد من وضع الدستور والتشريعات هو ضمان حقوق الإنسان بالفعل وفي الواقع وليس في النصوص وأن ما يشاع عند البعض من أن هذه التدابير هي وسيلة لنكران بعض الحقوق هو خطأ وتضليل ومحاولة للقيام بحملات تشويهية لا علاقة لها بالواقع إطلاقا"، لكن الوضع يختلف من وجهة نظر المنظمات الحقوقية المحلية التي اعتبرت إيقاف العميد وإيداعه السجن انتهاكا للحقوق والحريات، حيث حمل مرصد الحقوق والحريات "المسؤولية كاملة إلى هياكل مهنة المحاماة التي فضلت الاصطفاف السياسي خلف رئيس الجمهورية على أن تمنع تقديم منظوريها قرابين وتخلت عن دورها التاريخي في الدفاع عن الحقوق والحريات وعن دولة القانون والمؤسسات."

 

استهداف المدنيين..

العديد من الجهات والمنظمات الدولية تعتبر هي الأخرى أن استهداف المحاكم العسكرية في تونس المدنيين على خلفية آرائهم ومواقفهم ضربا للمسار الديمقراطي وكانت منظمة العفو الدولية أول المنددين بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وأكدت في أكتوبر الفارط أنه خلال "ثلاثة أشهر فقط حقق القضاء العسكري مع ما لا يقل عن 10 مدنيين منهم 4  حالات، مثلوا أمام المحاكم العسكرية، لمجرّد التعبير السلمي عن رأيهم المنتقد للحكومة".

كما دعت مجموعة من السفراء الأمريكيين السابقين بتونس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى "الضغط على الرئيس قيس سعيد، لإعادة تونس إلى الحكم الديمقراطي".

وعبر الدبلوماسيون في المراسلة عن "خشيتهم من أن يكون غياب رد فعل أمريكي قوي على هجوم سعيّد على الدّيمقراطية قد شجعه على المضي قدما في طريقه المدمر"، وطالبوا بضرورة "العودة السريعة لهيئة تشريعية منتخبة وإعادة الهيئات المستقلة، بما في ذلك المجلس الأعلى للقضاء والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وحماية التعددية السّياسية، وحرية التعبير التي أصبحت مهددة".

هذه الدعوات الخارجية يعتبرها العديد من المتابعين محاولات للتدخل في الشأن الداخلي ومسّا من السيادة الوطنية خاصة بعد مراسلة مساعد رئيس مجلس النواب ماهر مذيوب السيناتور الأمريكي كريس مورفي رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول الوضع ولقائه الأخير النائب بمجلس النواب الأمريكي توم مالينوْسكي الذي قال انه لقاء "من أجل دعم تونس وعودة الديمقراطية".

لكن الاختلافات بين من يعتبر مسار سعيد فيه ضرب للحقوق والحريات ومن يرى أن ذلك يندرج في إطار تصحيح المسار ستبقي الجدل حول هذه القضية قائما في ظل غياب رؤية وموقف حاسم مما يجري على أرض الواقع من وجود مؤشرات خطيرة أصبحت تهدد مكسب الحريات وقد تؤول من جديد إلى نقطة الصفر.

جهاد الكلبوسي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews