إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل التعتيم وغياب الشفافية بعثات ديبلوماسية تتحول إلى مصدر للمعلومة!!

 

تونس-الصباح

تعتبر الشفافية والنفاذ إلى المعلومة من أهم الحقوق في علاقة بالحق في الإعلام، إذ لا يمكن الحديث عن سياسية اتصالية وإعلامية ناجحة دون الحديث عن حق توفير النفاذ إلى معلومات الهياكل والمؤسسات العمومية، ويأتي هذا في إطار ضمان حق كل شخص طبيعي أو معنوي في النفاذ إلى المعلومة وتعزيزا لمبدأ الشفافية خاصة بعد إقرار حق النفاذ إلى المعلومة والوثائق الإدارية من قبل الحكومة التونسية بمقتضى قانون أساسي عدد 22 لسنة 2016 مؤرخ في 24 مارس 2016...، إلا أن هذا الحق وكأن مفهومه تغير اليوم خاصة في ظل تضارب البلاغات بين المؤسسات الرسمية التونسية مثل الوزارات ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وغيرها من التمثيليات الديبلوماسية والدولية في تونس كالسفارات والفروع الإقليمية للمنظمات الدولية..
وعلى سبيل المثال أعلنت أول أمس سفارة ألمانيا بتونس في بلاغ لها التالي "التقى السفير بروغل اليوم(الثلاثاء) بوزير الداخلية شرف الدين لإجراء محادثات. وقد تمحور الاجتماع خاصة حول التعاون بين ألمانيا وتونس في مجالات الأمن والشؤون الداخلية وكذلك اللامركزية. كما تم التطرق إلى مسائل متعلقة بسيادة القانون والحوكمة الرشيدة، وضمان الحقوق والحريات الأساسية وأهمية الشفافية والتواصل"، ولكن في المقابل وزارة الداخلية التونسية كتبت في بلاغ لها "استقبل السيد توفيق شرف الدين وزير الدّاخلية مساء اليوم الثلاثاء 25 جانفي 2022، بمقر الوزارة، السيد بيتر بروغل(Peter Prügel) سعادة سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بتونس. ومثّل تعزيز التعاون التونسي الألماني في المجال الأمني وسبل الارتقاء به أهم محاور هذا اللقاء سيما التعاون القائم في إطار آلية+G7 التي يتولى الجانب الألماني قيادة الصف عن الأطراف الأجنبية صلبها والتي تهدف إلى دعم الجهود التونسية في مجال الإرهاب وتأمين الحدود. كما تطرق الجانبان إلى التعاون المشترك في مجالات الحوكمة الرشيدة واللامركزية."

بلاغات متضاربة

وما يمكن ملاحظته في كلا البلاغين واللذين هما لنفس الخبر أنهما متضاربين حيث أعلنت سفارة ألمانيا بتونس عن محاور لم يتم الإعلان عنها في بلاغ وزارة الداخلية والتي تتعلق أساسا بـ"التطرق إلى مسائل متعلقة بسيادة القانون والحوكمة الرشيدة، وضمان الحقوق والحريات الأساسية وأهمية الشفافية والتواصل".
وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها في تونس خاصة في الفترة الأخيرة مثل إعلان بعض السفارات مثلا عن منح تونس أقساط من القروض أو مساعدات وهبات خلال لقائهم بمسؤولين تونسيين في وقت تقتصر البلاغات الرسمية لمؤسسات الدولة عن ذكر محور أو محورين من اللقاء وفي الكثير من الأحيان عن خبر اللقاء فقط دون ذكر لأسباب اللقاء والأهداف منه وما تم تباحثه. كما أن التعتيم عن المعلومات من شأنه أن يجعل صفحات التواصل الاجتماعي للسفارات والتمثيليات الدولية والبعثات الدبلوماسية هي المصدر الأول للخبر والأكثر تفاصيل إما للمواطنين أو لوسائل الإعلام والصحافة في تونس، وهو ما يستدعي بضرورة إتباع سياسية اتصالية واضحة ومنفتحة على الجمهور مما يخلق مناخا من الثقة.

حق النفاذ إلى المعلومة

وتونس التي تعتبر رائدة في حق النفاذ إلى المعلومة بإعلانها لإطار قانوني ينظمه ويحميه بالإضافة إلى فرضه حقا والتي كانت محل إشادة مثلا قبل سنوات من منظمة "هيومن رايتس ووتش" والتي أكدت أن قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة الأول من نوعه في تونس والذي أقرّ قبل سنوات، يعزز إلى حد كبير حقوق المواطنين في الحصول على المعلومات من المؤسسات التي تنتفع بتمويل حكومي. إلا أن الأثر الحقيقي للقانون يعتمد على السلطة الفعلية لتنفيذه، وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أنه وبفضل قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة، تأتي تونس مجددا في الطليعة على صعيد تعزيز الشفافية في المؤسسات العامة في العالم العربي. لكن ما زال من غير الممكن معرفة ما إذا كان نظام الإنفاذ لجعل المعلومات الحكومية متاحا للجميع سيكون فعالا.
وبدوره انتقد نقيب الصحفيين محمد ياسين الجلاصي، في تصريح إعلامي قبل فترة هذه السياسة الاتصالية قائلا: " إن الصحفيين يواجهون صعوبات عدة في الحصول على المعلومات خاصة خلال الفترة الاستثنائية"، وذلك خلال إشرافه على ورشة تفكير حول ''الحق في النفاذ إلى المعلومة'' نظمتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، مضيفا في نفس السياق أن هناك وجود حالة تعتيم تامة للمعلومات حتى البسيطة منها خلال الفترة الاستثنائية. كما أعتبر الجلاصي أن التعتيم الإعلامي الذي نعيش على وقعه اليوم ينسف المكتسبات التي تحققت بعد الثورة ويهدد الحريات العامة والفردية.
جدير بالذكر أن منظمة "مراسلون بلا حدود" كانت قد "قرعت أجراس الخطر" بوجود تهديدات جدية لحرية الصحافة والإعلام يواجهها الصحفيون في تونس، تصاعدت وتيرتها بعد 25 جويلية 2021...
صلاح الدين كريمي

 في ظل التعتيم وغياب الشفافية بعثات ديبلوماسية تتحول إلى مصدر للمعلومة!!

 

تونس-الصباح

تعتبر الشفافية والنفاذ إلى المعلومة من أهم الحقوق في علاقة بالحق في الإعلام، إذ لا يمكن الحديث عن سياسية اتصالية وإعلامية ناجحة دون الحديث عن حق توفير النفاذ إلى معلومات الهياكل والمؤسسات العمومية، ويأتي هذا في إطار ضمان حق كل شخص طبيعي أو معنوي في النفاذ إلى المعلومة وتعزيزا لمبدأ الشفافية خاصة بعد إقرار حق النفاذ إلى المعلومة والوثائق الإدارية من قبل الحكومة التونسية بمقتضى قانون أساسي عدد 22 لسنة 2016 مؤرخ في 24 مارس 2016...، إلا أن هذا الحق وكأن مفهومه تغير اليوم خاصة في ظل تضارب البلاغات بين المؤسسات الرسمية التونسية مثل الوزارات ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وغيرها من التمثيليات الديبلوماسية والدولية في تونس كالسفارات والفروع الإقليمية للمنظمات الدولية..
وعلى سبيل المثال أعلنت أول أمس سفارة ألمانيا بتونس في بلاغ لها التالي "التقى السفير بروغل اليوم(الثلاثاء) بوزير الداخلية شرف الدين لإجراء محادثات. وقد تمحور الاجتماع خاصة حول التعاون بين ألمانيا وتونس في مجالات الأمن والشؤون الداخلية وكذلك اللامركزية. كما تم التطرق إلى مسائل متعلقة بسيادة القانون والحوكمة الرشيدة، وضمان الحقوق والحريات الأساسية وأهمية الشفافية والتواصل"، ولكن في المقابل وزارة الداخلية التونسية كتبت في بلاغ لها "استقبل السيد توفيق شرف الدين وزير الدّاخلية مساء اليوم الثلاثاء 25 جانفي 2022، بمقر الوزارة، السيد بيتر بروغل(Peter Prügel) سعادة سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بتونس. ومثّل تعزيز التعاون التونسي الألماني في المجال الأمني وسبل الارتقاء به أهم محاور هذا اللقاء سيما التعاون القائم في إطار آلية+G7 التي يتولى الجانب الألماني قيادة الصف عن الأطراف الأجنبية صلبها والتي تهدف إلى دعم الجهود التونسية في مجال الإرهاب وتأمين الحدود. كما تطرق الجانبان إلى التعاون المشترك في مجالات الحوكمة الرشيدة واللامركزية."

بلاغات متضاربة

وما يمكن ملاحظته في كلا البلاغين واللذين هما لنفس الخبر أنهما متضاربين حيث أعلنت سفارة ألمانيا بتونس عن محاور لم يتم الإعلان عنها في بلاغ وزارة الداخلية والتي تتعلق أساسا بـ"التطرق إلى مسائل متعلقة بسيادة القانون والحوكمة الرشيدة، وضمان الحقوق والحريات الأساسية وأهمية الشفافية والتواصل".
وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها في تونس خاصة في الفترة الأخيرة مثل إعلان بعض السفارات مثلا عن منح تونس أقساط من القروض أو مساعدات وهبات خلال لقائهم بمسؤولين تونسيين في وقت تقتصر البلاغات الرسمية لمؤسسات الدولة عن ذكر محور أو محورين من اللقاء وفي الكثير من الأحيان عن خبر اللقاء فقط دون ذكر لأسباب اللقاء والأهداف منه وما تم تباحثه. كما أن التعتيم عن المعلومات من شأنه أن يجعل صفحات التواصل الاجتماعي للسفارات والتمثيليات الدولية والبعثات الدبلوماسية هي المصدر الأول للخبر والأكثر تفاصيل إما للمواطنين أو لوسائل الإعلام والصحافة في تونس، وهو ما يستدعي بضرورة إتباع سياسية اتصالية واضحة ومنفتحة على الجمهور مما يخلق مناخا من الثقة.

حق النفاذ إلى المعلومة

وتونس التي تعتبر رائدة في حق النفاذ إلى المعلومة بإعلانها لإطار قانوني ينظمه ويحميه بالإضافة إلى فرضه حقا والتي كانت محل إشادة مثلا قبل سنوات من منظمة "هيومن رايتس ووتش" والتي أكدت أن قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة الأول من نوعه في تونس والذي أقرّ قبل سنوات، يعزز إلى حد كبير حقوق المواطنين في الحصول على المعلومات من المؤسسات التي تنتفع بتمويل حكومي. إلا أن الأثر الحقيقي للقانون يعتمد على السلطة الفعلية لتنفيذه، وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أنه وبفضل قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة، تأتي تونس مجددا في الطليعة على صعيد تعزيز الشفافية في المؤسسات العامة في العالم العربي. لكن ما زال من غير الممكن معرفة ما إذا كان نظام الإنفاذ لجعل المعلومات الحكومية متاحا للجميع سيكون فعالا.
وبدوره انتقد نقيب الصحفيين محمد ياسين الجلاصي، في تصريح إعلامي قبل فترة هذه السياسة الاتصالية قائلا: " إن الصحفيين يواجهون صعوبات عدة في الحصول على المعلومات خاصة خلال الفترة الاستثنائية"، وذلك خلال إشرافه على ورشة تفكير حول ''الحق في النفاذ إلى المعلومة'' نظمتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، مضيفا في نفس السياق أن هناك وجود حالة تعتيم تامة للمعلومات حتى البسيطة منها خلال الفترة الاستثنائية. كما أعتبر الجلاصي أن التعتيم الإعلامي الذي نعيش على وقعه اليوم ينسف المكتسبات التي تحققت بعد الثورة ويهدد الحريات العامة والفردية.
جدير بالذكر أن منظمة "مراسلون بلا حدود" كانت قد "قرعت أجراس الخطر" بوجود تهديدات جدية لحرية الصحافة والإعلام يواجهها الصحفيون في تونس، تصاعدت وتيرتها بعد 25 جويلية 2021...
صلاح الدين كريمي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews