إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حركة الشعب..ولعب ورقة القواعد الجماهيرية

تونس – الصباح

 تنظيم حركة الشعب لاجتماع عام يوم أول أمس بصفاقس، وبقطع النظر عن نسبة الحضور ونوعيته، فهو يؤكد، بما لا يدع مكانا للشك والتخمين، مضي قيادات هذه الحركة في "الاستثمار" في لحظة ما بعد 25 جويلية على غرار عديد الأحزاب والقوى المدنية والتيارات السياسية التي اختارت نفس المنهج وسارعت إلى المراهنة على الشارع بأي شكل من الأشكال في محاولة لكسب ورقة القواعد الجماهيرية كمقاربة أساسية لتحديد مدى فاعلية موازين القوى خاصة بعد أن أكد الشارع التونسي مرة أخرى أنه هو صاحب إرادة التحكم في المنظوم السياسية ووحده من يملك القدرة على تغيير المنظومات والأنظمة متى أراد. فثورة 2011 هو من قادها وتوجها بإزاحة منظومة حكمت البلاد لعقود طويلة ثم أن تحرك 25 جويلية الذي قطع من منظومة الحكم التي قادت البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة كانت بإرادة شعبية وقرارات رئاسة الجمهورية الصادر مساء ذلك اليوم إنما جاءت لتأكيدها.

لذلك كانت ورقة الشارع هي البوصلة المتحكمة في اتجاهات جل التحركات والمواقف الحزبية خلال الأشهر الثلاث الأخيرة لكن عبر مقاربات أخرى كان الرهان فيها بقوة على كسب "ود" القواعد الشعبية الداعمة لقيس سعيد والتي تؤكد كل عمليات سبر الآراء والمؤشرات الميدانية أنها قاعدة موسعة ونسبها في تزايد رغم "الهزات" ومحاولات الضرب والتشكيك والاستدراج والمغازلة وجس النبض التي مورست عليها طيلة الفترة القصير الماضية. 

لكن يبدو أن في مراهنة حركة الشعب على النزعة "البراغماتية" في التعاطي مع المرحلة السياسية الجديدة سواء عبر الدخول في تحالفات تتقارب معها في الأفكار وتتقاطع في قراءتها لحركة 25 جويلية أو في محافظة قياداتها على نفس الموقف الداعم لخيارات قيس سعيد والتجند للدفاع والدفع لإنجاح مسار ما بعد 25 جويلية تحت عنوان حركة تصحيحية من أجل تحويل تلك اللحظة التاريخية الفارقة إلى فعل سياسي لإعادة الاعتبار للمكسب الديمقراطي وذلك بالخروج من ديمقراطية فاسدة إلى أخرى حقيقية تعيد الاعتبار للدولة الاجتماعية والتنموية على نحو ما ينتظره الشعب في هذه المرحلة الصعبة. ليكون لتطور موقف الحركة بعد أن أثبتت دورها العملي خلال هذه المرحلة وذلك من خلال ما أبدته من تناغم وانسجام كبير بين مواقف قياداتها مع مواقف وتوجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد بدءا بدعم الخطوط العريضة للقرارات والأوامر الصادرة عن مؤسسة رئاسة الجمهورية مرورا بالدخول على خط التفسير والتبرير في أحايين كثيرة لما كان من قبيل "الإلغاز" والغامض الصادر عن سعيد وصولا إلى الحسم والخوض في تفاصيل توجهات قيس سعيد في قيادة المرحلة القادمة والكشف عن تفاصيل وأبعاد الرؤى والتصورات الخاصة بالمرحلة القادمة. وهو ما جعل بعض المتابعين للشأن السياسي في تونس يذهبون إلى أن هذه الحركة ومن والاها ضمن الجبهة الداعمة لمسار حركة 25 جويلية التصحيحي من تيارات وأحزاب وقوى مدنية بتنسيق ائتلاف صمود، تعد طرفا في التفكير والتخطيط في إدارة شؤون الدولة خلال المرحلة القادمة، خاصة بعد أن كشف رئيس الجمهورية مؤخرا عن الخطوط العريضة لمشروعه السياسي وما يتضمنه من حوار وطني مختلف عن الحوارات التقليدية السابقة وتحديد المشاركين فيه مقابل رفع "الفيتو" ضد الفاسدين ومن كانوا جزءا من المشكل وهو نقطة التقاطع بين توجه سعيد وما سبق أن دعت له حركة الشعب وذلك بعدم مشاركة حرك النهضة وعملائها الذين كانوا طرفا في المنظومة التي حكمت البلاد خلال العقد الأخير. وذلك بالدخول عمليا في القيام بمشاورات حقيقية بشأن الخطوات المقبلة التي سيتم الإعلان عنها في إبانها. وهو ما أكده كل من عثمان الجرندي وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في حديثه مع وزير الخارجية البريطاني مؤخرا أو ما تضمنه بيان نفس الوزارة الصادر أول أمس بمناسبة إرساء يوم الأمم المتحدة وكذلك الشأن بالنسبة لأمين عام الحركة زهير المغزاوي في اجتماع صفاقس ليوم الأحد أو بقية قيادات الحركة في عديد المناسبات.

فثبات هذه الحركة وبقية شركائها في نفس الجبهة ومنها حركة تونس إلى الأمام والتيار الشعبي والوطد وغيرها، على نفس الموقف الداعم مع تحديد سقف من الشروط التي يرون أنها ليس هناك أي موجب للتنازل عنها في نقدهم لسياسة سعيد وذلك فيما يتعلق بالانفتاح على مكونات المشهد السياسي والمدني وضرورة أن يكون القرار وبرنامج إنقاذ البلاد تشاركيا فضلا عن ضرورة تحديد سقف زمني لهذه المرحلة الاستثنائية.

وهو العامل الذي جعل بعض القراءات تذهب إلى أن هذه الحركة السياسية بنفسها القومي بالأساس سوف تكون بمثابة "حزب" الرئيس خاصة في ظل ما يتمتع به سعيد من قاعدة شعبية ثم أنه ليس له حزب سياسي بعد. علما أن حركة الشعب تحصلت في الانتخابات التشريعية سنة 2019 على 16 مقعدا في البرلمان بـ129604 اصوات أي بنسب 4.52%  من نسبة المشاركين في الاقتراع. الأمر الذي يجعل هذه الأرقام قابلة للتطور في الاستحقاقات الانتخابية القادمة خاصة أمام الإجماع على ضرورة تنظيم انتخابات سابقة لأوانها في ظل الدعوات الداخلية والخارجية لضرورة عودة المسار الديمقراطي عبر المؤسسات الضامنة لذلك ومن بينها المؤسسة التشريعية وذلك بعد قرار رئيس الجمهورية القاضي بتجميد البرلمان. 

 

نزيهة الغضباني

حركة الشعب..ولعب ورقة القواعد الجماهيرية

تونس – الصباح

 تنظيم حركة الشعب لاجتماع عام يوم أول أمس بصفاقس، وبقطع النظر عن نسبة الحضور ونوعيته، فهو يؤكد، بما لا يدع مكانا للشك والتخمين، مضي قيادات هذه الحركة في "الاستثمار" في لحظة ما بعد 25 جويلية على غرار عديد الأحزاب والقوى المدنية والتيارات السياسية التي اختارت نفس المنهج وسارعت إلى المراهنة على الشارع بأي شكل من الأشكال في محاولة لكسب ورقة القواعد الجماهيرية كمقاربة أساسية لتحديد مدى فاعلية موازين القوى خاصة بعد أن أكد الشارع التونسي مرة أخرى أنه هو صاحب إرادة التحكم في المنظوم السياسية ووحده من يملك القدرة على تغيير المنظومات والأنظمة متى أراد. فثورة 2011 هو من قادها وتوجها بإزاحة منظومة حكمت البلاد لعقود طويلة ثم أن تحرك 25 جويلية الذي قطع من منظومة الحكم التي قادت البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة كانت بإرادة شعبية وقرارات رئاسة الجمهورية الصادر مساء ذلك اليوم إنما جاءت لتأكيدها.

لذلك كانت ورقة الشارع هي البوصلة المتحكمة في اتجاهات جل التحركات والمواقف الحزبية خلال الأشهر الثلاث الأخيرة لكن عبر مقاربات أخرى كان الرهان فيها بقوة على كسب "ود" القواعد الشعبية الداعمة لقيس سعيد والتي تؤكد كل عمليات سبر الآراء والمؤشرات الميدانية أنها قاعدة موسعة ونسبها في تزايد رغم "الهزات" ومحاولات الضرب والتشكيك والاستدراج والمغازلة وجس النبض التي مورست عليها طيلة الفترة القصير الماضية. 

لكن يبدو أن في مراهنة حركة الشعب على النزعة "البراغماتية" في التعاطي مع المرحلة السياسية الجديدة سواء عبر الدخول في تحالفات تتقارب معها في الأفكار وتتقاطع في قراءتها لحركة 25 جويلية أو في محافظة قياداتها على نفس الموقف الداعم لخيارات قيس سعيد والتجند للدفاع والدفع لإنجاح مسار ما بعد 25 جويلية تحت عنوان حركة تصحيحية من أجل تحويل تلك اللحظة التاريخية الفارقة إلى فعل سياسي لإعادة الاعتبار للمكسب الديمقراطي وذلك بالخروج من ديمقراطية فاسدة إلى أخرى حقيقية تعيد الاعتبار للدولة الاجتماعية والتنموية على نحو ما ينتظره الشعب في هذه المرحلة الصعبة. ليكون لتطور موقف الحركة بعد أن أثبتت دورها العملي خلال هذه المرحلة وذلك من خلال ما أبدته من تناغم وانسجام كبير بين مواقف قياداتها مع مواقف وتوجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد بدءا بدعم الخطوط العريضة للقرارات والأوامر الصادرة عن مؤسسة رئاسة الجمهورية مرورا بالدخول على خط التفسير والتبرير في أحايين كثيرة لما كان من قبيل "الإلغاز" والغامض الصادر عن سعيد وصولا إلى الحسم والخوض في تفاصيل توجهات قيس سعيد في قيادة المرحلة القادمة والكشف عن تفاصيل وأبعاد الرؤى والتصورات الخاصة بالمرحلة القادمة. وهو ما جعل بعض المتابعين للشأن السياسي في تونس يذهبون إلى أن هذه الحركة ومن والاها ضمن الجبهة الداعمة لمسار حركة 25 جويلية التصحيحي من تيارات وأحزاب وقوى مدنية بتنسيق ائتلاف صمود، تعد طرفا في التفكير والتخطيط في إدارة شؤون الدولة خلال المرحلة القادمة، خاصة بعد أن كشف رئيس الجمهورية مؤخرا عن الخطوط العريضة لمشروعه السياسي وما يتضمنه من حوار وطني مختلف عن الحوارات التقليدية السابقة وتحديد المشاركين فيه مقابل رفع "الفيتو" ضد الفاسدين ومن كانوا جزءا من المشكل وهو نقطة التقاطع بين توجه سعيد وما سبق أن دعت له حركة الشعب وذلك بعدم مشاركة حرك النهضة وعملائها الذين كانوا طرفا في المنظومة التي حكمت البلاد خلال العقد الأخير. وذلك بالدخول عمليا في القيام بمشاورات حقيقية بشأن الخطوات المقبلة التي سيتم الإعلان عنها في إبانها. وهو ما أكده كل من عثمان الجرندي وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في حديثه مع وزير الخارجية البريطاني مؤخرا أو ما تضمنه بيان نفس الوزارة الصادر أول أمس بمناسبة إرساء يوم الأمم المتحدة وكذلك الشأن بالنسبة لأمين عام الحركة زهير المغزاوي في اجتماع صفاقس ليوم الأحد أو بقية قيادات الحركة في عديد المناسبات.

فثبات هذه الحركة وبقية شركائها في نفس الجبهة ومنها حركة تونس إلى الأمام والتيار الشعبي والوطد وغيرها، على نفس الموقف الداعم مع تحديد سقف من الشروط التي يرون أنها ليس هناك أي موجب للتنازل عنها في نقدهم لسياسة سعيد وذلك فيما يتعلق بالانفتاح على مكونات المشهد السياسي والمدني وضرورة أن يكون القرار وبرنامج إنقاذ البلاد تشاركيا فضلا عن ضرورة تحديد سقف زمني لهذه المرحلة الاستثنائية.

وهو العامل الذي جعل بعض القراءات تذهب إلى أن هذه الحركة السياسية بنفسها القومي بالأساس سوف تكون بمثابة "حزب" الرئيس خاصة في ظل ما يتمتع به سعيد من قاعدة شعبية ثم أنه ليس له حزب سياسي بعد. علما أن حركة الشعب تحصلت في الانتخابات التشريعية سنة 2019 على 16 مقعدا في البرلمان بـ129604 اصوات أي بنسب 4.52%  من نسبة المشاركين في الاقتراع. الأمر الذي يجعل هذه الأرقام قابلة للتطور في الاستحقاقات الانتخابية القادمة خاصة أمام الإجماع على ضرورة تنظيم انتخابات سابقة لأوانها في ظل الدعوات الداخلية والخارجية لضرورة عودة المسار الديمقراطي عبر المؤسسات الضامنة لذلك ومن بينها المؤسسة التشريعية وذلك بعد قرار رئيس الجمهورية القاضي بتجميد البرلمان. 

 

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews