_ الاقتصاد التونسي في حالة احتضار انه اقتصاد مريض...
- الاتفاق بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة لا يعدو ان يكون مجرّد خطة اعلاميّة يريد هشام مشيشي ان يحقق بها اهدافا سياسيّة
عيّن وزيرا للتجارة في حكومة لم تعمر طويلا لكنه يعتبرها حكومة الفرصة الأخيرة للإصلاح. محمد المسيليني وزير التجارة السابق.
هو من مواليد جانفي 1956 بمارث من ولاية قابس. تحصّل على الأستاذية في التصرّف والمحاسبة من كليّة العلوم الاقتصادية والتصرف بصفاقس في جوان 1979.
اشتغل في الشركة التونسية للكهرباء والغاز منذ نوفمبر 1979 إلى غاية 31 جانفي 2016 حيث تدرّج في المسار المهني والوظيفي بالمؤسسة وتقلّد مسؤوليّة مدير مكلف بمشروع النظام المعلوماتي في المحاسبة والمالية والشراءات والمخازن في أكتوبر 2008.
شغل منصب مدير مكلّف بالتدقيق والمراقبة في مارس 2012، كما شغل خطّة مدير مكلف بالمحاسبة والمالية في أفريل 2013 وتقاعد منذ غرّة فيفري 2016.
سياسيا التحق محمد المسيليني بحركة الشعب منذ تأسيسها. تحمّل مسؤولية عضو المكتب السياسي للحركة منذ سبتمبر 2013 وأعيد انتخابه في الخطة ذاتها بعد مؤتمر الحركة في 2017، حيث تمّ تكليفه بمهمة العلاقة مع الأحزاب والتعبئة والتنشيط الداخلي وإسناد نواب الحركة خاصّة في المسائل الاقتصادية والمالية.
"الصباح نيوز" التقت محمد المسيليني في حوار اقتصادي بالأساس في محاولة لرصد مواقفه من ازمة اقتصادية تزداد حدة يوما بعد آخر.
كيف تقيمون الوضع الاقتصادي الان وما هو تقييمكم لأداء حكومة الفخفاخ اقتصاديا؟
كنا في حكومة الياس الفخفاخ ناقشنا 70 اجراء تمس الجانب الاقتصادي و الاجتماعي من اجل وضع الاقتصاد على السكة ثم ان الحكومة نالت ثقة الشعب لفترة طويلة وطريقة تعاملها مع الكوفيد والحزم الذي كان موجودا في الحكومة سواء في تعاملها مع الكوفيد او مسالة الاسعار ومراقبة الاسواق وفي المسائل الوطنيّة والسياسيّة في قدرة رئيس الحكومة على خطاب الناس.
مهما كان تقييمنا للسيد الياس الفخفاخ، الا انه كان للرجل حضور سياسي و اداء محترم جدا و قدرة على مخاطبة الناس.
لكن للاسف الحسابات السياسيّة لحركة النهضة جعلتها تسعى منذ البداية لإسقاط هذه الحكومة و سقطت و هذا امر عادي ان تسقط الحكومات لكن بذلك فوّتنا على البلاد فرصة للإصلاح .
ما هو تقييمكم للوضع الاقتصادي الحالي؟هل أن تونس فعلا على حافة الإفلاس؟
حسب ميزانيّة 2021 و التي تبلغ تقريبا 18.6 مليار دينار من اجل سد العجز اذا اضفنا لهذا استحقاقات اخرى مقدرة من 3 الى 4 مليار دينار ما يعني ان الميزانيّة في حاجة الى تمويل داخلي و خارجي في حدود 23 مليار دينار و هذا مبلغ ضخم جدا . هذا تراكم و طبعا هناك عامل الكوفيد الذي لا يمكن التغاضي عنه .
لكن هذا ايضا تراكم لفشل اقتصادي طيلة عشر سنوات لاقتصاد لا يسجل نسبة نمو مرتفعة و الارتفاع المشط للمديونيّة التي تجاوزت 110 في 100 في الناتج الخام دون اعتبار مديونيّة المؤسسات العمومميّة و غياب الاستثمارات الداخليّة و الخارجيّة ، نسبة مرتفعة من البطالة تجاوزت 17 بالمائة ، تطوّر الاقتصاد الموازي و خاصة التجارة الموازية و ايضا عجز على مستوى الميزان التجاري و ميزان الدفوعات نتيجة تضخّم التوريد و تراجع قيمة الدينار امام العملات الرئيسة كل هذا جعل من الاقتصاد التونسي في حالة احتضار فهو اقتصاد مريض و هو ما يتطلّب اجراءات فعليّة من اجل الخروج من هذه الازمة .
هل تعتبرون ان لحكومة مشيشي رؤية اقتصادية واضحة قادرة على الاصلاح؟
انا اريد ان اذكر انه في الحكومة السابقة (حكومة الياس الفخفاخ) و التي كنت احد وزرائها كنا ناقشنا حزمة من الاجراءات لمعالجة الوضعيّة و انعاش الاقتصاد و اتخذنا جملة من الاجراءات و كان هشام مشيشي في تلك الفترة وزيرا للداخليّة وكان حاضرا معنا.و عليه كان من المفروض ان يعتمد على هذه الاجتهادات الحاصلة. الكثير من الإجراءات كنا ناقشناها مع الكتل النيابيّة من اجل ارسائها بداية من سنة 2021 متعلقة بمسالة تغيير العملة و ادماج الاقتصاد الموازي اكتتاب وطني للناس التي تمتلك ثروات بدفع ضريبة على الثروة. الكثير من الاجراءات الهامة لكن للأسف لم نجد من يمولنا بشكل مستمر. ثم هذا الهروب للتداين بشكل مستمر من الداخل و من الخارج ،عندما نتداين من الداخل عن طريق عمليّة اعادة التمويل. الدولة تأخذ كل السيولة الموجودة في السوق تصبح البنوك غير قادرة على تمويل الاقتصاد.
امضت الحكومة اتفاقا مع الاتحاد العام التونسي للشغل يشمل اصلاح المؤسسات العمومية: هل لديكم ثقة في مآلات هذا الاتفاق وامل في اصلاح القطاع العمومي؟!
مع حكومة يوسف الشاهد انطلق الحوار من اجل اصلاح المؤسسات العموميّة .فاما موضوع صندوق الدعم هذا فقد انطلق منذ عام 1986 منذ ذلك الوقت ونحن نتحدث نفس الخطاب لتوجيهه الى مستحقيه و حتى مع حكومة المهدي جمعة تطرّقنا الى هذا الموضوع مرّات و مرّات .
ما حصل بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة الحاليّة هو خطوة مطلوبة لدى المانحين الدوليين و خاصة صندوق النقد الدولي.
على اننا سنشرع في اصلاح المؤسسات العموميّة و اصلاح صندوق الدعم،الا ان هذا يتطلب سنوات طويلة لانه لا شيء جاهز من اجل تطبيق هذا.
ثم انا اريد ان اشير إلى ان اغلب من يتحدثون عن هذه المؤسسات العمومية لا يعرفونها من ناحية و لا يعرفون شعبهم من ناحية أخرى حتى يوجّهوا له الدعم. و اريد ان اذكر ان الوزير المستشار و المكلّف بالإصلاحات الكبرى الراجحي اصدر كتابا سماه "الاصلاحات الكبرى من اجل اصلاح المؤسسات العموميّة" لكن هذا الكتاب ظل حبرا على ورق لأنه غير قابل للتطبيق.
ما هكذا تورد الابل يا سعد، كان من المفروض دراسة الموضوع و كنا اقترحنا في حركة الشعب، منذ حكومة الحبيب الصيد ،ان يكون مع رئيس الحكومة كاتب دولة ملحق بالحكومة مكلّفا بالمؤسسات العموميّة و اصلاحها وتكون معه مجموعة من الخبراء و حتى اولائك المتقاعدين منهم و الذين كانوا يسيّرون هذه المؤسسات .فيمكن لهم ان يعطوا افكارا جيدة من اجل ايقاف النزيف في مرحلة أولى. ذلك انه لكل مؤسسة ظروفها و لكل مؤسسة حقيقتها. في كل مؤسسة يجب ان يكون هناك تدقيق تقني لبعضها وتدقيق طاقي لمؤسسات أخرى. هذه منظومة متكاملة، ويجب ان يكون لدينا مشروع متكامل. اما ان نضخ اموالا في هذه المؤسسات فيمكن ان تستغلها لسد العجز دون ان تتغيّر وضعيتها. اذا فالاتفاق بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة لا يعدو ان يكون مجرّد خطة اعلاميّة يريد رئيس الحكومة من خلالها ان يحقق اهدافا سياسيّة .
ديوننا متراكمة لدى المؤسسات المالية الدولية: ماذا تقترحون حتى تتخلص تونس من تبعيتها لهذه المؤسسات؟
الديون يعتبرها الكثير من الخبراء في العالم عمليّة تنمية الشمال على حساب الجنوب. و لكن الدخول في هذه السيرورة من اجل التداين لتمويل خزينة الدولة، و ليس من اجل الاستثمار، هو شيء مدمّر.فعلى سبيل الذكرلا الحصر،الدولة التونسية مطالبة الان بدفع قرابة 16 مليار دينار دين و خدمة دين .
اعتقد انه لا بد من توفير موارد ذاتيّة و هناك الكثير من الامكانيات التي يمكن ان توفّر هذه الموارد الذاتية. فانا اعلم مثلا ان الفساد يساهم في خسارة بنقطتين نمو سنويا. انا اعرف ايضا ان سوء التصرّف لديه وزر كبير على ميزاتيّة الدولة... انا اعرف ان المتهربين من الضرائب و النظام التقديري و الديون المتفاقمة عبئ على الدولة ...نحن نعرف ان الاقتصاد الريعي يمثّل كذلك عبئا على الدولة . في مجال الاقتصاد الموازي التجار لا يدفعون ضرائب بعض المصاريف الزائدة... كلها اعباء على الدولة و هذا كله يمكن مراجعته من اجل الانطلاق الفعلي في مسار الإصلاحات الرامية الى تحقيق الإنعاش الاقتصادي .فوضع البلاد على سكة الاصلاح في البحث عن موارد اخرى هو التحدي الاطبر في مرحلة اولى بدل اللجوء الى التداين المشط.
كما انه يجب ان نعرف اليوم ان اكثر من 70 بالمائة من الديون في تونس هي ديون خارجيّة في حين ان المعايير الدوليّة المتعارف عليها تفيد بانه لا يجب ان نتجاوز حدود 30 و 35 بالمائة .
و الجدير بالذكر انها ديون بالعملة الصعبة و كلما تراجع الدينار يكون له تاثير على هذه الديون فتتضخّم اكثر.الان اصبحنا فعلا في مازق حقيقي .
تقرير موديز خفض من ترقيم تونس: هل يشكل ذلك خطرا على رواتب الموظفين؟!
تراجع ترتيب تونس في تقرير موديز فيه جانب ايجابي في نظري لانه سيدفعنا نحو البحث عن موارد ذاتيّة اخرى و الضغط اكثر على المصاريف و ليس اللجوء الى التداين و هو الحل الاسهل لانه سياتي الوقت الذي لن تجد تونس من يقرضها و هناك دول خرجت من هذا المازق مثل غانا و كرواتيا و غيرها، كثير من الدول استطاعت التحرر من التداين الدولي و بنت اقتصادها .
لابد ان نبحث عن موارد داخلية من اجل اصلاحات كبرى .كل هذا يطرح تساؤلات عديدة فعلى فرضيّة اننا لم نجد 5 مليار دولار كيف سنسدد الرواتب و امول الميزانيّة ؟و خلاص الدين؟ صحيح ان هناك دين يمكن جدولته لكن هناك اخر يجب خلاصه :كيف سنوفره اذا؟ للإجابة على طل هذه التساؤلات يحتاج الامر إيجاد موارد ذاتيّة.
لكن دون ان ننسى ان عدم الاستقرار السياسي هو المشكل الاكبر و الخصام السياسي بين راسي السلطة التنفيذية و التشريعية هو المشكلة الاساسيّة اليوم. يجب ان نتوقّف عن هذا اللعب... على امتداد عشر سنوات و هم يتلاعبون بمصير البلاد و يجب التوقّف عن هذا لان الدولة اليوم اصبحت مهددة و تفكيك الدولة يمكن ان يكون لمصلحة جماعات بعينها لا روح وطنية لها. كل هذا يتطلب اليوم اجراءات قويّة من اجل الحد من هذا النزيف و اعادة الدولة الى سكة الإصلاح و النمو...
ايهما أكثر الحاحا اليوم: اصلاح سياسي ام اصلاح اقتصادي؟
الاقتصاد هو ابن السياسة و لكن هناك أولويات. المشكلة الان سياسية . لكن للأسف الخيار الوطني حول الجانب السياسي و الاجتماعي لم نتحدث فيه بعد و لم نرسم ملامحه. ما هو مشروعنا الوطني؟ ماذا سنفعل؟ اين هو البديل لمنوال التنمية الذي سقط و الذي تركه بن علي؟
الحكومات المتعاقبة لحد الان حكومات عاجزة وليس في جعبتها ما تقدمه للشعب. الحكومة الوحيدة التي كانت قادرة على تغيير الاوضاع سقطت بعد 6 اشهر فقط و هي حكومة الياس الفخفاخ. انا اعتقد ان كل المراقبين، عدى الحاقدين طبعا، اتفقوا ان هذه الحكومة،حكومة الفخفاخ، كانت الفرصة من اجل الاصلاح و الذهاب الى الامام و لهي حكومة كانت لها رغبة و ارادة في الإصلاح.
_ الاقتصاد التونسي في حالة احتضار انه اقتصاد مريض...
- الاتفاق بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة لا يعدو ان يكون مجرّد خطة اعلاميّة يريد هشام مشيشي ان يحقق بها اهدافا سياسيّة
عيّن وزيرا للتجارة في حكومة لم تعمر طويلا لكنه يعتبرها حكومة الفرصة الأخيرة للإصلاح. محمد المسيليني وزير التجارة السابق.
هو من مواليد جانفي 1956 بمارث من ولاية قابس. تحصّل على الأستاذية في التصرّف والمحاسبة من كليّة العلوم الاقتصادية والتصرف بصفاقس في جوان 1979.
اشتغل في الشركة التونسية للكهرباء والغاز منذ نوفمبر 1979 إلى غاية 31 جانفي 2016 حيث تدرّج في المسار المهني والوظيفي بالمؤسسة وتقلّد مسؤوليّة مدير مكلف بمشروع النظام المعلوماتي في المحاسبة والمالية والشراءات والمخازن في أكتوبر 2008.
شغل منصب مدير مكلّف بالتدقيق والمراقبة في مارس 2012، كما شغل خطّة مدير مكلف بالمحاسبة والمالية في أفريل 2013 وتقاعد منذ غرّة فيفري 2016.
سياسيا التحق محمد المسيليني بحركة الشعب منذ تأسيسها. تحمّل مسؤولية عضو المكتب السياسي للحركة منذ سبتمبر 2013 وأعيد انتخابه في الخطة ذاتها بعد مؤتمر الحركة في 2017، حيث تمّ تكليفه بمهمة العلاقة مع الأحزاب والتعبئة والتنشيط الداخلي وإسناد نواب الحركة خاصّة في المسائل الاقتصادية والمالية.
"الصباح نيوز" التقت محمد المسيليني في حوار اقتصادي بالأساس في محاولة لرصد مواقفه من ازمة اقتصادية تزداد حدة يوما بعد آخر.
كيف تقيمون الوضع الاقتصادي الان وما هو تقييمكم لأداء حكومة الفخفاخ اقتصاديا؟
كنا في حكومة الياس الفخفاخ ناقشنا 70 اجراء تمس الجانب الاقتصادي و الاجتماعي من اجل وضع الاقتصاد على السكة ثم ان الحكومة نالت ثقة الشعب لفترة طويلة وطريقة تعاملها مع الكوفيد والحزم الذي كان موجودا في الحكومة سواء في تعاملها مع الكوفيد او مسالة الاسعار ومراقبة الاسواق وفي المسائل الوطنيّة والسياسيّة في قدرة رئيس الحكومة على خطاب الناس.
مهما كان تقييمنا للسيد الياس الفخفاخ، الا انه كان للرجل حضور سياسي و اداء محترم جدا و قدرة على مخاطبة الناس.
لكن للاسف الحسابات السياسيّة لحركة النهضة جعلتها تسعى منذ البداية لإسقاط هذه الحكومة و سقطت و هذا امر عادي ان تسقط الحكومات لكن بذلك فوّتنا على البلاد فرصة للإصلاح .
ما هو تقييمكم للوضع الاقتصادي الحالي؟هل أن تونس فعلا على حافة الإفلاس؟
حسب ميزانيّة 2021 و التي تبلغ تقريبا 18.6 مليار دينار من اجل سد العجز اذا اضفنا لهذا استحقاقات اخرى مقدرة من 3 الى 4 مليار دينار ما يعني ان الميزانيّة في حاجة الى تمويل داخلي و خارجي في حدود 23 مليار دينار و هذا مبلغ ضخم جدا . هذا تراكم و طبعا هناك عامل الكوفيد الذي لا يمكن التغاضي عنه .
لكن هذا ايضا تراكم لفشل اقتصادي طيلة عشر سنوات لاقتصاد لا يسجل نسبة نمو مرتفعة و الارتفاع المشط للمديونيّة التي تجاوزت 110 في 100 في الناتج الخام دون اعتبار مديونيّة المؤسسات العمومميّة و غياب الاستثمارات الداخليّة و الخارجيّة ، نسبة مرتفعة من البطالة تجاوزت 17 بالمائة ، تطوّر الاقتصاد الموازي و خاصة التجارة الموازية و ايضا عجز على مستوى الميزان التجاري و ميزان الدفوعات نتيجة تضخّم التوريد و تراجع قيمة الدينار امام العملات الرئيسة كل هذا جعل من الاقتصاد التونسي في حالة احتضار فهو اقتصاد مريض و هو ما يتطلّب اجراءات فعليّة من اجل الخروج من هذه الازمة .
هل تعتبرون ان لحكومة مشيشي رؤية اقتصادية واضحة قادرة على الاصلاح؟
انا اريد ان اذكر انه في الحكومة السابقة (حكومة الياس الفخفاخ) و التي كنت احد وزرائها كنا ناقشنا حزمة من الاجراءات لمعالجة الوضعيّة و انعاش الاقتصاد و اتخذنا جملة من الاجراءات و كان هشام مشيشي في تلك الفترة وزيرا للداخليّة وكان حاضرا معنا.و عليه كان من المفروض ان يعتمد على هذه الاجتهادات الحاصلة. الكثير من الإجراءات كنا ناقشناها مع الكتل النيابيّة من اجل ارسائها بداية من سنة 2021 متعلقة بمسالة تغيير العملة و ادماج الاقتصاد الموازي اكتتاب وطني للناس التي تمتلك ثروات بدفع ضريبة على الثروة. الكثير من الاجراءات الهامة لكن للأسف لم نجد من يمولنا بشكل مستمر. ثم هذا الهروب للتداين بشكل مستمر من الداخل و من الخارج ،عندما نتداين من الداخل عن طريق عمليّة اعادة التمويل. الدولة تأخذ كل السيولة الموجودة في السوق تصبح البنوك غير قادرة على تمويل الاقتصاد.
امضت الحكومة اتفاقا مع الاتحاد العام التونسي للشغل يشمل اصلاح المؤسسات العمومية: هل لديكم ثقة في مآلات هذا الاتفاق وامل في اصلاح القطاع العمومي؟!
مع حكومة يوسف الشاهد انطلق الحوار من اجل اصلاح المؤسسات العموميّة .فاما موضوع صندوق الدعم هذا فقد انطلق منذ عام 1986 منذ ذلك الوقت ونحن نتحدث نفس الخطاب لتوجيهه الى مستحقيه و حتى مع حكومة المهدي جمعة تطرّقنا الى هذا الموضوع مرّات و مرّات .
ما حصل بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة الحاليّة هو خطوة مطلوبة لدى المانحين الدوليين و خاصة صندوق النقد الدولي.
على اننا سنشرع في اصلاح المؤسسات العموميّة و اصلاح صندوق الدعم،الا ان هذا يتطلب سنوات طويلة لانه لا شيء جاهز من اجل تطبيق هذا.
ثم انا اريد ان اشير إلى ان اغلب من يتحدثون عن هذه المؤسسات العمومية لا يعرفونها من ناحية و لا يعرفون شعبهم من ناحية أخرى حتى يوجّهوا له الدعم. و اريد ان اذكر ان الوزير المستشار و المكلّف بالإصلاحات الكبرى الراجحي اصدر كتابا سماه "الاصلاحات الكبرى من اجل اصلاح المؤسسات العموميّة" لكن هذا الكتاب ظل حبرا على ورق لأنه غير قابل للتطبيق.
ما هكذا تورد الابل يا سعد، كان من المفروض دراسة الموضوع و كنا اقترحنا في حركة الشعب، منذ حكومة الحبيب الصيد ،ان يكون مع رئيس الحكومة كاتب دولة ملحق بالحكومة مكلّفا بالمؤسسات العموميّة و اصلاحها وتكون معه مجموعة من الخبراء و حتى اولائك المتقاعدين منهم و الذين كانوا يسيّرون هذه المؤسسات .فيمكن لهم ان يعطوا افكارا جيدة من اجل ايقاف النزيف في مرحلة أولى. ذلك انه لكل مؤسسة ظروفها و لكل مؤسسة حقيقتها. في كل مؤسسة يجب ان يكون هناك تدقيق تقني لبعضها وتدقيق طاقي لمؤسسات أخرى. هذه منظومة متكاملة، ويجب ان يكون لدينا مشروع متكامل. اما ان نضخ اموالا في هذه المؤسسات فيمكن ان تستغلها لسد العجز دون ان تتغيّر وضعيتها. اذا فالاتفاق بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة لا يعدو ان يكون مجرّد خطة اعلاميّة يريد رئيس الحكومة من خلالها ان يحقق اهدافا سياسيّة .
ديوننا متراكمة لدى المؤسسات المالية الدولية: ماذا تقترحون حتى تتخلص تونس من تبعيتها لهذه المؤسسات؟
الديون يعتبرها الكثير من الخبراء في العالم عمليّة تنمية الشمال على حساب الجنوب. و لكن الدخول في هذه السيرورة من اجل التداين لتمويل خزينة الدولة، و ليس من اجل الاستثمار، هو شيء مدمّر.فعلى سبيل الذكرلا الحصر،الدولة التونسية مطالبة الان بدفع قرابة 16 مليار دينار دين و خدمة دين .
اعتقد انه لا بد من توفير موارد ذاتيّة و هناك الكثير من الامكانيات التي يمكن ان توفّر هذه الموارد الذاتية. فانا اعلم مثلا ان الفساد يساهم في خسارة بنقطتين نمو سنويا. انا اعرف ايضا ان سوء التصرّف لديه وزر كبير على ميزاتيّة الدولة... انا اعرف ان المتهربين من الضرائب و النظام التقديري و الديون المتفاقمة عبئ على الدولة ...نحن نعرف ان الاقتصاد الريعي يمثّل كذلك عبئا على الدولة . في مجال الاقتصاد الموازي التجار لا يدفعون ضرائب بعض المصاريف الزائدة... كلها اعباء على الدولة و هذا كله يمكن مراجعته من اجل الانطلاق الفعلي في مسار الإصلاحات الرامية الى تحقيق الإنعاش الاقتصادي .فوضع البلاد على سكة الاصلاح في البحث عن موارد اخرى هو التحدي الاطبر في مرحلة اولى بدل اللجوء الى التداين المشط.
كما انه يجب ان نعرف اليوم ان اكثر من 70 بالمائة من الديون في تونس هي ديون خارجيّة في حين ان المعايير الدوليّة المتعارف عليها تفيد بانه لا يجب ان نتجاوز حدود 30 و 35 بالمائة .
و الجدير بالذكر انها ديون بالعملة الصعبة و كلما تراجع الدينار يكون له تاثير على هذه الديون فتتضخّم اكثر.الان اصبحنا فعلا في مازق حقيقي .
تقرير موديز خفض من ترقيم تونس: هل يشكل ذلك خطرا على رواتب الموظفين؟!
تراجع ترتيب تونس في تقرير موديز فيه جانب ايجابي في نظري لانه سيدفعنا نحو البحث عن موارد ذاتيّة اخرى و الضغط اكثر على المصاريف و ليس اللجوء الى التداين و هو الحل الاسهل لانه سياتي الوقت الذي لن تجد تونس من يقرضها و هناك دول خرجت من هذا المازق مثل غانا و كرواتيا و غيرها، كثير من الدول استطاعت التحرر من التداين الدولي و بنت اقتصادها .
لابد ان نبحث عن موارد داخلية من اجل اصلاحات كبرى .كل هذا يطرح تساؤلات عديدة فعلى فرضيّة اننا لم نجد 5 مليار دولار كيف سنسدد الرواتب و امول الميزانيّة ؟و خلاص الدين؟ صحيح ان هناك دين يمكن جدولته لكن هناك اخر يجب خلاصه :كيف سنوفره اذا؟ للإجابة على طل هذه التساؤلات يحتاج الامر إيجاد موارد ذاتيّة.
لكن دون ان ننسى ان عدم الاستقرار السياسي هو المشكل الاكبر و الخصام السياسي بين راسي السلطة التنفيذية و التشريعية هو المشكلة الاساسيّة اليوم. يجب ان نتوقّف عن هذا اللعب... على امتداد عشر سنوات و هم يتلاعبون بمصير البلاد و يجب التوقّف عن هذا لان الدولة اليوم اصبحت مهددة و تفكيك الدولة يمكن ان يكون لمصلحة جماعات بعينها لا روح وطنية لها. كل هذا يتطلب اليوم اجراءات قويّة من اجل الحد من هذا النزيف و اعادة الدولة الى سكة الإصلاح و النمو...
ايهما أكثر الحاحا اليوم: اصلاح سياسي ام اصلاح اقتصادي؟
الاقتصاد هو ابن السياسة و لكن هناك أولويات. المشكلة الان سياسية . لكن للأسف الخيار الوطني حول الجانب السياسي و الاجتماعي لم نتحدث فيه بعد و لم نرسم ملامحه. ما هو مشروعنا الوطني؟ ماذا سنفعل؟ اين هو البديل لمنوال التنمية الذي سقط و الذي تركه بن علي؟
الحكومات المتعاقبة لحد الان حكومات عاجزة وليس في جعبتها ما تقدمه للشعب. الحكومة الوحيدة التي كانت قادرة على تغيير الاوضاع سقطت بعد 6 اشهر فقط و هي حكومة الياس الفخفاخ. انا اعتقد ان كل المراقبين، عدى الحاقدين طبعا، اتفقوا ان هذه الحكومة،حكومة الفخفاخ، كانت الفرصة من اجل الاصلاح و الذهاب الى الامام و لهي حكومة كانت لها رغبة و ارادة في الإصلاح.