اختصار آجال التدابير الاستثنائية، والكشف عن جدول زمني واضح لتنفيذ الإصلاحات السياسية تمهيدا لانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، قد يكون أمرا تعتزم رئاسة الجمهورية الذهاب فيه كطريق خلاص وحل وسط لا مفر منه. خاصة أن هذا الوعد تكرّر ذكره وترديده في الآونة الأخيرة سواء عن طريق تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد نفسه آخرها كان خلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء، ثم خلال المكالمة الهاتفية التي جمعته مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.. كما ردّد وزير الخارجية عثمان الجرندي نفس الوعد والعبارة في مناسبات عديدة سابقة.
ويبدو أنه ومن خلال تطورات المشهد السياسي اليوم وبعد قرابة أربعة أشهر من إعلان رئيس الدولة عن اتخاذ تدابير استثنائية يوم 25 جويلية تفعيلا للفصل 80 من الدستور، أصبح يحتّم على السلطة القائمة ولعدة أسباب موضوعية، التسريع في وضع برنامج عملي للخروج من الوضع الاستثنائي إلى الوضع الدائم والمستقر سياسيا. وهي أساس جل التساؤلات التي يطرحها الفاعلون من سياسيين وأحزاب وخبراء ومجتمع مدني ومنظمات وطنية، وهي أيضا من أبرز شروط الدول الصديقة والشريكة لتونس والمؤسسات المالية والدولية المانحة..
ومن شأن هذا البرنامج أن يبعث برسائل طمأنة للداخل والخارج مفادها أن رئاسة الجمهورية والحكومة تعملان على وضع خطة زمنية طال انتظارها لتحديد مواعيد للحوار الوطني الذي لم يتضح بعد شكله النهائي أو مخرجاته القانونية وهوية المشاركين فيه (حضوري، استفتاء الكتروني، استشاري، تقريري..)، وانطلاق ورشات الإصلاحات السياسية التي ستحوْصل مبدئيا مخرجات الحوار الوطني واتجاهاته، وتنطلق في تجسيمها عن طريق لجنة خبراء ورد ذكرها في الأمر الرئاسي عدد 117 لكن لا يعرف إلى حد الآن تحديدا طرق تنظيمها ومهامها وكيفية اختيار أعضائها وطبيعة اختصاصاتهم، قبل أن يتم في النهاية تثبيت مواعيد قارة للانتخابات الرئاسة والتشريعية السابقة لأوانها..
يأتي ذلك، أمام مواجهة حكومة السيدة بودن ورئاسة الجمهورية لرهانات صعبة على جميع الواجهات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، خاصة بعد تعليق نشاط البرلمان، والشروع بصفة متأخرة في معالجة ملفات ساخنة متراكمة لعل أهمها البحث عن حلول عاجلة لعجز مالي مزمن للمالية العمومية وخاصة العجز الكبير في ميزانية الدولة لسنة 2021، والتفكير في حلول صعبة من أجل توفير موارد مالية هامة بالنسبة لميزانية الدولة للسنة المقبلة.
يضاف إلى ذلك، التحديات التي تواجه الحكومة ورئاسة الجهورية في حربها المعلنة على الفساد، والأزمات الاجتماعية التي أطلت برأسها في الآونة الأخيرة مثل أزمة النفايات، ثم أزمة التعامل مع المعطّلين عن العمل بعد رفض تطبيق قانون 38، وأزمة تأخر صرف أجور عمال البستنة والبيئة في بعض الولايات، والتحركات الاحتجاجية لأهالي الكامور في الجنوب..
أزمات اجتماعية مرشحة للتصعيد في الفترة المقبلة إن لم يتم إيجاد حلول جذرية لها، وهي تعكس الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها البلاد وفشل فترة الانتقال الديمقراطي خلال العشرية السابقة، مع تزايد أعباء الحكم وتفاقم الضغوطات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية، خاصة مع شح الموارد وتفاقم العجز وامتناع الدول الشقيقة والصديقة أو ربما ترددها في دعم تونس، في انتظار توضح الرؤية لفترة ما بعد التدابير الاستثنائية.. وضبابية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، تزامنت مع مراجعة وكالات التصنيف الدولية ترقيم تونس لتصنفها في مراتب منخفضة جدا..
ورغم أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد أكد خلال مكالمته الهاتفية مع الرئيس سعيد في نهاية الأسبوع المنقضي، أن بلاده ستواصل دعمها لتونس، إلا أنه ربط هذا الدعم بضرورة أن تضبط السلطات التونسية مواعيد الإصلاحات المقررة، فيما قال سعيّد للوزير الأمريكي إن هناك إعدادا للخروج من التدابير الاستثنائية التي اتخذها في 25 جويلية 2021.
وكانت رئاسة الجمهورية قد ذكرت في بلاغ مطوّل لها، أن الرئيس سعيد تلقى اتصالا هاتفيا من وزير خارجية الولايات المتحدة وأعرب عن رغبة بلاده في أن تجد الإصلاحات التي أعلنها رئيس الجهورية قيس سعيد "طريقها إلى التجسيد في أسرع الأوقات"، مؤكدا أن واشنطن ستواصل دعم تونس "عندما تُضبط مواعيد الإصلاحات".
بالمقابل، شدد سعيّد خلال المحادثة الهاتفية، على أنه يتم الإعداد للمراحل المقبلة للخروج من الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد إلى وضع عادي، وذكر أنه "من الضروري أن يتفهّم شركاء بلاده أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي المشكل الأساسي الأول، وزادها تعقيدا اختلاق الأزمات وبثّ الأكاذيب والافتراءات، فضلا عن الفساد ونهب مقدّرات الشعب".
يذكر أن رئيس الدولة قال خلال إشرافه على اخر اجتماع لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، إنه يعمل على وضع جدول زمني لإصلاح النظام السياسي. لكنه لم يعلن أي موعد محدد، للكشف عن مواعيد الإصلاحات، بينما يواجه ضغوطًا لإعلان خارطة طريق لإنهاء الإجراءات الاستثنائية والعودة إلى المسار الديمقراطي، وفي خطوة تستهدف طمأنة الخارج وخاصة من شركاء تونس على غرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ومنذ أسابيع عديدة ارتفعت أصوات بعض الأحزاب والمنظمات الوطنية بما في ذلك أحزاب داعمة لقرارات 25 جويلة، بالدعوة إلى الإسراع بإنهاء حالة التدابير الاستثنائية والكشف عن مواعيد واضحة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة بعد القيام بإصلاحات سياسية وقانونية لازمة خاصة على القانون الانتخابي وبعض أحكام الدستور.
وقال القيادي بحركة الشعب عبد الرزاق عويدات أمس في تصريح لموزاييك أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد تأخّر كثيراً في توضيح رؤيته بشأن توجّهاته فيما يتعلق بتغيير النظام السياسي وآليات إصلاح الدستور. والمنظومة السياسية، بما جعل التونسيين يشعرون ببداية فقدان الأمل في مسار 25 جويلية.
وانتقد توجّه سعيّد لإنجاز استفتاء إلكتروني، واعتبره "غير ناجع وشبيه بالاستشارة التي أنجزها الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مع الشباب سنة 2009 التي لم تفرز أي نتائج ملموسة".
وفي سياق متصل، طالب الحزب الدستوري الحر في بيان له، بحل البرلمان وبالدعوة الفورية إلى انتخابات تشريعية مبكرة في آجال قصيرة. وأكّد أنه لا مجال للقيام بأي إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية جوهرية، بموجب المراسيم، في ظل التدابير الاستثنائية وأنه لا سبيل لتواصل هذا الوضع الغامض الذي أضر بصورة تونس بين الأمم وشل حركة الاستثمار وعمّق معاناة المواطن"، مشددا على "ضرورة الإسراع بالمرور إلى وضع سياسي مستقر عبر مؤسسات ديمقراطية منتخبة قادرة على الشروع في عملية الإنقاذ الشامل للوطن".
وقبل أسبوع، قال الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تصريح صحفي، إن اتحاد الشغل مازال متمسكا بالحوار باعتباره الصيغة المُثلى للخروج من الأزمة الحالية. وأكّد على ضرورة وضع برنامج عمل جديد يقوم على أساس توافقات في الحد الأدنى الوطني وعلى أساس تقاسم المسؤولية عوض تقاسم السلطة. وقال: "حان الوقت لتوضيح خارطة الطريق والانطلاق في تطبيق بنودها لأن فترة الانتظار قد طالت".
رفيق
تونس- الصباح
اختصار آجال التدابير الاستثنائية، والكشف عن جدول زمني واضح لتنفيذ الإصلاحات السياسية تمهيدا لانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، قد يكون أمرا تعتزم رئاسة الجمهورية الذهاب فيه كطريق خلاص وحل وسط لا مفر منه. خاصة أن هذا الوعد تكرّر ذكره وترديده في الآونة الأخيرة سواء عن طريق تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد نفسه آخرها كان خلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء، ثم خلال المكالمة الهاتفية التي جمعته مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.. كما ردّد وزير الخارجية عثمان الجرندي نفس الوعد والعبارة في مناسبات عديدة سابقة.
ويبدو أنه ومن خلال تطورات المشهد السياسي اليوم وبعد قرابة أربعة أشهر من إعلان رئيس الدولة عن اتخاذ تدابير استثنائية يوم 25 جويلية تفعيلا للفصل 80 من الدستور، أصبح يحتّم على السلطة القائمة ولعدة أسباب موضوعية، التسريع في وضع برنامج عملي للخروج من الوضع الاستثنائي إلى الوضع الدائم والمستقر سياسيا. وهي أساس جل التساؤلات التي يطرحها الفاعلون من سياسيين وأحزاب وخبراء ومجتمع مدني ومنظمات وطنية، وهي أيضا من أبرز شروط الدول الصديقة والشريكة لتونس والمؤسسات المالية والدولية المانحة..
ومن شأن هذا البرنامج أن يبعث برسائل طمأنة للداخل والخارج مفادها أن رئاسة الجمهورية والحكومة تعملان على وضع خطة زمنية طال انتظارها لتحديد مواعيد للحوار الوطني الذي لم يتضح بعد شكله النهائي أو مخرجاته القانونية وهوية المشاركين فيه (حضوري، استفتاء الكتروني، استشاري، تقريري..)، وانطلاق ورشات الإصلاحات السياسية التي ستحوْصل مبدئيا مخرجات الحوار الوطني واتجاهاته، وتنطلق في تجسيمها عن طريق لجنة خبراء ورد ذكرها في الأمر الرئاسي عدد 117 لكن لا يعرف إلى حد الآن تحديدا طرق تنظيمها ومهامها وكيفية اختيار أعضائها وطبيعة اختصاصاتهم، قبل أن يتم في النهاية تثبيت مواعيد قارة للانتخابات الرئاسة والتشريعية السابقة لأوانها..
يأتي ذلك، أمام مواجهة حكومة السيدة بودن ورئاسة الجمهورية لرهانات صعبة على جميع الواجهات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، خاصة بعد تعليق نشاط البرلمان، والشروع بصفة متأخرة في معالجة ملفات ساخنة متراكمة لعل أهمها البحث عن حلول عاجلة لعجز مالي مزمن للمالية العمومية وخاصة العجز الكبير في ميزانية الدولة لسنة 2021، والتفكير في حلول صعبة من أجل توفير موارد مالية هامة بالنسبة لميزانية الدولة للسنة المقبلة.
يضاف إلى ذلك، التحديات التي تواجه الحكومة ورئاسة الجهورية في حربها المعلنة على الفساد، والأزمات الاجتماعية التي أطلت برأسها في الآونة الأخيرة مثل أزمة النفايات، ثم أزمة التعامل مع المعطّلين عن العمل بعد رفض تطبيق قانون 38، وأزمة تأخر صرف أجور عمال البستنة والبيئة في بعض الولايات، والتحركات الاحتجاجية لأهالي الكامور في الجنوب..
أزمات اجتماعية مرشحة للتصعيد في الفترة المقبلة إن لم يتم إيجاد حلول جذرية لها، وهي تعكس الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها البلاد وفشل فترة الانتقال الديمقراطي خلال العشرية السابقة، مع تزايد أعباء الحكم وتفاقم الضغوطات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية، خاصة مع شح الموارد وتفاقم العجز وامتناع الدول الشقيقة والصديقة أو ربما ترددها في دعم تونس، في انتظار توضح الرؤية لفترة ما بعد التدابير الاستثنائية.. وضبابية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، تزامنت مع مراجعة وكالات التصنيف الدولية ترقيم تونس لتصنفها في مراتب منخفضة جدا..
ورغم أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد أكد خلال مكالمته الهاتفية مع الرئيس سعيد في نهاية الأسبوع المنقضي، أن بلاده ستواصل دعمها لتونس، إلا أنه ربط هذا الدعم بضرورة أن تضبط السلطات التونسية مواعيد الإصلاحات المقررة، فيما قال سعيّد للوزير الأمريكي إن هناك إعدادا للخروج من التدابير الاستثنائية التي اتخذها في 25 جويلية 2021.
وكانت رئاسة الجمهورية قد ذكرت في بلاغ مطوّل لها، أن الرئيس سعيد تلقى اتصالا هاتفيا من وزير خارجية الولايات المتحدة وأعرب عن رغبة بلاده في أن تجد الإصلاحات التي أعلنها رئيس الجهورية قيس سعيد "طريقها إلى التجسيد في أسرع الأوقات"، مؤكدا أن واشنطن ستواصل دعم تونس "عندما تُضبط مواعيد الإصلاحات".
بالمقابل، شدد سعيّد خلال المحادثة الهاتفية، على أنه يتم الإعداد للمراحل المقبلة للخروج من الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد إلى وضع عادي، وذكر أنه "من الضروري أن يتفهّم شركاء بلاده أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي المشكل الأساسي الأول، وزادها تعقيدا اختلاق الأزمات وبثّ الأكاذيب والافتراءات، فضلا عن الفساد ونهب مقدّرات الشعب".
يذكر أن رئيس الدولة قال خلال إشرافه على اخر اجتماع لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، إنه يعمل على وضع جدول زمني لإصلاح النظام السياسي. لكنه لم يعلن أي موعد محدد، للكشف عن مواعيد الإصلاحات، بينما يواجه ضغوطًا لإعلان خارطة طريق لإنهاء الإجراءات الاستثنائية والعودة إلى المسار الديمقراطي، وفي خطوة تستهدف طمأنة الخارج وخاصة من شركاء تونس على غرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ومنذ أسابيع عديدة ارتفعت أصوات بعض الأحزاب والمنظمات الوطنية بما في ذلك أحزاب داعمة لقرارات 25 جويلة، بالدعوة إلى الإسراع بإنهاء حالة التدابير الاستثنائية والكشف عن مواعيد واضحة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة بعد القيام بإصلاحات سياسية وقانونية لازمة خاصة على القانون الانتخابي وبعض أحكام الدستور.
وقال القيادي بحركة الشعب عبد الرزاق عويدات أمس في تصريح لموزاييك أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد تأخّر كثيراً في توضيح رؤيته بشأن توجّهاته فيما يتعلق بتغيير النظام السياسي وآليات إصلاح الدستور. والمنظومة السياسية، بما جعل التونسيين يشعرون ببداية فقدان الأمل في مسار 25 جويلية.
وانتقد توجّه سعيّد لإنجاز استفتاء إلكتروني، واعتبره "غير ناجع وشبيه بالاستشارة التي أنجزها الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مع الشباب سنة 2009 التي لم تفرز أي نتائج ملموسة".
وفي سياق متصل، طالب الحزب الدستوري الحر في بيان له، بحل البرلمان وبالدعوة الفورية إلى انتخابات تشريعية مبكرة في آجال قصيرة. وأكّد أنه لا مجال للقيام بأي إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية جوهرية، بموجب المراسيم، في ظل التدابير الاستثنائية وأنه لا سبيل لتواصل هذا الوضع الغامض الذي أضر بصورة تونس بين الأمم وشل حركة الاستثمار وعمّق معاناة المواطن"، مشددا على "ضرورة الإسراع بالمرور إلى وضع سياسي مستقر عبر مؤسسات ديمقراطية منتخبة قادرة على الشروع في عملية الإنقاذ الشامل للوطن".
وقبل أسبوع، قال الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تصريح صحفي، إن اتحاد الشغل مازال متمسكا بالحوار باعتباره الصيغة المُثلى للخروج من الأزمة الحالية. وأكّد على ضرورة وضع برنامج عمل جديد يقوم على أساس توافقات في الحد الأدنى الوطني وعلى أساس تقاسم المسؤولية عوض تقاسم السلطة. وقال: "حان الوقت لتوضيح خارطة الطريق والانطلاق في تطبيق بنودها لأن فترة الانتظار قد طالت".