إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أزمة الصناديق الاجتماعية الملف الحارق في يد الحكومة

 
تونس-الصباح 
تواجه حكومة نجلاء بودن جملة من التحديات التي تفاقمت مؤخرا بسبب جائحة كورونا بعد تباطؤ النمو في القطاعات الإنتاجية وتعمق أزمة المالية العمومية. وفي مقدمة هذه الإشكاليات نجد وضعية الصناديق الاجتماعية التي يقر كثيرون أنها تواجه منذ مدة وضعية إفلاس غير معلنة في ظل تعطل الإصلاحات وغياب تنزع مصادر التمويل.
في هذا السياق انعقدت أول أمس جلسة عمل بإشراف مالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية وبحضور الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي صحبة عدد من إطارات الصندوق وممثلي الإدارة العامة للضمان الاجتماعي حيث أفاد بلاغ الوزارة أن الجلسة تضمنت متابعة التوازنات المالية للصندوق واستعراض لأهم أنشطته ومشاغل أعوانه. 
وأكد الوزير الجديد الذي تواجهه تحديات كبيرة في هذا الملف بالذات، على ضرورة المحافظة على ديمومة أنظمة الضمان الاجتماعي باعتبار دورها البارز في تحسين مستوى عيش الأفراد والأسر والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي مبينا "حرص الجميع على إيجاد حلول لإنقاذ الصناديق الاجتماعية من الأزمة المالية التي تعيشها وذلك في إطار مقاربة إصلاحية تشاركية، شاملة تبني لتصور جديد لمنظومة الضمان الاجتماعي".
من جهته قدم الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عرضا مفصلا حول الوضعية المالية الحالية للصندوق والحلول المقترحة.
أزمة مزمنة 
تكاد تتحول أزمة الصناديق الاجتماعية في تونس إلى أزمة مزمنة طرحتها جميع الحكومات المتعاقبة وتم الشروع في برامج إصلاح لكن ظلت الوضعية على حالها إن لم تكن قد تعمقت في الفترة الأخيرة بسبب الوضعية المالية الصعبة وتداعيات جائحة كورونا. 
ورغم التحكم نسبيا في العجز إبان الشروع في تنفيذ جملة من الإصلاحيات ومحاولات  تنويع مصادر التمويل بعد الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة بطريقة إجبارية بسنتين وبثلاث سنوات اختيارية ورفع المساهمات إلى ثلاث نقاط، موزعة بين المشغل والعامل إلى جانب الترفيع المساهمة التضامنية الاجتماعية بنحو 1 بالمائة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتجاوز أزمة تمويل الصناديق في ظل تدهور وضعية المالية العمومية وتعطل الإصلاحات في القطاع الخاص.
أسباب العجز 
تعود أسباب عجز الصناديق الاجتماعية في جزء كبير منها إلى تراكم ديونها المتخلدة في ذمة المؤسسات العمومية وهذه الأخيرة تواجه بدورها وضعا حرجا يتفاقم بمرور الوقت وهو ملف حارق آخر يواجه حكومة بودن.
حيث تعجز المؤسسات العمومية على دفع مساهماتها منذ سنوات وخلق هذا الوضع حلقة مفرغة تتوزع تداعياتها السلبية على الصناديق وعلى المالية العمومي في ظل اضطرار الدولة إلى ضخ أموال في هذه المؤسسات العاجزة.
حلقة مفرغة أخرى في علاقة بأزمة الصناديق الاجتماعية تتجسد في اللجوء إلى استعمال أموال اشتراكات الصندوق الوطني للتأمين على المرض لصرف الجرايات والحال أن تلك الأموال مرصودة أساسا لتأمين الحق في الصحة وتطوير خدماتها مما انعكس سلبيا أيضا على وضعية الصيدلية المركزية وقدرتها على توفير الأدوية الضرورية. وتعيش البلاد اليوم على وقع أزمة نقص وغياب الأدوية ومنها أدوية حياتية تتعلق بالأمراض المزمنة.
وكان وزير الإصلاحات الكبرى الأسبق توفيق الراجحي الذي قاد الإصلاحات في الصناديق زمن حكومة الشاهد (بين سنتي 2017 و2018 ) قد صرح سابقا بأن ديون الصناديق الاجتماعية في القطاع العام والخاص تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض تقدر بنحو 5 مليارات دينار (حوالي 2.2 مليار دولار).
تبدو الملفات الحارقة التي تحتاج إصلاحات عاجلة مترابطة فلا يمكن الحديث عن أصلاح الصناديق الاجتماعية دون معالجة ملف التأمين على المرض ووقف النزيف في المؤسسات العمومية. وحكومة بودن التي تواجه هذه التحديات تحتاج إلى مناخ اجتماعي ملائم لقيادة مفاوضات وتوافقات بين الشركاء الاجتماعيين لكن لا تتوفر هذه الأرضية اليوم في ظل التصعيد المتبادل بين الاتحاد ومنظمة الأعراف وهو تحد إضافي تواجهه الحكومة.
 
م.ي
 
 أزمة الصناديق الاجتماعية الملف الحارق في يد الحكومة
 
تونس-الصباح 
تواجه حكومة نجلاء بودن جملة من التحديات التي تفاقمت مؤخرا بسبب جائحة كورونا بعد تباطؤ النمو في القطاعات الإنتاجية وتعمق أزمة المالية العمومية. وفي مقدمة هذه الإشكاليات نجد وضعية الصناديق الاجتماعية التي يقر كثيرون أنها تواجه منذ مدة وضعية إفلاس غير معلنة في ظل تعطل الإصلاحات وغياب تنزع مصادر التمويل.
في هذا السياق انعقدت أول أمس جلسة عمل بإشراف مالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية وبحضور الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي صحبة عدد من إطارات الصندوق وممثلي الإدارة العامة للضمان الاجتماعي حيث أفاد بلاغ الوزارة أن الجلسة تضمنت متابعة التوازنات المالية للصندوق واستعراض لأهم أنشطته ومشاغل أعوانه. 
وأكد الوزير الجديد الذي تواجهه تحديات كبيرة في هذا الملف بالذات، على ضرورة المحافظة على ديمومة أنظمة الضمان الاجتماعي باعتبار دورها البارز في تحسين مستوى عيش الأفراد والأسر والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي مبينا "حرص الجميع على إيجاد حلول لإنقاذ الصناديق الاجتماعية من الأزمة المالية التي تعيشها وذلك في إطار مقاربة إصلاحية تشاركية، شاملة تبني لتصور جديد لمنظومة الضمان الاجتماعي".
من جهته قدم الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عرضا مفصلا حول الوضعية المالية الحالية للصندوق والحلول المقترحة.
أزمة مزمنة 
تكاد تتحول أزمة الصناديق الاجتماعية في تونس إلى أزمة مزمنة طرحتها جميع الحكومات المتعاقبة وتم الشروع في برامج إصلاح لكن ظلت الوضعية على حالها إن لم تكن قد تعمقت في الفترة الأخيرة بسبب الوضعية المالية الصعبة وتداعيات جائحة كورونا. 
ورغم التحكم نسبيا في العجز إبان الشروع في تنفيذ جملة من الإصلاحيات ومحاولات  تنويع مصادر التمويل بعد الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة بطريقة إجبارية بسنتين وبثلاث سنوات اختيارية ورفع المساهمات إلى ثلاث نقاط، موزعة بين المشغل والعامل إلى جانب الترفيع المساهمة التضامنية الاجتماعية بنحو 1 بالمائة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتجاوز أزمة تمويل الصناديق في ظل تدهور وضعية المالية العمومية وتعطل الإصلاحات في القطاع الخاص.
أسباب العجز 
تعود أسباب عجز الصناديق الاجتماعية في جزء كبير منها إلى تراكم ديونها المتخلدة في ذمة المؤسسات العمومية وهذه الأخيرة تواجه بدورها وضعا حرجا يتفاقم بمرور الوقت وهو ملف حارق آخر يواجه حكومة بودن.
حيث تعجز المؤسسات العمومية على دفع مساهماتها منذ سنوات وخلق هذا الوضع حلقة مفرغة تتوزع تداعياتها السلبية على الصناديق وعلى المالية العمومي في ظل اضطرار الدولة إلى ضخ أموال في هذه المؤسسات العاجزة.
حلقة مفرغة أخرى في علاقة بأزمة الصناديق الاجتماعية تتجسد في اللجوء إلى استعمال أموال اشتراكات الصندوق الوطني للتأمين على المرض لصرف الجرايات والحال أن تلك الأموال مرصودة أساسا لتأمين الحق في الصحة وتطوير خدماتها مما انعكس سلبيا أيضا على وضعية الصيدلية المركزية وقدرتها على توفير الأدوية الضرورية. وتعيش البلاد اليوم على وقع أزمة نقص وغياب الأدوية ومنها أدوية حياتية تتعلق بالأمراض المزمنة.
وكان وزير الإصلاحات الكبرى الأسبق توفيق الراجحي الذي قاد الإصلاحات في الصناديق زمن حكومة الشاهد (بين سنتي 2017 و2018 ) قد صرح سابقا بأن ديون الصناديق الاجتماعية في القطاع العام والخاص تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض تقدر بنحو 5 مليارات دينار (حوالي 2.2 مليار دولار).
تبدو الملفات الحارقة التي تحتاج إصلاحات عاجلة مترابطة فلا يمكن الحديث عن أصلاح الصناديق الاجتماعية دون معالجة ملف التأمين على المرض ووقف النزيف في المؤسسات العمومية. وحكومة بودن التي تواجه هذه التحديات تحتاج إلى مناخ اجتماعي ملائم لقيادة مفاوضات وتوافقات بين الشركاء الاجتماعيين لكن لا تتوفر هذه الأرضية اليوم في ظل التصعيد المتبادل بين الاتحاد ومنظمة الأعراف وهو تحد إضافي تواجهه الحكومة.
 
م.ي
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews