منذ يومين، تمكنت الأجهزة الأمنية وبالأساس فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بسوسة من الإيقاع بشبكة مختصة سرقة الأسلاك النحاسية وإلقاء القبض على 3 أشخاص وحجز لديهم حوالي 1500 لفافة من النحاس تقدر قيمتها بــــ130 ألف دينار..
وقبلها يوم 20 سبتمبر الماضي تمكنت أيضا الأجهزة الأمنية من الكشف عن ملابسات عملية سرقة لحوالي 1690 كلغ من "الأسلاك النحاسية والألمنيوم" بقيمة 24 ألف دينار والقبض على شخصين.. وما بين ذلك، ومنذ أيام عهدت النيابة العمومية لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي الفرقة المركزية الثالثة للحرس الوطني بالعوينة بالبحث في شبهة تعمد الوزير السابق شكري بلحسن والنائب السابق محمد صالح اللطيفي ارتكاب جرائم صرفية وديوانية وتدليس ومسك واستعمال مدلس على خلفية نشاط يتعلق بالاتجار في مادة النحاس وفق نص البيان الذي أصدرته النيابة العمومية..
وهزت هذه القضية الرأي العام وما زالت بعد أيام تلقي بظلالها على النقاش العام باعتبار أنها تمس قضية خطيرة وهي قضية سرقة النحاس من مؤسسات وطنية وهي بالأساس الشركة التونسية للكهرباء والغاز واتصالات تونس والتي تستورده بالعملة الصعبة باعتبار أن تونس دولة غير منتجة للنحاس ولكن تتم سرقته بعد ذلك من كوابل التنوير العمومي او شبكات الاتصالات ليتم إعادة تصديره بعد ذلك في اطار نشاط غير مشروع أفرز واقعا غير قانوني يتمثل في مافيا سرقة النحاس.
وفاق إجرامي متغلغل..
القضية الأخيرة التي تعهدت بها النيابة العمومية وتورط فيها نائب مجمد ووزير سابق، تم اكتشافها بعد إعادة شحنة مصدرة من النحاس إلى إيطاليا باعتبارها تحتوي إشعاعات ضارة، ورغم أن الأبحاث لا تزال جارية للكشف عن كلّ ملابسات هذا الملف، رغم ان عددا من الخبراء يرجح ان اشعاعات هذه الشحنة تعود بالأساس إلى أنه كان نحاسا مستعملا في أنشطة أخرى وليس نحاسا نقيا.
وإيقاف النائب المجمد محمد صالح اللطيفي المُكنى بـ»سطيش «ليست الأولى في جهة القصرين حيث تم قبل ذلك وفي عهد حكومة يوسف الشاهد "ايقاف اكبر مهرب من جهة القصرين علي القريري، على خلفية قضية التورط في شبكة سرقة النحاس وقضايا أخرى.
ورغم تعهد النيابة العمومية مؤخرا بقضية سرقة النحاس والتي تعلقت بوزير البيئة السابق والنائب المجمد، الا أنه وفي ماي الماضي، كان رئيس لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد المجمدة، بدر الدين قمودي، قد أشار في تدوينة له نشرها على صفحته الرسمية بأن تونس صدّرت يوم 2 نوفمبر 2020، حاوية من النحاس عبر ميناء رادس وتحديدا على متن الباخرة أميلكار. وكشف القمودي أن رقم الحاوية GSIU426382-0 وعند وصولها إلى ميناء جنوة تم قيس درجة الإشعاعات النووية حيث تبين أنها تحتوي على 0.2 إشعاع نووي وهي حاليا بميناء جنوة في انتظار إعادة شحنها إلى تونس. وقد طالب القمودي كل الجهات المعنية والمتدخلة في عملية التصدير إلى توضيح ملابسات هذه القضية وتحميل المسؤوليات كاملة لجميع الأطراف الضالعة في الموضوع.
وبعد إيقاف الوزير شكري بلحسن والنائب اللطيفي قال بدر الدين القمودي أنه أثار منذ أكثر من ستة أشهر موضوع تهريب النحاس إلى الخارج مدعما قوله بوثيقة رسمية تفيد إرجاع حاوية من ايطاليا تحتوي على نحاس فيه اشعاعات نووية تم تصديره من احد رجالات الأعمال بتونس عبر معابرنا الحدودية، ويضيف القمودي:»تشير الوثيقة إلى هويته كاملة والى مخالفته القانونية وكانت الوثيقة دليلا على وجود أطراف سهلت عملية تصدير النحاس إلى الخارج ولكن الإرادة السياسية كانت غائبة لان السياسية كانت تحمي الفساد في تلك الفترة وكان علينا أن ننتظر أكثر من ستة أشهر وبفضل ما توفر من إرادة سياسية حررت أجهزة الدولة الرقابية والأمنية والقضائية» وفق ما دونه القمودي.
ولعل ما قاله القمودي وهو الذي اطلع على كل حيثيات الملف، بأن سرقة النحاس وتصديره ليست فعلا فرديا بل تتنزل في اطار وفاق اجرامي مسؤول على عدد من الجرائم المترابطة تبدأ من سرقة النحاس وتنتهي الى تصديره في غياب كامل لكل أجهزة الدولة الرقابية خاصة وان مافيا النحاس تكبّد المؤسسات العمومية خسائر فادحة.
اتصالات تونس و"الستاغ" أبرز ضحايا
منذ أيام، أكد المدير المركزي التقني باتصالات تونس، لسعد بن ذياب، أن سرقة الكوابل النحاسية التابعة لشبكة الشركة تضاعفت ثلاث مرات خلال الأشهر العشر الأخيرة مقارنة بما سجل سنة 2020 كما أشارت المديرة الجهوية لاتصالات تونس بولاية منوبة، فاتن الشرفي، أن ادارتها تكبدت خسائر مالية تفوق 600 ألف دينار خلال الـ10 أشهر الاولى من سنة 2021 ، جرّاء السرقات المتكررة لكوابل النحاس وعمليات التخريب. انه منذ سنة ومسألة سرقة النحاس مسألة تعود الى ما قبل الثورة حيث اعترفت الشركة الوطنية للكهرباء والغاز أنه من سنة 2001 الى سنة 2009 تم سرقة أكثر من 2400 كلم من الخطوط الكهربائية أي ما يعادل تقريبا 500 طن من النحاس وأن كلفة الأضرار الناتجة عن عمليات السرقة تقدر بما يناهز 5 مليارات.. وفي 2015 أكدت "الستاغ" وفاة 20 شخصا حاولوا سرقة النحاس وبعضهم وجد ميتا بصعقات كهربائية تحت العمود.. والقيام بهذه المغامرة المحفوفة بخطر الموت من طرف بعض الشباب يعود الى سعر النحاس باهظ الثمن والذي يجعل بعض المجموعات تقوم بسرقته من أعمدة كهربائية وتهريب النحاس المسروق عبر ميناء رادس وهو ما كلف شركة "الستاغ" بالإضافة إلى سرقة الكهرباء حوالي 200 مليون دينار كما أكد ذلك مدير الشركة وقتها.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
منذ يومين، تمكنت الأجهزة الأمنية وبالأساس فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بسوسة من الإيقاع بشبكة مختصة سرقة الأسلاك النحاسية وإلقاء القبض على 3 أشخاص وحجز لديهم حوالي 1500 لفافة من النحاس تقدر قيمتها بــــ130 ألف دينار..
وقبلها يوم 20 سبتمبر الماضي تمكنت أيضا الأجهزة الأمنية من الكشف عن ملابسات عملية سرقة لحوالي 1690 كلغ من "الأسلاك النحاسية والألمنيوم" بقيمة 24 ألف دينار والقبض على شخصين.. وما بين ذلك، ومنذ أيام عهدت النيابة العمومية لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي الفرقة المركزية الثالثة للحرس الوطني بالعوينة بالبحث في شبهة تعمد الوزير السابق شكري بلحسن والنائب السابق محمد صالح اللطيفي ارتكاب جرائم صرفية وديوانية وتدليس ومسك واستعمال مدلس على خلفية نشاط يتعلق بالاتجار في مادة النحاس وفق نص البيان الذي أصدرته النيابة العمومية..
وهزت هذه القضية الرأي العام وما زالت بعد أيام تلقي بظلالها على النقاش العام باعتبار أنها تمس قضية خطيرة وهي قضية سرقة النحاس من مؤسسات وطنية وهي بالأساس الشركة التونسية للكهرباء والغاز واتصالات تونس والتي تستورده بالعملة الصعبة باعتبار أن تونس دولة غير منتجة للنحاس ولكن تتم سرقته بعد ذلك من كوابل التنوير العمومي او شبكات الاتصالات ليتم إعادة تصديره بعد ذلك في اطار نشاط غير مشروع أفرز واقعا غير قانوني يتمثل في مافيا سرقة النحاس.
وفاق إجرامي متغلغل..
القضية الأخيرة التي تعهدت بها النيابة العمومية وتورط فيها نائب مجمد ووزير سابق، تم اكتشافها بعد إعادة شحنة مصدرة من النحاس إلى إيطاليا باعتبارها تحتوي إشعاعات ضارة، ورغم أن الأبحاث لا تزال جارية للكشف عن كلّ ملابسات هذا الملف، رغم ان عددا من الخبراء يرجح ان اشعاعات هذه الشحنة تعود بالأساس إلى أنه كان نحاسا مستعملا في أنشطة أخرى وليس نحاسا نقيا.
وإيقاف النائب المجمد محمد صالح اللطيفي المُكنى بـ»سطيش «ليست الأولى في جهة القصرين حيث تم قبل ذلك وفي عهد حكومة يوسف الشاهد "ايقاف اكبر مهرب من جهة القصرين علي القريري، على خلفية قضية التورط في شبكة سرقة النحاس وقضايا أخرى.
ورغم تعهد النيابة العمومية مؤخرا بقضية سرقة النحاس والتي تعلقت بوزير البيئة السابق والنائب المجمد، الا أنه وفي ماي الماضي، كان رئيس لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد المجمدة، بدر الدين قمودي، قد أشار في تدوينة له نشرها على صفحته الرسمية بأن تونس صدّرت يوم 2 نوفمبر 2020، حاوية من النحاس عبر ميناء رادس وتحديدا على متن الباخرة أميلكار. وكشف القمودي أن رقم الحاوية GSIU426382-0 وعند وصولها إلى ميناء جنوة تم قيس درجة الإشعاعات النووية حيث تبين أنها تحتوي على 0.2 إشعاع نووي وهي حاليا بميناء جنوة في انتظار إعادة شحنها إلى تونس. وقد طالب القمودي كل الجهات المعنية والمتدخلة في عملية التصدير إلى توضيح ملابسات هذه القضية وتحميل المسؤوليات كاملة لجميع الأطراف الضالعة في الموضوع.
وبعد إيقاف الوزير شكري بلحسن والنائب اللطيفي قال بدر الدين القمودي أنه أثار منذ أكثر من ستة أشهر موضوع تهريب النحاس إلى الخارج مدعما قوله بوثيقة رسمية تفيد إرجاع حاوية من ايطاليا تحتوي على نحاس فيه اشعاعات نووية تم تصديره من احد رجالات الأعمال بتونس عبر معابرنا الحدودية، ويضيف القمودي:»تشير الوثيقة إلى هويته كاملة والى مخالفته القانونية وكانت الوثيقة دليلا على وجود أطراف سهلت عملية تصدير النحاس إلى الخارج ولكن الإرادة السياسية كانت غائبة لان السياسية كانت تحمي الفساد في تلك الفترة وكان علينا أن ننتظر أكثر من ستة أشهر وبفضل ما توفر من إرادة سياسية حررت أجهزة الدولة الرقابية والأمنية والقضائية» وفق ما دونه القمودي.
ولعل ما قاله القمودي وهو الذي اطلع على كل حيثيات الملف، بأن سرقة النحاس وتصديره ليست فعلا فرديا بل تتنزل في اطار وفاق اجرامي مسؤول على عدد من الجرائم المترابطة تبدأ من سرقة النحاس وتنتهي الى تصديره في غياب كامل لكل أجهزة الدولة الرقابية خاصة وان مافيا النحاس تكبّد المؤسسات العمومية خسائر فادحة.
اتصالات تونس و"الستاغ" أبرز ضحايا
منذ أيام، أكد المدير المركزي التقني باتصالات تونس، لسعد بن ذياب، أن سرقة الكوابل النحاسية التابعة لشبكة الشركة تضاعفت ثلاث مرات خلال الأشهر العشر الأخيرة مقارنة بما سجل سنة 2020 كما أشارت المديرة الجهوية لاتصالات تونس بولاية منوبة، فاتن الشرفي، أن ادارتها تكبدت خسائر مالية تفوق 600 ألف دينار خلال الـ10 أشهر الاولى من سنة 2021 ، جرّاء السرقات المتكررة لكوابل النحاس وعمليات التخريب. انه منذ سنة ومسألة سرقة النحاس مسألة تعود الى ما قبل الثورة حيث اعترفت الشركة الوطنية للكهرباء والغاز أنه من سنة 2001 الى سنة 2009 تم سرقة أكثر من 2400 كلم من الخطوط الكهربائية أي ما يعادل تقريبا 500 طن من النحاس وأن كلفة الأضرار الناتجة عن عمليات السرقة تقدر بما يناهز 5 مليارات.. وفي 2015 أكدت "الستاغ" وفاة 20 شخصا حاولوا سرقة النحاس وبعضهم وجد ميتا بصعقات كهربائية تحت العمود.. والقيام بهذه المغامرة المحفوفة بخطر الموت من طرف بعض الشباب يعود الى سعر النحاس باهظ الثمن والذي يجعل بعض المجموعات تقوم بسرقته من أعمدة كهربائية وتهريب النحاس المسروق عبر ميناء رادس وهو ما كلف شركة "الستاغ" بالإضافة إلى سرقة الكهرباء حوالي 200 مليون دينار كما أكد ذلك مدير الشركة وقتها.