لا احد ينكر اليوم من أهل الاختصاص في تونس النقص الفادح والمتفاقم لعديد الأدوية الحياتية التي اختفى بعضها نهائيا وبعضها الآخر موجود بكميات محدودة تشارف على النفاد.. ووسط صيحات الفزع والبحث عن حلول تعددت الأسباب التي أدت إلى انهيار منظومة الأدوية في تونس بسبب عدم توفر السيولة المالية الكافية لدى الصيدلية المركزية إلى جانب تفاقم ديونها لدى الشركات الأجنبية والتي بلغت حوالي 750 مليون دينار.
أهل الاختصاص تحدثوا لـ "الصباح" عن تفاقم ظاهرة نقص الأدوية منذ أكثر من خمس سنوات ووقفوا عند الأسباب والحلول.
مشكلة هيكلية
نوفل عميرة رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة أكد لـ "الصباح" أن مشكلة نقص الأدوية في تونس أصبحت مشكلة هيكلية بسبب وضعية الصناديق الاجتماعية التي تمر بصعوبات مالية وهذا الخلل بدأ في 2015 عندما تم اخذ خيار وهو تسبيق منح التقاعد على منظومة الصحة .
وأضاف عميرة أن الصندوق الوطني للتامين على المرض ( الكنام) أصبح مفلسا مما خلق مشكلا حقيقيا في قطاع الصحة حيث أصبحت عديد المستشفيات العمومية غير قادرة على اقتناء قفازات طبية، مشيرا إلى أن الدولة متنكرة لواجبها وهو توفير الأمن الدوائي.
وحسب رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، لو تم القيام بدراسات في علاقة بنقص أدوية الأمراض المزمنة لتبين تسجيل عديد الوفيات بسبب هذا النقص.
وفي نفس السياق شدد عميرة على أن منظومة الأدوية الجنيسة محدودة ولا تمثل سوى 60 بالمائة في حين أن 40 بالمائة مستوردة لذلك نشهد نقصا في كل الأدوية الحياتية وهذا بسبب عجز مالي بـ 750 مليون دينار بالنسبة للصيدلية والمركزية و6 آلاف مليار الصناديق الاجتماعية.
وضعية صعبة
من جانبه قال خالد العويتي رئيس نقابة الشركات العالمية للأدوية المبتكرة والمجددة المتواجدة في تونس(سفير (SEPHIRE أن الدفاع عن حق المريض التونسي في الدواء محمول علينا مهما كان صنف الدواء بالنسبة للأمراض المزمنة أو النادرة أو الأمراض السرطانية، مشددا على انه منذ أربع سنوات يعيش قطاع الأدوية وضيعة صعبة بسبب نقص السيولة وعدم سداد الديون المتخلدة لدى الصيدلية المركزية لفائدة الشركات العالمية للأدوية والمقدرة بحوالي 750 مليون دينار.
وأضاف العويتي قائلا "شريكنا الأول هو الصيدلية المركزية التونسية لكن آجال الخلاص أصبحت متأخرة جدا بعد 14 او15 شهرا في حين أن الآجال القانونية للخلاص لا تتعدى ستة أشهر، مضيفا "نحن نمثل 20 شركة عالمية وأكثر من 85 بالمائة من الأدوية التي توفرها الشركات العالمية للأدوية في تونس هي أًدوية حياتية."
كما أكد رئيس نقابة الشركات العالمية للأدوية المبتكرة والمجددة المتواجدة في تونس تقلص في المخزون الدوائي مما يستدعي إيجاد حلول لتسديد مستحقات الشركات الأجنبية لإعادة بناء الثقة بينها وبين الصيدلية المركزية التي شهدت تقهقرا في السنوات الأخيرة.
وقال العويتي "نحن نساهم في صناعة الأدوية ونمثل قرابة 30 بالمائة من السوق المحلية للأدوية المصنعة في تونس، رغم أن المواد الأولية لتصنيع الأدوية أصبحت باهظة لكن تبقى جودة الأدوية المصنعة محليا مشهود بها على مستوى عالمي".
نقص الأدوية الموردة
سارة مصمودي رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية قالت إن تسجيل نقص الأدوية الموردة يعود أساسا إلى الإشكاليات المالية التي تعيشها الصيدلية المركزية بسبب عدم تسديد مستحقاتها من قبل الصندوق الوطني للتامين على المرض ( الكنام ) والمستشفيات العمومية.
وتساءلت رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية، إلى متى ستنتظر المخابر والشركات العالمية التي تزوّد الصيدلية المركزية بعديد الأدوية لتسديد ديونها؟ مشيرة إلى أن إمكانية امتناع هذه الشركات العالمية على توريد الدواء إلى تونس واردة جدا إذا ما لم يتم تسديد مستحقاتها خاصة وان مدة تأخير خلاصها تصل أحيانا إلى 15 شهرا.
وشددت مصمودي على ضرورة إلغاء منظومة الدعم نظرا لتوفر عديد الأدوية المصنعة محليا.
واعتبرت رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية أن الوضع الصحي في تونس يحتاج إلى إصلاحات عاجلة نظرا للوضعية الكارثية للمستشفيات العمومية ومشاكل منظومة التامين على المرض حيث نجد العديد من المواطنين الذين ينتظرون لأشهر طويلة لاسترجاع مصاريف العلاج. وفي سياق حديثها أكدت مصمودي أن إصلاح المنظومة مسؤولية الدولة.
وكانت رئيسة الغرفة الوطنية لمصنعي الأدوية، حذرت من إمكانية تسجيل نقص حاد في بعض الأدوية الضرورية، بسبب توقّف توريد الكحول المختصة في الصناعات الطبية.
ودعت وزارة المالية إلى التدخل العاجل وتمكين مصنعي الأدوية من تراخيص استثنائية لتوريد حاجياتهم من هذه المادة الحساسة لإنقاذ الوضع وتلافي انعكاساته السلبية خاصة على صحة المرضى.
وحسب معطيات سابقة تحصلت عليها "الصباح" من الصيدلية المركزية التونسية وتحديدا في جويلية الفارط تؤكد تسجيل نقص في 140 صنفا دوائيا بين (أدوية حياتية خاصة بالأمراض المزمنة وأدوية عادية).
وتعود أسباب النقص إلى الغلاء المشط للمواد الأولية على المستوى العالمي إلى جانب دخول جائحة كورونا على الخط ما أدى إلى تغيير الأوليات لدى المزودين فأصبح اغلبهم يقوم بتصنيع الأدوية ذات العلاقة بالجائحة مما أثر سلبا على نسق إنتاج بعض الاختصاصات إلى جانب صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي العام الذي تمر به الصيدلية المركزية والذي تسبب في وجود صعوبات مع المزودين الدوليين نتيجة تأخر صرف مستحقاتهم المالية في الآجال التعاقدية المحددة رغم العمل بشكل مستمر على إيجاد الحلول معهم حسب ما أكده البشير اليرماني في تصريح سابق لـ"الصباح".
نقص في أدوية الأمراض المزمنة
وكانت مديرة إدارة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة، مريم خروف، أكدت لـ"الصباح" انه رغم توفر أدوية جنيسة إلا أننا مازلنا نسجل نقصا في أدوية الأمراض المزمنة لعدة أسباب من بينها مثلا في دواء السكري هناك إشكال في المادة المصنعة التي تؤثر بشكل كبير على أجهزة الصنع وهو ما يدفع المصنعين إلى إيجاد صعوبة في الصنع أساسا أما بالنسبة لدواء ضغط الدم ففيه عديد الإشكاليات من بينها صعوبة توفير مادة الصنع بعد تغيير الأسعار في الأسواق العالمية وكذلك في بعض الأدوية الخاصة بالنساء الحوامل وهو مفقود على مستوى عالمي وليس محليا فقط إلى جانب دواء الثلاسيميا الذي يساعد الجسم على التخلص من الحديد الزائد.
وأكدت خروف أن إدارة الصيدلة والدواء والصيدلية المركزية وكل الأطراف المتدخلة من الصيادلة الاستشفائيين والخواص ونقابة صنع الأدوية والموردين تعمل بشكل دوري على تلافي مثل هذه الإشكاليات لنقص الأدوية وخاصة الحياتية منها.
وأكدت انه بالنسبة للأمراض السرطانية فانه توجد وحدة مختصة في صناعة الأدوية السرطانية ولم نسجل إلا نقصا طفيفا إلى حد الآن.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
لا احد ينكر اليوم من أهل الاختصاص في تونس النقص الفادح والمتفاقم لعديد الأدوية الحياتية التي اختفى بعضها نهائيا وبعضها الآخر موجود بكميات محدودة تشارف على النفاد.. ووسط صيحات الفزع والبحث عن حلول تعددت الأسباب التي أدت إلى انهيار منظومة الأدوية في تونس بسبب عدم توفر السيولة المالية الكافية لدى الصيدلية المركزية إلى جانب تفاقم ديونها لدى الشركات الأجنبية والتي بلغت حوالي 750 مليون دينار.
أهل الاختصاص تحدثوا لـ "الصباح" عن تفاقم ظاهرة نقص الأدوية منذ أكثر من خمس سنوات ووقفوا عند الأسباب والحلول.
مشكلة هيكلية
نوفل عميرة رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة أكد لـ "الصباح" أن مشكلة نقص الأدوية في تونس أصبحت مشكلة هيكلية بسبب وضعية الصناديق الاجتماعية التي تمر بصعوبات مالية وهذا الخلل بدأ في 2015 عندما تم اخذ خيار وهو تسبيق منح التقاعد على منظومة الصحة .
وأضاف عميرة أن الصندوق الوطني للتامين على المرض ( الكنام) أصبح مفلسا مما خلق مشكلا حقيقيا في قطاع الصحة حيث أصبحت عديد المستشفيات العمومية غير قادرة على اقتناء قفازات طبية، مشيرا إلى أن الدولة متنكرة لواجبها وهو توفير الأمن الدوائي.
وحسب رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، لو تم القيام بدراسات في علاقة بنقص أدوية الأمراض المزمنة لتبين تسجيل عديد الوفيات بسبب هذا النقص.
وفي نفس السياق شدد عميرة على أن منظومة الأدوية الجنيسة محدودة ولا تمثل سوى 60 بالمائة في حين أن 40 بالمائة مستوردة لذلك نشهد نقصا في كل الأدوية الحياتية وهذا بسبب عجز مالي بـ 750 مليون دينار بالنسبة للصيدلية والمركزية و6 آلاف مليار الصناديق الاجتماعية.
وضعية صعبة
من جانبه قال خالد العويتي رئيس نقابة الشركات العالمية للأدوية المبتكرة والمجددة المتواجدة في تونس(سفير (SEPHIRE أن الدفاع عن حق المريض التونسي في الدواء محمول علينا مهما كان صنف الدواء بالنسبة للأمراض المزمنة أو النادرة أو الأمراض السرطانية، مشددا على انه منذ أربع سنوات يعيش قطاع الأدوية وضيعة صعبة بسبب نقص السيولة وعدم سداد الديون المتخلدة لدى الصيدلية المركزية لفائدة الشركات العالمية للأدوية والمقدرة بحوالي 750 مليون دينار.
وأضاف العويتي قائلا "شريكنا الأول هو الصيدلية المركزية التونسية لكن آجال الخلاص أصبحت متأخرة جدا بعد 14 او15 شهرا في حين أن الآجال القانونية للخلاص لا تتعدى ستة أشهر، مضيفا "نحن نمثل 20 شركة عالمية وأكثر من 85 بالمائة من الأدوية التي توفرها الشركات العالمية للأدوية في تونس هي أًدوية حياتية."
كما أكد رئيس نقابة الشركات العالمية للأدوية المبتكرة والمجددة المتواجدة في تونس تقلص في المخزون الدوائي مما يستدعي إيجاد حلول لتسديد مستحقات الشركات الأجنبية لإعادة بناء الثقة بينها وبين الصيدلية المركزية التي شهدت تقهقرا في السنوات الأخيرة.
وقال العويتي "نحن نساهم في صناعة الأدوية ونمثل قرابة 30 بالمائة من السوق المحلية للأدوية المصنعة في تونس، رغم أن المواد الأولية لتصنيع الأدوية أصبحت باهظة لكن تبقى جودة الأدوية المصنعة محليا مشهود بها على مستوى عالمي".
نقص الأدوية الموردة
سارة مصمودي رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية قالت إن تسجيل نقص الأدوية الموردة يعود أساسا إلى الإشكاليات المالية التي تعيشها الصيدلية المركزية بسبب عدم تسديد مستحقاتها من قبل الصندوق الوطني للتامين على المرض ( الكنام ) والمستشفيات العمومية.
وتساءلت رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية، إلى متى ستنتظر المخابر والشركات العالمية التي تزوّد الصيدلية المركزية بعديد الأدوية لتسديد ديونها؟ مشيرة إلى أن إمكانية امتناع هذه الشركات العالمية على توريد الدواء إلى تونس واردة جدا إذا ما لم يتم تسديد مستحقاتها خاصة وان مدة تأخير خلاصها تصل أحيانا إلى 15 شهرا.
وشددت مصمودي على ضرورة إلغاء منظومة الدعم نظرا لتوفر عديد الأدوية المصنعة محليا.
واعتبرت رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية أن الوضع الصحي في تونس يحتاج إلى إصلاحات عاجلة نظرا للوضعية الكارثية للمستشفيات العمومية ومشاكل منظومة التامين على المرض حيث نجد العديد من المواطنين الذين ينتظرون لأشهر طويلة لاسترجاع مصاريف العلاج. وفي سياق حديثها أكدت مصمودي أن إصلاح المنظومة مسؤولية الدولة.
وكانت رئيسة الغرفة الوطنية لمصنعي الأدوية، حذرت من إمكانية تسجيل نقص حاد في بعض الأدوية الضرورية، بسبب توقّف توريد الكحول المختصة في الصناعات الطبية.
ودعت وزارة المالية إلى التدخل العاجل وتمكين مصنعي الأدوية من تراخيص استثنائية لتوريد حاجياتهم من هذه المادة الحساسة لإنقاذ الوضع وتلافي انعكاساته السلبية خاصة على صحة المرضى.
وحسب معطيات سابقة تحصلت عليها "الصباح" من الصيدلية المركزية التونسية وتحديدا في جويلية الفارط تؤكد تسجيل نقص في 140 صنفا دوائيا بين (أدوية حياتية خاصة بالأمراض المزمنة وأدوية عادية).
وتعود أسباب النقص إلى الغلاء المشط للمواد الأولية على المستوى العالمي إلى جانب دخول جائحة كورونا على الخط ما أدى إلى تغيير الأوليات لدى المزودين فأصبح اغلبهم يقوم بتصنيع الأدوية ذات العلاقة بالجائحة مما أثر سلبا على نسق إنتاج بعض الاختصاصات إلى جانب صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي العام الذي تمر به الصيدلية المركزية والذي تسبب في وجود صعوبات مع المزودين الدوليين نتيجة تأخر صرف مستحقاتهم المالية في الآجال التعاقدية المحددة رغم العمل بشكل مستمر على إيجاد الحلول معهم حسب ما أكده البشير اليرماني في تصريح سابق لـ"الصباح".
نقص في أدوية الأمراض المزمنة
وكانت مديرة إدارة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة، مريم خروف، أكدت لـ"الصباح" انه رغم توفر أدوية جنيسة إلا أننا مازلنا نسجل نقصا في أدوية الأمراض المزمنة لعدة أسباب من بينها مثلا في دواء السكري هناك إشكال في المادة المصنعة التي تؤثر بشكل كبير على أجهزة الصنع وهو ما يدفع المصنعين إلى إيجاد صعوبة في الصنع أساسا أما بالنسبة لدواء ضغط الدم ففيه عديد الإشكاليات من بينها صعوبة توفير مادة الصنع بعد تغيير الأسعار في الأسواق العالمية وكذلك في بعض الأدوية الخاصة بالنساء الحوامل وهو مفقود على مستوى عالمي وليس محليا فقط إلى جانب دواء الثلاسيميا الذي يساعد الجسم على التخلص من الحديد الزائد.
وأكدت خروف أن إدارة الصيدلة والدواء والصيدلية المركزية وكل الأطراف المتدخلة من الصيادلة الاستشفائيين والخواص ونقابة صنع الأدوية والموردين تعمل بشكل دوري على تلافي مثل هذه الإشكاليات لنقص الأدوية وخاصة الحياتية منها.
وأكدت انه بالنسبة للأمراض السرطانية فانه توجد وحدة مختصة في صناعة الأدوية السرطانية ولم نسجل إلا نقصا طفيفا إلى حد الآن.