في الظروف الطبيعية، كان يفترض أن يعود البرلمان، بعد أيام قليلة وتحديدا يوم غرة أكتوبر القادم الى استئناف نشاطه المعتاد بعد العطلة الصيفية.. ولكن خلال هذه العطلة الصيفية حدثت أشياء كثيرة غيرت المشهد السياسي برمته بعد اتخاذ رئيس الجمهورية يوم عيد الجمهورية قرار تعليق او تجميد نشاط البرلمان..
وقد اكتفى رئيس الجمهورية قيس سعيد بتعليق أعمال البرلمان دون حله، لأن حل البرلمان بشكل صريح، سيجبر سعيد على الإعلان عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في غضون 90 يوما.. ولم يكتف سعيد بتجميد نشاط مجلس نواب الشعب بل استولى على صلاحيات البرلمان من خلال الأمر الرئاسي 117 الذي منح الرئيس صلاحية التشريع عبر آلية المراسيم التي لا يمكن الطعن فيها بأي وجه من الوجوه وحتى في دعاوى تجاوز السلطة أمام المحكمة الإدارية..
يؤكد قيس سعيد أن قرار تجميد البرلمان يأتي استجابة لمطالب شعبية، ضاقت ذرعا، بمشهد نيابي متعفن وببرلمان تشوهت صورته لدى التونسيين بشكل غير مسبوق، بسبب الخلافات والصراعات والعنف اللفظي والجسدي بين النواب، حوّل البرلمان من ممثل ومجسد للإرادة الشعبية الى حلبة صراع يومي.. ورغم كل الفشل والصورة السلبية التي التصقت بعمل البرلمان الا أن اليوم هناك أصوات كثيرة تتعالى مطالبة بضرورة عودة هذا البرلمان الى استئناف نشاطه حتى نبقى ضمن الشكليات الدستورية والمسار الديمقراطي خاصة بعد أن منح الأمر الرئاسي الأخير رئيس الجمهورية صلاحية التشريع..
وبين برلمان لم يتم حله بشكل معلن ورئيس جمهورية سحب منه أبرز صلاحياته وهي صلاحية التشريع، يتطور الصراع بينهما الى مواجهة مباشرة، خاصة بعد أن اعلن رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي تمسكه بمنصبه النيابي ودعوته الى النضال السلمي ضد ما وصفه بالانحراف على التمشي الديمقراطي..
إطلاق الرصاصة الأخيرة..
بعد اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد في 25 جويلية عن تجميد نشاط البرلمان تواترت منذ ذلك الوقت ردود الأفعال الدولية والوطنية وخاصة من نواب البرلمان، حيث تقدم عدد كبير منهم بدعاوى أمام المحكمة الإدارية للطعن في قرار التجميد والى اليوم لم تبت محكمة الإدارية في هذه الطعون..
كما انه بعد أسابيع قليلة من قرار التجميد تتم دعوة رئيس البرلمان راشد الغنوشي من طرف اتحاد البرلمان الدولي بجنيف والذي فوض النائب ورئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي للحضور مكانه والقاء كلمة باسمه وهو ما تم تأويله على كون اتحاد البرلمان الدولي لم يعترف بقرار قيس سعيد في تجميد البرلمان.. وكان مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالإعلام والاتصال، والنائب عن حركة "النهضة" ماهر مذيوب تقدم بشكوى لدى لجنة حقوق الإنسان صلب الاتحاد البرلماني الدولي احتجاجا على تجميد ثم تعليق عمله في البرلمان إلى أجل غير مسمّى.
وكان أكثر من سبعين نائبا بقيادة الصافي سعيد، حاولوا مقابلة رئيس الجمهورية للنظر في هذه الازمة والنقاش بشأنها في مبادرة تم وصفها باليائسة خاصة بعد أن رفض قيس سعيد اللقاء ولم يكترث لكل الوساطات في هذا الشأن.. حتى اصدار الأمر الرئاسي عدد 117 الذي اعتبره البعض الرصاصة الأخيرة التي أطلقها سعيد وقضت نهائيا على البرلمان خاصة مع تمسك رئيس الجمهورية بعدم إمكانية العودة الى الوراء بما يُفهم منه أن البرلمان انتهى فعليا ولن يعود أبدا.
محاولات لإعادة البرلمان إلى نشاطه..
كان تصريح رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي، الأخير، لافتا للانتباه وهو يعبر عن تمسّكه بصفته النيابية على رأس البرلمان، مؤكدا بأنّه ترأّس المجلس النيابي المنتخب من الأغلبية البرلمانية بعد انتخابات مباشرة من الشعب وأنه احتراما لهذا التعاقد لا يمكن أن ينزع عنه هذه الصفة إلا النواب أنفسهم أو بقرار ارادي منه يغلب فيه مصلحة وطنية.. وأن ما دون ذلك هو هروب من المعركة الديمقراطية، على حد تعبيره.
وقد دعا الغنوشي رئيس الجمهورية الى: "التراجع عن هذا الإجراء غير القانوني وغير الدستوري وكل الإجراءات الاستثنائية التي مثلت انقلابا على الدستور وإرادة الشعب"، على حد تعبيره..
وقبل ذلك أكد النائب المستقيل من كتلة قلب تونس الحليف البرلماني الأول لحركة النهضة، عياض اللومي أنه على النواب الرجوع إلى العمل حيث أن الأمر لا يتعلّق بمزاج قيس سعيّد بخصوص غلق البرلمان. وأنهم كنواب الآن في إجازة برلمانية ويوم 1 أكتوبر ستنطلق أعمال البرلمان، مؤكدا أن البرلمان مفتوح والشرعية قائمة، كما أكد اللومي أنه سيواصل نشاطه النيابي المعتاد.
وفي ذات السياق دعا القيادي المنشق عن حركة النهضة، في تدوينة له على صفحته الرسمية، أعضاء مجلس النواب المجمد "للتحرك سياسيا وقانونيا وميدانيا لتفعيل البرلمان وتجاوز سلبياته والتجرد من كل الحزازيات الحزبية دفاعا عن الدستور والديمقراطية «.. فيما أشار الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي أن البرلمان قد يعود لفترة زمنية محددة يتم خلالها المصادقة على الحكومة والقانون الانتخابي الذي يمكن إعداده خارج البرلمان.
سحب الثقة زمن التجميد
اعتبرت رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ترك قنبلة موقوتة بين يدي راشد الغنوشي لاستعمالها ضده في كل لحظة .مؤكدة أن أكبر خطر هو أن يبقى البرلمان معلقا وعلى رأسه راشد الغنوشي، مؤكدة أن رئيس الجمهورية ثبّت بالأمر الرئاسي عدد 117 ، الغنوشي في موقعه وأنه وضع جميع النواب في سلة واحدة عندما اتهم الجميع بالفساد، موضحة أن سعيّد جعل بذلك كل النواب خصوما له وأنه دفع بهم نحو راشد الغنوشي محذرة من أن ذلك سيدخل البلاد في دوامة عدم شرعية وانه سيصبح هناك برلمان للغنوشي وآخر لسعيد ورئيس معترف به وآخر غير معترف به.
وكان نواب الحزب الدستوري الحر من أبرز النواب الذين عبروا منذ اليوم الأول في الدورة النيابية الأولى عن رفضهم إدارة راشد الغنوشي لمجلس نواب الشعب، ولمدة دورتين متتاليين تابع التونسيون المشاحنات اليومية بين رئيس البرلمان وكتلة الدستوري الحر، وتطور الامر الى عريضة لسحب الثقة في مرة أولى فشلت في المرور خلال التصويت، ثم عريضة ثانية لم يتم تمريرها الى التصويت وبعد ذلك أتى قرار التجميد الذي علق نشاط البرلمان والنواب ولكن هذا القرار لم يثن كتلة الدستوري الحر وكتلة الإصلاح عن طرح عريضة لسحب الثقة من راشد الغنوشي، وقد صرح النائب حاتم المانسي عن كتلة الإصلاح أنّ كتلته في مجلس نواب الشعب، المجمّدة أشغاله "قرّرت بالتشاور مع كتلة الحزب الدستوري الحر، تجديد تقديم عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي ولو بصفة رمزيّة".. ولكن هذه العريضة لن تصبح سارية المفعول الا بجمع امضاء 109 نواب وهو الأمر الذي عجز الرافضون لسياسات وتسيير راشد الغنوشي للبرلمان عن توفيره كنصاب للتقدم بعريضة سحب الثقة.
وينتظر أن يشهد ملف تجميد أشغال البرلمان تطورات مع انتهاء العطلة البرلمانية بحلول غرة أكتوبر، التاريخ المعتاد لاستئناف البرلمان لأعماله.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
في الظروف الطبيعية، كان يفترض أن يعود البرلمان، بعد أيام قليلة وتحديدا يوم غرة أكتوبر القادم الى استئناف نشاطه المعتاد بعد العطلة الصيفية.. ولكن خلال هذه العطلة الصيفية حدثت أشياء كثيرة غيرت المشهد السياسي برمته بعد اتخاذ رئيس الجمهورية يوم عيد الجمهورية قرار تعليق او تجميد نشاط البرلمان..
وقد اكتفى رئيس الجمهورية قيس سعيد بتعليق أعمال البرلمان دون حله، لأن حل البرلمان بشكل صريح، سيجبر سعيد على الإعلان عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في غضون 90 يوما.. ولم يكتف سعيد بتجميد نشاط مجلس نواب الشعب بل استولى على صلاحيات البرلمان من خلال الأمر الرئاسي 117 الذي منح الرئيس صلاحية التشريع عبر آلية المراسيم التي لا يمكن الطعن فيها بأي وجه من الوجوه وحتى في دعاوى تجاوز السلطة أمام المحكمة الإدارية..
يؤكد قيس سعيد أن قرار تجميد البرلمان يأتي استجابة لمطالب شعبية، ضاقت ذرعا، بمشهد نيابي متعفن وببرلمان تشوهت صورته لدى التونسيين بشكل غير مسبوق، بسبب الخلافات والصراعات والعنف اللفظي والجسدي بين النواب، حوّل البرلمان من ممثل ومجسد للإرادة الشعبية الى حلبة صراع يومي.. ورغم كل الفشل والصورة السلبية التي التصقت بعمل البرلمان الا أن اليوم هناك أصوات كثيرة تتعالى مطالبة بضرورة عودة هذا البرلمان الى استئناف نشاطه حتى نبقى ضمن الشكليات الدستورية والمسار الديمقراطي خاصة بعد أن منح الأمر الرئاسي الأخير رئيس الجمهورية صلاحية التشريع..
وبين برلمان لم يتم حله بشكل معلن ورئيس جمهورية سحب منه أبرز صلاحياته وهي صلاحية التشريع، يتطور الصراع بينهما الى مواجهة مباشرة، خاصة بعد أن اعلن رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي تمسكه بمنصبه النيابي ودعوته الى النضال السلمي ضد ما وصفه بالانحراف على التمشي الديمقراطي..
إطلاق الرصاصة الأخيرة..
بعد اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد في 25 جويلية عن تجميد نشاط البرلمان تواترت منذ ذلك الوقت ردود الأفعال الدولية والوطنية وخاصة من نواب البرلمان، حيث تقدم عدد كبير منهم بدعاوى أمام المحكمة الإدارية للطعن في قرار التجميد والى اليوم لم تبت محكمة الإدارية في هذه الطعون..
كما انه بعد أسابيع قليلة من قرار التجميد تتم دعوة رئيس البرلمان راشد الغنوشي من طرف اتحاد البرلمان الدولي بجنيف والذي فوض النائب ورئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي للحضور مكانه والقاء كلمة باسمه وهو ما تم تأويله على كون اتحاد البرلمان الدولي لم يعترف بقرار قيس سعيد في تجميد البرلمان.. وكان مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالإعلام والاتصال، والنائب عن حركة "النهضة" ماهر مذيوب تقدم بشكوى لدى لجنة حقوق الإنسان صلب الاتحاد البرلماني الدولي احتجاجا على تجميد ثم تعليق عمله في البرلمان إلى أجل غير مسمّى.
وكان أكثر من سبعين نائبا بقيادة الصافي سعيد، حاولوا مقابلة رئيس الجمهورية للنظر في هذه الازمة والنقاش بشأنها في مبادرة تم وصفها باليائسة خاصة بعد أن رفض قيس سعيد اللقاء ولم يكترث لكل الوساطات في هذا الشأن.. حتى اصدار الأمر الرئاسي عدد 117 الذي اعتبره البعض الرصاصة الأخيرة التي أطلقها سعيد وقضت نهائيا على البرلمان خاصة مع تمسك رئيس الجمهورية بعدم إمكانية العودة الى الوراء بما يُفهم منه أن البرلمان انتهى فعليا ولن يعود أبدا.
محاولات لإعادة البرلمان إلى نشاطه..
كان تصريح رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي، الأخير، لافتا للانتباه وهو يعبر عن تمسّكه بصفته النيابية على رأس البرلمان، مؤكدا بأنّه ترأّس المجلس النيابي المنتخب من الأغلبية البرلمانية بعد انتخابات مباشرة من الشعب وأنه احتراما لهذا التعاقد لا يمكن أن ينزع عنه هذه الصفة إلا النواب أنفسهم أو بقرار ارادي منه يغلب فيه مصلحة وطنية.. وأن ما دون ذلك هو هروب من المعركة الديمقراطية، على حد تعبيره.
وقد دعا الغنوشي رئيس الجمهورية الى: "التراجع عن هذا الإجراء غير القانوني وغير الدستوري وكل الإجراءات الاستثنائية التي مثلت انقلابا على الدستور وإرادة الشعب"، على حد تعبيره..
وقبل ذلك أكد النائب المستقيل من كتلة قلب تونس الحليف البرلماني الأول لحركة النهضة، عياض اللومي أنه على النواب الرجوع إلى العمل حيث أن الأمر لا يتعلّق بمزاج قيس سعيّد بخصوص غلق البرلمان. وأنهم كنواب الآن في إجازة برلمانية ويوم 1 أكتوبر ستنطلق أعمال البرلمان، مؤكدا أن البرلمان مفتوح والشرعية قائمة، كما أكد اللومي أنه سيواصل نشاطه النيابي المعتاد.
وفي ذات السياق دعا القيادي المنشق عن حركة النهضة، في تدوينة له على صفحته الرسمية، أعضاء مجلس النواب المجمد "للتحرك سياسيا وقانونيا وميدانيا لتفعيل البرلمان وتجاوز سلبياته والتجرد من كل الحزازيات الحزبية دفاعا عن الدستور والديمقراطية «.. فيما أشار الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي أن البرلمان قد يعود لفترة زمنية محددة يتم خلالها المصادقة على الحكومة والقانون الانتخابي الذي يمكن إعداده خارج البرلمان.
سحب الثقة زمن التجميد
اعتبرت رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ترك قنبلة موقوتة بين يدي راشد الغنوشي لاستعمالها ضده في كل لحظة .مؤكدة أن أكبر خطر هو أن يبقى البرلمان معلقا وعلى رأسه راشد الغنوشي، مؤكدة أن رئيس الجمهورية ثبّت بالأمر الرئاسي عدد 117 ، الغنوشي في موقعه وأنه وضع جميع النواب في سلة واحدة عندما اتهم الجميع بالفساد، موضحة أن سعيّد جعل بذلك كل النواب خصوما له وأنه دفع بهم نحو راشد الغنوشي محذرة من أن ذلك سيدخل البلاد في دوامة عدم شرعية وانه سيصبح هناك برلمان للغنوشي وآخر لسعيد ورئيس معترف به وآخر غير معترف به.
وكان نواب الحزب الدستوري الحر من أبرز النواب الذين عبروا منذ اليوم الأول في الدورة النيابية الأولى عن رفضهم إدارة راشد الغنوشي لمجلس نواب الشعب، ولمدة دورتين متتاليين تابع التونسيون المشاحنات اليومية بين رئيس البرلمان وكتلة الدستوري الحر، وتطور الامر الى عريضة لسحب الثقة في مرة أولى فشلت في المرور خلال التصويت، ثم عريضة ثانية لم يتم تمريرها الى التصويت وبعد ذلك أتى قرار التجميد الذي علق نشاط البرلمان والنواب ولكن هذا القرار لم يثن كتلة الدستوري الحر وكتلة الإصلاح عن طرح عريضة لسحب الثقة من راشد الغنوشي، وقد صرح النائب حاتم المانسي عن كتلة الإصلاح أنّ كتلته في مجلس نواب الشعب، المجمّدة أشغاله "قرّرت بالتشاور مع كتلة الحزب الدستوري الحر، تجديد تقديم عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي ولو بصفة رمزيّة".. ولكن هذه العريضة لن تصبح سارية المفعول الا بجمع امضاء 109 نواب وهو الأمر الذي عجز الرافضون لسياسات وتسيير راشد الغنوشي للبرلمان عن توفيره كنصاب للتقدم بعريضة سحب الثقة.
وينتظر أن يشهد ملف تجميد أشغال البرلمان تطورات مع انتهاء العطلة البرلمانية بحلول غرة أكتوبر، التاريخ المعتاد لاستئناف البرلمان لأعماله.