إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

زهير المغزاوي لـ "الصباح": من يعول على سقوط المسار التصحيحي بمجرد استقالة نادية عكاشة فهو واهم

 لدينا تحفظات على تراخي رئيس الجمهورية وتركيزه على الدستور دون الاهتمام بالمسائل الاجتماعية

لا للذهاب إلى الانتخابات بنفس المنظومة الانتخابية القديمة

دعوة بعض الأحزاب إلى أحزاب دون رئيس الجمهورية يمثل حلما طوباويا

 نقول لرئيس الجمهورية مهما كانت عبقريتك وقدراتك فإن التاريخ لا يكتبه الأفراد وإنما تكتبه الجماعات المنظمة

الاستشارة الالكترونية على أهميتها لا تعوض حوارا بين رئيس الجمهورية وبين كل القوى الفاعلة

أم  المعارك في تونس هي معركة تحرير القضاء 

هنالك تعثر كبير في المسار الحكومي

تونس-الصباح

استقالة نادية عكاشة ومدى تداعياتها لاحقا..، الاستشارة الالكترونية والجدل الذي أحدثته..، الانتقادات التي تطال أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد..، تلك أبرز المحاور التي تعرضت لها "الصباح" في حوار مطول مع الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي الذي أتى من خلاله على أبرز المستجدات السياسية الراهنة.

وأكد المغزاوي أن حركة الشعب التي تساند مسار 25 جويلية لا يعني أنها تقدم صكا على بياض لرئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن المطلوب اليوم أن لا تطول أكثر هذه المرحلة الاستثنائية، داعيا في السياق ذاته رئيس الجمهورية إلى أن يلتفت إلى الملف الاجتماعي وخاصة أن يستمع إلى مختلف وجهات النظر لأن عدم الاستماع لن يفضي إلى تقدم بالبلاد محذرا إياه من العزلة التي قد تعصف بمسار 25 جويلية.

الحديث تعرض الى الجدل الذي رافق الاستشارة الالكترونية ليؤكد المغزاوي أن هذه الاستشارة على اهميتها فإنها لا تعوض حوارا بين رئيس الجمهورية وبين كل القوى الفاعلة.

 اما بخصوص استقالة نادية عكاشة فقد اعتبر المغزاوي انه واهم من يعول على ان المسار سيسقط بمجرد استقالة نادية عكاشة.

وفيما يلي نص الحوار:

في البداية كيف تقرأ المشهد السياسي الراهن؟

-نحن نعيش اليوم في مرحلة ما بعد 25 جويلية الذي نعتبره في حركة الشعب جاء استجابة لإرادة الشعب ولإرادة الدولة التونسية ولمقاومة طويلة منذ 10 سنوات لهذه المنظومة.

نحن اليوم في مرحلة استثنائية تقوم على مسارين اثنين: مسار حكومي وآخر إصلاحي. نلاحظ تعثّرا كبيرا في المسار الحكومي لان هذا المسار كان من المفروض أن يرسل رسائل ايجابية الى الشعب بعد 25 جويلية خاصة وأننا نعتقد أن الجوهر الحقيقي لـ25 جويلية هو جوهر اجتماعي باعتبار أن الثورة التونسية كانت لديها استحقاقين الأول اجتماعي والآخر سياسي، ويقدر ما حصل تقدم في السياسي رغم كل الهنات التي حصلت في المقابل لم يحدث شيء على المستوى الاجتماعي.

 للأسف الرسائل التي تمخضت الى حد الآن هي رسائل سلبية وعلى رأسها قانون المالية الذي لا يختلف على قوانين المالية السابقة وعديد المسائل الاخرى على غرار عمال الحضائر وغلاء المعيشة. لم نر إلى حد الآن مؤشرات ايجابية من الحكومة لمعالجة هذه الاوضاع الاجتماعية. اما على المستوى السياسي نعتقد أن المسار طال أكثر من اللازم إذ كان بإمكان رئيس الجمهورية أن يتخذ جملة من الإجراءات.  

كيف تقيم اليوم أداء رئيس الجمهورية الذي يثير الكثير من الجدل؟

-هنالك بعض القلق الذي عبرنا عنه في مناسبات عديدة، فالناس استبشرت بـتاريخ 25 جويلية ليس حبا في قيس سعيد وإنما من منطلق كرهها للمرحلة السابقة وتطلعها إلى مستقبل أفضل. المؤشرات الحالية لا تنبئ بذلك لذلك توجهنا بالنصح لرئيس الجمهورية في مناسبات عديدة مؤكدين على  أن البعد الحقيقي لـ 25 جويلية هو بعد اجتماعي لذلك على رئيس الجمهورية أن يسرع في وضع الملفات الاجتماعية على رأس جدول أعماله في المرحلة القادمة.

هل صحيح أن هناك صراعا داخل حركة الشعب بين الشق المساند لقيس سعيد والشق المتحفظ إن لم يكن منتقدا لقراراته؟

-لا فما يٌروج غير صحيح. نحن في حركة الشعب أيّدنا مسارا ولم نؤيد شخصا لأننا كنا نعتقد أن هذا المسار سيأتي سواء عن طريق قيس سعيد أو غيره. منذ البداية عبرنا عن مجموعة من التحفظات قلنا نعم لـ25 جويلية ولكن لا للمس بالحريات كما قلنا نعم للذهاب بسرعة نحو الإصلاحات. حركة الشعب تتعاطي مع مسار تعتبره مهما وتاريخيا في تاريخ تونس وفرصة لإخراج البلاد من الديمقراطية الفاسدة إلى الديمقراطية السليمة ومن دولة المافيات إلى دولة الشعب، لكن لديها تحفظات على هذا التراخي وهذا البطء وعلى التركيز الكبير لرئيس الجمهورية على مسألة الدستور دون التركيز على المواضيع الاجتماعية.

يعني يستشف من حديثك أن حركة الشعب مازالت على نفس الدعم لقيس سعيد؟

-هو دعم لمسار وتحفظات عليه لأنه طال أكثر من اللازم.

إلى أي مدى تعتقد أن استقالة نادية عكاشة ستكون لها تداعيات لاحقا مثلما يروج البعض؟

-هذه ليست أولى الاستقالات. وحتى الرئيس الباجي قائد السبسي شهد ديوانه استقالات وازنة على غرار رضا بلحاج ومحسن مرزوق. هناك مسألتان اعتبرهما مهمتان في استقالة نادية عكاشة أولا الناس التي تعول بان المسار سيسقط بمجرد استقالة نادية عكاشة فهم واهمون، ثانيا هذه فرصة أمام رئيس الجمهورية لإعادة التقييم من خلال اختيار أشخاص يحظون بالثقة والكفاءة لا سيما أن قصر قرطاج يمثل أسرار الدولة. على رئيس الجمهورية أن يختار فريقه بدقة وعناية حتى يضمن الاستمرارية والانتقال السلس من المرحلة السابقة إلى المرحلة الجديدة.

كيف تنظر إلى الاستشارة الالكترونية التي تباينت حولها المواقف؟

-أن تحصل استشاره للشباب وللشعب فهذه مسالة مهمة من حيث المبدأ. الى حد الان لم ندع الناس الى المشاركة في هذه الاستشارة.  كنا ننتظر طبيعة الأسئلة ورغم بعض الملاحظات إلا أن ذلك لم  يفض إلى اتخاذ موقف من الاستشارة، لكن هنالك مسألتان مهمتان: أولا من سيتكفل بعملية التأليف التي أطلق عليها رئيس الجمهورية تسمية اللجنة. نريدها أن تكون لجنة من ذوي الكفاءات لا نريد أن تلقي رئاسة الجمهورية بالأسئلة وتقوم بنفسها بالتأليف. وبالتالي مازلنا ننتظر تركيبة هذه اللجنة لنرى مدى مصداقيتها وهل ستنقل نقلا أمينا ما سيقوله المشاركون في هذه الاستشارة. ولا يستمع إلى مختلف وجهات النظر لأن عدم الاستماع إلى مختلف وجهات النظر لن يفضي إلى تقدم  بالبلاد.

-إلى أي مدى تعتقد أن المشهد سيتغير مع الانتخابات المقبلة؟

-الأكيد أن المشهد تغير حتى بعد 25 جويلية، فهنالك قوى ستصعد كما كل المراحل التاريخية. نعتقد أن تغير المشهد بصفة جذرية مرتبط بالإصلاحات. لا نستطيع أن نذهب الى الانتخابات بنفس المنظومة الانتخابية القديمة لان هذه المنظومة من خلالها تسلل المال السياسي الفاسد وقانون الاحزاب مسالة الجمعيات وشركات سبر الآراء وغيرها من المسائل الاخرى.

هل أنت مع تنقيح القانون الانتخابي وتغيير النظام السياسي؟

-طبعا، وذاك نحو نظام سياسي برأس واحد في السلطة التنفيذية وهذه مسالة مهمة جدا مع مراجعة منظومة الانتخابات التي تؤثر وحتى تزور إرادة الناخب.

كيف تتابع اليوم الصراع القائم بين رئيس الجمهورية والقضاة؟

-لطالما قلنا وأكدنا على أن أم المعارك في تونس هي معركة تحرير القضاء من كل محاولات وضع اليد عليه، نحن لاحظنا بعد الثورة أن  حركة النهضة حاولت أن تضع يدها على ثلاثة مرافق مهمة: الإعلام ووزارتا الداخلية والعدل. ربما في الداخلية نجحت في بعض الاختراقات وفشلت في أشياء أخرى لكن أهم مرفق نجحت في وضع يدها عليه هو القضاء والعدالة. وهذا المرفق ان لم يتحرر من كل القبضات سواء قبضة  النهضة او اي سلطة حاكمة فان البلاد لن تستطيع السير في الطريق السليم. لدينا دلائل تدل على أن هذا القضاء غير مستقل يكفي أن نتحدث عن القضايا الارهابية وقضايا الاغتيالات السياسية والمال العام حيث فتحت ملفات منذ 2010 وبعد 2010 وفي الأثناء والى حد الان لم يغلق أي ملف. دائما كنا نعول على ان القضاة الشرفاء وهياكل هذه المهنة سيقومون بانتفاضة حقيقية من اجل إصلاح الأوضاع داخل القضاء حتى يقوم بدوره لكن مع الاسف الشديد نلاحظ وجود إشكالية كبرى ونحن نشاطر رئيس الجمهورية في جزء كبير مما يقوله. وبالتالي نعتقد من أوكد الأولويات اليوم إصلاح منظومة القضاء.  

هل تعتقد أن قيس سعيد سيشرف على الحوار الوطني الذي طال أكثر من اللازم؟

-نتمنى ذلك، نقول لرئيس الجمهورية ومن خلال أعمدة جريدة "الصباح"  ان أصل الأشياء هو أن يتحاور رئيس الجمهورية مع الجميع أي مع  الذين يعتبرون 25 جويلية فرصة لإصلاح الأوضاع، وانه من غير الطبيعي ان ينعزل رئيس الجمهورية ولا يستمع إلى مختلف وجهات النظر لان عدم الاستماع الى مختلف وجهات النظر لن يفضي إلى تقدم  بالبلاد. نقول لرئيس الجمهورية مهما كانت عبقريتك وقدراتك فان التاريخ لا يكتبه الأفراد وإنما تكتبه الجماعات المنظمة واذا ما واصلت في العزلة فان المسار سيكون مهددا بالفشل الذريع.

ولكن بعض الأطراف وتحديدا الاحزاب الديمقراطية تدعو الى حوار وطني دون رئيس الجمهورية ما رأيك؟

-هذا لا معنى له، الحوار من اجل صياغة تصورات ورؤى وتقديمها   للشعب  فهذا  هو الدور  الموكول  للأحزاب والجبهات السياسية. لكن أن تقوم هذه الأحزاب بحوار دون رئيس الجمهورية وان تفرض وجهة نظرها في البلاد  فهذا يمثل حلما طوباويا.

هل يمثل فعلا الرئيس قيس سعيد خطرا على الديمقراطية ورمزا للتفرد بالرأي؟

-لا نعتقد ذلك. وحتى ولو أراد سعيد أن يكون ديكتاتورا فلن يستطيع لان الثورة التونسية من أهم مكاسبها أنها أنتجت شبيبة مثلما نقول بلغتنا العامية "ما يكبر في عينها حد". المطلوب اليوم أن لا تتواصل هذه المرحلة الاستثنائية وان تتم الإصلاحات بصفة تشاركية والمطلوب ايضا من قوى المجتمع المدني وخاصة من المؤيدين لمسار 25 جويلية أن تكون أعينهم مفتوحة لأننا لم نذهب في مسار 25 جويلية للقضاء على الديمقراطية وانما من اجل الانتقال من الديمقراطية الفاسدة إلى الديمقراطية السليمة. صحيح أن رئيس الجمهورية بيده جميع السلطات لكن هذه مرحلة انتقالية واستثنائية يجب ان تنتهي بسرعة لتعود مؤسسات الدولة الى العمل بسلالة وبديمقراطية سليمة.

هل تعتقد أن حركة النهضة مازالت قادرة على استعادة السلطة من جديد خاصة بعد أن قال الوريمي:"إن النهضة مثل المنتخب بإمكانها العودة متى أرادت"؟

-لا أتوقع ذلك، هنالك معطيات جديدة ليست فقط في تونس وإنما على المستوى الإقليمي، فالإسلام السياسي كان يلعب في دور وظيفي في مرحلة معينة لدى قوى خارجية. تغيرت اليوم لعبة الأمم هنالك معطيات جديدة وموازين قوى جديدة. كانت لديهم فرصة حكم البلاد طيلة 10 سنوات وأضاعوا الفرصة من خلال تحويلهم الحكم إلى غنيمة. اعتقد ان شعب تونس قال فيهم كلمته..، النهضة هي أكثر من فهم 25 جويلية لأنها بعد هذا التاريخ شهدت صراعات عنيفة داخلها لأنهم يدركون جيدا  حجم مسؤوليتهم طيلة عشر سنوات كما يعرفون الى اين ذاهبة هذه البلاد. نعتقد انه رغم كل الهنات والصعوبات وكل العراقيل الموجودة فان تونس ذاهبة نحو بناء مشروعها الوطني السيادي الديمقراطي الاجتماعي.

هل تعتقد أن مسار 25 جويلية سيفتح جديا ملف الاغتيالات السياسية؟

-هذا واجبه، نعتقد أن الممر الحقيقي الممكن والوحيد للمرحلة القادمة هي المحاسبة عبر القانون.

 

 

أجرت الحوار: منال حرزي

زهير المغزاوي لـ "الصباح": من يعول على سقوط المسار التصحيحي بمجرد استقالة نادية عكاشة فهو واهم

 لدينا تحفظات على تراخي رئيس الجمهورية وتركيزه على الدستور دون الاهتمام بالمسائل الاجتماعية

لا للذهاب إلى الانتخابات بنفس المنظومة الانتخابية القديمة

دعوة بعض الأحزاب إلى أحزاب دون رئيس الجمهورية يمثل حلما طوباويا

 نقول لرئيس الجمهورية مهما كانت عبقريتك وقدراتك فإن التاريخ لا يكتبه الأفراد وإنما تكتبه الجماعات المنظمة

الاستشارة الالكترونية على أهميتها لا تعوض حوارا بين رئيس الجمهورية وبين كل القوى الفاعلة

أم  المعارك في تونس هي معركة تحرير القضاء 

هنالك تعثر كبير في المسار الحكومي

تونس-الصباح

استقالة نادية عكاشة ومدى تداعياتها لاحقا..، الاستشارة الالكترونية والجدل الذي أحدثته..، الانتقادات التي تطال أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد..، تلك أبرز المحاور التي تعرضت لها "الصباح" في حوار مطول مع الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي الذي أتى من خلاله على أبرز المستجدات السياسية الراهنة.

وأكد المغزاوي أن حركة الشعب التي تساند مسار 25 جويلية لا يعني أنها تقدم صكا على بياض لرئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن المطلوب اليوم أن لا تطول أكثر هذه المرحلة الاستثنائية، داعيا في السياق ذاته رئيس الجمهورية إلى أن يلتفت إلى الملف الاجتماعي وخاصة أن يستمع إلى مختلف وجهات النظر لأن عدم الاستماع لن يفضي إلى تقدم بالبلاد محذرا إياه من العزلة التي قد تعصف بمسار 25 جويلية.

الحديث تعرض الى الجدل الذي رافق الاستشارة الالكترونية ليؤكد المغزاوي أن هذه الاستشارة على اهميتها فإنها لا تعوض حوارا بين رئيس الجمهورية وبين كل القوى الفاعلة.

 اما بخصوص استقالة نادية عكاشة فقد اعتبر المغزاوي انه واهم من يعول على ان المسار سيسقط بمجرد استقالة نادية عكاشة.

وفيما يلي نص الحوار:

في البداية كيف تقرأ المشهد السياسي الراهن؟

-نحن نعيش اليوم في مرحلة ما بعد 25 جويلية الذي نعتبره في حركة الشعب جاء استجابة لإرادة الشعب ولإرادة الدولة التونسية ولمقاومة طويلة منذ 10 سنوات لهذه المنظومة.

نحن اليوم في مرحلة استثنائية تقوم على مسارين اثنين: مسار حكومي وآخر إصلاحي. نلاحظ تعثّرا كبيرا في المسار الحكومي لان هذا المسار كان من المفروض أن يرسل رسائل ايجابية الى الشعب بعد 25 جويلية خاصة وأننا نعتقد أن الجوهر الحقيقي لـ25 جويلية هو جوهر اجتماعي باعتبار أن الثورة التونسية كانت لديها استحقاقين الأول اجتماعي والآخر سياسي، ويقدر ما حصل تقدم في السياسي رغم كل الهنات التي حصلت في المقابل لم يحدث شيء على المستوى الاجتماعي.

 للأسف الرسائل التي تمخضت الى حد الآن هي رسائل سلبية وعلى رأسها قانون المالية الذي لا يختلف على قوانين المالية السابقة وعديد المسائل الاخرى على غرار عمال الحضائر وغلاء المعيشة. لم نر إلى حد الآن مؤشرات ايجابية من الحكومة لمعالجة هذه الاوضاع الاجتماعية. اما على المستوى السياسي نعتقد أن المسار طال أكثر من اللازم إذ كان بإمكان رئيس الجمهورية أن يتخذ جملة من الإجراءات.  

كيف تقيم اليوم أداء رئيس الجمهورية الذي يثير الكثير من الجدل؟

-هنالك بعض القلق الذي عبرنا عنه في مناسبات عديدة، فالناس استبشرت بـتاريخ 25 جويلية ليس حبا في قيس سعيد وإنما من منطلق كرهها للمرحلة السابقة وتطلعها إلى مستقبل أفضل. المؤشرات الحالية لا تنبئ بذلك لذلك توجهنا بالنصح لرئيس الجمهورية في مناسبات عديدة مؤكدين على  أن البعد الحقيقي لـ 25 جويلية هو بعد اجتماعي لذلك على رئيس الجمهورية أن يسرع في وضع الملفات الاجتماعية على رأس جدول أعماله في المرحلة القادمة.

هل صحيح أن هناك صراعا داخل حركة الشعب بين الشق المساند لقيس سعيد والشق المتحفظ إن لم يكن منتقدا لقراراته؟

-لا فما يٌروج غير صحيح. نحن في حركة الشعب أيّدنا مسارا ولم نؤيد شخصا لأننا كنا نعتقد أن هذا المسار سيأتي سواء عن طريق قيس سعيد أو غيره. منذ البداية عبرنا عن مجموعة من التحفظات قلنا نعم لـ25 جويلية ولكن لا للمس بالحريات كما قلنا نعم للذهاب بسرعة نحو الإصلاحات. حركة الشعب تتعاطي مع مسار تعتبره مهما وتاريخيا في تاريخ تونس وفرصة لإخراج البلاد من الديمقراطية الفاسدة إلى الديمقراطية السليمة ومن دولة المافيات إلى دولة الشعب، لكن لديها تحفظات على هذا التراخي وهذا البطء وعلى التركيز الكبير لرئيس الجمهورية على مسألة الدستور دون التركيز على المواضيع الاجتماعية.

يعني يستشف من حديثك أن حركة الشعب مازالت على نفس الدعم لقيس سعيد؟

-هو دعم لمسار وتحفظات عليه لأنه طال أكثر من اللازم.

إلى أي مدى تعتقد أن استقالة نادية عكاشة ستكون لها تداعيات لاحقا مثلما يروج البعض؟

-هذه ليست أولى الاستقالات. وحتى الرئيس الباجي قائد السبسي شهد ديوانه استقالات وازنة على غرار رضا بلحاج ومحسن مرزوق. هناك مسألتان اعتبرهما مهمتان في استقالة نادية عكاشة أولا الناس التي تعول بان المسار سيسقط بمجرد استقالة نادية عكاشة فهم واهمون، ثانيا هذه فرصة أمام رئيس الجمهورية لإعادة التقييم من خلال اختيار أشخاص يحظون بالثقة والكفاءة لا سيما أن قصر قرطاج يمثل أسرار الدولة. على رئيس الجمهورية أن يختار فريقه بدقة وعناية حتى يضمن الاستمرارية والانتقال السلس من المرحلة السابقة إلى المرحلة الجديدة.

كيف تنظر إلى الاستشارة الالكترونية التي تباينت حولها المواقف؟

-أن تحصل استشاره للشباب وللشعب فهذه مسالة مهمة من حيث المبدأ. الى حد الان لم ندع الناس الى المشاركة في هذه الاستشارة.  كنا ننتظر طبيعة الأسئلة ورغم بعض الملاحظات إلا أن ذلك لم  يفض إلى اتخاذ موقف من الاستشارة، لكن هنالك مسألتان مهمتان: أولا من سيتكفل بعملية التأليف التي أطلق عليها رئيس الجمهورية تسمية اللجنة. نريدها أن تكون لجنة من ذوي الكفاءات لا نريد أن تلقي رئاسة الجمهورية بالأسئلة وتقوم بنفسها بالتأليف. وبالتالي مازلنا ننتظر تركيبة هذه اللجنة لنرى مدى مصداقيتها وهل ستنقل نقلا أمينا ما سيقوله المشاركون في هذه الاستشارة. ولا يستمع إلى مختلف وجهات النظر لأن عدم الاستماع إلى مختلف وجهات النظر لن يفضي إلى تقدم  بالبلاد.

-إلى أي مدى تعتقد أن المشهد سيتغير مع الانتخابات المقبلة؟

-الأكيد أن المشهد تغير حتى بعد 25 جويلية، فهنالك قوى ستصعد كما كل المراحل التاريخية. نعتقد أن تغير المشهد بصفة جذرية مرتبط بالإصلاحات. لا نستطيع أن نذهب الى الانتخابات بنفس المنظومة الانتخابية القديمة لان هذه المنظومة من خلالها تسلل المال السياسي الفاسد وقانون الاحزاب مسالة الجمعيات وشركات سبر الآراء وغيرها من المسائل الاخرى.

هل أنت مع تنقيح القانون الانتخابي وتغيير النظام السياسي؟

-طبعا، وذاك نحو نظام سياسي برأس واحد في السلطة التنفيذية وهذه مسالة مهمة جدا مع مراجعة منظومة الانتخابات التي تؤثر وحتى تزور إرادة الناخب.

كيف تتابع اليوم الصراع القائم بين رئيس الجمهورية والقضاة؟

-لطالما قلنا وأكدنا على أن أم المعارك في تونس هي معركة تحرير القضاء من كل محاولات وضع اليد عليه، نحن لاحظنا بعد الثورة أن  حركة النهضة حاولت أن تضع يدها على ثلاثة مرافق مهمة: الإعلام ووزارتا الداخلية والعدل. ربما في الداخلية نجحت في بعض الاختراقات وفشلت في أشياء أخرى لكن أهم مرفق نجحت في وضع يدها عليه هو القضاء والعدالة. وهذا المرفق ان لم يتحرر من كل القبضات سواء قبضة  النهضة او اي سلطة حاكمة فان البلاد لن تستطيع السير في الطريق السليم. لدينا دلائل تدل على أن هذا القضاء غير مستقل يكفي أن نتحدث عن القضايا الارهابية وقضايا الاغتيالات السياسية والمال العام حيث فتحت ملفات منذ 2010 وبعد 2010 وفي الأثناء والى حد الان لم يغلق أي ملف. دائما كنا نعول على ان القضاة الشرفاء وهياكل هذه المهنة سيقومون بانتفاضة حقيقية من اجل إصلاح الأوضاع داخل القضاء حتى يقوم بدوره لكن مع الاسف الشديد نلاحظ وجود إشكالية كبرى ونحن نشاطر رئيس الجمهورية في جزء كبير مما يقوله. وبالتالي نعتقد من أوكد الأولويات اليوم إصلاح منظومة القضاء.  

هل تعتقد أن قيس سعيد سيشرف على الحوار الوطني الذي طال أكثر من اللازم؟

-نتمنى ذلك، نقول لرئيس الجمهورية ومن خلال أعمدة جريدة "الصباح"  ان أصل الأشياء هو أن يتحاور رئيس الجمهورية مع الجميع أي مع  الذين يعتبرون 25 جويلية فرصة لإصلاح الأوضاع، وانه من غير الطبيعي ان ينعزل رئيس الجمهورية ولا يستمع إلى مختلف وجهات النظر لان عدم الاستماع الى مختلف وجهات النظر لن يفضي إلى تقدم  بالبلاد. نقول لرئيس الجمهورية مهما كانت عبقريتك وقدراتك فان التاريخ لا يكتبه الأفراد وإنما تكتبه الجماعات المنظمة واذا ما واصلت في العزلة فان المسار سيكون مهددا بالفشل الذريع.

ولكن بعض الأطراف وتحديدا الاحزاب الديمقراطية تدعو الى حوار وطني دون رئيس الجمهورية ما رأيك؟

-هذا لا معنى له، الحوار من اجل صياغة تصورات ورؤى وتقديمها   للشعب  فهذا  هو الدور  الموكول  للأحزاب والجبهات السياسية. لكن أن تقوم هذه الأحزاب بحوار دون رئيس الجمهورية وان تفرض وجهة نظرها في البلاد  فهذا يمثل حلما طوباويا.

هل يمثل فعلا الرئيس قيس سعيد خطرا على الديمقراطية ورمزا للتفرد بالرأي؟

-لا نعتقد ذلك. وحتى ولو أراد سعيد أن يكون ديكتاتورا فلن يستطيع لان الثورة التونسية من أهم مكاسبها أنها أنتجت شبيبة مثلما نقول بلغتنا العامية "ما يكبر في عينها حد". المطلوب اليوم أن لا تتواصل هذه المرحلة الاستثنائية وان تتم الإصلاحات بصفة تشاركية والمطلوب ايضا من قوى المجتمع المدني وخاصة من المؤيدين لمسار 25 جويلية أن تكون أعينهم مفتوحة لأننا لم نذهب في مسار 25 جويلية للقضاء على الديمقراطية وانما من اجل الانتقال من الديمقراطية الفاسدة إلى الديمقراطية السليمة. صحيح أن رئيس الجمهورية بيده جميع السلطات لكن هذه مرحلة انتقالية واستثنائية يجب ان تنتهي بسرعة لتعود مؤسسات الدولة الى العمل بسلالة وبديمقراطية سليمة.

هل تعتقد أن حركة النهضة مازالت قادرة على استعادة السلطة من جديد خاصة بعد أن قال الوريمي:"إن النهضة مثل المنتخب بإمكانها العودة متى أرادت"؟

-لا أتوقع ذلك، هنالك معطيات جديدة ليست فقط في تونس وإنما على المستوى الإقليمي، فالإسلام السياسي كان يلعب في دور وظيفي في مرحلة معينة لدى قوى خارجية. تغيرت اليوم لعبة الأمم هنالك معطيات جديدة وموازين قوى جديدة. كانت لديهم فرصة حكم البلاد طيلة 10 سنوات وأضاعوا الفرصة من خلال تحويلهم الحكم إلى غنيمة. اعتقد ان شعب تونس قال فيهم كلمته..، النهضة هي أكثر من فهم 25 جويلية لأنها بعد هذا التاريخ شهدت صراعات عنيفة داخلها لأنهم يدركون جيدا  حجم مسؤوليتهم طيلة عشر سنوات كما يعرفون الى اين ذاهبة هذه البلاد. نعتقد انه رغم كل الهنات والصعوبات وكل العراقيل الموجودة فان تونس ذاهبة نحو بناء مشروعها الوطني السيادي الديمقراطي الاجتماعي.

هل تعتقد أن مسار 25 جويلية سيفتح جديا ملف الاغتيالات السياسية؟

-هذا واجبه، نعتقد أن الممر الحقيقي الممكن والوحيد للمرحلة القادمة هي المحاسبة عبر القانون.

 

 

أجرت الحوار: منال حرزي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews