رغم الترفيع في ميزانية تونس لسنة 2022، بزيادة 2.3 بالمائة عن ميزانية 2021، أي أن حجم الميزانية بلغ 57.2 مليار دينار، إلا أن الميزانية المُخصّصة لوزارة الصحة عرفت انخفاضا في القانون الجديد لميزانية الدولة العمومية لسنة 2022.
حيث تراجعت ميزانية وزارة الصحة بنسبة تُقدّر بـ 16 بالمائة مقارنة بميزانية عام 2021، حيث أصبحت في حدود 3250 مليون دينار بعد أن كانت 3868.2 مليون دينار في 2020، ويقدّر حجم التراجع بـ 618.2 مليون دينار.
واليوم لا يختلف اثنان حول الوضع المتردي الذي تمر به المنظومة الصحية اهمها ارتفاع الديون المتخلّدة بذمة العديد من المستشفيات والحاجة الملحة لتهيئة مستشفيات أخرى، فضلا عن نقص حاد في الأدوية سرعان ما غذى هذا الوضع تواصل انتشار وباء كورونا الذي لم يفارق بلادنا منذ مارس 2020 إلا أن وصل إلى الموجة الخامسة، مع الحاجة لانتدابات جديدة في المجال الطبي.
وأكد كاتب عام النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان للصحة العمومية نور الدين بن عبد الله، في تصريح لـ "الصباح" أنه رغم تفهمهم أن العجز في الميزانية التونسية وصل إلى 9.3 مليار دينار أي 6.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الميزانية، إلا أن الميزانية التي تم رصدها لوزارة الصحة لم تراع الظروف الصحية التي تمرّ بها البلاد، ألا وهي جائحة كورونا، خاصة ومرورنا في كل مرّة بموجة جديدة، وفترة للذروة من الإصابات، رغم أن هذا الوباء يتطلب من الوزارة تجهيزات وتجديدا للمنشئات، مع ما تم ملاحظته من نقص فادح وكبير في عدد من الأدوية وخاصة أدوية الأمراض المزمنة والتي تفرض التدخّل، مُشدّدا على أن وزارة الصحة يمكن اعتبارها وزارة سيادية لارتباطها مباشرة بأمر هام هو صحة الإنسان.
واعتبر بن عبد الله، أنه مهما كان حجم الميزانة فمن المفروض الزيادة فيها على غرار بعض الوزارات الأخرى، معبّرا عن استغرابه من قرار تقليصها، مُشيرا إلى أنه لا مبرّر لذلك.
ميزانية ضعيفة لا تفي بالجاجة
ووصف مُحدّثنا حجم ميزانية وزارة الصحة بـ "الضعيف والذي لا يفي بالحاجة وبالإصلاحات التي يجب القيام بها"، على خلفية أن أغلب المؤسسات الصحية تُعاني من عجز مالي كبير، جعلها في أحيان كثيرة غير قادرة على الإيفاء ببعض الالتزامات على غرار أبسط التجهزيات والأدوية وهو ما يعيقها على اداء دورها بالشكل المطلوب، لا فتا إلى أنه ليس فقط المستوصفات أو المستشفيات الصغرى التي لحقتها ديون ثقيلة بل حتى المستشفيات الكبرى والجامعية والتي تُعدّ ديونها بالمليارات.
وذكر بن عبد الله أنه بغض النظر عن كورونا التي تتطلب استعدادا واحتياطات أكبر وحالة من اليقظة المستمرّة، فإنه توجد أمراض أخرى خطيرة تتطلّب العلاج واهتماما ورصد أموال أكبر على غرار مرضى السرطان، وشرح بأن هذا المرض بالذات يفرض تواجد تجهيزات طبية متطورة في المؤسّسات الصحية، عادة ما تكون أسعارها مرتفعة، والاعتمادات المرصودة لمثل هذه التجهيزات لا تفي بالغرض.
تراجع ضعاف الحال والعائلات المعوزة وقسطا من الطبقة المتوسّطة...
وأفاد كاتب عام النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان للصحة العمومية، أن تراجع حجم ميزانية وزارة الصحة سيمُسّ أساسا ضعاف الحال والعائلات المعوزة وقسطا كبيرا من الطبقة المتوسط، ذلك لأنهم في العادة يلجؤون إلى القطاع العام للعلاج أو الحصول على الأدوية من الصيدليات العمومية في المستشفيات بما أنهم غير قادرين على دفع تكاليف العلاج في القطاع الخاص، وهو ما يجعل صحة هذه الفئات قد تكون في خطر.
وبيّن بن عبد الله أن المنشآت الصحية العمومية في الأرياف والقرى تحتاج إلى تدخل من ناحية تحسين البنية الأساسية، حتى أن البعض منها بات غير مؤهل بالكيفية اللازمة لاستقبال المرضى وهو ما أثبتته كورونا، حتى أن البعض من المؤسسات لا يمكن أن يُكوّن ممرات خاصة للعزل والفرز، على أن كورونا تفرض مزيد توفير وسائل الوقاية للأعوان والأطباء والممرّضين والتقنيين على غرار المعقمات والكمامات، مُوضّحا أنه من المعروف أن الاكتظاظ خاصة في أقسام الاستعجالي يكون عندما لا تتوفر منشئات عمومية ذات مواصفات محددة ويقع إعادة تهيئتها وتوسعتها، مما يتلاءم وقدرتها على استيعاب عدد كبير من المرضى في نفس الوقت.
وتساءل بن عبد الله "هل بمثل هذه الميزانية سيقع تأهيل المستشفيات وبناء أخرى؟"
الحاجة لانتداب ما لا يقل عن 1000 طبيب جديد
وبالتطرّق إلى ملفات الانتدابات في القطاع الصحي، أشار بن عبد الله أن عدد الإطار الطبي وشبه الطبي والإداري والتقني في القطاع العام يبلغ 85 ألف شخص، لافتا إلى أن عدد الأطباء العامين والاختصاصيين في حدود 3500، وأن تونس تحتاج إلى توظيف ما لا يقل عن 1000 طبيب مختص وعام، لمواصلة توفير أبرز الضروريات في المجال الطبي، وذلك دون احتساب الحاجيات لانتدابات في صفوف المُمرّضين والتقنيين.
وأبرز أنه يوجد ملف حارق، يتمثل في وجود انتدابات هشة لأطباء عامين واختصاصيين وفق نظام التعاقد، على أن العديد من الأطباء المُتعاقدين يشعرون، وفق قوله بالاهانة والمسّ من كرامتهم والاحتقار من خلال هذه العقود، ويفوق عدد الأطباء المُتعاقدين 300 طبيب من بينهم أطباء اختصاصيين في قطاعات حسّاسة على غرار التبنيج، وفئة كبيرة منهم وقع التعاقد معهم منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقبل حتى ظهور كورونا، ورغم ذلك لم يقع تسوية وضعيتهم بشكل رسمي أو ترسيمهم، مما نتج عنه عزوف كبير من الأطباء على الإقبال على التعاقد، حتى أن العديد منهم هاجر أو يفكّر في الهجرة خاصة في ظل وجود عروض أوروبية وخليجية لاستقطاب هذه الكفاءات.
وأضاف قائلا "إلى الآن لا توجد توضيحات دقيقة وصريحة أو إعلان رسمي بخصوص الانتدابات في وزارة الصحة لسنة 2022، على أن الأولوية تبقى للأطباء المُتعاقدين".
درصاف اللموشي
تونس-الصباح
رغم الترفيع في ميزانية تونس لسنة 2022، بزيادة 2.3 بالمائة عن ميزانية 2021، أي أن حجم الميزانية بلغ 57.2 مليار دينار، إلا أن الميزانية المُخصّصة لوزارة الصحة عرفت انخفاضا في القانون الجديد لميزانية الدولة العمومية لسنة 2022.
حيث تراجعت ميزانية وزارة الصحة بنسبة تُقدّر بـ 16 بالمائة مقارنة بميزانية عام 2021، حيث أصبحت في حدود 3250 مليون دينار بعد أن كانت 3868.2 مليون دينار في 2020، ويقدّر حجم التراجع بـ 618.2 مليون دينار.
واليوم لا يختلف اثنان حول الوضع المتردي الذي تمر به المنظومة الصحية اهمها ارتفاع الديون المتخلّدة بذمة العديد من المستشفيات والحاجة الملحة لتهيئة مستشفيات أخرى، فضلا عن نقص حاد في الأدوية سرعان ما غذى هذا الوضع تواصل انتشار وباء كورونا الذي لم يفارق بلادنا منذ مارس 2020 إلا أن وصل إلى الموجة الخامسة، مع الحاجة لانتدابات جديدة في المجال الطبي.
وأكد كاتب عام النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان للصحة العمومية نور الدين بن عبد الله، في تصريح لـ "الصباح" أنه رغم تفهمهم أن العجز في الميزانية التونسية وصل إلى 9.3 مليار دينار أي 6.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الميزانية، إلا أن الميزانية التي تم رصدها لوزارة الصحة لم تراع الظروف الصحية التي تمرّ بها البلاد، ألا وهي جائحة كورونا، خاصة ومرورنا في كل مرّة بموجة جديدة، وفترة للذروة من الإصابات، رغم أن هذا الوباء يتطلب من الوزارة تجهيزات وتجديدا للمنشئات، مع ما تم ملاحظته من نقص فادح وكبير في عدد من الأدوية وخاصة أدوية الأمراض المزمنة والتي تفرض التدخّل، مُشدّدا على أن وزارة الصحة يمكن اعتبارها وزارة سيادية لارتباطها مباشرة بأمر هام هو صحة الإنسان.
واعتبر بن عبد الله، أنه مهما كان حجم الميزانة فمن المفروض الزيادة فيها على غرار بعض الوزارات الأخرى، معبّرا عن استغرابه من قرار تقليصها، مُشيرا إلى أنه لا مبرّر لذلك.
ميزانية ضعيفة لا تفي بالجاجة
ووصف مُحدّثنا حجم ميزانية وزارة الصحة بـ "الضعيف والذي لا يفي بالحاجة وبالإصلاحات التي يجب القيام بها"، على خلفية أن أغلب المؤسسات الصحية تُعاني من عجز مالي كبير، جعلها في أحيان كثيرة غير قادرة على الإيفاء ببعض الالتزامات على غرار أبسط التجهزيات والأدوية وهو ما يعيقها على اداء دورها بالشكل المطلوب، لا فتا إلى أنه ليس فقط المستوصفات أو المستشفيات الصغرى التي لحقتها ديون ثقيلة بل حتى المستشفيات الكبرى والجامعية والتي تُعدّ ديونها بالمليارات.
وذكر بن عبد الله أنه بغض النظر عن كورونا التي تتطلب استعدادا واحتياطات أكبر وحالة من اليقظة المستمرّة، فإنه توجد أمراض أخرى خطيرة تتطلّب العلاج واهتماما ورصد أموال أكبر على غرار مرضى السرطان، وشرح بأن هذا المرض بالذات يفرض تواجد تجهيزات طبية متطورة في المؤسّسات الصحية، عادة ما تكون أسعارها مرتفعة، والاعتمادات المرصودة لمثل هذه التجهيزات لا تفي بالغرض.
تراجع ضعاف الحال والعائلات المعوزة وقسطا من الطبقة المتوسّطة...
وأفاد كاتب عام النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان للصحة العمومية، أن تراجع حجم ميزانية وزارة الصحة سيمُسّ أساسا ضعاف الحال والعائلات المعوزة وقسطا كبيرا من الطبقة المتوسط، ذلك لأنهم في العادة يلجؤون إلى القطاع العام للعلاج أو الحصول على الأدوية من الصيدليات العمومية في المستشفيات بما أنهم غير قادرين على دفع تكاليف العلاج في القطاع الخاص، وهو ما يجعل صحة هذه الفئات قد تكون في خطر.
وبيّن بن عبد الله أن المنشآت الصحية العمومية في الأرياف والقرى تحتاج إلى تدخل من ناحية تحسين البنية الأساسية، حتى أن البعض منها بات غير مؤهل بالكيفية اللازمة لاستقبال المرضى وهو ما أثبتته كورونا، حتى أن البعض من المؤسسات لا يمكن أن يُكوّن ممرات خاصة للعزل والفرز، على أن كورونا تفرض مزيد توفير وسائل الوقاية للأعوان والأطباء والممرّضين والتقنيين على غرار المعقمات والكمامات، مُوضّحا أنه من المعروف أن الاكتظاظ خاصة في أقسام الاستعجالي يكون عندما لا تتوفر منشئات عمومية ذات مواصفات محددة ويقع إعادة تهيئتها وتوسعتها، مما يتلاءم وقدرتها على استيعاب عدد كبير من المرضى في نفس الوقت.
وتساءل بن عبد الله "هل بمثل هذه الميزانية سيقع تأهيل المستشفيات وبناء أخرى؟"
الحاجة لانتداب ما لا يقل عن 1000 طبيب جديد
وبالتطرّق إلى ملفات الانتدابات في القطاع الصحي، أشار بن عبد الله أن عدد الإطار الطبي وشبه الطبي والإداري والتقني في القطاع العام يبلغ 85 ألف شخص، لافتا إلى أن عدد الأطباء العامين والاختصاصيين في حدود 3500، وأن تونس تحتاج إلى توظيف ما لا يقل عن 1000 طبيب مختص وعام، لمواصلة توفير أبرز الضروريات في المجال الطبي، وذلك دون احتساب الحاجيات لانتدابات في صفوف المُمرّضين والتقنيين.
وأبرز أنه يوجد ملف حارق، يتمثل في وجود انتدابات هشة لأطباء عامين واختصاصيين وفق نظام التعاقد، على أن العديد من الأطباء المُتعاقدين يشعرون، وفق قوله بالاهانة والمسّ من كرامتهم والاحتقار من خلال هذه العقود، ويفوق عدد الأطباء المُتعاقدين 300 طبيب من بينهم أطباء اختصاصيين في قطاعات حسّاسة على غرار التبنيج، وفئة كبيرة منهم وقع التعاقد معهم منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقبل حتى ظهور كورونا، ورغم ذلك لم يقع تسوية وضعيتهم بشكل رسمي أو ترسيمهم، مما نتج عنه عزوف كبير من الأطباء على الإقبال على التعاقد، حتى أن العديد منهم هاجر أو يفكّر في الهجرة خاصة في ظل وجود عروض أوروبية وخليجية لاستقطاب هذه الكفاءات.
وأضاف قائلا "إلى الآن لا توجد توضيحات دقيقة وصريحة أو إعلان رسمي بخصوص الانتدابات في وزارة الصحة لسنة 2022، على أن الأولوية تبقى للأطباء المُتعاقدين".