تمر اليوم 11 سنة على انطلاق أولى شرارات الثورة، وقد استبدل رئيس الجمهورية قيس سعيّد هذا العام 14 جانفي بـ 17 ديسمبر تاريخا للاحتفال في كل عام بذكرى ثورة 2011، معتبرا التاريخ الأول غير ملائم، وبرر سعيّد قراره بقوله إن "الانفجار الثوري انطلق من سيدي بوزيد، ولكن للأسف تم احتواء الثورة حتى يتم اقصاء الشعب عن التعبير عن ارادته وعن الشعارات التي رفعها"، مضيفا ان "يوم 17 ديسمبر هو يوم عيد الثورة وليس يوم 14 جانفي كما تم الإعلان عن ذلك في العام 2011".
وفي هذا الإطار رصدت "الصباح" جملة من الآراء لعدد من التونسيين والتونسيات حول تقييمهم لمدة 11 سنة بعد الثورة.
أراء مختلفة
وافادت فادية ضيف الله (40 سنة) " أعتقد ان عشر سنوات أو 11 سنة في عمر الدول تقابل في عمر الإنسان سنة واحدة، وهو ما يعني ان تونس في ظل هذه السنوات القليلة مازلنا نتعلم ونسير نحو الطريق الأفضل طبعا، ولولا حدوث الثورة لما تعلمنا ممارسة حرية التعبير وتعلم ممارسة الحقوق السياسية والمواطنة. وقبل الثورة لا يمكن أن نتحدث عن حياة سياسية، وبالتالي وجود فسيفساء من الآراء المختلفة في البلاد وفي مختلف السلطات التونسية..."
واعتبر محمد رداوي(30 سنة)" أن 11 سنة بعد الثورة لم تكن ناجحة بالقدر الكافي خاصة وأن تونس ما تزال تعيش عدة هزات سياسية واجتماعية، فلا الوضع الاجتماعي تحسن نحو الأفضل ولا الحياة السياسية شهدت تطورا وتقلصت المحاصصة الحزبية، وأنا كشاب أعتبر أن الحديث عن وقوع ثورة في تونس لا بد أن نعيشه من خلال تحسن الوضع في تونس على مختلف الاصعدة وخاصة تحسين وضعية الشاب التونسي الذي اعتقد ان الثورة ستكون سبيله نحو النجاة ونحو حياة أفضل..."
من جانبها سارة جلالي (25 سنة) تقول "لم يتغير في تونس اي شيء بعد 11 سنة من الثورة فحتى حرية التعبير الني كنا نعتبر أنها مكسب سياسي واجتماعي بدأت تشهد عدة هزات منذ فترة، فحتى حضور ومشاركة الشباب في الشأن العام لم تشهد تحسننا حيث أن الحديث عن أن الشباب في تونس له أهمية ومكانة، هذا غير صحيح كما أن المستقبل ضبابي بالنسبة له وهو ما يحيلنا طبعا إلى الوضع الاجتماعي الصعب الذي نعيشه في تونس من ارتفاع لنسب البطالة وتراجع الاستثمار وارتفاع نسب الفقر..."
بينما خلود كشيش(22 سنة) تقيم الفترة التي مرت بقولها أن "مطالب الثورة لم يتحقق منها سوى الحرية بالنسبة لي كشابة أصبح وضعنا الاقتصادي اتعس من سنة 2011 فالتهميش في ارتفاع متواصل والسياسيون لا يراعون مطالب الشعب وبقيت سوى شعارات رنانة يتاجرون بها في برامجهم الانتخابية، وحسب رأيي الثورة لم تحقق كل المطالب التي يرجاها الشعب والشباب".
أما سعيدة الوشتاتي(45سنة) تعتبر أنه "بعد 11 سنة من الثورة لم نحقق إلا حرية التعبير والحرية في المشهد الإعلامي والسياسي، ولكننا لم نع قيمة هذه الحرية ومازال الشباب التونسي لا يعرف مكانه في هذا المجتمع فهو مغيب في البرامج الانتخابية للمترشحين السياسيين والبرامج التنموية للدولة، فلا يمكن أن نتحدث عن انجازات وثورة دون ان تحقق المطالب التي قامت من اجلها وهو ما يؤكد ضرورة مواصلة العمل أكثر والمطالبة للطبقة السياسية للالتزام بشعارات الثورة والتزامهم بوعودهم الانتخابية".
ومن جانبها قالت مروى البوغانمي( 22 سنة) أنه "لا يمكن الإنكار أن الثورة نجحت في إرساء نظام سياسي ديمقراطي ولكنها لم تحقق مطالب الشباب ومختلف فئات المجتمع والمتمثلة في التشغيل والكرامة ولا بد نؤكد على ضرورة الاهتمام بوضعية الشباب".
فيما قال عدنان بوقديدة (55 سنة) "لا يمكن أن نتحدث عن انجازات ثورة شباب دون ان نقيم وضع الشباب بعد 9 سنوات من الثورة فلا الشباب سعيد بهذا الوضع ولا بقية فئات الشعب، دون حرية التعبير والمشاركة السياسية لم نجن شيئا من مطالب الثورة التي قامت لأجل العمل والكرامة والثورة هي فعلا وقولا على الوضع الراهن، وان كانت ثورة 2011 ضد نظام سياسي فان تحركات وثورات قادمة ستكون ضد كل الطبقة السياسية وكل المسؤولين في البلاد وهو ما قد يجر البلاد نحو نزاعات وفوضى لا تتحمل البلاد عقباها".
أما سيف الغابري (31 سنة) أكد أنه "لم تحقق الثورة مطالب الشباب، لنقل كل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة ولم تعمل على ملف الشباب بشكل جدي أو بالأحرى لم تتعامل معه أصلا فالشباب الذي يعاني اليوم من البطالة وانسداد الأفق ومن اليأس والإحباط في نفس الوقت يموت كل يوم، وللأسف أصبح ملف الشباب وقضاياه مجرد شعارات مستهلكة من قبل السياسيين مما ساهم في تكبير الهوة بين الشاب والسياسي، واقع الشباب اليوم في ترد أكثر من أي وقت مضى، آلاف من الشباب التونسي بين المخدرات وتفكير في الهجرة للهروب من هذا الوقع ضروريات حياة الشاب التونسي معدومة بشكل ارتفعت نسبة الإحباط إلى درجاته القصوى".
وسوار الاينوبلي (38سنة) أضافت "حسب رأيي ثورة الشباب نجحت ولا يمكن ان ننكر ان حرية التعبير والتعددية السياسية التي نعيشها هي نتاج ثورة2011، لكن لا يمكن ان ننكر أنها لم تحقق كل المطالب التي رفعت حينها وهذا امر عادي فكل الثورات تحتاج الى عدة سنوات لكي تحقق مطالبها، و11 سنة صحيح أنها مدة زمنية مهمة ولكن الشعب كذلك مسؤول على هذا من خلال سوء الاختيار في بعض الأحيان للسياسيين الانتهازيين الذين حكموا قبل الثورة وعادوا بعد الثورة للحكم ولكنهم واصلوا نفس السياسة".
اما حنان عمارة (49 سنة) تعتبر "لم تتحقق الا بعض الاشياء القليلة من الثورة الى الان سوى حرية التعبير والتعددية السياسية، فمطالب الشباب لم تتحقق ولم نسمع الا الوعود الزائفة دون فعل على ارض الواقع والشباب مل صراحة من الوعود السياسية في البلاتوهات التلفزية، فالآلاف من الشباب دون مواطن شغل ودون مستقبل واضح ودون أمل لغد افضل اصبحنا ندرس ننهي الدراسة ونتحصل على شهادة جامعية ولكن اين مستقبلنا في بلد عاش ثورة منذ 9 سنوات فصراحة لا ألوم من يفكر في الهجرة من هذا البلد نحو مستقل افضل له لان الشباب يشعر بخيبة امل من بلده".
حقوق معلقة
واقع 11 سنة بعد الثورة لم يخل يوما من التظاهر والغضب والاعتصامات التي ظلت سمة ملازمة لعدة جهات وفئات وحتى لعدة قطاعات بعد الثورة ففي السنوات الاخيرة سجل المرصد الاجتماعي التونسي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ارتفاعا في عدد الحركات الاحتجاجية منها المطالبة بالحق في الشغل والحق في الصحة والحق في التعليم والحق في الماء والحق في بيئة سليمة.. ومنها المنددة بالعنف وبعودة القمع والتضييق على الحريات وكأن الدستور وضع ليبقى حبيس الرفوف بعيدا كل البعد عن الواقع.
ففي السنوات الخمس الاخيرة مثلا ورغم استقرار المشهد السياسي في تونس والانتقال الديمقراطي الذي يحسب للتجربة التونسية مقارنة ببقية التجارب العربية للثورات، حافظت الحركات الاحتجاجية على نفس النسق حيث سجل المرصد 8713 تحركا خلال سنة 2016 و10452 سنة 2017 و9356 سنة 2018 و9091 سنة 2019 اما سنة 2020 فقد سجل المرصد خلال السداسية الاولى عدد 4566 تحركا رغم الظرف الاستثنائي الذي مرت به البلاد وسائر بلدان العالم بسبب جائحة كورونا والحجر الصحي الشامل كما سجل المرصد خلال شهر جويلية 798 تحركا احتجاجيا تركز أكثر من نصفها بالولايات الغربية حيث احتلت ولاية قفصة المرتبة الأولى بـ 319 تحركا تليها القيروان بـ 103 تحركات وتأتي ولايات القصرين وسيدي بوزيد في المرتبة الرابعة والخامسة في عدد التحركات.
هذه الارقام هي ترجمة لحالة الاحباط واليأس الذي سببه المشهد السياسي الضبابي والذي افقد ثقة المواطن في السلطة وفي الطبقة السياسية ويعكس ايضا فشل البرامج والسياسات الوطنية في النهوض بالجهات المحرومة وإيجاد حلول جذرية للملفات الاجتماعية والحد من غضب الشارع والتعامل الناجع مع الأزمات وآخرها أزمة كوفيد 19 التي كشفت الستار عن حجم الدمار في القطاعات ومن سنة الى اخرى تعددت اشكال الفعل الاحتجاجي وتطورت آلياته فمن الحديث عن الوقفات والمسيرات وإضرابات الجوع وغلق الطرقات الى رصد حالات ومحاولات الانتحار لدى جميع الفئات والأعمار ليصبح الفعل الانتحاري فعلا احتجاجيا بامتياز، فرض وجوده لأنه يعكس الديناميكا الاجتماعية والتوتر وحالة الاحتقان القصوى التي عاشت على وقعها تونس طيلة العشر سنوات الماضية، وفقا للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
صلاح الدين كريمي
11 سنة على انطلاق أولى شرارات الثورة
"الصباح" ترصد أراء التونسيين وتقييمهم للمسار
تونس-الصباح
تمر اليوم 11 سنة على انطلاق أولى شرارات الثورة، وقد استبدل رئيس الجمهورية قيس سعيّد هذا العام 14 جانفي بـ 17 ديسمبر تاريخا للاحتفال في كل عام بذكرى ثورة 2011، معتبرا التاريخ الأول غير ملائم، وبرر سعيّد قراره بقوله إن "الانفجار الثوري انطلق من سيدي بوزيد، ولكن للأسف تم احتواء الثورة حتى يتم اقصاء الشعب عن التعبير عن ارادته وعن الشعارات التي رفعها"، مضيفا ان "يوم 17 ديسمبر هو يوم عيد الثورة وليس يوم 14 جانفي كما تم الإعلان عن ذلك في العام 2011".
وفي هذا الإطار رصدت "الصباح" جملة من الآراء لعدد من التونسيين والتونسيات حول تقييمهم لمدة 11 سنة بعد الثورة.
أراء مختلفة
وافادت فادية ضيف الله (40 سنة) " أعتقد ان عشر سنوات أو 11 سنة في عمر الدول تقابل في عمر الإنسان سنة واحدة، وهو ما يعني ان تونس في ظل هذه السنوات القليلة مازلنا نتعلم ونسير نحو الطريق الأفضل طبعا، ولولا حدوث الثورة لما تعلمنا ممارسة حرية التعبير وتعلم ممارسة الحقوق السياسية والمواطنة. وقبل الثورة لا يمكن أن نتحدث عن حياة سياسية، وبالتالي وجود فسيفساء من الآراء المختلفة في البلاد وفي مختلف السلطات التونسية..."
واعتبر محمد رداوي(30 سنة)" أن 11 سنة بعد الثورة لم تكن ناجحة بالقدر الكافي خاصة وأن تونس ما تزال تعيش عدة هزات سياسية واجتماعية، فلا الوضع الاجتماعي تحسن نحو الأفضل ولا الحياة السياسية شهدت تطورا وتقلصت المحاصصة الحزبية، وأنا كشاب أعتبر أن الحديث عن وقوع ثورة في تونس لا بد أن نعيشه من خلال تحسن الوضع في تونس على مختلف الاصعدة وخاصة تحسين وضعية الشاب التونسي الذي اعتقد ان الثورة ستكون سبيله نحو النجاة ونحو حياة أفضل..."
من جانبها سارة جلالي (25 سنة) تقول "لم يتغير في تونس اي شيء بعد 11 سنة من الثورة فحتى حرية التعبير الني كنا نعتبر أنها مكسب سياسي واجتماعي بدأت تشهد عدة هزات منذ فترة، فحتى حضور ومشاركة الشباب في الشأن العام لم تشهد تحسننا حيث أن الحديث عن أن الشباب في تونس له أهمية ومكانة، هذا غير صحيح كما أن المستقبل ضبابي بالنسبة له وهو ما يحيلنا طبعا إلى الوضع الاجتماعي الصعب الذي نعيشه في تونس من ارتفاع لنسب البطالة وتراجع الاستثمار وارتفاع نسب الفقر..."
بينما خلود كشيش(22 سنة) تقيم الفترة التي مرت بقولها أن "مطالب الثورة لم يتحقق منها سوى الحرية بالنسبة لي كشابة أصبح وضعنا الاقتصادي اتعس من سنة 2011 فالتهميش في ارتفاع متواصل والسياسيون لا يراعون مطالب الشعب وبقيت سوى شعارات رنانة يتاجرون بها في برامجهم الانتخابية، وحسب رأيي الثورة لم تحقق كل المطالب التي يرجاها الشعب والشباب".
أما سعيدة الوشتاتي(45سنة) تعتبر أنه "بعد 11 سنة من الثورة لم نحقق إلا حرية التعبير والحرية في المشهد الإعلامي والسياسي، ولكننا لم نع قيمة هذه الحرية ومازال الشباب التونسي لا يعرف مكانه في هذا المجتمع فهو مغيب في البرامج الانتخابية للمترشحين السياسيين والبرامج التنموية للدولة، فلا يمكن أن نتحدث عن انجازات وثورة دون ان تحقق المطالب التي قامت من اجلها وهو ما يؤكد ضرورة مواصلة العمل أكثر والمطالبة للطبقة السياسية للالتزام بشعارات الثورة والتزامهم بوعودهم الانتخابية".
ومن جانبها قالت مروى البوغانمي( 22 سنة) أنه "لا يمكن الإنكار أن الثورة نجحت في إرساء نظام سياسي ديمقراطي ولكنها لم تحقق مطالب الشباب ومختلف فئات المجتمع والمتمثلة في التشغيل والكرامة ولا بد نؤكد على ضرورة الاهتمام بوضعية الشباب".
فيما قال عدنان بوقديدة (55 سنة) "لا يمكن أن نتحدث عن انجازات ثورة شباب دون ان نقيم وضع الشباب بعد 9 سنوات من الثورة فلا الشباب سعيد بهذا الوضع ولا بقية فئات الشعب، دون حرية التعبير والمشاركة السياسية لم نجن شيئا من مطالب الثورة التي قامت لأجل العمل والكرامة والثورة هي فعلا وقولا على الوضع الراهن، وان كانت ثورة 2011 ضد نظام سياسي فان تحركات وثورات قادمة ستكون ضد كل الطبقة السياسية وكل المسؤولين في البلاد وهو ما قد يجر البلاد نحو نزاعات وفوضى لا تتحمل البلاد عقباها".
أما سيف الغابري (31 سنة) أكد أنه "لم تحقق الثورة مطالب الشباب، لنقل كل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة ولم تعمل على ملف الشباب بشكل جدي أو بالأحرى لم تتعامل معه أصلا فالشباب الذي يعاني اليوم من البطالة وانسداد الأفق ومن اليأس والإحباط في نفس الوقت يموت كل يوم، وللأسف أصبح ملف الشباب وقضاياه مجرد شعارات مستهلكة من قبل السياسيين مما ساهم في تكبير الهوة بين الشاب والسياسي، واقع الشباب اليوم في ترد أكثر من أي وقت مضى، آلاف من الشباب التونسي بين المخدرات وتفكير في الهجرة للهروب من هذا الوقع ضروريات حياة الشاب التونسي معدومة بشكل ارتفعت نسبة الإحباط إلى درجاته القصوى".
وسوار الاينوبلي (38سنة) أضافت "حسب رأيي ثورة الشباب نجحت ولا يمكن ان ننكر ان حرية التعبير والتعددية السياسية التي نعيشها هي نتاج ثورة2011، لكن لا يمكن ان ننكر أنها لم تحقق كل المطالب التي رفعت حينها وهذا امر عادي فكل الثورات تحتاج الى عدة سنوات لكي تحقق مطالبها، و11 سنة صحيح أنها مدة زمنية مهمة ولكن الشعب كذلك مسؤول على هذا من خلال سوء الاختيار في بعض الأحيان للسياسيين الانتهازيين الذين حكموا قبل الثورة وعادوا بعد الثورة للحكم ولكنهم واصلوا نفس السياسة".
اما حنان عمارة (49 سنة) تعتبر "لم تتحقق الا بعض الاشياء القليلة من الثورة الى الان سوى حرية التعبير والتعددية السياسية، فمطالب الشباب لم تتحقق ولم نسمع الا الوعود الزائفة دون فعل على ارض الواقع والشباب مل صراحة من الوعود السياسية في البلاتوهات التلفزية، فالآلاف من الشباب دون مواطن شغل ودون مستقبل واضح ودون أمل لغد افضل اصبحنا ندرس ننهي الدراسة ونتحصل على شهادة جامعية ولكن اين مستقبلنا في بلد عاش ثورة منذ 9 سنوات فصراحة لا ألوم من يفكر في الهجرة من هذا البلد نحو مستقل افضل له لان الشباب يشعر بخيبة امل من بلده".
حقوق معلقة
واقع 11 سنة بعد الثورة لم يخل يوما من التظاهر والغضب والاعتصامات التي ظلت سمة ملازمة لعدة جهات وفئات وحتى لعدة قطاعات بعد الثورة ففي السنوات الاخيرة سجل المرصد الاجتماعي التونسي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ارتفاعا في عدد الحركات الاحتجاجية منها المطالبة بالحق في الشغل والحق في الصحة والحق في التعليم والحق في الماء والحق في بيئة سليمة.. ومنها المنددة بالعنف وبعودة القمع والتضييق على الحريات وكأن الدستور وضع ليبقى حبيس الرفوف بعيدا كل البعد عن الواقع.
ففي السنوات الخمس الاخيرة مثلا ورغم استقرار المشهد السياسي في تونس والانتقال الديمقراطي الذي يحسب للتجربة التونسية مقارنة ببقية التجارب العربية للثورات، حافظت الحركات الاحتجاجية على نفس النسق حيث سجل المرصد 8713 تحركا خلال سنة 2016 و10452 سنة 2017 و9356 سنة 2018 و9091 سنة 2019 اما سنة 2020 فقد سجل المرصد خلال السداسية الاولى عدد 4566 تحركا رغم الظرف الاستثنائي الذي مرت به البلاد وسائر بلدان العالم بسبب جائحة كورونا والحجر الصحي الشامل كما سجل المرصد خلال شهر جويلية 798 تحركا احتجاجيا تركز أكثر من نصفها بالولايات الغربية حيث احتلت ولاية قفصة المرتبة الأولى بـ 319 تحركا تليها القيروان بـ 103 تحركات وتأتي ولايات القصرين وسيدي بوزيد في المرتبة الرابعة والخامسة في عدد التحركات.
هذه الارقام هي ترجمة لحالة الاحباط واليأس الذي سببه المشهد السياسي الضبابي والذي افقد ثقة المواطن في السلطة وفي الطبقة السياسية ويعكس ايضا فشل البرامج والسياسات الوطنية في النهوض بالجهات المحرومة وإيجاد حلول جذرية للملفات الاجتماعية والحد من غضب الشارع والتعامل الناجع مع الأزمات وآخرها أزمة كوفيد 19 التي كشفت الستار عن حجم الدمار في القطاعات ومن سنة الى اخرى تعددت اشكال الفعل الاحتجاجي وتطورت آلياته فمن الحديث عن الوقفات والمسيرات وإضرابات الجوع وغلق الطرقات الى رصد حالات ومحاولات الانتحار لدى جميع الفئات والأعمار ليصبح الفعل الانتحاري فعلا احتجاجيا بامتياز، فرض وجوده لأنه يعكس الديناميكا الاجتماعية والتوتر وحالة الاحتقان القصوى التي عاشت على وقعها تونس طيلة العشر سنوات الماضية، وفقا للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.