عاد من جديد الجدل حول مقاييس التعيين في مفاصل الدولة كما عادت اتهامات الخصوم السياسيين لمن بيده مقاليد السلطة بالعمل على ضرب حياد واستقلالية المرفق العام وتوظيفه لخدمة أجندات سياسية على حساب الكفاءة والخبرة.
هذا الجدل الذي امتد على كامل العشر سنوات الأخيرة ورافق كل الحكومات المتعاقبة يعود اليوم ليطرح بقوة على اثر التعيينات الأخيرة لعدد من الولاة وأيضا اثر إحالة عدد من الإطارات الأمنية بوزارة الداخلية على التقاعد الوجوبي في خطوة اعتبرها خصوم رئيس الجمهورية قيس سعيد محاولة للسيطرة على مفاصل الدولة وتطويعها لخدمة مشروعه السياسي الخاص.
ووجهت الانتقادات لتعيين ولاّة بنزرت ومدنين وقفصة وبن عروس وصفاقس على اعتبارهم جميعا من المتحمسين لفكر ومشروع الرئيس قيس سعيد وأيضا على اعتبار علاقتهم الشخصية به وكونهم من الناشطين معه سابقا في حملته الانتخابية.
عقلية الغنيمة
ركز أيضا خصوم الرئيس في رفضهم ونقدهم لتعييناته الأخيرة على ما اعتبروه تنكرا للشعارات التي لطالما رفعها أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد قبل توليه مقاليد الرئاسة عندما كان يوجه النقد اللاذع لحكام تونس على امتداد ما بعد 14 جانفي معتبرا أنهم حولوا الدولة إلى غنيمة.
وهاهم اليوم خصومه يصفونه بالوصف ذاته معتبرين تعيينات رئيس الجمهورية الأخيرة ترتكز فقط على عقلية الغنيمة والانتهازية والولاء.
جاء ذلك في بيانات عدد من الأحزاب اثر صدور أسماء المعينين الجدد على رأس عدد من الولايات حيث استنكرت ما وصفته بالانفراد بالحكم الذي تجسد اليوم في تعيينات قائمة فقط على الولاء والانخراط في مشروع الرئيس دون اعتبار للكفاءة.
وأصدر كل من أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والحزب الجمهوري بيانا أكدوا فيه انتهاج رئيس الجمهورية " تعيينات قائمة فقط على الولاء والانخراط في مشروع الرئيس الهلامي دون اعتبار للكفاءة"، ما من شأنه “تهديد عمل الدولة ونجاعتها، ويكرس عقلية الانتهازية والغنيمة والتملق، ويعمق الهوة بين الدولة ومواطناتها ومواطنيها”.
استنكار
وأشار الموقعون على البيان إلى أن "إدارة الدولة لا يمكن أن تكون بترديد الشعارات، في غياب تام لأي رؤية أو برنامج عمل أربعة أشهر، بعد انفراد السيد قيس سعيد بكل السلطات"، مشددين على "حاجة تونس إلى الخروج من الحالة الاستثنائية، والتراجع عن خرق الدستور، لتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية عميقة، تمنع الانهيار الذي يتهدد الدولة التونسية"، وفق نص البيان.
استنكر بدوره الحزب الدستوري الحر، ما اعتبره "العودة إلى مربع التعيينات بالولاءات والمحاباة والتحكم في مفاصل الإدارة"، مؤكدا أن مثل هذه الطريقة في تسيير الدولة "ليست إلا تكريسا للفساد السياسي والإداري وجب وضع حد له".
وأضاف الحزب، في بيانه الصادر أول أمس، أن هذه التعيينات هي "ترضيات ومكافآت نظير خدمات انتخابية أو شخصية سابقة استفاد منها الماسك بسلطة القرار تبعا لاستعراض السيرة الذاتية للولاة المعينين الجدد".
الولاء لا يعوض الكفاءة
انقسمت الأراء منذ ما بعد 14 جانفي بشأن مسألة التعيينات في الوظائف العليا في الدولة من وزراء ومستشارين وولاة ومعتمدين وسفراء وغيرها من المناصب السياسية السامية، فهناك شق اعتبر أن مواجهة تعيينات الحكومات المتعاقبة بشعار ضرب حياد الدولة واستقلاليّة الإدارة هي بدعة تونسية وكلمة حق أريد بها باطل على اعتبار أنه وكما يحدث في جل الدول والديمقراطيات العريقة فالفائز بالانتخابات من حقه وضع أشخاص يحضون بثقته لتنفيذ مشروعه الذي سيحاسب عليه أمام ناخبيه. في حين يصر الشق الآخر على اعتبار أن الفترة الانتقالية التي مرت بها تونس كانت تحتاج تحصين الدولة من كل محاولات الالتفاف وتوظيف الإدارة والتغلغل في مفاصل الدولة.
ولحسم هذا الجدل والاتهامات المتبادلة بالسيطرة على مفاصل الدولة من جهة وبمحاولات اعتماد شعار حياد الإدارة لعرقلة الفائز في الانتخابات من جهة أخرى تم سابقا اقتراح اعتماد آليات تعلى من قيمة الكفاءة على حساب الولاء وربما تكون حلا ينهى هذا الجدل العقيم على غرار اقتراح إحداث بنك كفاءات تونسية من الداخل والخارج بقطع النظر عن الانتماءات السياسية يكون مرجعا يعتمد في التعيينات وفي اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب استنادا إلى مؤهلاته العلمية وخبرته وسيرته الذاتية خدمة للدولة وللصالح العام لا للأحزاب والطموحات الشخصية. لكن لم يتم تجسيم ذلك المقترح وغيره من المقترحات والتوصيات الصادرة سابقا عن الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة.
م.ي
تونس-الصباح
عاد من جديد الجدل حول مقاييس التعيين في مفاصل الدولة كما عادت اتهامات الخصوم السياسيين لمن بيده مقاليد السلطة بالعمل على ضرب حياد واستقلالية المرفق العام وتوظيفه لخدمة أجندات سياسية على حساب الكفاءة والخبرة.
هذا الجدل الذي امتد على كامل العشر سنوات الأخيرة ورافق كل الحكومات المتعاقبة يعود اليوم ليطرح بقوة على اثر التعيينات الأخيرة لعدد من الولاة وأيضا اثر إحالة عدد من الإطارات الأمنية بوزارة الداخلية على التقاعد الوجوبي في خطوة اعتبرها خصوم رئيس الجمهورية قيس سعيد محاولة للسيطرة على مفاصل الدولة وتطويعها لخدمة مشروعه السياسي الخاص.
ووجهت الانتقادات لتعيين ولاّة بنزرت ومدنين وقفصة وبن عروس وصفاقس على اعتبارهم جميعا من المتحمسين لفكر ومشروع الرئيس قيس سعيد وأيضا على اعتبار علاقتهم الشخصية به وكونهم من الناشطين معه سابقا في حملته الانتخابية.
عقلية الغنيمة
ركز أيضا خصوم الرئيس في رفضهم ونقدهم لتعييناته الأخيرة على ما اعتبروه تنكرا للشعارات التي لطالما رفعها أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد قبل توليه مقاليد الرئاسة عندما كان يوجه النقد اللاذع لحكام تونس على امتداد ما بعد 14 جانفي معتبرا أنهم حولوا الدولة إلى غنيمة.
وهاهم اليوم خصومه يصفونه بالوصف ذاته معتبرين تعيينات رئيس الجمهورية الأخيرة ترتكز فقط على عقلية الغنيمة والانتهازية والولاء.
جاء ذلك في بيانات عدد من الأحزاب اثر صدور أسماء المعينين الجدد على رأس عدد من الولايات حيث استنكرت ما وصفته بالانفراد بالحكم الذي تجسد اليوم في تعيينات قائمة فقط على الولاء والانخراط في مشروع الرئيس دون اعتبار للكفاءة.
وأصدر كل من أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والحزب الجمهوري بيانا أكدوا فيه انتهاج رئيس الجمهورية " تعيينات قائمة فقط على الولاء والانخراط في مشروع الرئيس الهلامي دون اعتبار للكفاءة"، ما من شأنه “تهديد عمل الدولة ونجاعتها، ويكرس عقلية الانتهازية والغنيمة والتملق، ويعمق الهوة بين الدولة ومواطناتها ومواطنيها”.
استنكار
وأشار الموقعون على البيان إلى أن "إدارة الدولة لا يمكن أن تكون بترديد الشعارات، في غياب تام لأي رؤية أو برنامج عمل أربعة أشهر، بعد انفراد السيد قيس سعيد بكل السلطات"، مشددين على "حاجة تونس إلى الخروج من الحالة الاستثنائية، والتراجع عن خرق الدستور، لتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية عميقة، تمنع الانهيار الذي يتهدد الدولة التونسية"، وفق نص البيان.
استنكر بدوره الحزب الدستوري الحر، ما اعتبره "العودة إلى مربع التعيينات بالولاءات والمحاباة والتحكم في مفاصل الإدارة"، مؤكدا أن مثل هذه الطريقة في تسيير الدولة "ليست إلا تكريسا للفساد السياسي والإداري وجب وضع حد له".
وأضاف الحزب، في بيانه الصادر أول أمس، أن هذه التعيينات هي "ترضيات ومكافآت نظير خدمات انتخابية أو شخصية سابقة استفاد منها الماسك بسلطة القرار تبعا لاستعراض السيرة الذاتية للولاة المعينين الجدد".
الولاء لا يعوض الكفاءة
انقسمت الأراء منذ ما بعد 14 جانفي بشأن مسألة التعيينات في الوظائف العليا في الدولة من وزراء ومستشارين وولاة ومعتمدين وسفراء وغيرها من المناصب السياسية السامية، فهناك شق اعتبر أن مواجهة تعيينات الحكومات المتعاقبة بشعار ضرب حياد الدولة واستقلاليّة الإدارة هي بدعة تونسية وكلمة حق أريد بها باطل على اعتبار أنه وكما يحدث في جل الدول والديمقراطيات العريقة فالفائز بالانتخابات من حقه وضع أشخاص يحضون بثقته لتنفيذ مشروعه الذي سيحاسب عليه أمام ناخبيه. في حين يصر الشق الآخر على اعتبار أن الفترة الانتقالية التي مرت بها تونس كانت تحتاج تحصين الدولة من كل محاولات الالتفاف وتوظيف الإدارة والتغلغل في مفاصل الدولة.
ولحسم هذا الجدل والاتهامات المتبادلة بالسيطرة على مفاصل الدولة من جهة وبمحاولات اعتماد شعار حياد الإدارة لعرقلة الفائز في الانتخابات من جهة أخرى تم سابقا اقتراح اعتماد آليات تعلى من قيمة الكفاءة على حساب الولاء وربما تكون حلا ينهى هذا الجدل العقيم على غرار اقتراح إحداث بنك كفاءات تونسية من الداخل والخارج بقطع النظر عن الانتماءات السياسية يكون مرجعا يعتمد في التعيينات وفي اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب استنادا إلى مؤهلاته العلمية وخبرته وسيرته الذاتية خدمة للدولة وللصالح العام لا للأحزاب والطموحات الشخصية. لكن لم يتم تجسيم ذلك المقترح وغيره من المقترحات والتوصيات الصادرة سابقا عن الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة.