رغم الانتقادات التي رافقت اعلان مشاركة تونس في القمة الاوروبية الافريقية ببروكسل إلا أن الانتظارات كانت عديدة خاصة من التونسيين باعتبار الظرفية الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد وبعيدا عن الخوض في اهمية او الاهداف من هذا الحدث الا انه لا يمكن ان ننكر انها كانت فرصة "لإنعاش الدبلوماسية التونسية" خاصة وأنها تعد اول زيارة الى الخارج منذ إعلان العمل بالإجراءات الاستثنائية في 25 جويلية 2021.
وحتى بعد عودته الى ارض الوطن وفي لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن قال رئيس الجمهورية قيس سعيد إن مشاركته في قمة "الاتحاد الأوروبي – الاتحاد الإفريقي" ببروكسل كانت فرصة لبيان حقيقة "المغالطات التي يتم الترويج لها من تونس حول الأوضاع في البلاد".
وقال سعيد خلال لقائه برئيسة الحكومة السبت الفارط، "قلنا لبعض ممثلي الدول المشاركة في القمة أعيدوا إلينا أموالنا فقالوا لا بد من إجراءات يجب اتباعها، ولكن لم يقع اتباع أي إجراءات من 2015، قلنا لهم سلموا لنا عددا من الأشخاص لمحاسبتهم قالوا وفروا لهم محاكمة عادلة لأن القضاء ليس بالعادل، قلنا لهم سنعمل على تطهير البلاد والقضاء فأجابوا بأن هناك مسا بمبدإ تفريق السلطة..".
تهميش الأسرة الدبلوماسية
وزير الخارجية والديبلوماسي الاسبق احمد ونيس كانت له قراءة مزدوجة لمشاركة تونس في قمة "الاتحاد الأوروبي – الاتحاد الإفريقي" ببروكسل من حيث الشكل البرتوكولي والمضمون حيث رأى أنه كان من الأجدر والافضل اعلان مشاركة تونس مسبقا وليس في آخر لحظة مع تغييب كلي لممثلي سفارة تونس ببروكسل والتي من الطبيعي ان لا يكون اعدادها لهذه المشاركة بالشكل المطلوب بما ان اعلان ذلك جاء متأخرا بالإضافة إلى اختصار الوفد المرافق لرئيس الدولة في شخصه ووزير خارجيته في حين كان يجب ان تكون هناك مشاركة لعديد الخبراء لبحث ملفات هامة مثل الطاقة والبيئة والمالية ولتمثيل تونس بشكل اوسع في الورشات التي انتظمت في اطار القمة التي حضرها 50 رئيسا إفريقيا وأكثر من 27 رئيسا أوروبيا زيادة على قادة عديد المؤسسات الدولية.
واعتبر ونيس ان نقطة ضعف مشاركة تونس في القمة الاوروبية الافريقية تتمثل في تهميش الاسرة الدبلوماسية التونسية في قمة ضخمة ولكن بحضور ضعيف.
وفي جانب اخر اعتبر الدبلوماسي الاسبق احمد ونيس انه كان على تونس الالتزام بالاطار التقليدي للقمة الافريقية الاوروبية لكن لم نر ذلك حيث لم تلتزم تونس بالمحاور المضمونية للقمة، مضيفا أن الامتياز الوحيد الذي حققناه من خلال هذه المشاركة هو اختيار تونس من بين خمس دول افريقية لتصنيع لقاحات الكوفيد مستقبلا وهذا ليس نتيجة عمل دبلوماسي بل مرتكزه هو تقدم تونس في مجال الصناعات الدوائية والطبية اساسا.
وحتى على مستوى الوضعية المالية الصعبة التي تمر بها تونس رأى ونيس انه لم يكن لمشاركة سعيد والوفد المرافق له الى قمة بروكسل اثر قوي من خلال عقد لقاءات مع كبار قادة المؤسسات المالية الاوروبية لان تونس والحكومة التونسية استأنفت المفاوضات مع المؤسسات المانحة قبل انعقاد القمة.
وعلّق الدبلوماسي السابق احمد ونيس عن اضاعة رئيس الجمهورية قيس سعيد فرصة وجوده في هذه القمة لتوضيح "سوء الفهم" خاصة بعد البيان الصادر عن مجموعة السبع الصادر منذ نحو اسبوعين وهو بيان مشترك لسفراء ألمانيا والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة الأمريكية والاتّحاد الأوروبي وإيطاليا واليابان وفرنسا وكندا عبروا فيه عن قلق بالغ إزاء ما أُعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد من نيّة لحلّ المجلس الأعلى للقضاء من جانب واحد، هذا المجلس الذي تتمثّل وظيفته في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته.
الباحث في العلاقات الدولية بشير الجويني اعتبر ان مشاركة رئيس الدولة في قمة بروكسل بعد اكثر من 300 يوم من الانغلاق غير المبرر والذي دفعت وتدفع تونس ثمنه لم يتم الافصاح عن جدولها ولا عن الخطوط العريضة الكبرى لمخرجاتها سواء قبلها او بعد نهايتها فلم يفهم المتابعون والمختصون ما الذي اراد قيس سعيد ايصاله من خلال هذه المشاركة فظهرت صورة المسؤول الذي لا يعرف ملفاته ولم ينظم صفوفه (غياب سفيرنا ببروكسل والمستشار الاقتصادي للقصر) وسط انباء عن فوضى تنظيمية ورفض عدد من المسؤولين السامين لقاء سعيد.
اخلالات بروتوكولية
وتعد ابرز الاخلالات التي تم رصدها في مشاركة تونس بقمة بروكسل الاخيرة من وجهة نظر المختصين في العلاقات الخارجية والسياسات الدولية وحتى سياسيين من مختلف المشارب الفكرية في تغيب السفارة التونسية عن القمة والذي كان حاضرا بقوة من خلال ضعف الجانب البروتوكولي والاستعدادات اللازمة للحدث هذا بالإضافة إلى غياب الأهداف والمضامين التي كان على الوفد التونسي التطرق اليها خاصة في هذه الظرفية السياسية والاقتصادية الاستثنائية.
وفي هذا السياق كتب انور الغربي أمين العام لمجلس جينيف للعلاقات الدولية والتنمية معلقا على مشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد في القمة الأوروبية الإفريقية بان رئيس الجمهورية "قيس سعيد يتحمل هو وفريقه المسؤولية كاملة على ما حصل لهم ومعهم في بروكسل حيث فاجأوا المنظمين بإعلان حضورهم أياما قليلة بعدما وقع اعداد البرنامج وطبعه ونشره دون أي مشاركة رسمية لتونس وبعد ان وقع توزيع الاجنحة المخصصة في النزل وبعد أن حجزت قاعات الاجتماعات الرسمية وجهزت بما يلزم منذ أسابيع هذا إلى جانب أن تونس لم تحضر أي لقاء ترتيبي على مستوى عال والعديد من السفارات في أوروبا وإفريقيا دون سفير منذ مدة طويلة وكان منتظرا تغيبها على القمة الإفريقية وكذلك عديد اللقاءات الدولية الأخرى منذ انخراط الرئاسة في صراعات داخلية عبثية مع تزايد الخطابات الشعبوية التي تزيد من عزلة البلاد وغياب البوصلة على المستوى الخارجي."
وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي كان قد اعتبر أن زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد لبروكسل تجسد حرصه على "تمتين علاقات الشراكة التاريخية التي تجمع تونس بالاتحاد الأوروبي، وضرورة الارتقاء بها إلى مستويات أعلى ومقاربة جديدة تستجيب لتطلعات شعوب وشباب ضفتي البحر الأبيض المتوسّط."
في المقابل رأى أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية والخبير السابق لدى الأمم المتحدة "أن قمة بروكسل لم تكن حدثا مهما كما يراه العديد من التونسيين والفاعلين السياسيين هي فقط لقاءات شكلية اوروبية افريقية سعى اليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون باعتباره يترأس الاتحاد الأوروبي وله مشاكل كبيرة في افريقيا وفرنسا لذلك هو يريد ان يسوّق لصورته من خلال هذه القمة التي لم يكن لها اثر اقتصادي كبير كما كان ينتظر العديد من التونسيين."
وبين من اعتبرها مشاركة ايجابية لإعادة ثقة أوروبية في تونس والوقوف عند الاخلالات الشكلية والمضمونية لمشاركة تونس في القمة الأوروبية الإفريقية يبقى السؤال المطروح هل كان حريا بالرئيس التونسي الخوض في الشأن السياسي الداخلي في قمة مشتركة وتمس عديد القضايا في دول افريقيا؟
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
رغم الانتقادات التي رافقت اعلان مشاركة تونس في القمة الاوروبية الافريقية ببروكسل إلا أن الانتظارات كانت عديدة خاصة من التونسيين باعتبار الظرفية الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد وبعيدا عن الخوض في اهمية او الاهداف من هذا الحدث الا انه لا يمكن ان ننكر انها كانت فرصة "لإنعاش الدبلوماسية التونسية" خاصة وأنها تعد اول زيارة الى الخارج منذ إعلان العمل بالإجراءات الاستثنائية في 25 جويلية 2021.
وحتى بعد عودته الى ارض الوطن وفي لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن قال رئيس الجمهورية قيس سعيد إن مشاركته في قمة "الاتحاد الأوروبي – الاتحاد الإفريقي" ببروكسل كانت فرصة لبيان حقيقة "المغالطات التي يتم الترويج لها من تونس حول الأوضاع في البلاد".
وقال سعيد خلال لقائه برئيسة الحكومة السبت الفارط، "قلنا لبعض ممثلي الدول المشاركة في القمة أعيدوا إلينا أموالنا فقالوا لا بد من إجراءات يجب اتباعها، ولكن لم يقع اتباع أي إجراءات من 2015، قلنا لهم سلموا لنا عددا من الأشخاص لمحاسبتهم قالوا وفروا لهم محاكمة عادلة لأن القضاء ليس بالعادل، قلنا لهم سنعمل على تطهير البلاد والقضاء فأجابوا بأن هناك مسا بمبدإ تفريق السلطة..".
تهميش الأسرة الدبلوماسية
وزير الخارجية والديبلوماسي الاسبق احمد ونيس كانت له قراءة مزدوجة لمشاركة تونس في قمة "الاتحاد الأوروبي – الاتحاد الإفريقي" ببروكسل من حيث الشكل البرتوكولي والمضمون حيث رأى أنه كان من الأجدر والافضل اعلان مشاركة تونس مسبقا وليس في آخر لحظة مع تغييب كلي لممثلي سفارة تونس ببروكسل والتي من الطبيعي ان لا يكون اعدادها لهذه المشاركة بالشكل المطلوب بما ان اعلان ذلك جاء متأخرا بالإضافة إلى اختصار الوفد المرافق لرئيس الدولة في شخصه ووزير خارجيته في حين كان يجب ان تكون هناك مشاركة لعديد الخبراء لبحث ملفات هامة مثل الطاقة والبيئة والمالية ولتمثيل تونس بشكل اوسع في الورشات التي انتظمت في اطار القمة التي حضرها 50 رئيسا إفريقيا وأكثر من 27 رئيسا أوروبيا زيادة على قادة عديد المؤسسات الدولية.
واعتبر ونيس ان نقطة ضعف مشاركة تونس في القمة الاوروبية الافريقية تتمثل في تهميش الاسرة الدبلوماسية التونسية في قمة ضخمة ولكن بحضور ضعيف.
وفي جانب اخر اعتبر الدبلوماسي الاسبق احمد ونيس انه كان على تونس الالتزام بالاطار التقليدي للقمة الافريقية الاوروبية لكن لم نر ذلك حيث لم تلتزم تونس بالمحاور المضمونية للقمة، مضيفا أن الامتياز الوحيد الذي حققناه من خلال هذه المشاركة هو اختيار تونس من بين خمس دول افريقية لتصنيع لقاحات الكوفيد مستقبلا وهذا ليس نتيجة عمل دبلوماسي بل مرتكزه هو تقدم تونس في مجال الصناعات الدوائية والطبية اساسا.
وحتى على مستوى الوضعية المالية الصعبة التي تمر بها تونس رأى ونيس انه لم يكن لمشاركة سعيد والوفد المرافق له الى قمة بروكسل اثر قوي من خلال عقد لقاءات مع كبار قادة المؤسسات المالية الاوروبية لان تونس والحكومة التونسية استأنفت المفاوضات مع المؤسسات المانحة قبل انعقاد القمة.
وعلّق الدبلوماسي السابق احمد ونيس عن اضاعة رئيس الجمهورية قيس سعيد فرصة وجوده في هذه القمة لتوضيح "سوء الفهم" خاصة بعد البيان الصادر عن مجموعة السبع الصادر منذ نحو اسبوعين وهو بيان مشترك لسفراء ألمانيا والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة الأمريكية والاتّحاد الأوروبي وإيطاليا واليابان وفرنسا وكندا عبروا فيه عن قلق بالغ إزاء ما أُعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد من نيّة لحلّ المجلس الأعلى للقضاء من جانب واحد، هذا المجلس الذي تتمثّل وظيفته في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته.
الباحث في العلاقات الدولية بشير الجويني اعتبر ان مشاركة رئيس الدولة في قمة بروكسل بعد اكثر من 300 يوم من الانغلاق غير المبرر والذي دفعت وتدفع تونس ثمنه لم يتم الافصاح عن جدولها ولا عن الخطوط العريضة الكبرى لمخرجاتها سواء قبلها او بعد نهايتها فلم يفهم المتابعون والمختصون ما الذي اراد قيس سعيد ايصاله من خلال هذه المشاركة فظهرت صورة المسؤول الذي لا يعرف ملفاته ولم ينظم صفوفه (غياب سفيرنا ببروكسل والمستشار الاقتصادي للقصر) وسط انباء عن فوضى تنظيمية ورفض عدد من المسؤولين السامين لقاء سعيد.
اخلالات بروتوكولية
وتعد ابرز الاخلالات التي تم رصدها في مشاركة تونس بقمة بروكسل الاخيرة من وجهة نظر المختصين في العلاقات الخارجية والسياسات الدولية وحتى سياسيين من مختلف المشارب الفكرية في تغيب السفارة التونسية عن القمة والذي كان حاضرا بقوة من خلال ضعف الجانب البروتوكولي والاستعدادات اللازمة للحدث هذا بالإضافة إلى غياب الأهداف والمضامين التي كان على الوفد التونسي التطرق اليها خاصة في هذه الظرفية السياسية والاقتصادية الاستثنائية.
وفي هذا السياق كتب انور الغربي أمين العام لمجلس جينيف للعلاقات الدولية والتنمية معلقا على مشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد في القمة الأوروبية الإفريقية بان رئيس الجمهورية "قيس سعيد يتحمل هو وفريقه المسؤولية كاملة على ما حصل لهم ومعهم في بروكسل حيث فاجأوا المنظمين بإعلان حضورهم أياما قليلة بعدما وقع اعداد البرنامج وطبعه ونشره دون أي مشاركة رسمية لتونس وبعد ان وقع توزيع الاجنحة المخصصة في النزل وبعد أن حجزت قاعات الاجتماعات الرسمية وجهزت بما يلزم منذ أسابيع هذا إلى جانب أن تونس لم تحضر أي لقاء ترتيبي على مستوى عال والعديد من السفارات في أوروبا وإفريقيا دون سفير منذ مدة طويلة وكان منتظرا تغيبها على القمة الإفريقية وكذلك عديد اللقاءات الدولية الأخرى منذ انخراط الرئاسة في صراعات داخلية عبثية مع تزايد الخطابات الشعبوية التي تزيد من عزلة البلاد وغياب البوصلة على المستوى الخارجي."
وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي كان قد اعتبر أن زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد لبروكسل تجسد حرصه على "تمتين علاقات الشراكة التاريخية التي تجمع تونس بالاتحاد الأوروبي، وضرورة الارتقاء بها إلى مستويات أعلى ومقاربة جديدة تستجيب لتطلعات شعوب وشباب ضفتي البحر الأبيض المتوسّط."
في المقابل رأى أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية والخبير السابق لدى الأمم المتحدة "أن قمة بروكسل لم تكن حدثا مهما كما يراه العديد من التونسيين والفاعلين السياسيين هي فقط لقاءات شكلية اوروبية افريقية سعى اليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون باعتباره يترأس الاتحاد الأوروبي وله مشاكل كبيرة في افريقيا وفرنسا لذلك هو يريد ان يسوّق لصورته من خلال هذه القمة التي لم يكن لها اثر اقتصادي كبير كما كان ينتظر العديد من التونسيين."
وبين من اعتبرها مشاركة ايجابية لإعادة ثقة أوروبية في تونس والوقوف عند الاخلالات الشكلية والمضمونية لمشاركة تونس في القمة الأوروبية الإفريقية يبقى السؤال المطروح هل كان حريا بالرئيس التونسي الخوض في الشأن السياسي الداخلي في قمة مشتركة وتمس عديد القضايا في دول افريقيا؟