تنوّع حركة النهضة، دائما، أساليبها عند مواجهة الأزمات والمآزق التي تجد نفسها فيها.. فلكل مرحلة سياسية أدواتها في الفعل ورد الفعل ولكل مأزق مقولاته للخروج منه ولكل أزمة قيادات تتصدر المشهد للدفاع عن وجهة نظر الحزب ومواجهة الانتقادات.. ولكن في كل ذلك تبقى سياسية الهروب الى الامام وانكار كل ادلة ومؤيدات الادانة السياسية او الاخلاقية وحتى القانونية هي المنهج والأسلوب المتفرد لحركة النهضة.
ورغم ادعاء بعض القيادات من خلال تصريحاتهم المتكررة ان الحركة قامت بمراجعات داخلية لكل ما ارتكبته من أخطاء اعترفت بها تحت إكراه 25 جويلية إلا أن اليوم عادت حركة النهضة بعد انحنائها للعاصفة وتجاوزها لصدمة ما حصل للتأكيد أنها لم تفشل خلال العشر سنوات وأنها حققت انجازات في انكار تام لكل الاخطاء السياسية التي ارتكبتها وانتهت بالدولة الى سيناريوهات كارثية..
واليوم لا تنكر النهضة الأخطاء السياسية التي ارتكبتها وحاولت القفز عليها وتجاوزها بل وطرح نفسها كضحية في مسار كانت هي أحد أسباب تعثّره حتى انتهينا الى المجهول مع إجراءات 25 جويلية، بل إن النهضة اليوم تنكر أدلة تدينها أمام القانون وتحاول بدورها ارباك القضاء برواية ان هذا القضاء اليوم يتعرض لهرسلة من رئيس الجمهورية الذي تقول انه يعمل على توظيف اجهزة الدولة ومنها القضاء في تصفية حساباته السياسية مع خصومه السياسيين ومنهم حركة النهضة.
عقود اللوبينغ بين الإنكار والحقيقة
من القيادات التي تتصدر اليوم خط الدفاع الاول في حركة النهضة نجد المحامي والمستشار السياسي للغنوشي، سامي الطريقي، بالإضافة إلى علي لعريض وزير الداخلية ورئيس الحكومة الأسبق، واختيارهما لتصدر البلاتوهات وتوضيح مواقف الحركة ليس اعتباطيا بل رسالة أولى يحاول من خلالها راشد الغنوشي ابراز مدى تماسك الأجيال المختلفة لحركة النهضة باستغلال مهارات الطريقي كمحام. حيث بدا في كل المنابر الاعلامية وكأنه بصدد الترافع في المحكمة وليس في نقاش سياسي، بالإضافة إلى وجود علي لعريض رغم انه من الشخصيات التي لم تترك أثرا ايجابيا في الرأي العام هو رسالة من النهضة انها لن تتراجع أمام كل الانتقادات التي تواجهها خاصة وان فترة علي لعريض شهدت أحداثا خطيرة مثل الرش والاغتيالات وترتبت عن ذلك مسؤولية سياسية مباشرة للحركة.
في ظهوره بالندوة الصحفية التي عقدتها النهضة او حتى في الاستضافات الإعلامية التي حضر فيها، بدا القيادي بحركة النهضة الطريقي متشنجا ومتوثّبا لرد الفعل حتى قبل السؤال بل كانت تدخلاته تحمل نبرة تهديد وهو يجزم بألا أحد يستطيع ازاحة النهضة لا بالانتخابات ولا بتقرير محكمة المحاسبات وان حركة النهضة ستشارك في الحوار الوطني غصبا عن الجميع وقد تمسك الطريقي بأن النّهضة لم تبرم أي عقد لوبيينغ ولم تحصل على أي تحويلات مالية أجنبية وأن قيس سعيّد "يحرّض القضاة" على حركة النّهضة لإثبات حصولها على تمويلات أجنبية، وبعد أن اكد ان النهضة لا علاقة لها بعقود اللوبينغ تلك عاد ليقول إن الانتربول بحث عن الشركة التي أمضت عقد لوبيينغ مع النّهضة ولم تعثر لها عن أي أثر. سامي الطريقي أكد أيضا ان النهضة تفتخر بما أنجزته خلال العشرية الماضية خاصة وأنها قبلت في سنة 2014 الخروج من الحكم رغم أنها كانت الطرف الأقوى ولم تستعمل أجهزة الدولة لضرب خصومها السياسيين ولم تستعمل الجيش ولم تستعمل العنف، وفق تعبيره.
بدوره أكد علي العريض في الندوة الصحفية أنه "يوجد محاولة تزوير للتاريخ ووصم العشر سنوات الماضية بأنها فاشلة" وأن ذلك "غير صحيح لأننا ربحنا الحرية التي أصبحت اليوم مهددة"، على حد تعبيره.
وتمسكت حركة النهضة في الندوة الصحفية بتفنيد مسالة عقود اللوبينغ التي كشفها تقرير محكمة المحاسبات حيث قالت القيادية في حركة النهضة وعضو البرلمان التونسي المعلقة أعماله زينب البراهمي إنه لا صحة للاتهامات التي توجه للحركة بتلقي تمويل أجنبي خلال الانتخابات الأخيرة، قائلة "إن حركة النهضة لم تبرم مطلقا أي عقد لوبيينغ لا بصفة رسمية ولا بصفة توكيل".
في المقابل أكدت منظمة "أنا يقظ" في بيان لها أنه وعلى عكس ما ادعته الحركة وبناء على مصادر المنظمة فإن عقود "اللوبيينغ" موجودة فعلا. كما أكدت المنظمة أنها أحالت العقود التي أبرمتها حركة النهضة ومرشح حزب قلب تونس للانتخابات الرئاسية نبيل القروي وألفة تراس رئيسة جمعية عيش تونسي على الجهات القضائية المختصة وقالت المنظمة إنها تستغرب تعنت حركة النهضة ومواصلتها مغالطة الرأي العام خاصة وأن هذه العقود هي عقود منشورة للعموم في موقع وزارة العدل الأمريكية وعاينته المنظمة ومحكمة المحاسبات. وأن العقود التي أبرمتها حركة النهضة بين سنتي 2014 و2020 بقيمة جملية تقدّر بـ778،259،05 دولار أمريكي تمثّل شبهة جدية لتلقي تمويلات أجنبية مجهولة المصدر وهي أفعال مخالفة للقانون قد ترتقي لجرائم موجبة لتتبعات جزائية.
الغنوشي وسياسية الهروب إلى الأمام
منذ أيام أدلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتصريح شد انتباه الرأي العام على هامش اشرافه على اجتماع بقيادات حركة النهضة ببنزرت عندما قال ان مجلس النواب المجمدة أعماله عائد أحب من أحب وكره من كره. وفيما يتعلق بمجلس النواب، أكد راشد الغنوشي أن مجلس النواب سلطة تأسيسية أنجز الكثير من القوانين الاجتماعية على غرار القانون 38 ومنها قانون التمويل التشاركي قائلا إن هذا البرلمان انجازاته كبيرة وأن أعداء الثورة عملوا على تشويهه.
ورغم نبرة التحدي والثقة في تصريح الغنوشي الا أنه يبدو تصريحا منفصلا عن الواقع حيث ترفض اغلب القوى السياسية والوطنية حتى تلك المعارضة لمسار 25 جويلية عودة البرلمان بشكله السابق وبكل تلك المشاحنات والعنف الذي كان فيه.
ولا تواجه حركة النهضة تحديات وطنية في علاقة بموقعها السياسي فقط بل تواجه ازمة داخلية متواصلة منذ اشهر بعد استقالة اكثر من 100 عضو من الحركة وبينهم قيادات بارزة مثل عبد اللطيف المكي، فانه ووفق تصريحات اعلامية للمسؤول عن الإعلام والاتصال بحركة النهضة عبد الفتاح التاغوتي فان هناك اليوم 15 قياديا بالحركة قاموا بتجميد عضوياتهم بشورى النهضة ولجان مؤتمرها، مطالبين رئيس الحركة راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري بالتعهد بعدم الترشح خلال المؤتمر القادم.
وهذا التجميد يؤكد مرة أخرى أن الصراع ما يزال على أشده داخل حركة النهضة وان لحظة التماسك التي تحاول الظهور عليها في الاسابيع الماضية مستغلة في ذلك تعثّر مسار 25 جويلية، ليس إلا صورة تسويقية تبحث من خلالها حركة النهضة عن استرجاع موقعها السياسي في المشهد.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
تنوّع حركة النهضة، دائما، أساليبها عند مواجهة الأزمات والمآزق التي تجد نفسها فيها.. فلكل مرحلة سياسية أدواتها في الفعل ورد الفعل ولكل مأزق مقولاته للخروج منه ولكل أزمة قيادات تتصدر المشهد للدفاع عن وجهة نظر الحزب ومواجهة الانتقادات.. ولكن في كل ذلك تبقى سياسية الهروب الى الامام وانكار كل ادلة ومؤيدات الادانة السياسية او الاخلاقية وحتى القانونية هي المنهج والأسلوب المتفرد لحركة النهضة.
ورغم ادعاء بعض القيادات من خلال تصريحاتهم المتكررة ان الحركة قامت بمراجعات داخلية لكل ما ارتكبته من أخطاء اعترفت بها تحت إكراه 25 جويلية إلا أن اليوم عادت حركة النهضة بعد انحنائها للعاصفة وتجاوزها لصدمة ما حصل للتأكيد أنها لم تفشل خلال العشر سنوات وأنها حققت انجازات في انكار تام لكل الاخطاء السياسية التي ارتكبتها وانتهت بالدولة الى سيناريوهات كارثية..
واليوم لا تنكر النهضة الأخطاء السياسية التي ارتكبتها وحاولت القفز عليها وتجاوزها بل وطرح نفسها كضحية في مسار كانت هي أحد أسباب تعثّره حتى انتهينا الى المجهول مع إجراءات 25 جويلية، بل إن النهضة اليوم تنكر أدلة تدينها أمام القانون وتحاول بدورها ارباك القضاء برواية ان هذا القضاء اليوم يتعرض لهرسلة من رئيس الجمهورية الذي تقول انه يعمل على توظيف اجهزة الدولة ومنها القضاء في تصفية حساباته السياسية مع خصومه السياسيين ومنهم حركة النهضة.
عقود اللوبينغ بين الإنكار والحقيقة
من القيادات التي تتصدر اليوم خط الدفاع الاول في حركة النهضة نجد المحامي والمستشار السياسي للغنوشي، سامي الطريقي، بالإضافة إلى علي لعريض وزير الداخلية ورئيس الحكومة الأسبق، واختيارهما لتصدر البلاتوهات وتوضيح مواقف الحركة ليس اعتباطيا بل رسالة أولى يحاول من خلالها راشد الغنوشي ابراز مدى تماسك الأجيال المختلفة لحركة النهضة باستغلال مهارات الطريقي كمحام. حيث بدا في كل المنابر الاعلامية وكأنه بصدد الترافع في المحكمة وليس في نقاش سياسي، بالإضافة إلى وجود علي لعريض رغم انه من الشخصيات التي لم تترك أثرا ايجابيا في الرأي العام هو رسالة من النهضة انها لن تتراجع أمام كل الانتقادات التي تواجهها خاصة وان فترة علي لعريض شهدت أحداثا خطيرة مثل الرش والاغتيالات وترتبت عن ذلك مسؤولية سياسية مباشرة للحركة.
في ظهوره بالندوة الصحفية التي عقدتها النهضة او حتى في الاستضافات الإعلامية التي حضر فيها، بدا القيادي بحركة النهضة الطريقي متشنجا ومتوثّبا لرد الفعل حتى قبل السؤال بل كانت تدخلاته تحمل نبرة تهديد وهو يجزم بألا أحد يستطيع ازاحة النهضة لا بالانتخابات ولا بتقرير محكمة المحاسبات وان حركة النهضة ستشارك في الحوار الوطني غصبا عن الجميع وقد تمسك الطريقي بأن النّهضة لم تبرم أي عقد لوبيينغ ولم تحصل على أي تحويلات مالية أجنبية وأن قيس سعيّد "يحرّض القضاة" على حركة النّهضة لإثبات حصولها على تمويلات أجنبية، وبعد أن اكد ان النهضة لا علاقة لها بعقود اللوبينغ تلك عاد ليقول إن الانتربول بحث عن الشركة التي أمضت عقد لوبيينغ مع النّهضة ولم تعثر لها عن أي أثر. سامي الطريقي أكد أيضا ان النهضة تفتخر بما أنجزته خلال العشرية الماضية خاصة وأنها قبلت في سنة 2014 الخروج من الحكم رغم أنها كانت الطرف الأقوى ولم تستعمل أجهزة الدولة لضرب خصومها السياسيين ولم تستعمل الجيش ولم تستعمل العنف، وفق تعبيره.
بدوره أكد علي العريض في الندوة الصحفية أنه "يوجد محاولة تزوير للتاريخ ووصم العشر سنوات الماضية بأنها فاشلة" وأن ذلك "غير صحيح لأننا ربحنا الحرية التي أصبحت اليوم مهددة"، على حد تعبيره.
وتمسكت حركة النهضة في الندوة الصحفية بتفنيد مسالة عقود اللوبينغ التي كشفها تقرير محكمة المحاسبات حيث قالت القيادية في حركة النهضة وعضو البرلمان التونسي المعلقة أعماله زينب البراهمي إنه لا صحة للاتهامات التي توجه للحركة بتلقي تمويل أجنبي خلال الانتخابات الأخيرة، قائلة "إن حركة النهضة لم تبرم مطلقا أي عقد لوبيينغ لا بصفة رسمية ولا بصفة توكيل".
في المقابل أكدت منظمة "أنا يقظ" في بيان لها أنه وعلى عكس ما ادعته الحركة وبناء على مصادر المنظمة فإن عقود "اللوبيينغ" موجودة فعلا. كما أكدت المنظمة أنها أحالت العقود التي أبرمتها حركة النهضة ومرشح حزب قلب تونس للانتخابات الرئاسية نبيل القروي وألفة تراس رئيسة جمعية عيش تونسي على الجهات القضائية المختصة وقالت المنظمة إنها تستغرب تعنت حركة النهضة ومواصلتها مغالطة الرأي العام خاصة وأن هذه العقود هي عقود منشورة للعموم في موقع وزارة العدل الأمريكية وعاينته المنظمة ومحكمة المحاسبات. وأن العقود التي أبرمتها حركة النهضة بين سنتي 2014 و2020 بقيمة جملية تقدّر بـ778،259،05 دولار أمريكي تمثّل شبهة جدية لتلقي تمويلات أجنبية مجهولة المصدر وهي أفعال مخالفة للقانون قد ترتقي لجرائم موجبة لتتبعات جزائية.
الغنوشي وسياسية الهروب إلى الأمام
منذ أيام أدلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتصريح شد انتباه الرأي العام على هامش اشرافه على اجتماع بقيادات حركة النهضة ببنزرت عندما قال ان مجلس النواب المجمدة أعماله عائد أحب من أحب وكره من كره. وفيما يتعلق بمجلس النواب، أكد راشد الغنوشي أن مجلس النواب سلطة تأسيسية أنجز الكثير من القوانين الاجتماعية على غرار القانون 38 ومنها قانون التمويل التشاركي قائلا إن هذا البرلمان انجازاته كبيرة وأن أعداء الثورة عملوا على تشويهه.
ورغم نبرة التحدي والثقة في تصريح الغنوشي الا أنه يبدو تصريحا منفصلا عن الواقع حيث ترفض اغلب القوى السياسية والوطنية حتى تلك المعارضة لمسار 25 جويلية عودة البرلمان بشكله السابق وبكل تلك المشاحنات والعنف الذي كان فيه.
ولا تواجه حركة النهضة تحديات وطنية في علاقة بموقعها السياسي فقط بل تواجه ازمة داخلية متواصلة منذ اشهر بعد استقالة اكثر من 100 عضو من الحركة وبينهم قيادات بارزة مثل عبد اللطيف المكي، فانه ووفق تصريحات اعلامية للمسؤول عن الإعلام والاتصال بحركة النهضة عبد الفتاح التاغوتي فان هناك اليوم 15 قياديا بالحركة قاموا بتجميد عضوياتهم بشورى النهضة ولجان مؤتمرها، مطالبين رئيس الحركة راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري بالتعهد بعدم الترشح خلال المؤتمر القادم.
وهذا التجميد يؤكد مرة أخرى أن الصراع ما يزال على أشده داخل حركة النهضة وان لحظة التماسك التي تحاول الظهور عليها في الاسابيع الماضية مستغلة في ذلك تعثّر مسار 25 جويلية، ليس إلا صورة تسويقية تبحث من خلالها حركة النهضة عن استرجاع موقعها السياسي في المشهد.