تصعيد رئاسي قابله تصعيد قضائي وذلك بعد ان اعلن المجلس الاعلى للقضاء ان تركيبته الحالية هي المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية، وان احداث جسم انتقالي بديل هو أمر غير قانوني.
وجدد المجلس في بيان له اول امس رفضه لقرار رئيس الدولة تعليق التركيبة الحالية وتعويضها بهيئة وقتية الى غاية تعديل القانون الأساسي للمجلس منبها إلى أن السلطة الـتأسيسية الأصلية هي من أحدثت المجلس مما يمنع السلطة الحالية من حله أو تعديله.
كما جاء في بيان المجلس رفضه المطلق للمساس به بمقتضى مراسيم البناء الدستوري للسلطة القضائية ووضع هيئة انتقالية تتعارض مع الدستور ومصلحة العدالة العليا.
ويأتي سياق البيان ليؤكد اعتزام المجلس مواصلة مهامه كهيكل شرعي ووحيد للقضاة التونسيين، في المقابل اكدت وزيرة العدل ان رئيس الدولة لن يحل المجلس بل سيعمل على تعديل تركيبته وصلاحياته مع تعيين هيئة مؤقتة لتسيير الشؤون القضائية الى حين اصدار قانون جديد.
ووصف رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر حصار المجلس وإغلاق قوات الأمن للمقر عقب إعلان الرئيس قيس سعيّد اعتزامه حلّ هذا الهيكل بالتطور الخطير، وأكد أن المجلس سيواصل عمله.
وقال بوزاخر الاثنين الماضي إن التعليمات بإغلاق مقر المجلس غير شرعية ولا تستند إلى القانون، ورأى أن ما حدث أمر خطير، ومحاولة للاستيلاء على المجلس من دون أي شرعية.
ومع اصرار سعيد على احداث هيئة مؤقتة تعوض المجلس الحالي مقابل تمسك القضاة بمجلسهم القائم، يعود مصطلح الهياكل الموازية وحرب الشرعيات ليطفو على سطح الاحداث مجددا بما من شأنه أن يعود بأبناء القطاع إلى معارك ما قبل 2011، حين عمد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عبر وزارة العدل آنذاك إلى تنصيب جمعية للقضاة عوض المكتب الشرعي الذي قاده القاضي أحمد الرحموني وكلثوم كنو ووسيلة الكعبي وحمادي الرحماني وروضة القرافي ونورة حمدي.
ورغم شراسة النظام في التنكيل بالقضاة ومطاردتهم وحرمان البعض منهم من حقه في الأجر سنوات 2005و2006و2007و2009و2010 فقد استطاع جزء واسع من ابناء القطاع الصمود في وجه آلة القمع وتحدي نظام بن علي ليعلنوا الانتصار عليه سنة 2011 بعودة المكتب الشرعي للجمعية والتفاف القضاة حول هيكلهم مرة أخرى.
وتعود معركة القضاة في وجه السلطة بعد ان اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيد موقفه بإنهاء المجلس الأعلى للقضاء عبر حله وانشاء هيكل موقت يعوضه الى حين.
وتجند القضاة للدفاع عن المجلس سواء بالتحرك ميدانيا او بالحضور الإعلامي المكثف، فقد كشف مراد المسعودي رئيس جمعية القضاة الشبان أنه لا توجد أي علاقة بين المجلس الأعلى للقضاء وحركة النهضة، نافيًا أن تكون التركيبة العامة لأعضاء المجلس مسيّسة أو لها توجهات سياسية معلنة.
وقال في لقاء إعلامي إن المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة مستقلة والقضاة المنتسبون إليها لا يمارسون أي عمل سياسي.
وأضاف المسعودي أن التهم التي وجّهها الرئيس قيس سعيد بفساد المجلس وتصريحاته بشأن “مجلس النهضة” و”قضاء البحيري” أحكامٌ جزافية ليس لها سند واقعي، مشيرًا إلى أنها مجرد تبريرات للإقدام على حل المجلس بطريقة مقبولة عند التونسيين من دون مسوّغ قانوني لها، على حد قوله.
وتابع قائلا: حل المجلس الأعلى للقضاء غير قانوني وغير شرعي. وسنواجهه بكل الطرق القانونية لأننا قضاة مستقلون ولا نريد العودة إلى منظومة الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وخلص المسعودي إلى أن تونس اليوم في حاجة إلى إصلاحات جوهرية وليس لاجتثاث مؤسسات الدولة بقرارات فردية.
من جهته قال عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة "انّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد قام بحل تركيبة المجلس الأعلى للقضاء الحالية وصلاحياته، ولكنه لم يحذف المجلس الأعلى للقضاء كليا"، مشيرا " إلى أن هذا القرار كان مطلبا لعمادة المحامين."
واعتبر بودربالة "أن المحامين غير الموافقين على موقف الهيئة الداعم لقرار رئيس الجمهورية حول المجلس الأعلى للقضاء، قد يكونون من الحاملين لمواقف سياسية معينة".
وفي تعليقه على سيرورة الاحداث المتسارعة قال رئيس جمعية القضاة انس الحمادي “ما نشاهده الآن من اصطفاف وراء رئيس الجمهورية سواء بصفة مباشرة او غير مباشرة اما لتصفية حسابات او لفائدة قضايا معينة في المحاكم أو لضرب خصوم سياسين".
واعتبر الحمادي في مداخلة على اذاعة “اكسبراس اف ام” انه “حصل الآن نوع من الفرز الحقيقي بين من يعلي المصلحة الوطنية ومصلحة القضاء ويؤمن بمبدإ استقلال القضاء وبين من يريد أن يتموقع في المشهد الجديد او ان يحصد مكاسب سياسية او يصفي خصوما سياسيين أو يفرض أجندا معينة.”
وذكر بان ذلك حصل في السابق بعد سقوط بن علي وبان هناك من اراد تحقيق مكاسب من خلال اصدار المراسيم في اشارة الى عمادة المحامين التي قبلت سنة 2011 اصدار مرسوم لتنظيم مهنة المحاماة.
وأضاف الحمادي أن القضاة اختاروا في تلك الفترة التوجه للسلطة التأسيسية لبناء مسائل جوهرية في علاقة بالنظام الديمقراطي واستقلالية القضاء مؤكدا ان ذلك تحقق من خلال ادراج السلطة القضائية في الدستور .
ويذكر ان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة دعا كافة القضاة العدليين والإداريين والماليين إلى الحضور والمشاركة في الاجتماع العام القضائي المقرر اليوم بتونس العاصمة للتداول في الوضع الدقيق للسلطة القضائية في ظل التدابير الاستثنائية والقرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية وسبل التصدي لها.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
تصعيد رئاسي قابله تصعيد قضائي وذلك بعد ان اعلن المجلس الاعلى للقضاء ان تركيبته الحالية هي المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية، وان احداث جسم انتقالي بديل هو أمر غير قانوني.
وجدد المجلس في بيان له اول امس رفضه لقرار رئيس الدولة تعليق التركيبة الحالية وتعويضها بهيئة وقتية الى غاية تعديل القانون الأساسي للمجلس منبها إلى أن السلطة الـتأسيسية الأصلية هي من أحدثت المجلس مما يمنع السلطة الحالية من حله أو تعديله.
كما جاء في بيان المجلس رفضه المطلق للمساس به بمقتضى مراسيم البناء الدستوري للسلطة القضائية ووضع هيئة انتقالية تتعارض مع الدستور ومصلحة العدالة العليا.
ويأتي سياق البيان ليؤكد اعتزام المجلس مواصلة مهامه كهيكل شرعي ووحيد للقضاة التونسيين، في المقابل اكدت وزيرة العدل ان رئيس الدولة لن يحل المجلس بل سيعمل على تعديل تركيبته وصلاحياته مع تعيين هيئة مؤقتة لتسيير الشؤون القضائية الى حين اصدار قانون جديد.
ووصف رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر حصار المجلس وإغلاق قوات الأمن للمقر عقب إعلان الرئيس قيس سعيّد اعتزامه حلّ هذا الهيكل بالتطور الخطير، وأكد أن المجلس سيواصل عمله.
وقال بوزاخر الاثنين الماضي إن التعليمات بإغلاق مقر المجلس غير شرعية ولا تستند إلى القانون، ورأى أن ما حدث أمر خطير، ومحاولة للاستيلاء على المجلس من دون أي شرعية.
ومع اصرار سعيد على احداث هيئة مؤقتة تعوض المجلس الحالي مقابل تمسك القضاة بمجلسهم القائم، يعود مصطلح الهياكل الموازية وحرب الشرعيات ليطفو على سطح الاحداث مجددا بما من شأنه أن يعود بأبناء القطاع إلى معارك ما قبل 2011، حين عمد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عبر وزارة العدل آنذاك إلى تنصيب جمعية للقضاة عوض المكتب الشرعي الذي قاده القاضي أحمد الرحموني وكلثوم كنو ووسيلة الكعبي وحمادي الرحماني وروضة القرافي ونورة حمدي.
ورغم شراسة النظام في التنكيل بالقضاة ومطاردتهم وحرمان البعض منهم من حقه في الأجر سنوات 2005و2006و2007و2009و2010 فقد استطاع جزء واسع من ابناء القطاع الصمود في وجه آلة القمع وتحدي نظام بن علي ليعلنوا الانتصار عليه سنة 2011 بعودة المكتب الشرعي للجمعية والتفاف القضاة حول هيكلهم مرة أخرى.
وتعود معركة القضاة في وجه السلطة بعد ان اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيد موقفه بإنهاء المجلس الأعلى للقضاء عبر حله وانشاء هيكل موقت يعوضه الى حين.
وتجند القضاة للدفاع عن المجلس سواء بالتحرك ميدانيا او بالحضور الإعلامي المكثف، فقد كشف مراد المسعودي رئيس جمعية القضاة الشبان أنه لا توجد أي علاقة بين المجلس الأعلى للقضاء وحركة النهضة، نافيًا أن تكون التركيبة العامة لأعضاء المجلس مسيّسة أو لها توجهات سياسية معلنة.
وقال في لقاء إعلامي إن المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة مستقلة والقضاة المنتسبون إليها لا يمارسون أي عمل سياسي.
وأضاف المسعودي أن التهم التي وجّهها الرئيس قيس سعيد بفساد المجلس وتصريحاته بشأن “مجلس النهضة” و”قضاء البحيري” أحكامٌ جزافية ليس لها سند واقعي، مشيرًا إلى أنها مجرد تبريرات للإقدام على حل المجلس بطريقة مقبولة عند التونسيين من دون مسوّغ قانوني لها، على حد قوله.
وتابع قائلا: حل المجلس الأعلى للقضاء غير قانوني وغير شرعي. وسنواجهه بكل الطرق القانونية لأننا قضاة مستقلون ولا نريد العودة إلى منظومة الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وخلص المسعودي إلى أن تونس اليوم في حاجة إلى إصلاحات جوهرية وليس لاجتثاث مؤسسات الدولة بقرارات فردية.
من جهته قال عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة "انّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد قام بحل تركيبة المجلس الأعلى للقضاء الحالية وصلاحياته، ولكنه لم يحذف المجلس الأعلى للقضاء كليا"، مشيرا " إلى أن هذا القرار كان مطلبا لعمادة المحامين."
واعتبر بودربالة "أن المحامين غير الموافقين على موقف الهيئة الداعم لقرار رئيس الجمهورية حول المجلس الأعلى للقضاء، قد يكونون من الحاملين لمواقف سياسية معينة".
وفي تعليقه على سيرورة الاحداث المتسارعة قال رئيس جمعية القضاة انس الحمادي “ما نشاهده الآن من اصطفاف وراء رئيس الجمهورية سواء بصفة مباشرة او غير مباشرة اما لتصفية حسابات او لفائدة قضايا معينة في المحاكم أو لضرب خصوم سياسين".
واعتبر الحمادي في مداخلة على اذاعة “اكسبراس اف ام” انه “حصل الآن نوع من الفرز الحقيقي بين من يعلي المصلحة الوطنية ومصلحة القضاء ويؤمن بمبدإ استقلال القضاء وبين من يريد أن يتموقع في المشهد الجديد او ان يحصد مكاسب سياسية او يصفي خصوما سياسيين أو يفرض أجندا معينة.”
وذكر بان ذلك حصل في السابق بعد سقوط بن علي وبان هناك من اراد تحقيق مكاسب من خلال اصدار المراسيم في اشارة الى عمادة المحامين التي قبلت سنة 2011 اصدار مرسوم لتنظيم مهنة المحاماة.
وأضاف الحمادي أن القضاة اختاروا في تلك الفترة التوجه للسلطة التأسيسية لبناء مسائل جوهرية في علاقة بالنظام الديمقراطي واستقلالية القضاء مؤكدا ان ذلك تحقق من خلال ادراج السلطة القضائية في الدستور .
ويذكر ان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة دعا كافة القضاة العدليين والإداريين والماليين إلى الحضور والمشاركة في الاجتماع العام القضائي المقرر اليوم بتونس العاصمة للتداول في الوضع الدقيق للسلطة القضائية في ظل التدابير الاستثنائية والقرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية وسبل التصدي لها.