إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كيف سيعود الرئيس إلى الشعب.. وأمامه "هيئة انتخابات كسيحة"! ؟

 

تونس- الصباح 

اعتبر، عدد من المتابعين للشأن العام، أن الموقف الذي اعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيد، أول أمس، خلال لقائه بعميد المحامين إبراهيم بودربالة وبشير العبيدي وبسام الطريفي عن الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، عندما تحدث عن العودة الى الشعب بقوله: »سنعود إلى الشعب صاحب السيادة هو الذي يقرر في إطار القانون« هو توضيح للمسار الدستوري بعد إجراءات 25 جويلية الاستثنائية وان العودة إلى الشعب لن تكون الا من خلال الاستفتاء وتوقع البعض إن هذا الاستفتاء سيكون محوره التصديق على دستور جديد للبلاد، وكذلك هذه العودة تعني أيضا الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة بعد حل البرلمان خاصة وان الرئيس يتمسك كل مرة بالقول أنه لا مجال للعودة إلى مرحلة ما قبل 25 جويلية.

ولكن إذا كانت العودة إلى الشعب وهو صاحب السيادة ومصدر الشرعية إجراء سليما سياسيا وآلياته معروفة ومنسجمة مع النص الدستوري، فان أدوات هذه»العودة إلى الشعب «هي ما يطرح اليوم إشكالا خطيرا، ولا نعرف إن كان رئيس الجمهورية على دراية بذلك أم لا..، ويتمثل هذا الإشكال في وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتي تحتاج الى سد شغور بعد انتهاء عهدة عدد من أعضائها بمن في ذلك رئيسها نبيل بفون التي انتهت عهدته بالقانون منذ جانفي 2020، وكان يفترض أن يقوم البرلمان بسد الشغور في الهيئة ولكن بعض المواقف تؤكد أن الأغلبية البرلمانية تعمدت تجاهل الأمر خوفا من الانتخابات المبكرة وحتى تبقى الهيئة مشكوكا في قانونيتها بالنظر للشغور الحاصل بها والذي يجعلها في نظر القانون والرأي العام هيئة  »كسيحة « وكل أعمالها موضع شك وارتياب.. فكيف والحال تلك أن نعود الى الشعب بهيئة كسيحة تثير حولها الشكوك اما بصراعات أعضائها الداخلية او بالشغور الحاصل داخلها؟

رئيس خارج العهدة..

انتهت عهدة رئيس هيئة الانتخابات نبيل بفون بالقانون منذ شهر جانفي 2020 وكان يفترض أن ينتخب البرلمان رئيسا جديدا لهيئة الانتخابات، ولكن اليوم تجاوزنا الآجال وتاريخ انتهاء عهدة بفون بحوالي 18 شهرا دون انتخاب رئيس جديد للهيئة وما زال نبيل بفون يواصل مهامه ورغم ان القانون ينص على ان الأعضاء المنتهية عهدتهم يواصلون أداء مهامهم الى حين انتخاب أعضاء جدد الا انه كان يفترض بالبرلمان ان ينتخب رئيسا جديدا للهيئة حتى لا يتواصل الشغور بهذا الشكل وبالنسبة لهيئة مؤتمنة على مصير البلاد السياسي.

ويذكر ان نبيل بفون تم انتخابه في ماي 2011 من قبل "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي"، عضوا في أول هيئة مستقلة أشرفت على انتخابات المجلس التأسيسي وأعيد انتخابه مرة أخرى في 8 جانفي 2014 عضوا في الهيئة، إلى أن انتخب في 30 جانفي 2018 رئيسا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وقد انتهت ولاية بفون وعضوين آخرين، بحسب القانون، في جانفي 2020، وذلك في إطار التداول والتجديد الدوري كل سنتين لثلث تركيبة هيئة الانتخابات، التي تضم تسعة أعضاء، بهدف ضمان حيادها واستقلاليتها.

وكان مكتب البرلمان، برئاسة راشد الغنوشي، قد قرر السنة الماضية فتح باب الترشح لتجديد ثلث أعضاء الهيئة العليا للانتخابات التسعة، وانتخاب رئيس جديد خلفاً لبفون مع تحديد أقصى أجل لتقديم الترشيحات نهاية شهر أوت 2020..، ولكن تعطل مسار تجديد الشغور الحاصل في الهيئة لأسباب غير معروفة ومثيرة للارتياب، يُفهم منه أن أغلبية الكتل البرلمانية أهملت وتجاهلت سد الشغور وذلك خوفا من الانتخابات المبكرة.

مشاكل داخلية وصراعات 

الى جانب الإشكاليات الهيكلية التي تعاني منها الهيئة وسد الشغور، فانه ومنذ أشهر تفجرت خلافات عميقة داخل الهيئة وبين الأعضاء أفرزت اتهامات خطيرة مست من مصداقية الهيئة حيث اعتبر العضوان نبيل العزيزي وعادل البرينصي في تصريح سابق لـ"الصباح" واتهما رئيس الهيئة »بالإنفراد بالرأي « وكذلك بسوء التصرف الإداري والمالي، وعقد صفقات عبر آلية التفاوض المباشر التي »تغذي شبهات الفساد". كما أشار العزيزي إلى أن بعض ممثلي الهيئة بالخارج " لهم انتماءات سياسية مكشوفة وواضحة"، لكن هذا لم يمنع رئيس الهيئة من الإصرار على تعيينهم رغم تنبيهه لذلك. لكن الاتهام الأخطر كان المتعلق بالدور "المشبوه" للمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، فقد اعتبر العزيزي أن هذه المنظمة غير الحكومية، وبإشرافها على التكوين والتسجيل والتطبيقات، »تملك قاعدة بيانات التسجيل «  وبالتالي كل المعطيات الشخصية للتونسيين.

هذا بالإضافة إلى الشبهات الكثيرة التي باتت تلاحق انتخابات 2019 والتي كشفتها محكمة المحاسبات واليوم متعهد بها القضاء وذلك في علاقة بالتمويل الأجنبي وبالجرائم الانتخابية التي حصلت والتي تبقى الهيئة مسؤولة عنها قانونا رغم الاعتراف بنتائج الانتخابات الأخيرة من طرف كل القوى السياسية الا ان هذه الانتخابات باتت وخاصة اليوم موضع شك في علاقة بنزاهتها وشفافيتها.

وكل ما تقدم يحول هيئة الانتخابات الى مأزق جديد قد يواجه قيس سعيد في علاقة بخياراته الدستورية في المستقبل ناهيك وانه اليوم لا يمكن سد الشغور في الهيئة لتجميد نشاط البرلمان كما لا يمكن أخلاقيا ان تشرف الهيئة الحالية ورئيسها المنتهة عهدته على مسار انتخابي جديد سيكون حاسما في تاريخ البلاد .

منية العرفاوي 

كيف سيعود الرئيس إلى الشعب.. وأمامه "هيئة انتخابات كسيحة"! ؟

 

تونس- الصباح 

اعتبر، عدد من المتابعين للشأن العام، أن الموقف الذي اعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيد، أول أمس، خلال لقائه بعميد المحامين إبراهيم بودربالة وبشير العبيدي وبسام الطريفي عن الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، عندما تحدث عن العودة الى الشعب بقوله: »سنعود إلى الشعب صاحب السيادة هو الذي يقرر في إطار القانون« هو توضيح للمسار الدستوري بعد إجراءات 25 جويلية الاستثنائية وان العودة إلى الشعب لن تكون الا من خلال الاستفتاء وتوقع البعض إن هذا الاستفتاء سيكون محوره التصديق على دستور جديد للبلاد، وكذلك هذه العودة تعني أيضا الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة بعد حل البرلمان خاصة وان الرئيس يتمسك كل مرة بالقول أنه لا مجال للعودة إلى مرحلة ما قبل 25 جويلية.

ولكن إذا كانت العودة إلى الشعب وهو صاحب السيادة ومصدر الشرعية إجراء سليما سياسيا وآلياته معروفة ومنسجمة مع النص الدستوري، فان أدوات هذه»العودة إلى الشعب «هي ما يطرح اليوم إشكالا خطيرا، ولا نعرف إن كان رئيس الجمهورية على دراية بذلك أم لا..، ويتمثل هذا الإشكال في وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتي تحتاج الى سد شغور بعد انتهاء عهدة عدد من أعضائها بمن في ذلك رئيسها نبيل بفون التي انتهت عهدته بالقانون منذ جانفي 2020، وكان يفترض أن يقوم البرلمان بسد الشغور في الهيئة ولكن بعض المواقف تؤكد أن الأغلبية البرلمانية تعمدت تجاهل الأمر خوفا من الانتخابات المبكرة وحتى تبقى الهيئة مشكوكا في قانونيتها بالنظر للشغور الحاصل بها والذي يجعلها في نظر القانون والرأي العام هيئة  »كسيحة « وكل أعمالها موضع شك وارتياب.. فكيف والحال تلك أن نعود الى الشعب بهيئة كسيحة تثير حولها الشكوك اما بصراعات أعضائها الداخلية او بالشغور الحاصل داخلها؟

رئيس خارج العهدة..

انتهت عهدة رئيس هيئة الانتخابات نبيل بفون بالقانون منذ شهر جانفي 2020 وكان يفترض أن ينتخب البرلمان رئيسا جديدا لهيئة الانتخابات، ولكن اليوم تجاوزنا الآجال وتاريخ انتهاء عهدة بفون بحوالي 18 شهرا دون انتخاب رئيس جديد للهيئة وما زال نبيل بفون يواصل مهامه ورغم ان القانون ينص على ان الأعضاء المنتهية عهدتهم يواصلون أداء مهامهم الى حين انتخاب أعضاء جدد الا انه كان يفترض بالبرلمان ان ينتخب رئيسا جديدا للهيئة حتى لا يتواصل الشغور بهذا الشكل وبالنسبة لهيئة مؤتمنة على مصير البلاد السياسي.

ويذكر ان نبيل بفون تم انتخابه في ماي 2011 من قبل "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي"، عضوا في أول هيئة مستقلة أشرفت على انتخابات المجلس التأسيسي وأعيد انتخابه مرة أخرى في 8 جانفي 2014 عضوا في الهيئة، إلى أن انتخب في 30 جانفي 2018 رئيسا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وقد انتهت ولاية بفون وعضوين آخرين، بحسب القانون، في جانفي 2020، وذلك في إطار التداول والتجديد الدوري كل سنتين لثلث تركيبة هيئة الانتخابات، التي تضم تسعة أعضاء، بهدف ضمان حيادها واستقلاليتها.

وكان مكتب البرلمان، برئاسة راشد الغنوشي، قد قرر السنة الماضية فتح باب الترشح لتجديد ثلث أعضاء الهيئة العليا للانتخابات التسعة، وانتخاب رئيس جديد خلفاً لبفون مع تحديد أقصى أجل لتقديم الترشيحات نهاية شهر أوت 2020..، ولكن تعطل مسار تجديد الشغور الحاصل في الهيئة لأسباب غير معروفة ومثيرة للارتياب، يُفهم منه أن أغلبية الكتل البرلمانية أهملت وتجاهلت سد الشغور وذلك خوفا من الانتخابات المبكرة.

مشاكل داخلية وصراعات 

الى جانب الإشكاليات الهيكلية التي تعاني منها الهيئة وسد الشغور، فانه ومنذ أشهر تفجرت خلافات عميقة داخل الهيئة وبين الأعضاء أفرزت اتهامات خطيرة مست من مصداقية الهيئة حيث اعتبر العضوان نبيل العزيزي وعادل البرينصي في تصريح سابق لـ"الصباح" واتهما رئيس الهيئة »بالإنفراد بالرأي « وكذلك بسوء التصرف الإداري والمالي، وعقد صفقات عبر آلية التفاوض المباشر التي »تغذي شبهات الفساد". كما أشار العزيزي إلى أن بعض ممثلي الهيئة بالخارج " لهم انتماءات سياسية مكشوفة وواضحة"، لكن هذا لم يمنع رئيس الهيئة من الإصرار على تعيينهم رغم تنبيهه لذلك. لكن الاتهام الأخطر كان المتعلق بالدور "المشبوه" للمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، فقد اعتبر العزيزي أن هذه المنظمة غير الحكومية، وبإشرافها على التكوين والتسجيل والتطبيقات، »تملك قاعدة بيانات التسجيل «  وبالتالي كل المعطيات الشخصية للتونسيين.

هذا بالإضافة إلى الشبهات الكثيرة التي باتت تلاحق انتخابات 2019 والتي كشفتها محكمة المحاسبات واليوم متعهد بها القضاء وذلك في علاقة بالتمويل الأجنبي وبالجرائم الانتخابية التي حصلت والتي تبقى الهيئة مسؤولة عنها قانونا رغم الاعتراف بنتائج الانتخابات الأخيرة من طرف كل القوى السياسية الا ان هذه الانتخابات باتت وخاصة اليوم موضع شك في علاقة بنزاهتها وشفافيتها.

وكل ما تقدم يحول هيئة الانتخابات الى مأزق جديد قد يواجه قيس سعيد في علاقة بخياراته الدستورية في المستقبل ناهيك وانه اليوم لا يمكن سد الشغور في الهيئة لتجميد نشاط البرلمان كما لا يمكن أخلاقيا ان تشرف الهيئة الحالية ورئيسها المنتهة عهدته على مسار انتخابي جديد سيكون حاسما في تاريخ البلاد .

منية العرفاوي 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews