تونس-الصباح
لا يزال الوضع السياسي في تونس دون أفق واضح،ليس بسبب الإجراءات الاستثنائية فحسب بل أيضا نتيجة الاستقالات الحاصلة في عدد من الأحزاب وخيار مغادرة السفن الحزبية قبل غرقها.
وقد شكل مفعول الإجراءات الاستثنائية مدخلا لكشف مدى تفاعل القوى الحزبية مع تحولات المشهد عموما ليتأكد الجميع ضعف أدائها وعدم اهلية وجودها أصلا.
ولئن غابت احزاب كثيرة عن المشهد واستكانت الى حالة الوهن فان اخرى بدات تعيش مرحلة الانهيار من الداخل والتفكك بعد ان اضحت في مرمى تسونامي الاستقالات التي ضربت كل الاحزاب الموجودة على الساحة دون استثناء.
فبعد استقالات قيادات من النهضة ومن الاتحاد الشعبي الجمهوري ومن قلب تونس بدات ملامح التفكك تظهر على التيار الديمقراطي بعد اعلان احد مؤسسيه استقالته النهائية من الحزب.
فقد اعلن النائب رضا الزّغمي اول امس الاربعاء في تدوينة له عن استقالته من المكتب السياسي لحزب “التيار الديمقراطي”، ومن كلّ الهياكل التّسييرية للحزب .
وأرجع الزّغمي امس في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء اسباب استقالته الى تراجع التيار الديمقراطي عن مبادئه التي أسّس لأجلها فبعد ان راهن على أخلقة العمل السياسي ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب وكذلك وضع مصلحة الحزب فوق مصلحة الأشخاص، لكن بعد انتخابات 2019، ظهرت مجموعة من الأفراد في الحزب تريد التموقع في الحكومة والسلطة أكثر من تنفيذ برنامج الحزب".
ولم تكن استقالة الزغمي بالحدث الطارئ على التيار حيث قدمها لهياكل في وقت سابق واساسا بعد ان تحولت قيادات الصف الاول للتيار دعامة لتفعيل الفصل 80 او ما يصفه الخصوم "بدعوة الانقلاب" التي نشطها اساسا المؤسس محمد عبو والنائب سامية عبو ودافعوا عن خيارات التفعيل على امل انهاء حالات الفساد والتهريج الحاصل داخل الحياة البرلمانية والسياسية عموما.
واكد الزغمي في هذا السياق انه تقدم باستقالته منذ سنة 2020 بعد ان اضاع التيار الديمقراطي "البوصلة نهائيّا” الا ان تفعيلها الان ياتي "بعد التأكد من أن هذا البرلمان قد انتهى وإلى الأبد فإني أعلن عن استقالتي النهائية من الحزب لأني أصبحت في حلٍّ من الرّوابط التنظيمية والأخلاقية”.
ويتفق العديد من التيارين على ان حزبهم لم يكن سوى رهينة عند عدد قليل جدا من قياداته حيث تم استعمال التيار الديمقراطي وشعبيته وبقية قياداته "كدروع بشرية" لتحسين شروط التفاوض مع الحكومات السابقة سواء مع حكومة الحبيب الجملي او اليسا الفخفاخ الذي مكن التيار من عدد مهم من الحقائب مع تعيين محمد عبو في خطة وزارية متقدمة وبصلاحيات مفتوحة في حكومة الرئيس الاولى.
انفجار التيار من الداخل قادته بداية تسريبات النائب المجمد عضويته ورئيسة الكتلة الديمقراطية محمد عمار الذي كشف عن تدخل قصر قرطاج في تسيير بعض الكتل سيما تلك الساعية للإطاحة برئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي لتنتهي على اثرها علاقة الحزب برئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي محاولة لتجاوز هذه الوضعية سارعت الكتلة الديمقراطية بسحب الثقة من محمد عمار، وبعد اخذ ورد أعلن النائب يوم 15 جويلية 2021 عن استقالته النهائية من الكتلة ومن حزب التيار الديمقراطي.
وكتب عمار في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي إلى أنه يعلن استقالته من الحزب والكتلة الديمقراطية “لأنه لم يعد يعرف الحزب الذي كان أحد مؤسسيه سنة 2013 ".
وبرر النائب ان خطوته هذه هي نتيجة باستجوابه "حول مسائل تهم الوطن والمواطن منها المساعي التي بذلتها مؤخرا لمحاولة المساعدة في جلب التلاقيح بغية إنقاذ الأرواح".
ليرد النائب عن التيار الديمقراطي، ورئيس الكتلة الديمقراطية، نعمان العش، في تصريح لـ"إكسبراس أف أم، أن الحزب “لم يتلقّ بعد استقالة محمد عمار مكتوبة ومعللة” مبينا ان الحزب “قام باستجواب محمد عمار بسبب خرقه للنظام الداخلي الذي ينظم عمل الحزب وكذلك لعدم احترامه لقرارات الهياكل."
وعلى غرار العديد من الاطراف السياسية عاش الحزب فوضى المواقف، فبعد ان بارك تحركات قيس سعيد وبرر لها، انتهى تفهم التيار الديمقراطي للإجراءات الاستثنائية للرئيس ليتحول الى ادانة واسعة وذلك بعد منع التائب عن الكتل الديمقراطية انور بالشاهد من السفر الى خارج البلاد ليتحول الحزب الى معارض شرس لسياسات ساكن قرطاج .
خليل الحناشي