*مكالمة سعيد وماكرون كانت لتهدئة الخواطر بسبب ما حصل للصحفي الفرنسي يوم 14 جانفي
تونس – الصباح
بين رفض منظومة ما قبل 25 جويلية ورفض التمشي السياسي لرئيس الجمهورية في مرحلة التدابير السياسية يحاول تحالف الأحزاب الديمقراطية والتقدمية المتكون من أحزاب التكتل والتيار الديمقراطي والحزب الجمهوري إيجاد أرضية صلبة تقف عليها ونقطة ارتكاز تمكنها من أن تكون مؤثرة في الاحداث السياسية دون ان تكون في صف رئيس الجمهورية وتأييد كل ما يقوم به او في صف حركة النهضة وتوابعها السياسية في رفض كل مسار 25 جويلية واعتباره انقلابا على الدستور.
وتعقد اليوم هذه الأحزاب في إطار تحالفها الديمقراطي ندوة صحفية ستكون تحت عنوان رئيسي وهي الإعلان عن ولادة خط أو خيار ثالث ذو بعد سياسي وكذلك أبعاد مدنية واجتماعية، ذلك ما أكده لنا الأمين العام لحزب التكتل خليل الزاوية في هذا الحوار لـ"الصباح"..، كما علق الزاوية على الاحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد
-
لو أردنا أن نعطي عنوانا للندوة الصحفية التي يعقدها اليوم أحزاب التيار والتكتل والجمهوري، فماذا سيكون ذلك العنوان؟
-العنوان الكبير يتمثل في ضرورة بروز الخط الثالث في تونس..، وهو الخط الذي يقترح الحلول العملية للخروج من الازمة السياسية الحالية ومرتكزاته لا للعودة الى المشهد الرديء لما قبل 25 جويلية..، وكذلك رفض تمشي رئيس الجمهورية الذي لا نعتبر انه يراعي مصلحة البلاد.
-
هل يعني ذلك تقاطعكم أو تفاعلكم مع مقترح الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي الذي كان أول من نادى بهذا الخيار الثالث؟
-يجب أن نوضح أن الخط الثالث ليس توظيفا حزبيا بل التقاء وطنيا، والهدف من الندوة الصحفية هو اقتراح أن يكون المجتمع السياسي الوطني سواء من خلال القوى السياسية أو منظمات المجتمع المدني والحقوقيين والجمعيات وكل القوى التقدمية التي ترفض العودة الى ما قبل 25 جويلية، وفي نفس الوقت غير قابلة لتمشي رئيس الجمهورية، وذلك من خلال بلورة تصور مشترك للحلول اليوم..، ويمكن أن نقول أن الندوة الصحفية اليوم ستؤسس لبروز الخط الثالث أو للندوة الوطنية للانتقال الديمقراطي بعد تاريخ 25 جويلية وربما ذلك سيكون على شاكلة الحوار الوطني في 2013.
-
هل جلستم مع اتحاد الشغل وكانت هناك مبادرة أو ربما مشاورات في هذا الأمر؟
-نحن سنطلق المبادرة ومن ثمة سنتصل بالاتحاد وببقية مكونات المجتمع المدني الذي نتقاسم معها نفس التوجهات الكبرى.
-
في سياق الأحداث الأخيرة التي شدت اهتمام الرأي العام كيف تقرأ استقالة نادية عكاشة وردود الأفعال على حيالها؟
-التعليق الأول هو أن هذه الاستقالة أثبتت تصدّع الحزام القريب من رئيس الجمهورية..، فما خرج من محيط الرئيس يتمثل في أن هناك صراعا بين مديرة الديوان الرئاسي ووزير الداخلية توفيق شرف الدين ومن يسانده والبعض يقول أنه مدعوم من عائلة الرئيس، هذان الجناحان المحيطان بالرئيس متناقضان، وهذه التناقضات الكبيرة في الرؤية في محيط الرئيس باتت لا تطاق وكان لزاما أن ينتهي ذلك بانسحاب شق من الشقوق داخل القصر والشق المنسحب هو الذي تمثله نادية عكاشة وأصبح أقليا وفي وضعية غير مريحة فخيّر الانسحاب..
والآن وبعد صدور قرار إنهاء مهام نادية عكاشة بالرائد الرسمي فان الانطباع السائد أن الخلاف كان حادا حيث لم تذكر الرئاسة انه تم قبول استقالتها كما حدث مع رشيدة النيفر وهذا دليل على أن الخلاف حاد جدا، وهو ليس بسيطا وشخصيا أو كان بسبب غياب التناغم في أداء المهام، حيث زاد في هذا الخلاف الحاد..، لكن نحن لا نملك الحقيقة حول طبيعة هذا الخلاف حيث كثرت التخمينات والتأويلات..، وفي النهاية لنترك الأمر للوقت فالتاريخ سيخبرنا بكل شيء رغم أن الشيء الثابت بالنسبة لنا هو أنه ومنذ 25 جويلية وحتى قبل ذلك هذه الخلافات لا تتعلق بجوانب سياسية او باختلاف في وجهات النظر بل هي خلافات شخصية وخلافات حول مراكز النفوذ في محيط الرئيس ومن سيمسك بزمام الأمور في قصر قرطاج وفي الحكومة حيث لا يبدو هناك فرق بين توفيق شرف الدين ونادية عكاشة فهما شخصيتان دون ماض سياسي ولا يتكلمان في الإعلام حتى نعرف افكارهما وبالتالي صراعهما هو صراع حول من يكون نافذا أكثر في محيط الرئيس.
-
ما تعليقك على تصريح عبد اللطيف المكي بأن نادية عكاشة حاولت الاتصال براشد الغنوشي بعد 25 جويلية وتكذيب الخبر بعد ذلك من طرف مستشار الغنوشي؟
-الإشكال أن النخبة السياسية الحالية عادة ما تبني مواقفها على تسريبات وإشاعات ليست صحيحة.
-
وبالنسبة للاتصال الذي جمع رئيس الجمهورية بالرئيس الفرنسي ماكرون وما أثاره من جدل بسبب بلاغ الرئاسة كيف تعلق عليه؟
-أعتقد انه كان اتصالا لتهدئة الخواطر فيجب أن لا ننسى انه يوم 14 جانفي هناك صحفي فرنسي وهو مراسل صحيفة "ليبراسيون" في تونس تم تعنيفه من قبل الأمن التونسي رغم استظهاره ببطاقته المهنية وأنا قابلته يومها بعد أن تعرض لعنف كبير رغم أنه من المفروض أن تكون هويته ومهنته معروفة للأمن باعتباره مراسلا أجنبيا، ولكن رغم ذلك تعرض إلى تعنيف كبير كان سببا في أن يحصل على عطلة مرضية لمدة أسبوعين..، وبالتالي أعتقد أن هذه المكالمة تتنزل في باب تهدئة الخواطر لأنه في النهاية هذا الصحفي هو مواطن فرنسي خاصة وأن وسائل الإعلام الفرنسي غطت بشكل كبير العنف الذي وقع يوم 14 جانفي..، ولعل رئيس الجمهورية في هذه المكالمة أكد أن تونس لن تحيد عن المسار الديمقراطي في طمأنة للجانب الفرنسي خاصة وأن اليوم هناك مواقف دولية عبرت صراحة عن قلقها بسبب ما يجري في بلادنا من انتهاك للحقوق والحريات.
-
وماذا تقول على بلاغ رئيس الجمهورية بعد تلك المكالمة ؟
-أولا بالنسبة للرئيس الفرنسي فلا أعتقد أنه ينتظر حتى يحصل على معلومات من رئيس الجمهورية، هو يتحادث معه ليستفسر ربما أو يطالب بتوضيح..، لأن الرئاسة الفرنسية لديها مصادرها في تونس من خلال البعثات الديبلوماسية أو السفارة أو حتى وسائل الإعلام الفرنسية التي تتابع الشأن التونسي عبر مراسليها..، كذلك ماكرون لديه كما قلنا مواطن فرنسي وهو مراسل صحفي تم تعنيفه وبالتالي حديث رئيس الجمهورية على أن شيئا لم يحصل لا يمكن أن يقنع الجانب الفرنسي.
ثانيا ليس مقبولا أن يتم الخوض في شأن داخلي مع طرف أجنبي فهذا غير لائق ولا يجوز لا في الأعراف السياسية ولا الديبلوماسية خاصة وأن رئيس الجمهورية قيس سعيد ليس أول مرة يفعل ذلك وعليه أن يكف عمّا يقوله كل مرة لأن ذلك البلاغ أزعج كل التونسيين.
-
توقعاتك للمرحلة القادمة؟
-المرحلة القادمة ستكون صعبة ونتمنى أن تثوب السلطة في تونس إلى رشدها وتفتح العملية التشاركية في رسم المسارات السياسية والدستورية وهي عملية ما زالت ممكنة..، بالنسبة للوضع الاقتصادي نستطيع أن نقول أنه كارثي ولنتصوّر فقط أن لا تنجح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهذا ما لا أتمناه رغم تحفظاتي الشديدة على هذه المفاوضات وعلى التمشي، ولكن على الأقل في نجاحها تمويل للميزانية..، وفي فشلها كارثة كبرى خاصة في علاقة بمواجهة الوضع المالي الصعب في الوقت الراهن..، وبالتالي علينا اليوم الدفع نحو وحدة وطنية حقيقية لمواجهة كل هذه الظروف ولكن للأسف الرئيس لا يدفع أبدا باتجاه هذه الوحدة.
منية العرفاوي