ـ وزير التربية السابق ناجي جلول: لا فائدة من كثرة الكلام.. والمطلوب المرور إلى تفعيل مخرجات الإصلاح
تونس-الصباح
إثر الاعتداء الشنيع على أستاذ التاريخ والجغرافيا الصحبي بن سلامة تعالت أصوات نساء التعليم ورجالاته خلال اليومين الماضيين للمطالبة بالتعجيل في الإصلاح التربوي، وهو نفس ما دعت إليه الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، إذ طالبت بدورها في بيانها المندد بالاعتداء على الأستاذ بن سلامة، بإعادة إحياء فكرة إصلاح المنظومة الوطنية العمومية للتربية والتعليم، أما نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي فحملت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة مسؤولية انهيار المدرسة العمومية وإجهاض مطلب أساسي من مطالب الثورة وهو إصلاح التعليم مما عمق أزمة المؤسسة التربوية وساهم في تردي البنية الأساسية وتقادم التجهيزات والاكتظاظ في الأقسام وكثافة البرامج الأمر الذي حول المدرسة العمومية إلى فضاء منفر.
وللاستفسار عن مآل مخرجات الحوار المجتمعي حول الإصلاح التربوي الذي تم الإعلان عن انطلاقه في 23 أفريل 2015 وعن الكتاب الأبيض حول مشروع إصلاح المنظومة التربوية في تونس الذي تم نشره في ماي 2016 ومشروع القانون المتعلق بالمبادئ الأساسية للتربية والتعليم، اتصلت "الصباح" بناجي جلول وزير التربية السابق، بالنظر إلى ارتباط مشروع الإصلاح التربوي باسمه مثلما ارتبط إصلاح 1958 باسم محمود المسعدي، وتعريب التعليم باسم محمد مزالي، واصلاح 1991 باسم محمد الشرفي وإصلاح2002 باسم منصر الرويسي..
وأجاب جلول عن السؤال بالإشارة إلى أنه اقترح على وزير التربية الحالي فتحي السلاوتي أن يطبق مقترح القانون المتعلق بالمبادئ الأساسية للتربية والتعليم، لأن هذا المشروع كان محل توافق مع النقابات ولأنه تمت صياغته بعد نقاشات طويلة. وقال: "لقد أمضينا سنتين كاملتين في الحوار حول الإصلاح التربوي وشركنا فيه الجميع من أساتذة ومعلمين وتلاميذ وأولياء، وشخصنا كل المشاكل الموجودة في القطاع التربوي وبلورنا الحلول لتجاوزها ووضعنا قانونا جديدا للتربية والتعليم على طاولة حكومة يوسف الشاهد قبل تاريخ إقالتي بشهرين لكن الشاهد لم يمرره لأنه لم يكن يرغب في خوض معركة مع البرلمان حول هذا القانون وللأسف الشديد تم قبر المقترح وهو موجود إلى اليوم لدى الحكومة".
وللتذكير جاء في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون المذكور أنه انطلاقا من الوعي بمواطن الوهن بالمنظومة التربوية الوطنية وتدني مخرجاتها وعدم انسجامها مع حاجيات سوق الشغل، وفي إطار السعي إلى إعادة الاعتبار لمنزلة التربية والتعليم في المجتمع وذلك حتى تتمكن المدرسة من احتلال دورها المركزي في إنتاج المعرفة والإسهام بفعالية في دفع التنمية المستدامة، واستنادا إلى المبادئ التي كرّسها دستور جانفي 2014 والى التقرير العام للحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية والى مخرجات الإصلاح التربوي المضمنة بالكتاب الأبيض يتنزل مشروع القانون المتعلّق بضبط المبادئ الأساسية للتربية والتعليم. وجاء في نفس الوثيقة أنه تمت صياغة المشروع باعتماد نهج تشاركي حيث حاولت وزارة التربية تمكين أكبر طيف من التونسيين والتونسيات من الانخراط فيه وذلك حتى يتم تجنيب المنظومة التربوية المشاريع المسقطة والإجراءات الفوقية التي كانت وراء العديد من الإخلالات في أداء المدرسة التونسية.
ويهدف هذا المشروع إلى إعداد الإطار القانوني الكفيل بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للنظام التربوي والمتصلة بتحقيق مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص ومراجعة الخارطة المدرسية وتطوير كفايات الموارد البشرية وتطوير مكتسبات المتعلمين وتجويد تعلّماتهم وتطوير الحياة المدرسية وإعادة هيكلة التعليم الإعدادي والثانوي والتصدي للفشل المدرسي والانقطاع عن الدراسة وتطوير توظيف تكنولوجيات المعلومات والاتصال في التعليم والتعلم والإدارة والتسيير كما يهدف إلى تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة صلب المنظومة التربوية.
إرادة الإصلاح؟
بين الوزير السابق ناجي جلول أنه إذا كانت هناك إرادة حقيقية في المضي في الإصلاح التربوي، فلا بد من تمرير مشروع القانون المتعلق بالمبادئ الأساسية للتربية والتعليم لأنه لا فائدة من فتح باب الحوار من جديد، فالحوار المجتمعي حول الإصلاح التربوي تم وأخذ الوقت الكافي وكان بالشراكة مع الأطراف الاجتماعية والمجتمع المدني وكان على الحكومة تمريره لكن هذا لم يحصل.
وتعقيبا عن سؤال حول سبب رفض نواب كتلة النهضة وبعض الجمعيات لمخرجات الإصلاح التربوي وتقديمها لمشروع بديل، بين جلول أن النهضة عارضت المشروع لأسباب إيديولوجية فعبد اللطيف المكي على سبيل الذكر ينتقد إلى اليوم إصلاح محمد الشرفي رغم أن ما أقدم عليه الشرفي ممتاز جدا وحقق نتائج جيدة، وذكر أنه خلافا لما روجه بعض الناشطين في الجمعيات ومنها الائتلاف المدني لإصلاح التربية والتعليم من مغالطات حول عدم تشريك المجتمع المدني في مشروع الإصلاح التربوي فإنه حرص على تشريكهم في الحوار لكنهم قاطعوه وقالوا إن الإصلاح يساري وهناك من قالوا إنه إصلاح ليبرالي وهناك من قالوا إنه إصلاح نقابي فالتعليم مازال يخضع للتجاذبات السياسية والإيديولوجية وهذا من شأنه أن يعيق الإصلاح..
وردا عن سؤال آخر حول أسباب الخلاف مع نقابات التعليم حول مشروع الإصلاح التربوي أوضح وزير التربية السابق ناجي جلول أن الخلاف مع النقابات لم يكن حول ملف الإصلاح التربوي بل كان حول أداء الوزير الإعلامي، وبين أن النقابات موافقة وأنها وقعت على مخرجات الإصلاح..
وخلص جلول إلى أن إطالة المفاوضات بين الأطراف الاجتماعية والحكومة حول مسألة الإصلاح التربوي لا جدوى ترجى من ورائها وهي تعني إما عدم وجود قدرة على التنفيذ أو غياب إرادة للإصلاح، وبين أن مشاكل التعليم ومشاكل الشباب معروفة لدى الجميع ولا فائدة من الإكثار في الكلام والحوارات بما فيها الحوار المرتقب مع الشباب، ويرى جلول أنه لا بد من المرور إلى الفعل والتنفيذ وقال إنه يمكن إدخال بعض التعديلات الطفيفة على مشروع القانون وذلك حتى يكون مواكبا للحظة وبعد ذلك يقع المرور إلى التنفيذ.
وللإشارة، تضمن مشروع القانون المتعلق بالمبادئ الأساسيّة للتربية والتعليم 83 فصلا، ومن خلاله تهدف منظومة التربيّة والتعليم إلى تعزيز شعور المتعلمين والمتعلّمات بانتمائهم إلى تونس وتنشئتهم على الوفاء والولاء لها والاعتزاز بتاريخها وأمجادها وبهويتهم العربيّة الإسلاميّة واعتبار المواطنة العالميّة أفقا إنسانيا للتربية بما يقتضيه ذلك من تجذر في مقوّمات شخصيتهم الوطنية الحضاريّة والتفتح على الحداثة والحضارة الإنسانية، كما تهدف إلى تعميق الوعي عند المتعلمين والمتعلمات بمكاسب الجمهورية الديمقراطية ومكانة الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة وسيادة الشعب وعلوية القانون في حياة المجتمع باعتبارها ضامنة للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وإلى إعدادهم لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر ومتضامن بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة والصّداقة بين الشعوب والأمم، وتهدف كذلك إلى تحقيق التنمية الكاملة للشخصية بكل أبعادها الخلقيّة والوجدانيّة والعقليّة والبدنيّة وإكساب المتعلمين والمتعلمات الفكر النقدي بما يطور فيهم ملكة المبادرة والإبداع ويمكنهم من التفاعل الايجابي مع المتغيرات والمشاركة الفعليّة في صنعها ويؤهلهم إلى التعلّم مدى الحياة.
وتعدّ منظومة التربيّة والتعليم، المتعلّمين والمتعلّمات لتحمل مسؤولياتهم في الحياة والعمل وذلك بتطوير معارفهم وتنمية مهاراتهم الحياتية وتربيتهم على قيمة العمل وتقدير دوره في تحقيق الذات وضمان مناعة الوطن وفي الإسهام في ازدهاره ورقيه وتنشئتهم على التعلّق بقيم الحق والعدل والجمال.
وفي إطار مشروع القانون المنبثق عن الحوار المجتمعي حول الإصلاح التربوي، لا يقتصر دور المدرسة على التعليم بل نجدها تضطلع بوظائف مترابطة ومتكاملة وهي الوظيفة التربوية والوظيفة التعليمية والوظيفة الثقافية ووظيفة الإدماج الاجتماعي لكل المتعلمين. ولعل السؤال الحارق الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن بالتزامن مع التململ الموجود في المدرسة العمومية هو هل ستمضي الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن في بلورة مخرجات الحوار الوطني حول الإصلاح التربوي أم أنها ستشطب ما سبق وتنطلق من ورقة بيضاء؟
سعيدة بوهلال
ـ وزير التربية السابق ناجي جلول: لا فائدة من كثرة الكلام.. والمطلوب المرور إلى تفعيل مخرجات الإصلاح
تونس-الصباح
إثر الاعتداء الشنيع على أستاذ التاريخ والجغرافيا الصحبي بن سلامة تعالت أصوات نساء التعليم ورجالاته خلال اليومين الماضيين للمطالبة بالتعجيل في الإصلاح التربوي، وهو نفس ما دعت إليه الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، إذ طالبت بدورها في بيانها المندد بالاعتداء على الأستاذ بن سلامة، بإعادة إحياء فكرة إصلاح المنظومة الوطنية العمومية للتربية والتعليم، أما نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي فحملت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة مسؤولية انهيار المدرسة العمومية وإجهاض مطلب أساسي من مطالب الثورة وهو إصلاح التعليم مما عمق أزمة المؤسسة التربوية وساهم في تردي البنية الأساسية وتقادم التجهيزات والاكتظاظ في الأقسام وكثافة البرامج الأمر الذي حول المدرسة العمومية إلى فضاء منفر.
وللاستفسار عن مآل مخرجات الحوار المجتمعي حول الإصلاح التربوي الذي تم الإعلان عن انطلاقه في 23 أفريل 2015 وعن الكتاب الأبيض حول مشروع إصلاح المنظومة التربوية في تونس الذي تم نشره في ماي 2016 ومشروع القانون المتعلق بالمبادئ الأساسية للتربية والتعليم، اتصلت "الصباح" بناجي جلول وزير التربية السابق، بالنظر إلى ارتباط مشروع الإصلاح التربوي باسمه مثلما ارتبط إصلاح 1958 باسم محمود المسعدي، وتعريب التعليم باسم محمد مزالي، واصلاح 1991 باسم محمد الشرفي وإصلاح2002 باسم منصر الرويسي..
وأجاب جلول عن السؤال بالإشارة إلى أنه اقترح على وزير التربية الحالي فتحي السلاوتي أن يطبق مقترح القانون المتعلق بالمبادئ الأساسية للتربية والتعليم، لأن هذا المشروع كان محل توافق مع النقابات ولأنه تمت صياغته بعد نقاشات طويلة. وقال: "لقد أمضينا سنتين كاملتين في الحوار حول الإصلاح التربوي وشركنا فيه الجميع من أساتذة ومعلمين وتلاميذ وأولياء، وشخصنا كل المشاكل الموجودة في القطاع التربوي وبلورنا الحلول لتجاوزها ووضعنا قانونا جديدا للتربية والتعليم على طاولة حكومة يوسف الشاهد قبل تاريخ إقالتي بشهرين لكن الشاهد لم يمرره لأنه لم يكن يرغب في خوض معركة مع البرلمان حول هذا القانون وللأسف الشديد تم قبر المقترح وهو موجود إلى اليوم لدى الحكومة".
وللتذكير جاء في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون المذكور أنه انطلاقا من الوعي بمواطن الوهن بالمنظومة التربوية الوطنية وتدني مخرجاتها وعدم انسجامها مع حاجيات سوق الشغل، وفي إطار السعي إلى إعادة الاعتبار لمنزلة التربية والتعليم في المجتمع وذلك حتى تتمكن المدرسة من احتلال دورها المركزي في إنتاج المعرفة والإسهام بفعالية في دفع التنمية المستدامة، واستنادا إلى المبادئ التي كرّسها دستور جانفي 2014 والى التقرير العام للحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية والى مخرجات الإصلاح التربوي المضمنة بالكتاب الأبيض يتنزل مشروع القانون المتعلّق بضبط المبادئ الأساسية للتربية والتعليم. وجاء في نفس الوثيقة أنه تمت صياغة المشروع باعتماد نهج تشاركي حيث حاولت وزارة التربية تمكين أكبر طيف من التونسيين والتونسيات من الانخراط فيه وذلك حتى يتم تجنيب المنظومة التربوية المشاريع المسقطة والإجراءات الفوقية التي كانت وراء العديد من الإخلالات في أداء المدرسة التونسية.
ويهدف هذا المشروع إلى إعداد الإطار القانوني الكفيل بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للنظام التربوي والمتصلة بتحقيق مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص ومراجعة الخارطة المدرسية وتطوير كفايات الموارد البشرية وتطوير مكتسبات المتعلمين وتجويد تعلّماتهم وتطوير الحياة المدرسية وإعادة هيكلة التعليم الإعدادي والثانوي والتصدي للفشل المدرسي والانقطاع عن الدراسة وتطوير توظيف تكنولوجيات المعلومات والاتصال في التعليم والتعلم والإدارة والتسيير كما يهدف إلى تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة صلب المنظومة التربوية.
إرادة الإصلاح؟
بين الوزير السابق ناجي جلول أنه إذا كانت هناك إرادة حقيقية في المضي في الإصلاح التربوي، فلا بد من تمرير مشروع القانون المتعلق بالمبادئ الأساسية للتربية والتعليم لأنه لا فائدة من فتح باب الحوار من جديد، فالحوار المجتمعي حول الإصلاح التربوي تم وأخذ الوقت الكافي وكان بالشراكة مع الأطراف الاجتماعية والمجتمع المدني وكان على الحكومة تمريره لكن هذا لم يحصل.
وتعقيبا عن سؤال حول سبب رفض نواب كتلة النهضة وبعض الجمعيات لمخرجات الإصلاح التربوي وتقديمها لمشروع بديل، بين جلول أن النهضة عارضت المشروع لأسباب إيديولوجية فعبد اللطيف المكي على سبيل الذكر ينتقد إلى اليوم إصلاح محمد الشرفي رغم أن ما أقدم عليه الشرفي ممتاز جدا وحقق نتائج جيدة، وذكر أنه خلافا لما روجه بعض الناشطين في الجمعيات ومنها الائتلاف المدني لإصلاح التربية والتعليم من مغالطات حول عدم تشريك المجتمع المدني في مشروع الإصلاح التربوي فإنه حرص على تشريكهم في الحوار لكنهم قاطعوه وقالوا إن الإصلاح يساري وهناك من قالوا إنه إصلاح ليبرالي وهناك من قالوا إنه إصلاح نقابي فالتعليم مازال يخضع للتجاذبات السياسية والإيديولوجية وهذا من شأنه أن يعيق الإصلاح..
وردا عن سؤال آخر حول أسباب الخلاف مع نقابات التعليم حول مشروع الإصلاح التربوي أوضح وزير التربية السابق ناجي جلول أن الخلاف مع النقابات لم يكن حول ملف الإصلاح التربوي بل كان حول أداء الوزير الإعلامي، وبين أن النقابات موافقة وأنها وقعت على مخرجات الإصلاح..
وخلص جلول إلى أن إطالة المفاوضات بين الأطراف الاجتماعية والحكومة حول مسألة الإصلاح التربوي لا جدوى ترجى من ورائها وهي تعني إما عدم وجود قدرة على التنفيذ أو غياب إرادة للإصلاح، وبين أن مشاكل التعليم ومشاكل الشباب معروفة لدى الجميع ولا فائدة من الإكثار في الكلام والحوارات بما فيها الحوار المرتقب مع الشباب، ويرى جلول أنه لا بد من المرور إلى الفعل والتنفيذ وقال إنه يمكن إدخال بعض التعديلات الطفيفة على مشروع القانون وذلك حتى يكون مواكبا للحظة وبعد ذلك يقع المرور إلى التنفيذ.
وللإشارة، تضمن مشروع القانون المتعلق بالمبادئ الأساسيّة للتربية والتعليم 83 فصلا، ومن خلاله تهدف منظومة التربيّة والتعليم إلى تعزيز شعور المتعلمين والمتعلّمات بانتمائهم إلى تونس وتنشئتهم على الوفاء والولاء لها والاعتزاز بتاريخها وأمجادها وبهويتهم العربيّة الإسلاميّة واعتبار المواطنة العالميّة أفقا إنسانيا للتربية بما يقتضيه ذلك من تجذر في مقوّمات شخصيتهم الوطنية الحضاريّة والتفتح على الحداثة والحضارة الإنسانية، كما تهدف إلى تعميق الوعي عند المتعلمين والمتعلمات بمكاسب الجمهورية الديمقراطية ومكانة الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة وسيادة الشعب وعلوية القانون في حياة المجتمع باعتبارها ضامنة للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وإلى إعدادهم لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر ومتضامن بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة والصّداقة بين الشعوب والأمم، وتهدف كذلك إلى تحقيق التنمية الكاملة للشخصية بكل أبعادها الخلقيّة والوجدانيّة والعقليّة والبدنيّة وإكساب المتعلمين والمتعلمات الفكر النقدي بما يطور فيهم ملكة المبادرة والإبداع ويمكنهم من التفاعل الايجابي مع المتغيرات والمشاركة الفعليّة في صنعها ويؤهلهم إلى التعلّم مدى الحياة.
وتعدّ منظومة التربيّة والتعليم، المتعلّمين والمتعلّمات لتحمل مسؤولياتهم في الحياة والعمل وذلك بتطوير معارفهم وتنمية مهاراتهم الحياتية وتربيتهم على قيمة العمل وتقدير دوره في تحقيق الذات وضمان مناعة الوطن وفي الإسهام في ازدهاره ورقيه وتنشئتهم على التعلّق بقيم الحق والعدل والجمال.
وفي إطار مشروع القانون المنبثق عن الحوار المجتمعي حول الإصلاح التربوي، لا يقتصر دور المدرسة على التعليم بل نجدها تضطلع بوظائف مترابطة ومتكاملة وهي الوظيفة التربوية والوظيفة التعليمية والوظيفة الثقافية ووظيفة الإدماج الاجتماعي لكل المتعلمين. ولعل السؤال الحارق الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن بالتزامن مع التململ الموجود في المدرسة العمومية هو هل ستمضي الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن في بلورة مخرجات الحوار الوطني حول الإصلاح التربوي أم أنها ستشطب ما سبق وتنطلق من ورقة بيضاء؟