نظمت يوم أمس، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالشراكة مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، بأحد النزل في العاصمة لقاء تحضيريا "للمؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام" أي سياسات عمومية في قطاع الإعلام في تونس". وذلك بحضور عدد من الصحفيين وممثلين عن وسائل الإعلام والشركات في القطاع الإعلامي.
ويندرج اللقاء في إطار البرنامج الذي وضعته النقابة الوطنية للصحفيين التونسي لتنظيم "المؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام".
قطاع الإعلام في تونس
ويسعى"المؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام"إلى تحقيق أهداف عديدة ومنها على وجه الخصوص، إطلاق حوار وطنيّ حول أدوار الدولة المختلفة في دعم وتطوير إعلام تونسيّ ذي جودة يقوم بوظائفه باعتباره مرفقا عموميّا. وتحفيز التفكير في سياسة عموميّة ضامنة لديمومة الإعلام في سياق أصبحت فيه قطاعات منه، على غرار الصحافة المكتوبة، مهدّدة في وجودها. بالإضافة إلى وضع آليّات لمتابعة إرساء هذه السياسة العموميّة وتنفيذها.
حيث تضمنت الجلسة الأولى من اللقاء التحضيري للمؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام بعنوان "التشخيص"، عدة مداخلات منها "الإعلام التونسي من الإعلام الحكومي إلى الإعلام العمومي" قدمها الإعلامي والباحث، محمد المعمري، حيث تطرق لمختلف الإشكاليات التي تحول دون هذا الانتقال وما يجب القيام به من أجل تحسين جودة الإعلام العمومي، كمل قدم الباحث محمد خليل الجلاصي، مداخلة تحت عنوان "الإعلام وتحديات الرقمنة" تطرق فيها إلى الوضع الراهن في القطاع الإعلامي وما يعيشه من تحديات في القطاع الرقمي.... بالإضافة الى عدد من المداخلات والنقاشات الأخرى...، فيما تضمنت الجلسة الثانية والتي جاءت بعنوان "أي سياسة عمومية لإصلاح قطاع الإعلام؟"، حيث تطرقت الى الإطار التشريعي لقطاع الإعلام التونسي، كما تمت الاشارة الى غياب هيكل عمومي مختص في رسم سياسة عمومية للإعلام.
السياسة العموميّة الإعلاميّة
ويشار إلى أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، قد أنجزت دراسة عن "السياسة العموميّة الإعلاميّة من منظور الصحفيّين والفاعلين في قطاع الإعلام" تناولت عدّة مسائل على غرار تعريف السياسات العمومية بشكل عام وبيان أهميتها ومضامينها وآليات حوكمتها. واعتمدت الدراسة (التي أنجزت في نوفمبر-ديسمبر 2020) على منهجية مزجت بين المنهج الكمّي والكيفي بواسطة استطلاع رأي لمعرفة اتجاهات الصحفيين إزاء قضايا السياسات العمومية. كما وظّفت الدراسة تقنيات المنهج الكيفي (المقابلات نصف الموجّهة) لاستكشاف تمثلات الفاعلين المهنيين (نقابات).
وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج منها خاصة، اولا منها، أن الفاعلين المهنيين ينظرون إلى السياسات العموميّة للإعلام باعتبارها "خيارات عامة تضعها الدولة ومؤسّساتها"، و"استراتيجية" على "المدى القصير والطويل"، و"أولويّات "، و"إرادة سياسيّة". وهي "تجسيد لـ"خيارات الدستور". وهي تقوم على شرعيّة مخصوصة أي "شرعيّة الدستور". وهناك تأكيد أيضا على أنّ السياسات العموميّة يجب أن تكون ذات "طابع تشاركي" وقائمة على "الوضوح" و"العدل" و"الإنصاف". وتستجيب هذه التعريفات بشكل عام مع التعريفات التي تقدّمها عادة الأدبيّات النظريّة والدوليّة للسياسات العامة. وثانيا، يُجمع الفاعلون في القطاع على توصيف سلبيّ جدّا لحالة الإعلام الراهنة، إذ ينظر إليه باعتباره إعلاما يعيش أزمة عميقة وشاملة بسبب غياب الإصلاح، مما يمنع الصحفيين من أداء أدوارهم.
ومن النتائج السياسية التي تمخّضت عن الدراسة الحاجة إلى حوكمة جديدة لقطاع الإعلام برمته. فإجماع الصحفيّين والفاعلين المهنيّين على أن تكون إدارة السياسة العموميّة من قبل هيكل مستقلّ يمكن أن تكون تعبيرا عن الحاجة الأكيدة إلى حماية الإعلام من تلاعب الحكومة والفاعلين السياسيين به. وثالثا، تبين الدراسة أن المهنيين أدركوا ضرورة التمييز بين أدوار الحكومات وأدوار الدولة. فالسياسة العموميّة يمكن أن تشارك في تصوّرها ووضعها الحكومة، وأيضا أطراف أخرى على غرار البرلمان مثلا، إضافة إلى المنظّمات المهنيّة. وهذا التمييز الذي أصبح جليّا في تمثّلات الصحفيّين والفاعلين للسياسات العموميّة يمثّل عنصرا أساسيا لعودة الدولة باعتبارها مسؤولة عن توفير البيئة المواتية والموارد الضروريّة حتى يقوم الإعلام بدوره. وفي هذا الإطار يُجمع الصحفيّون وكل الفاعلين المشاركين في عيّنة الدراسة على أنّ إدارة السياسات العموميّة يجب أن تفرد لها مصلحة أو إدارة خاصّة ومستقلّة في شكل هيكل عمومي وغير حكومي.
أما رابعا، تمثّل الصحافة المكتوبة القطاع الذي يجب أن يحظى أكثر من غيره بمساعدة الدولة وهو القطاع الذي يقدّم دائما على أنّه المثال الأحسن على ضرورة وضع سياسة عموميّة لصالح الإعلام. وعلى هذا النحو يمكن أن نفهم مشروعيّة دعم الدولة للإعلام الخاص من اتّجاهات الصحفيّين إزاء إشكاليّة الصحافة المكتوبة التي تمثّل القطاعات التي تحتاج أكثر من غيرها مساعدة من الدولة لضمان بقائها واستمراريّتها. لكن في الوقت ذاته هناك تأكيد على أنّ قطاعات أخرى، على غرار الصحافة الرقميّة ورقمنة الإعلام الجمعياتي، تحتاج بدورها إلى الدعم. وخامسا، فقد كشفت الدراسة عن تمثل مشترك لدى الصحفيّين والفاعلين في القطاع الذين أضحوا يعتبرون أن الصحافة والإعلام مرفقا عموميّا يحتاج رعاية من الدولة. مما يعكس تحولا في تمثّلات أدوار الدولة: من تمثّل تقليديّ كانت الدولة فيه "سلطويّة" و"دكتاتوريّة" و"مفترسة" للمهنة نحو تمثل جديد تصبح فيه الدولة ناظمة وراعية للإعلام باعتباره مرفقا عموميّا أساسيّا. وسادسا تتبيّن لنا من المعطيات الكمية المتوفّرة أنّ مشاغل الأوساط المهنيّة هي (حسب الترتيب التفاضلي) عمليّة الإصلاح (الإعلام العمومي) وتنظيم الإشهار العمومي وتطوير منظومة التكوين ودعم مجلس الصحافة ودعم مبادرات لإطلاق مشاريع صحفيّة مبتكرة وتنظيم التدريب المهني الخاص.
ويمثّل إصلاح الإعلام العمومي مشغلا أساسيّا بالنسبة إلى الصحفيّين المشاركين في العيّنة. وقد يكون كذلك لغياب هذا الإصلاح والصعوبات التي تواجهها مؤسّسات الإعلام العموميّة لأداء أدوارها. هكذا يبدو واضحا وجليّا أنّ إعلاما عموميّا قويّا مبتكرا ومجدّدا ويقوم بأدواره باستقلاليّة هو مطلب رئيسي بالنسبة إلى المهنة الصحفيّة، بل يمكن أن نقول إنّ هذا الإعلام العمومي المستقل والقادر على تحقيق وظائفه هو المكوّن الأساسي للسياسة العموميّة.
ومن النتائج المهمّة للدراسة القبول من طرف الصحفيين بمبدأ أن يكون الإعلام الخاص مجالا من مجالات السياسة العموميّة للإعلام، بما أنه يخضع إلى الأطر القانونيّة والمعايير الأخلاقية والالتزامات المجتمعيّة ذاتها التي يخضع إليها الإعلام. وسابعا، تمت ملاحظة أن تصوّرات المهنيّين ظلّت منشغلة بقضايا بعينها على غرار حوكمة السياسة العموميّة وبمخاطر غيابها في مقابل فإنّ غياب تصورات مخصوصة عن مخاطر الانترنت والميديا الاجتماعية على صناعة الإعلام التونسية (وخاصة على مواردها الاقتصادية التي تستحوذ عليها هذه المنصّات). وثامنا وأخيرا من المخرجات الأساسية للدراسة أن من المعايير التي يجب أن تقوم عليها السياسات العمومية الاستناد إلى القوانين وفق معايير دستورية. وهي من هذا المنظور عقدا جديدا بين الدولة ومؤسّساتها، من جهة، وبين المنظمات المهنيّة والمجتمع، من جهة ثانية.
وقد كانت النقابة الوطنيّة للصحفيّين التونسيّين قد نظّمت في 10ديسمبر 2019 ورشة تحضيرية لهذا المؤتمر شارك فيها ممثّلون عن كلّ مؤسّسات الإعلام العموميّ والنقابات المهنيّة وممثّلون عن رئاسة الحكومة والهيئة العليا المستقلّة للاتصال والنقابات المهنيّة. وكانت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين قد عقدت لقاء ثانيا في 27 أوت2021 مع عدد من الخبراء وممثلين عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والمؤسسات الإعلامية العمومية ومعهد الصحافة وعلوم الإخبار.
صلاح الدين كريمي
تونس-الصباح
نظمت يوم أمس، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالشراكة مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، بأحد النزل في العاصمة لقاء تحضيريا "للمؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام" أي سياسات عمومية في قطاع الإعلام في تونس". وذلك بحضور عدد من الصحفيين وممثلين عن وسائل الإعلام والشركات في القطاع الإعلامي.
ويندرج اللقاء في إطار البرنامج الذي وضعته النقابة الوطنية للصحفيين التونسي لتنظيم "المؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام".
قطاع الإعلام في تونس
ويسعى"المؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام"إلى تحقيق أهداف عديدة ومنها على وجه الخصوص، إطلاق حوار وطنيّ حول أدوار الدولة المختلفة في دعم وتطوير إعلام تونسيّ ذي جودة يقوم بوظائفه باعتباره مرفقا عموميّا. وتحفيز التفكير في سياسة عموميّة ضامنة لديمومة الإعلام في سياق أصبحت فيه قطاعات منه، على غرار الصحافة المكتوبة، مهدّدة في وجودها. بالإضافة إلى وضع آليّات لمتابعة إرساء هذه السياسة العموميّة وتنفيذها.
حيث تضمنت الجلسة الأولى من اللقاء التحضيري للمؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام بعنوان "التشخيص"، عدة مداخلات منها "الإعلام التونسي من الإعلام الحكومي إلى الإعلام العمومي" قدمها الإعلامي والباحث، محمد المعمري، حيث تطرق لمختلف الإشكاليات التي تحول دون هذا الانتقال وما يجب القيام به من أجل تحسين جودة الإعلام العمومي، كمل قدم الباحث محمد خليل الجلاصي، مداخلة تحت عنوان "الإعلام وتحديات الرقمنة" تطرق فيها إلى الوضع الراهن في القطاع الإعلامي وما يعيشه من تحديات في القطاع الرقمي.... بالإضافة الى عدد من المداخلات والنقاشات الأخرى...، فيما تضمنت الجلسة الثانية والتي جاءت بعنوان "أي سياسة عمومية لإصلاح قطاع الإعلام؟"، حيث تطرقت الى الإطار التشريعي لقطاع الإعلام التونسي، كما تمت الاشارة الى غياب هيكل عمومي مختص في رسم سياسة عمومية للإعلام.
السياسة العموميّة الإعلاميّة
ويشار إلى أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، قد أنجزت دراسة عن "السياسة العموميّة الإعلاميّة من منظور الصحفيّين والفاعلين في قطاع الإعلام" تناولت عدّة مسائل على غرار تعريف السياسات العمومية بشكل عام وبيان أهميتها ومضامينها وآليات حوكمتها. واعتمدت الدراسة (التي أنجزت في نوفمبر-ديسمبر 2020) على منهجية مزجت بين المنهج الكمّي والكيفي بواسطة استطلاع رأي لمعرفة اتجاهات الصحفيين إزاء قضايا السياسات العمومية. كما وظّفت الدراسة تقنيات المنهج الكيفي (المقابلات نصف الموجّهة) لاستكشاف تمثلات الفاعلين المهنيين (نقابات).
وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج منها خاصة، اولا منها، أن الفاعلين المهنيين ينظرون إلى السياسات العموميّة للإعلام باعتبارها "خيارات عامة تضعها الدولة ومؤسّساتها"، و"استراتيجية" على "المدى القصير والطويل"، و"أولويّات "، و"إرادة سياسيّة". وهي "تجسيد لـ"خيارات الدستور". وهي تقوم على شرعيّة مخصوصة أي "شرعيّة الدستور". وهناك تأكيد أيضا على أنّ السياسات العموميّة يجب أن تكون ذات "طابع تشاركي" وقائمة على "الوضوح" و"العدل" و"الإنصاف". وتستجيب هذه التعريفات بشكل عام مع التعريفات التي تقدّمها عادة الأدبيّات النظريّة والدوليّة للسياسات العامة. وثانيا، يُجمع الفاعلون في القطاع على توصيف سلبيّ جدّا لحالة الإعلام الراهنة، إذ ينظر إليه باعتباره إعلاما يعيش أزمة عميقة وشاملة بسبب غياب الإصلاح، مما يمنع الصحفيين من أداء أدوارهم.
ومن النتائج السياسية التي تمخّضت عن الدراسة الحاجة إلى حوكمة جديدة لقطاع الإعلام برمته. فإجماع الصحفيّين والفاعلين المهنيّين على أن تكون إدارة السياسة العموميّة من قبل هيكل مستقلّ يمكن أن تكون تعبيرا عن الحاجة الأكيدة إلى حماية الإعلام من تلاعب الحكومة والفاعلين السياسيين به. وثالثا، تبين الدراسة أن المهنيين أدركوا ضرورة التمييز بين أدوار الحكومات وأدوار الدولة. فالسياسة العموميّة يمكن أن تشارك في تصوّرها ووضعها الحكومة، وأيضا أطراف أخرى على غرار البرلمان مثلا، إضافة إلى المنظّمات المهنيّة. وهذا التمييز الذي أصبح جليّا في تمثّلات الصحفيّين والفاعلين للسياسات العموميّة يمثّل عنصرا أساسيا لعودة الدولة باعتبارها مسؤولة عن توفير البيئة المواتية والموارد الضروريّة حتى يقوم الإعلام بدوره. وفي هذا الإطار يُجمع الصحفيّون وكل الفاعلين المشاركين في عيّنة الدراسة على أنّ إدارة السياسات العموميّة يجب أن تفرد لها مصلحة أو إدارة خاصّة ومستقلّة في شكل هيكل عمومي وغير حكومي.
أما رابعا، تمثّل الصحافة المكتوبة القطاع الذي يجب أن يحظى أكثر من غيره بمساعدة الدولة وهو القطاع الذي يقدّم دائما على أنّه المثال الأحسن على ضرورة وضع سياسة عموميّة لصالح الإعلام. وعلى هذا النحو يمكن أن نفهم مشروعيّة دعم الدولة للإعلام الخاص من اتّجاهات الصحفيّين إزاء إشكاليّة الصحافة المكتوبة التي تمثّل القطاعات التي تحتاج أكثر من غيرها مساعدة من الدولة لضمان بقائها واستمراريّتها. لكن في الوقت ذاته هناك تأكيد على أنّ قطاعات أخرى، على غرار الصحافة الرقميّة ورقمنة الإعلام الجمعياتي، تحتاج بدورها إلى الدعم. وخامسا، فقد كشفت الدراسة عن تمثل مشترك لدى الصحفيّين والفاعلين في القطاع الذين أضحوا يعتبرون أن الصحافة والإعلام مرفقا عموميّا يحتاج رعاية من الدولة. مما يعكس تحولا في تمثّلات أدوار الدولة: من تمثّل تقليديّ كانت الدولة فيه "سلطويّة" و"دكتاتوريّة" و"مفترسة" للمهنة نحو تمثل جديد تصبح فيه الدولة ناظمة وراعية للإعلام باعتباره مرفقا عموميّا أساسيّا. وسادسا تتبيّن لنا من المعطيات الكمية المتوفّرة أنّ مشاغل الأوساط المهنيّة هي (حسب الترتيب التفاضلي) عمليّة الإصلاح (الإعلام العمومي) وتنظيم الإشهار العمومي وتطوير منظومة التكوين ودعم مجلس الصحافة ودعم مبادرات لإطلاق مشاريع صحفيّة مبتكرة وتنظيم التدريب المهني الخاص.
ويمثّل إصلاح الإعلام العمومي مشغلا أساسيّا بالنسبة إلى الصحفيّين المشاركين في العيّنة. وقد يكون كذلك لغياب هذا الإصلاح والصعوبات التي تواجهها مؤسّسات الإعلام العموميّة لأداء أدوارها. هكذا يبدو واضحا وجليّا أنّ إعلاما عموميّا قويّا مبتكرا ومجدّدا ويقوم بأدواره باستقلاليّة هو مطلب رئيسي بالنسبة إلى المهنة الصحفيّة، بل يمكن أن نقول إنّ هذا الإعلام العمومي المستقل والقادر على تحقيق وظائفه هو المكوّن الأساسي للسياسة العموميّة.
ومن النتائج المهمّة للدراسة القبول من طرف الصحفيين بمبدأ أن يكون الإعلام الخاص مجالا من مجالات السياسة العموميّة للإعلام، بما أنه يخضع إلى الأطر القانونيّة والمعايير الأخلاقية والالتزامات المجتمعيّة ذاتها التي يخضع إليها الإعلام. وسابعا، تمت ملاحظة أن تصوّرات المهنيّين ظلّت منشغلة بقضايا بعينها على غرار حوكمة السياسة العموميّة وبمخاطر غيابها في مقابل فإنّ غياب تصورات مخصوصة عن مخاطر الانترنت والميديا الاجتماعية على صناعة الإعلام التونسية (وخاصة على مواردها الاقتصادية التي تستحوذ عليها هذه المنصّات). وثامنا وأخيرا من المخرجات الأساسية للدراسة أن من المعايير التي يجب أن تقوم عليها السياسات العمومية الاستناد إلى القوانين وفق معايير دستورية. وهي من هذا المنظور عقدا جديدا بين الدولة ومؤسّساتها، من جهة، وبين المنظمات المهنيّة والمجتمع، من جهة ثانية.
وقد كانت النقابة الوطنيّة للصحفيّين التونسيّين قد نظّمت في 10ديسمبر 2019 ورشة تحضيرية لهذا المؤتمر شارك فيها ممثّلون عن كلّ مؤسّسات الإعلام العموميّ والنقابات المهنيّة وممثّلون عن رئاسة الحكومة والهيئة العليا المستقلّة للاتصال والنقابات المهنيّة. وكانت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين قد عقدت لقاء ثانيا في 27 أوت2021 مع عدد من الخبراء وممثلين عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والمؤسسات الإعلامية العمومية ومعهد الصحافة وعلوم الإخبار.