نفى عميد المحامين إبراهيم بودربالة أن يكون قد اقترح نفسه وسيطا بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي، خلال لقاء جمع رئيس الدولة بعدد من رؤساء المنظمات الوطنية بقصر قرطاج.
وشدد بودربالة في حوار أدلى به لـ"الصباح" على انه حان الوقت لاتخاذ قرار جريء وحاسم لحصر اختصاص نظر المحاكم العسكرية في الجرائم التي تهم العسكريين فقط، داعيا رئيس الجمهورية إلى إصدار مرسوم يحصر اختصاصه.
وانتقد بودربالة ظاهرة استجلاب الحرفاء بطريقة غير قانونية "السمسرة" معتبرا أن أكبر "لوبي" مؤثرفي انتخابات هياكل المهنة هم "سماسرة" المحاماة، على حد تعبيره،مشيرا إلىأن بعض المحامين بالبرلمان المجمدة أعماله قاموا بترذيل مجلس نواب الشعب، مؤكدا أنالفساد أصبح معضلة بالبلاد ومن يثبت تورطه عليه أن يتحمل مسؤوليته.
كما تطرق العميد إلى الحديث عن ملفي الطيب راشد وبشير العكرميوملفات أخرى هامة إضافة إلى رؤيته في إصلاح قطاع المحاماة.
*كنت أدليت يوم 27 جويلية الماضي على موجات إحدى الإذاعات بتصريح أثار جدلا خاصّة وأنك اقترحت نفسك وسيطا بين رئيس الجمهورية قيس سعيد وراشد الغنّوشي للحوار، ما مدى صحة ذلك؟
غير صحيح.. أنا لم أقترح نفسي وسيطا بين رئيس الجمهورية والغنوشي ولكن خلال لقائي برئيس الدولة بحضور رؤساء منظمات وطنية باركنا التدابير التي اتخذها وأكدنا أن الرؤية المستقبلية تتطلب مشاركة كافة الأطراف فكان جوابه بأنه يقبل الحوار مع كل من يرى أنه كفء للحوار ولكنه استثنى الفاسدين وقال إنه لا حوار مع الفاسدين، مضيفاإنالأيام سوف تكشف حجم الفساد ومن تسبب في فساد معين فإنه لن يكون أهلا للحوار، واقترحنا بأن يكون الحوار بين الأطراف التي لها رصيد في العمل الوطني مثل المنظمات الوطنية التي تحصلت على جائزة نوبل للسلام كذلك بعض الهيئات الأخرى وشخصيات وطنية مشهود لها بالمصداقية وبنظافة اليد ولم لا إذا كانت هناك أحزاب سياسية ارتأت نفس التمشيوتقوم بالتالي كل هذه الأطراف بإعداد تصور لخروج البلاد من هذه المعضلة ولم لا الوصول إلى شاطئ السّلام بأيسر الطّرق.
*سبق وأن عبّر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين عن تمسكه بضرورة محاربة الفساد وعدم الحوار مع الفاسدين ومحاسبة المتسببين في الأزمة، فمن المقصود بالمتسببين في الأزمة؟
الفساد أصبح معضلة بالبلاد ومن يثبت تورطه عليه أن يتحمل المسؤوليةوهو شرط أساسي لننطلق بالوطن نحو الأفضل، ولكن شريطة أن تقع الاستقراءات والأبحاث بصورة موضوعية وأن توفر الضمانات القانونية لشروط المحاكمة العادلة وأن تكون المحاسبة غير انتقائيةأو من بابالتشفي حتى يقتنع أفراد الشعب التونسي بعدم تكرر ما وقع في الماضي.
ولكن أرى كذلك أن هناك مسألة هامة وهامة جدا وهي ضرورة أن يعي كافة أفراد الشعب التونسي أنه لا خلاص من تلك المعضلة إلا بالعودة إلى قدسية العمل، لأننا نلاحظ أن احترام روح العمل تضاءلت بشكل كبير فإن كنا نريد إنقاذ بلادنا من الفساد لا بد أن يقوم كل منا بعمله على أحسن وجه.
*يعاني قطاع المحاماة من العديد من المشاكل أبرزها السمسرة التي نخرت القطاع، فهل تعتبرون أنفسكم نجحتم إلى حد ما في مقاومتها منذ توليكم العمادة وماهي القرارات التأديبية التي اتخذتموها؟
أعتقد أنه وقع اتخاذ قرارات بشأن ما يقارب 90 بالمائة من الملفات التي وردت على مجلس الهيئة من مختلف الفروع، ومنذ انطلاقي في العمل سنة 2019 على رأس العمادة نظر مجلس الهيئة في قرابة الـ150 ملفا تأديبيا أغلبها تعلق بالسمسرة وبعدم خلاص أموال الحرفاء في الآجال القانونيةواتخذ المجلس بشأنها عدة قرارات تراوحت بين الإيقاف عن العمل لمدة معينة، الشطب من جدول المحاماة لمدة سنوات والإنذار والتوبيخ وهناك قرارات بعدم المؤاخذة، والسمسرة أصبحت معضلة كبيرة لهاعدة أسباب وللأسف خلال الـ25 سنة الأخيرة وقعت عدة ممارسات منها أننظام بن علي كان يوجه بعض الملفات المتعلقة بشركاتإلى المحامين الذين ينتمون إلى الحزب الحاكموهذا في رأيي يعتبر سمسرة، والسمسرة موجودة منذ أن بعثت مهنة المحاماة للوجود ولكنها كانت بشكل محتشم والآن أصبحت بشكل مفضوح بل أكثر من ذلك من يمارسونها أصبحوا هم الذين يحتلون المواقع الأمامية وربما يشاركون في اختيار من يتحمل المسؤولية في الهياكل، فأكبر لوبي مؤثر في انتخاب هياكل المهنة هم "السمسارة" وأعتقد أن مسألة إثبات تهمة استجلاب الحرفاء بطريقة غير قانونية بمعنى "السمسرة" مسألة متشعبة إلى أقصى حد،والقضاء عليها مائة بالمائة صعبة المنال ولكن الحد منها ممكن لذلك لابد لعموم المحامين من العمل وفق مبادئ المهنة وقيمها.
*كنت اعتبرت أن مرسوم 2011 شتت مهنة المحاماة ودعوت إلى تغيير القانون واعتبرت أنه حان الوقت لتغييره وتنقيحه ومراجعة كل الشوائب التي سادته لتصبح هياكل المهنة قادرة على اتخاذ قرارات كيف ذلك؟
لم يوجد طرح جدي لتنقيح المرسوم سواء من الهيئات التي تداولت على المهنة أو حتى من الحكومات المتعاقبة وحتى من مجلس النواب فالأطراف المتعددة كانت متلكئة في تقديم مبادرة لتنقيح قانون المهنة وسبق وأن قلت أن الهيكلة التي اقترحها المرسوم عطّلت السّير العادي لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين كذلك الجمع بين مجلس الهيئة ومجلس صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية للمحامين أمر اثبت عدم جدواه لذلك لا بد أن يكون هناك مجلس إدارة مستقل عن مجلس الهيئة وهذا لا يتم إلا بعد تنقيح القانون الأساسي للمهنة كذلك الأمر المنظم للصندوق والأمر المنظم للمعهد الأعلى للمحاماة والقانون المنظم لشركات المحامين.
*تأثرت عديد القطاعات بجائحة كورونا، فهل يمكن أن تفسر لنا كيف أثرت الجائحة على مهنة المحاماة وخاصة على المحامين الشبّان؟
أصبنا بمصيبة كبيرة لأنهإضافةإلىالجائحة فقد كان مرفق العدالة معطلا بسبب إضراب القضاة ثم بعد عودة الوباء من جديد فقرابة أكثر من عام تضاءلت ممارسة المهنة إلى أقصى حد وأثرت الجائحة على جميع المحامين دون استثناء، فاضطررنا إلى جمع التبرعات المالية من الزملاء وإحداث حساب واستطعنا مساعدة البعض منهم.
* مثل مؤخرا عدد من المحامين أمام القضاء العسكري وهو ما لاقى تنديدا من عدد من المنظمات الحقوقية وغيرها فما هو موقفك من ذلك؟
مجلس الهيئة كان بيّن موقفه وكنت شخصيا بينت موقفي عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وقد دأبت هياكل المهنة على اتخاذ موقفا ينادي بعدم محاكمة المدنيين بصفة عامة أمام المحاكم العسكرية ولتبقى تلك المحاكم تختص بالنظر في القضايا التي تهم العسكريين، ورغم أن القانون الآن يسمح بمحاكمة المدنيين أمامها ولكن أعتقد أنه حان الوقت لاتخاذ قرار جريء وحاسم لحصر اختصاص نظر المحاكم العسكرية في الجرائم التي تهم العسكريين فقط وأما المدنيون يجب أن تقع محاكمتهم أمام المحاكم العدلية.
* ومن سيتخذ القرار الجري والحاسم؟
لا بد من تغيير القانون وتغييره يجب أن يكون من طرف مجلس النواب وبما أن أعمال المجلس مجمدة الآن فإنه حسب المرسوم 117 فإن الصلاحية التشريعية يختص بها رئيس الجمهورية ويمكن له أن يصدر مرسوما يحصر نطاق اختصاص المحاكم العسكرية في الجرائم التي تهم العسكريين فقط، ونحن نرفض محاكمة ليس فقط المحامين أمام القضاء العسكري بل كل المواطنين، فليس لدينا نظرة قطاعية بل نظرة شاملة تهم كل المواطنين بصفة عامة ولكن بالنسبة للمحامين وفي نطاق مسؤولية هياكل المهنة تجاه منظوريها فإني أطالب من رئيس الدولة إصدار مرسوم يحصر اختصاص القضاء العسكري.
*ألا ترى أن "خلع" المحامي للعباءة السوداء وارتدائه "جبّة" السياسي جرّه إلى تلك المحاكمات؟
أولا لابدّ من الفصل بين ما هو مهني وما هو سياسي، بالنسبة إلينا فإن هياكل المهنة مطالبة بالدفاع عن المحامين في صورة تعرّضهم إلى أية مظلمة أثناء ممارستهم لمهنتهم وفي خصوص الجمع بين ممارسة المهنة والتحزّب أعتقد أن من يقوم بعمل سياسي أو حزبي يرمي إلى تحقيق أهداف معينة لا تتوافق مع مهنة المحاماة، فمهنة المحاماة تسهر على ضمان حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة ولكن القانون يخول لمن يقع انتخابه عضوا بالبرلمان البقاء في حالة مباشرة للمهنة وفي نفس الوقت ممارسة مهامه النيابية، ونحن نميز بين ما هو مهني وما هو سياسي فإذا كان العمل الذي قام به ذلك المحامي النائب يكتسي صبغة مهنية فقط فمن واجب الهياكل تقديم المساندة له ليقوم بواجبه على أحسن وجه أما اذا كان "النضال" من اجل الدفاع عن أفكار حزبه فهو يتحمل وزر ذلك وفي هذه الحالة فقط نراقب مدى احترام المحكمة لمبدأ المحاكمة العادلة ومدى ضمان حقوق الدفاع، ونحن لا نود في كل الحالات صدور أحكام زجريّة ضد أي زميل ولكن إذا ثبت وأنه أثناء قيامه بعمله الحزبي اقترف ما من شأنه أن يشكل مخالفة للقانون الجزائي، فيتولي عندها مجلس الهيئة إحالته على التأديب.
* بعض المحامين النواب أعطوا صورة سيئة داخل المجلس انعكست سلبا على القطاع..فأي موقف لكم من بعض المواقف الصادرة عن النواب المحامين خاصةأنأعلب الصراعات كانت فيما بينهم؟
ما قام به بعض الزملاء بالبرلمان المجمدة أعماله دون ذكر أسمائهم وللأسف الشديد أعطى صورة سيئة للمحاماة بل أنهم قاموا بترذيل العمل البرلماني وأنا هنا أتحدث كمواطن، وأعتبر أن ذلك لم يخدم المسار والبناء الديمقراطي لذلك أعتقد وأنه عندما يقع انتخاب محام يمثل حزبا سياسيا سيدافع عن أهداف ذلك الحزب وربما أن تلك الأهداف التي يدافع عنها تتعارض وتختلف مع مبادئ وقيم مهنة المحاماة لذلك من المستحسن مستقبلا سن قانون ينص على عدم الجمع بين العمل النيابي وممارسة المهنة لكي يكون ذلك النائب متحررا وبدون قيود ويستطيع الدفاع عن أهداف حزبه وكي لا تستنكر مهنة المحاماة بعض الأفعال التي يقوم بها ذلك النائب، ونتيجة تلك الصورة السيئة التي أعطاها بعض المحامين النواب، وقد اتصل بي عدد من المواطنين وطلبوا مني معاقبة أولئك المحامين تأديبيا فكان جوابي لهم دائما أنهم نواب بالبرلمان ووجودهم به ليس بصفتهم محامين ولكن بصفتهم نواب وأن من انتخبهم مواطنون وليست هياكل المهنة لذلك فإن محاسبتهم يجب أن تكون من قبل المواطنين.
*ولكن ماذا تقصد بمحاسبتهم من طرف المواطنين ألا يمكن للهيئة أن تحاسبهم؟
محاسبتهم من طرف المواطنين يكون بعدم التصويت لهم خلال الانتخابات القادمة فتلك هي المحاسبة الحقيقية لهؤلاء ولكن الهيئة يمكنها كذلك أن تحاسبهم بأن تتبعهم تأديبيا إذا ما رأت أن ما قاموا به مخالف لقواعد المهنة وقيمها خاصة وأن حصانة المحامي النائب تكون فقط في المادة الجزائية.
*هل لديكم مقترحات ضمن مشروع القانون الأساسي لمهنة المحاماة؟
بما أن السّلطة التشريعيّة بيد رئيس الجمهورية سوف نقدم لهفي مشروع القانون الأساسي للمهنة بمقترح ينص على أن من يمارس أية مسؤولية سياسية سواء تشريعية أو يتولي منصبا سياسيا يقع السهو عنه من جدول المحاماة طيلة المدة التي يمارس فيها تلك المسؤولية، أي عدم ممارسة المهنة طيلة توليه مسؤولية سياسية ثم يعود لاستئناف مهنته بعد انتهائه من مهامه، كما أننا نريد من المحامي النائب أن يتفرغ إلى العمل التشريعي ولا ينشغل بمهام أخرى وسنقدم له كذلك مقترحات تتعلق بالأمر المنظم لصندوق الحيطة والتقاعد والأمر المنظم كذلك للمعهد الأعلى لمهنة المحاماة والقانون المنظم للشركات المهنية التي يجب مراجعتها تماشيا مع إرادة رئيس الدولة في خصوص إصلاح المؤسسة القضائية خاصة وأن المحاماة جزء من تلك المؤسسة حتى يقع القضاء على دابر الفساد بصورة عامة وعدم المساءلة والإفلات من العقاب.
*اثر تبادل التهم بين الطيب راشد وبشير العكرمي كنت صرحت سابقا أن ما يحصل في المرفق القضائي نتيجة لتراكمات وممارسات قديمة وهي تدخل السياسي في القضائي فهل تعتبر أن القضاء تخلّص اليوم من التدخلات السياسية؟
شعار رفعه رئيس الجمهورية أنه يريد قضاء عادل ومستقل لا يرضخ إلى أية إغراءات سواء كانت مادية أو سياسية والرسالة قد وجهت إلى السادة القضاة وننتظر أن يتخلّص القضاة من كافّة التأثيرات وأعتقد الآن أن العديد منهم تخلصوا منها وحتى إن وجد قاض وحيد يخضع الى تلك التأثيرات أو الضغوطات أعتقد أنه يسيء إلى المؤسسة القضائية، لذلك يجب أن يكونوا عند حسن الظن ومثالا في إقامة العدل وأن يقوموا برسالتهم على أحسن وجه.
وحسب رأيي فإنه قبل 25 جويلية كانت هناك أحزاب مسيطرة وكانت هناك محاصصة حزبية وتأثيرات على القضاء من جهات مختلفة ولا يمكن إنكار ذلك خاصة في بعض الوظائف القضائية فقد كانت تحت تأثير ضغوطات حزبية كبيرة وربما تحت تأثير بعض رؤوس الأموال خاصة غير المنظمة، ومن الطبيعي أن تحاول تلك الأطراف بكل الوسائل تحقيق غايات معينة ولكن رغم ذلك فإنها تأثيرات محدودة، واعتبر أن الجسم القضائي سليم ومعافى رغم أن هناك ربما مجرد "زكام" كان أصاب الجسم القضائي ولكن الحمد لله فالجسم سليم ومعافى.
وأعتقد أنه بعد 25 جويلية لا يوجد تدخل سياسي في القضاء وأرى أن القضاة يمارسون الآن دورهم ورسالتهم على أحسن وجه.
*ولكن بماذا تفسّر البطء الشديد في اتخاذ القرار فيما يتعلق بملفي الطيب راشد وبشير العكرمي؟
نحن ننتظر أن ترى تلك الملفات النور ونطالب في نفس الوقت أن يقع اتخاذ القرارات اللازمة لكشف الحقيقة سواء من خلال البحث والاستقراءات أو بالإحالة على المحاكمة وأن تقع مؤاخذة الجهات المسؤولة على هذا التأخيرغير المبرّر للفصل في الملفين.
*ما هي رؤيتك الإصلاحية الشاملة لإصلاح قطاع المحاماة خاصة وأنك كنت دائما تنادي بتطهير سلك القضاء دون المناداة بتطهير قطاع المحاماة؟
بالنسبة لي عندما أتحدث عن تطهير القضاء فأنا اقصد مكونات المؤسسة القضائية بصفة عامة سواء قضاة أو محامون أو خبراء أو عدول إشهاد أوغيرهم وحسب رأيي إصلاح تلك المؤسسة يكون بإصلاح المنظومة الإجرائية، جزائية كانت أو مدنية أم تجارية، مثلا فيما يتعلق بقضايا الشيكات بدون رصيد فمن الأفضل إحداث خلية للفصل السريع في ذلك النوع من القضايا وبالتالي إيجاد صيغة للخلاص. كذلك لا بد من مراجعة اختصاص محكمة الناحية ولا بد كذلك من إقرار وجوبية المحامي في كل القضايا ومن يعجز عن تكليف محام هناك صندوق الإعانة العدلية كذلك تعميم القضاء الفردي في الطور الابتدائي وإصلاح البنية التحتيّة للمحاكم ورقمنة العدالة.
حاورته: صباح الشابي
تونس-الصباح
نفى عميد المحامين إبراهيم بودربالة أن يكون قد اقترح نفسه وسيطا بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي، خلال لقاء جمع رئيس الدولة بعدد من رؤساء المنظمات الوطنية بقصر قرطاج.
وشدد بودربالة في حوار أدلى به لـ"الصباح" على انه حان الوقت لاتخاذ قرار جريء وحاسم لحصر اختصاص نظر المحاكم العسكرية في الجرائم التي تهم العسكريين فقط، داعيا رئيس الجمهورية إلى إصدار مرسوم يحصر اختصاصه.
وانتقد بودربالة ظاهرة استجلاب الحرفاء بطريقة غير قانونية "السمسرة" معتبرا أن أكبر "لوبي" مؤثرفي انتخابات هياكل المهنة هم "سماسرة" المحاماة، على حد تعبيره،مشيرا إلىأن بعض المحامين بالبرلمان المجمدة أعماله قاموا بترذيل مجلس نواب الشعب، مؤكدا أنالفساد أصبح معضلة بالبلاد ومن يثبت تورطه عليه أن يتحمل مسؤوليته.
كما تطرق العميد إلى الحديث عن ملفي الطيب راشد وبشير العكرميوملفات أخرى هامة إضافة إلى رؤيته في إصلاح قطاع المحاماة.
*كنت أدليت يوم 27 جويلية الماضي على موجات إحدى الإذاعات بتصريح أثار جدلا خاصّة وأنك اقترحت نفسك وسيطا بين رئيس الجمهورية قيس سعيد وراشد الغنّوشي للحوار، ما مدى صحة ذلك؟
غير صحيح.. أنا لم أقترح نفسي وسيطا بين رئيس الجمهورية والغنوشي ولكن خلال لقائي برئيس الدولة بحضور رؤساء منظمات وطنية باركنا التدابير التي اتخذها وأكدنا أن الرؤية المستقبلية تتطلب مشاركة كافة الأطراف فكان جوابه بأنه يقبل الحوار مع كل من يرى أنه كفء للحوار ولكنه استثنى الفاسدين وقال إنه لا حوار مع الفاسدين، مضيفاإنالأيام سوف تكشف حجم الفساد ومن تسبب في فساد معين فإنه لن يكون أهلا للحوار، واقترحنا بأن يكون الحوار بين الأطراف التي لها رصيد في العمل الوطني مثل المنظمات الوطنية التي تحصلت على جائزة نوبل للسلام كذلك بعض الهيئات الأخرى وشخصيات وطنية مشهود لها بالمصداقية وبنظافة اليد ولم لا إذا كانت هناك أحزاب سياسية ارتأت نفس التمشيوتقوم بالتالي كل هذه الأطراف بإعداد تصور لخروج البلاد من هذه المعضلة ولم لا الوصول إلى شاطئ السّلام بأيسر الطّرق.
*سبق وأن عبّر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين عن تمسكه بضرورة محاربة الفساد وعدم الحوار مع الفاسدين ومحاسبة المتسببين في الأزمة، فمن المقصود بالمتسببين في الأزمة؟
الفساد أصبح معضلة بالبلاد ومن يثبت تورطه عليه أن يتحمل المسؤوليةوهو شرط أساسي لننطلق بالوطن نحو الأفضل، ولكن شريطة أن تقع الاستقراءات والأبحاث بصورة موضوعية وأن توفر الضمانات القانونية لشروط المحاكمة العادلة وأن تكون المحاسبة غير انتقائيةأو من بابالتشفي حتى يقتنع أفراد الشعب التونسي بعدم تكرر ما وقع في الماضي.
ولكن أرى كذلك أن هناك مسألة هامة وهامة جدا وهي ضرورة أن يعي كافة أفراد الشعب التونسي أنه لا خلاص من تلك المعضلة إلا بالعودة إلى قدسية العمل، لأننا نلاحظ أن احترام روح العمل تضاءلت بشكل كبير فإن كنا نريد إنقاذ بلادنا من الفساد لا بد أن يقوم كل منا بعمله على أحسن وجه.
*يعاني قطاع المحاماة من العديد من المشاكل أبرزها السمسرة التي نخرت القطاع، فهل تعتبرون أنفسكم نجحتم إلى حد ما في مقاومتها منذ توليكم العمادة وماهي القرارات التأديبية التي اتخذتموها؟
أعتقد أنه وقع اتخاذ قرارات بشأن ما يقارب 90 بالمائة من الملفات التي وردت على مجلس الهيئة من مختلف الفروع، ومنذ انطلاقي في العمل سنة 2019 على رأس العمادة نظر مجلس الهيئة في قرابة الـ150 ملفا تأديبيا أغلبها تعلق بالسمسرة وبعدم خلاص أموال الحرفاء في الآجال القانونيةواتخذ المجلس بشأنها عدة قرارات تراوحت بين الإيقاف عن العمل لمدة معينة، الشطب من جدول المحاماة لمدة سنوات والإنذار والتوبيخ وهناك قرارات بعدم المؤاخذة، والسمسرة أصبحت معضلة كبيرة لهاعدة أسباب وللأسف خلال الـ25 سنة الأخيرة وقعت عدة ممارسات منها أننظام بن علي كان يوجه بعض الملفات المتعلقة بشركاتإلى المحامين الذين ينتمون إلى الحزب الحاكموهذا في رأيي يعتبر سمسرة، والسمسرة موجودة منذ أن بعثت مهنة المحاماة للوجود ولكنها كانت بشكل محتشم والآن أصبحت بشكل مفضوح بل أكثر من ذلك من يمارسونها أصبحوا هم الذين يحتلون المواقع الأمامية وربما يشاركون في اختيار من يتحمل المسؤولية في الهياكل، فأكبر لوبي مؤثر في انتخاب هياكل المهنة هم "السمسارة" وأعتقد أن مسألة إثبات تهمة استجلاب الحرفاء بطريقة غير قانونية بمعنى "السمسرة" مسألة متشعبة إلى أقصى حد،والقضاء عليها مائة بالمائة صعبة المنال ولكن الحد منها ممكن لذلك لابد لعموم المحامين من العمل وفق مبادئ المهنة وقيمها.
*كنت اعتبرت أن مرسوم 2011 شتت مهنة المحاماة ودعوت إلى تغيير القانون واعتبرت أنه حان الوقت لتغييره وتنقيحه ومراجعة كل الشوائب التي سادته لتصبح هياكل المهنة قادرة على اتخاذ قرارات كيف ذلك؟
لم يوجد طرح جدي لتنقيح المرسوم سواء من الهيئات التي تداولت على المهنة أو حتى من الحكومات المتعاقبة وحتى من مجلس النواب فالأطراف المتعددة كانت متلكئة في تقديم مبادرة لتنقيح قانون المهنة وسبق وأن قلت أن الهيكلة التي اقترحها المرسوم عطّلت السّير العادي لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين كذلك الجمع بين مجلس الهيئة ومجلس صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية للمحامين أمر اثبت عدم جدواه لذلك لا بد أن يكون هناك مجلس إدارة مستقل عن مجلس الهيئة وهذا لا يتم إلا بعد تنقيح القانون الأساسي للمهنة كذلك الأمر المنظم للصندوق والأمر المنظم للمعهد الأعلى للمحاماة والقانون المنظم لشركات المحامين.
*تأثرت عديد القطاعات بجائحة كورونا، فهل يمكن أن تفسر لنا كيف أثرت الجائحة على مهنة المحاماة وخاصة على المحامين الشبّان؟
أصبنا بمصيبة كبيرة لأنهإضافةإلىالجائحة فقد كان مرفق العدالة معطلا بسبب إضراب القضاة ثم بعد عودة الوباء من جديد فقرابة أكثر من عام تضاءلت ممارسة المهنة إلى أقصى حد وأثرت الجائحة على جميع المحامين دون استثناء، فاضطررنا إلى جمع التبرعات المالية من الزملاء وإحداث حساب واستطعنا مساعدة البعض منهم.
* مثل مؤخرا عدد من المحامين أمام القضاء العسكري وهو ما لاقى تنديدا من عدد من المنظمات الحقوقية وغيرها فما هو موقفك من ذلك؟
مجلس الهيئة كان بيّن موقفه وكنت شخصيا بينت موقفي عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وقد دأبت هياكل المهنة على اتخاذ موقفا ينادي بعدم محاكمة المدنيين بصفة عامة أمام المحاكم العسكرية ولتبقى تلك المحاكم تختص بالنظر في القضايا التي تهم العسكريين، ورغم أن القانون الآن يسمح بمحاكمة المدنيين أمامها ولكن أعتقد أنه حان الوقت لاتخاذ قرار جريء وحاسم لحصر اختصاص نظر المحاكم العسكرية في الجرائم التي تهم العسكريين فقط وأما المدنيون يجب أن تقع محاكمتهم أمام المحاكم العدلية.
* ومن سيتخذ القرار الجري والحاسم؟
لا بد من تغيير القانون وتغييره يجب أن يكون من طرف مجلس النواب وبما أن أعمال المجلس مجمدة الآن فإنه حسب المرسوم 117 فإن الصلاحية التشريعية يختص بها رئيس الجمهورية ويمكن له أن يصدر مرسوما يحصر نطاق اختصاص المحاكم العسكرية في الجرائم التي تهم العسكريين فقط، ونحن نرفض محاكمة ليس فقط المحامين أمام القضاء العسكري بل كل المواطنين، فليس لدينا نظرة قطاعية بل نظرة شاملة تهم كل المواطنين بصفة عامة ولكن بالنسبة للمحامين وفي نطاق مسؤولية هياكل المهنة تجاه منظوريها فإني أطالب من رئيس الدولة إصدار مرسوم يحصر اختصاص القضاء العسكري.
*ألا ترى أن "خلع" المحامي للعباءة السوداء وارتدائه "جبّة" السياسي جرّه إلى تلك المحاكمات؟
أولا لابدّ من الفصل بين ما هو مهني وما هو سياسي، بالنسبة إلينا فإن هياكل المهنة مطالبة بالدفاع عن المحامين في صورة تعرّضهم إلى أية مظلمة أثناء ممارستهم لمهنتهم وفي خصوص الجمع بين ممارسة المهنة والتحزّب أعتقد أن من يقوم بعمل سياسي أو حزبي يرمي إلى تحقيق أهداف معينة لا تتوافق مع مهنة المحاماة، فمهنة المحاماة تسهر على ضمان حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة ولكن القانون يخول لمن يقع انتخابه عضوا بالبرلمان البقاء في حالة مباشرة للمهنة وفي نفس الوقت ممارسة مهامه النيابية، ونحن نميز بين ما هو مهني وما هو سياسي فإذا كان العمل الذي قام به ذلك المحامي النائب يكتسي صبغة مهنية فقط فمن واجب الهياكل تقديم المساندة له ليقوم بواجبه على أحسن وجه أما اذا كان "النضال" من اجل الدفاع عن أفكار حزبه فهو يتحمل وزر ذلك وفي هذه الحالة فقط نراقب مدى احترام المحكمة لمبدأ المحاكمة العادلة ومدى ضمان حقوق الدفاع، ونحن لا نود في كل الحالات صدور أحكام زجريّة ضد أي زميل ولكن إذا ثبت وأنه أثناء قيامه بعمله الحزبي اقترف ما من شأنه أن يشكل مخالفة للقانون الجزائي، فيتولي عندها مجلس الهيئة إحالته على التأديب.
* بعض المحامين النواب أعطوا صورة سيئة داخل المجلس انعكست سلبا على القطاع..فأي موقف لكم من بعض المواقف الصادرة عن النواب المحامين خاصةأنأعلب الصراعات كانت فيما بينهم؟
ما قام به بعض الزملاء بالبرلمان المجمدة أعماله دون ذكر أسمائهم وللأسف الشديد أعطى صورة سيئة للمحاماة بل أنهم قاموا بترذيل العمل البرلماني وأنا هنا أتحدث كمواطن، وأعتبر أن ذلك لم يخدم المسار والبناء الديمقراطي لذلك أعتقد وأنه عندما يقع انتخاب محام يمثل حزبا سياسيا سيدافع عن أهداف ذلك الحزب وربما أن تلك الأهداف التي يدافع عنها تتعارض وتختلف مع مبادئ وقيم مهنة المحاماة لذلك من المستحسن مستقبلا سن قانون ينص على عدم الجمع بين العمل النيابي وممارسة المهنة لكي يكون ذلك النائب متحررا وبدون قيود ويستطيع الدفاع عن أهداف حزبه وكي لا تستنكر مهنة المحاماة بعض الأفعال التي يقوم بها ذلك النائب، ونتيجة تلك الصورة السيئة التي أعطاها بعض المحامين النواب، وقد اتصل بي عدد من المواطنين وطلبوا مني معاقبة أولئك المحامين تأديبيا فكان جوابي لهم دائما أنهم نواب بالبرلمان ووجودهم به ليس بصفتهم محامين ولكن بصفتهم نواب وأن من انتخبهم مواطنون وليست هياكل المهنة لذلك فإن محاسبتهم يجب أن تكون من قبل المواطنين.
*ولكن ماذا تقصد بمحاسبتهم من طرف المواطنين ألا يمكن للهيئة أن تحاسبهم؟
محاسبتهم من طرف المواطنين يكون بعدم التصويت لهم خلال الانتخابات القادمة فتلك هي المحاسبة الحقيقية لهؤلاء ولكن الهيئة يمكنها كذلك أن تحاسبهم بأن تتبعهم تأديبيا إذا ما رأت أن ما قاموا به مخالف لقواعد المهنة وقيمها خاصة وأن حصانة المحامي النائب تكون فقط في المادة الجزائية.
*هل لديكم مقترحات ضمن مشروع القانون الأساسي لمهنة المحاماة؟
بما أن السّلطة التشريعيّة بيد رئيس الجمهورية سوف نقدم لهفي مشروع القانون الأساسي للمهنة بمقترح ينص على أن من يمارس أية مسؤولية سياسية سواء تشريعية أو يتولي منصبا سياسيا يقع السهو عنه من جدول المحاماة طيلة المدة التي يمارس فيها تلك المسؤولية، أي عدم ممارسة المهنة طيلة توليه مسؤولية سياسية ثم يعود لاستئناف مهنته بعد انتهائه من مهامه، كما أننا نريد من المحامي النائب أن يتفرغ إلى العمل التشريعي ولا ينشغل بمهام أخرى وسنقدم له كذلك مقترحات تتعلق بالأمر المنظم لصندوق الحيطة والتقاعد والأمر المنظم كذلك للمعهد الأعلى لمهنة المحاماة والقانون المنظم للشركات المهنية التي يجب مراجعتها تماشيا مع إرادة رئيس الدولة في خصوص إصلاح المؤسسة القضائية خاصة وأن المحاماة جزء من تلك المؤسسة حتى يقع القضاء على دابر الفساد بصورة عامة وعدم المساءلة والإفلات من العقاب.
*اثر تبادل التهم بين الطيب راشد وبشير العكرمي كنت صرحت سابقا أن ما يحصل في المرفق القضائي نتيجة لتراكمات وممارسات قديمة وهي تدخل السياسي في القضائي فهل تعتبر أن القضاء تخلّص اليوم من التدخلات السياسية؟
شعار رفعه رئيس الجمهورية أنه يريد قضاء عادل ومستقل لا يرضخ إلى أية إغراءات سواء كانت مادية أو سياسية والرسالة قد وجهت إلى السادة القضاة وننتظر أن يتخلّص القضاة من كافّة التأثيرات وأعتقد الآن أن العديد منهم تخلصوا منها وحتى إن وجد قاض وحيد يخضع الى تلك التأثيرات أو الضغوطات أعتقد أنه يسيء إلى المؤسسة القضائية، لذلك يجب أن يكونوا عند حسن الظن ومثالا في إقامة العدل وأن يقوموا برسالتهم على أحسن وجه.
وحسب رأيي فإنه قبل 25 جويلية كانت هناك أحزاب مسيطرة وكانت هناك محاصصة حزبية وتأثيرات على القضاء من جهات مختلفة ولا يمكن إنكار ذلك خاصة في بعض الوظائف القضائية فقد كانت تحت تأثير ضغوطات حزبية كبيرة وربما تحت تأثير بعض رؤوس الأموال خاصة غير المنظمة، ومن الطبيعي أن تحاول تلك الأطراف بكل الوسائل تحقيق غايات معينة ولكن رغم ذلك فإنها تأثيرات محدودة، واعتبر أن الجسم القضائي سليم ومعافى رغم أن هناك ربما مجرد "زكام" كان أصاب الجسم القضائي ولكن الحمد لله فالجسم سليم ومعافى.
وأعتقد أنه بعد 25 جويلية لا يوجد تدخل سياسي في القضاء وأرى أن القضاة يمارسون الآن دورهم ورسالتهم على أحسن وجه.
*ولكن بماذا تفسّر البطء الشديد في اتخاذ القرار فيما يتعلق بملفي الطيب راشد وبشير العكرمي؟
نحن ننتظر أن ترى تلك الملفات النور ونطالب في نفس الوقت أن يقع اتخاذ القرارات اللازمة لكشف الحقيقة سواء من خلال البحث والاستقراءات أو بالإحالة على المحاكمة وأن تقع مؤاخذة الجهات المسؤولة على هذا التأخيرغير المبرّر للفصل في الملفين.
*ما هي رؤيتك الإصلاحية الشاملة لإصلاح قطاع المحاماة خاصة وأنك كنت دائما تنادي بتطهير سلك القضاء دون المناداة بتطهير قطاع المحاماة؟
بالنسبة لي عندما أتحدث عن تطهير القضاء فأنا اقصد مكونات المؤسسة القضائية بصفة عامة سواء قضاة أو محامون أو خبراء أو عدول إشهاد أوغيرهم وحسب رأيي إصلاح تلك المؤسسة يكون بإصلاح المنظومة الإجرائية، جزائية كانت أو مدنية أم تجارية، مثلا فيما يتعلق بقضايا الشيكات بدون رصيد فمن الأفضل إحداث خلية للفصل السريع في ذلك النوع من القضايا وبالتالي إيجاد صيغة للخلاص. كذلك لا بد من مراجعة اختصاص محكمة الناحية ولا بد كذلك من إقرار وجوبية المحامي في كل القضايا ومن يعجز عن تكليف محام هناك صندوق الإعانة العدلية كذلك تعميم القضاء الفردي في الطور الابتدائي وإصلاح البنية التحتيّة للمحاكم ورقمنة العدالة.