على الرغم من انفتاح البيئة الحزبية في بلادنا بعد سنة 2011 لتبلغ نحو 244 حزبا حسب بيان الحكومة في شهر جويلية 2020 فقد كانت اجراءات 25جويلية الماضي اول اختبار حقيقي للأحزاب ومدى تفاعلها واستعدادها للدفاع عن جملة الحقوق والحريات بالإضافة إلى امتحان الدفاع عن الدستور والديمقراطية عموما.
واذ نجحت انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي في هدم البنية السياسية القديمة واعطاء الاحزاب فرصة جدية للتشكل والخروج من حالة الانسداد والجفاف الى مرحلة التحول الديمقراطي فقد كان هذا الانفجار الحزبي في حد ذاته ثغرة كبيرة في جسد الديمقراطية التونسية بعد ان عجزت الاحزاب في الدفاع عن مقومات وجودها ولتؤمن انها لم تكن سوى حوانيت لممارسة السياسة مؤقتا.
وكان مفعول الإجراءات الاستثنائية مدخلا لكشف مدى تفاعل القوى الحزبية مع تحولات المشهد السياسي التي فرضها قيس سعيد على الجميع بل وليؤكد ضعف اداء العديد منها وعدم اهلية وجودها اصلا.
ولئن غابت احزاب كثيرة عن المشهد واستكانت الى حالة الوهن فان اخرى خيرت انتهاز الموقف والانصهار مع مواقف الرئيس على امل الوقوف تحت شمس السلطة لاحقا بل انها دافعت ودفعت في اتجاه مشاركة انصارها في تحرك 3اكتوبر الماضي والذي خصص جزء منه لرفض الاحزاب وتنبيه قيس سعيد من التعامل معها.
فقد دعت الأحزاب القومية، حركة الشعب والتيار الشعبي وحركة البعث أنصارها إلى المشاركة في مسيرات ووقفات بمختلف الولايات داعمة لقيس سعيد الاسبوع الماضي .
وقالت حركة الشعب مثلا في بيان سابق أنها "تدعو جميع هياكلها ومناضليها ومناضلاتها وكل القوى الوطنية المؤمنة بمسار التصحيح وعموم أبناء شعبنا إلى المشاركة بكثافة في هذه التحركات".
من جهته دعا حزب التحالف من أجل تونس ( يسار) منتسبيه وأفراد الشّعب للمشاركة في مسيرة 3اكتوبر بشارع الحبيب بورقيبة.
واكد الحزب في بيان له أن المسيرة هدفها "إتمام المسار التّصحيحي وتجسيد رغبة الشعب التّونسي في إقرار سيادته ومواصلة مسيرة التأسيس والبناء للجمهورية الثّالثة، عاشت تونس حرّة أبيّة، والعزّة لشعبها والخلود لشهدائها الأبرار".
في المقابل برزت قوى صاعدة دافعت عن خيارات الدستور والحقوق والحريات لتعلن منذ الساعات الاولى لإعلان اجراءات 25 جويلية عن رفضها لهذا التمشي والدعوة الصريحة للعودة الى الصف الدستوري والمدني على غرار حزب الامل والجمهوري وافاق تونس وحركة تونس الارادة وحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري.
ففي آخر بيان مشترك لها أعربت أربعة أحزاب وهي التكتل والجمهوري وافاق والتيار عن " قلقها البالغ إزاء استمرار الغموض والدفع بالأوضاع نحو مزيد التصعيد والتشنج، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى تعاط هادئ مع تداعيات الأزمة التي باتت تهدد مؤسسات الدولة بالشلل التام".
وأفادت بـ"رفضها لكل الدعوات الصريحة والمقنعة لتعليق العمل بالدستور أو لتمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق"، محذرة من أن هذا الوضع "يكرّس الحكم الفردي ويهدد بعودة الاستبداد".
ودعت إلى "الإسراع بتكليف رئيس حكومة لمواجهة الملفات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية، والقطع مع كل سلبيات الإدارة السابقة لمؤسسات الحكم".
كما كان للحزب الشعبي الجمهوري في بيانه الصادر اول امس الاربعاء موقفا رافضا للتدخل الرئاسي في القضاء و"محاولة تدجينه وترهيبه".
كما حافظت قوى حزبية تقليدية على تمشيها في مواجهة إجراءات 25 جويلية بل واعتبرت ان ما يأتيه قيس سعيد منذ جويلية ما هو إلا محاولة "لتدعيم اركان حكمه في المستقبل وإنهاء ادوار الأحزاب، وهو ما تقاطعت فيه حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية مع حزب العمال الذي لم يفوت امينه العام حمة الهمامي اي فرصة لوصف اجراءات 25 جويلية بالانقلاب.
واذ يشكل تفاعل الاحزاب مع اجراءات سعيد بالقبول او الرفض موقفا واضحا فان هناك احزابا غابت تماما عن الساحة الوطنية في وقت شكلت فيه سابقا محورا للعملية السياسية برمتها، وقد سُجل غياب الحزب الفائز بانتخابات 2014 بشقيها الرئاسي والتشريعي نداء تونس وحركة تحيا تونس التي لم تصدر اي بيان في الغرض بالإضافة لحزب البديل التونسي الذي لا يُعرف له موقف الى حد الان.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
على الرغم من انفتاح البيئة الحزبية في بلادنا بعد سنة 2011 لتبلغ نحو 244 حزبا حسب بيان الحكومة في شهر جويلية 2020 فقد كانت اجراءات 25جويلية الماضي اول اختبار حقيقي للأحزاب ومدى تفاعلها واستعدادها للدفاع عن جملة الحقوق والحريات بالإضافة إلى امتحان الدفاع عن الدستور والديمقراطية عموما.
واذ نجحت انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي في هدم البنية السياسية القديمة واعطاء الاحزاب فرصة جدية للتشكل والخروج من حالة الانسداد والجفاف الى مرحلة التحول الديمقراطي فقد كان هذا الانفجار الحزبي في حد ذاته ثغرة كبيرة في جسد الديمقراطية التونسية بعد ان عجزت الاحزاب في الدفاع عن مقومات وجودها ولتؤمن انها لم تكن سوى حوانيت لممارسة السياسة مؤقتا.
وكان مفعول الإجراءات الاستثنائية مدخلا لكشف مدى تفاعل القوى الحزبية مع تحولات المشهد السياسي التي فرضها قيس سعيد على الجميع بل وليؤكد ضعف اداء العديد منها وعدم اهلية وجودها اصلا.
ولئن غابت احزاب كثيرة عن المشهد واستكانت الى حالة الوهن فان اخرى خيرت انتهاز الموقف والانصهار مع مواقف الرئيس على امل الوقوف تحت شمس السلطة لاحقا بل انها دافعت ودفعت في اتجاه مشاركة انصارها في تحرك 3اكتوبر الماضي والذي خصص جزء منه لرفض الاحزاب وتنبيه قيس سعيد من التعامل معها.
فقد دعت الأحزاب القومية، حركة الشعب والتيار الشعبي وحركة البعث أنصارها إلى المشاركة في مسيرات ووقفات بمختلف الولايات داعمة لقيس سعيد الاسبوع الماضي .
وقالت حركة الشعب مثلا في بيان سابق أنها "تدعو جميع هياكلها ومناضليها ومناضلاتها وكل القوى الوطنية المؤمنة بمسار التصحيح وعموم أبناء شعبنا إلى المشاركة بكثافة في هذه التحركات".
من جهته دعا حزب التحالف من أجل تونس ( يسار) منتسبيه وأفراد الشّعب للمشاركة في مسيرة 3اكتوبر بشارع الحبيب بورقيبة.
واكد الحزب في بيان له أن المسيرة هدفها "إتمام المسار التّصحيحي وتجسيد رغبة الشعب التّونسي في إقرار سيادته ومواصلة مسيرة التأسيس والبناء للجمهورية الثّالثة، عاشت تونس حرّة أبيّة، والعزّة لشعبها والخلود لشهدائها الأبرار".
في المقابل برزت قوى صاعدة دافعت عن خيارات الدستور والحقوق والحريات لتعلن منذ الساعات الاولى لإعلان اجراءات 25 جويلية عن رفضها لهذا التمشي والدعوة الصريحة للعودة الى الصف الدستوري والمدني على غرار حزب الامل والجمهوري وافاق تونس وحركة تونس الارادة وحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري.
ففي آخر بيان مشترك لها أعربت أربعة أحزاب وهي التكتل والجمهوري وافاق والتيار عن " قلقها البالغ إزاء استمرار الغموض والدفع بالأوضاع نحو مزيد التصعيد والتشنج، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى تعاط هادئ مع تداعيات الأزمة التي باتت تهدد مؤسسات الدولة بالشلل التام".
وأفادت بـ"رفضها لكل الدعوات الصريحة والمقنعة لتعليق العمل بالدستور أو لتمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق"، محذرة من أن هذا الوضع "يكرّس الحكم الفردي ويهدد بعودة الاستبداد".
ودعت إلى "الإسراع بتكليف رئيس حكومة لمواجهة الملفات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية، والقطع مع كل سلبيات الإدارة السابقة لمؤسسات الحكم".
كما كان للحزب الشعبي الجمهوري في بيانه الصادر اول امس الاربعاء موقفا رافضا للتدخل الرئاسي في القضاء و"محاولة تدجينه وترهيبه".
كما حافظت قوى حزبية تقليدية على تمشيها في مواجهة إجراءات 25 جويلية بل واعتبرت ان ما يأتيه قيس سعيد منذ جويلية ما هو إلا محاولة "لتدعيم اركان حكمه في المستقبل وإنهاء ادوار الأحزاب، وهو ما تقاطعت فيه حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية مع حزب العمال الذي لم يفوت امينه العام حمة الهمامي اي فرصة لوصف اجراءات 25 جويلية بالانقلاب.
واذ يشكل تفاعل الاحزاب مع اجراءات سعيد بالقبول او الرفض موقفا واضحا فان هناك احزابا غابت تماما عن الساحة الوطنية في وقت شكلت فيه سابقا محورا للعملية السياسية برمتها، وقد سُجل غياب الحزب الفائز بانتخابات 2014 بشقيها الرئاسي والتشريعي نداء تونس وحركة تحيا تونس التي لم تصدر اي بيان في الغرض بالإضافة لحزب البديل التونسي الذي لا يُعرف له موقف الى حد الان.