إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

واشنطن تواصل الضغط وسعيد يناور بـ "الوجهة" الصينية

 

تونس-الصباح

عادت الولايات المتحدة الامريكية لتضغط مجددا على بلادنا، ضمانا لعودة البرلمان ومواصلة البناء الديمقراطي، حيث من المقرر ان يقوم وفد من الكونغرس الامريكي بزيارة تونس في قادم الايام وذلك لإعادة طرح دعوته باستئناف النشاط البرلماني واعادة الامور الى نصابها .

وتأتي زيارة الوفد الأمريكي والذي يقوده السيناتور كريس مورفي اشد منتقدي خيارات وتوجهات الرئيس قيس سعيد  كزيارة ثانية لقصر قرطاج بعد موعد 13 أوت الماضي وضمت كلا من النائب الأول لمستشار الأمن القومي، جوناثان فاينر، والقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود الذين التقوا قيس سعيد.

بعد رسالة بايدن… الكونغرس

وكشف البيت الأبيض بعدها بيوم واحد فحوى اللقاء ومضمون الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى سعيد.

وقال البيت الأبيض في بيان رسمي ان بايدن، أكد في رسالته لسعيّد على دعمه الشخصي ودعم الإدارة الأميركية للشعب التونسي وحث الرئيس الامريكي في رسالته تلك على  "العودة السريعة إلى مسار الديمقراطية البرلمانية في تونس".

كما نقلت الصفحة انه وخلال اللقاء، ناقش فاينر سعيّد "بشأن الحاجة الملحة إلى تعيين رئيس وزراء مكلّف، بهدف تشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية التي تواجه تونس.

 وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إيميلي هورن، في البيان إن تمكين حكومة جديدة لخلق استقرار في الاقتصاد سينتج مساحة أيضا لحوار شامل بشأن الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة، استجابة للمطالب التي تم التعبير عنها على نطاق واسع في تونس لتحسين مستويات المعيشة والحكم بشفافية وصدق وفعالية.

ومن الواضح ان زيارة وفد الكونغرس تشكل الشوط الثاني وتتمة للزيارة الاولى ومحاولة واضحة للاطلاع على مجموعة الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي لمح لها بيان البيت الابيض يوم 14 اوت الماضي .

غير ان هذا الوضع قد لا يجد صداه عند قيس سعيد والذي وعد في اكثر من مناسبة انه لا خطوة الى الوراء وان اعادة الحياة السياسية الى ما قبل 25جويلية ماهي الا ضرب من ضروب الخيال في اذهان اصحابها.

ويبدو أن الرئيس بصدد الاستعداد لمثل هذه الضغوط الامريكية والاوروبية بعد ان رفض سعيد صراحة اي دعوات لإنشاء خريطة طريق او فتح قنوات حوار مع اي طرف داخلي رغم الدعوات الخارجية لذلك وتجسد هذا الموقف بالجملة الشهيرة لساكن قرطاج حين قال "لمن يتحدثون عن خارطة الطريق.. اذهبوا إلى كتب الجغرافيا وستجدون البحار والقارات".

الصين…الوجهة الجديدة

وبات واضحا نية سعيد في تجاوز دعوة الامريكان والاتحاد الاوروبي بعد ان رفض الرئيس اي تدخل في الازمة السياسية خاصة من تلك الجهات التي تضغط في اتجاه اعادة الحياة السياسية الى نسقها العادي بعودة البرلمان وهو ما يرفضه الرئيس الى حد الان على الاقل.

وضعية دفعت بسعيد الى تغيير وجهة علاقته الدولية في اتجاه الشرق حيث الصين ليستقبل يوم الخميس 19 أوت 2021 بقصر قرطاج، السيّدTerry HE، رئيس مؤسسة هواوي لمنطقة شمال إفريقيا.

ونوّه رئيس الدولة بمساهمة شركة هواوي في تطوير الاقتصاد الرقمي بتونس في إطار التعاون المثمر القائم بين تونس والصين. وثمّن ما يتوفّر للبلدين من فرص متنوّعة وآفاق واعدة لمواصلة تنويع هذه العلاقات ومزيد تدعيمها لا سيّما في قطاعات التربية والتعليم والنقل، فضلا عن المجال الصحي خاصة في إطار تنفيذ مشروع المدينة الصحّية بالقيروان.

واذ يُصنف هذا اللقاء على انه علمي واقتصادي في  آن واحد فانه يحمل أيضا أبعاد أخرى تتراوح بين ما هو سياسي وأمني وإستراتيجي أيضا.

 فقد كان وقع الزيارة يومها حامل لدلالات ومؤشرات قوية تتجاوز الافق الاستراتيجي لتأخذ شكل رسالة سياسية أراد قيس سعيد على ما يبدو توجيهها للولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي مفادها أن لديه بدائل أخرى في خارطة العلاقات الدولية .

ولم  يكن الإختيار على شركة هواوي إعتباطيا من حيث التوقيت، حيث جاءت الزيارة مباشرة بعد 3 ايام من زيارة الوفد الأمريكي لقصر قرطاج واذ رأى فيها البعض مبالغة على اعتبار الزيارة مبرمجة سلفا فان آخرين ونقلا عن كواليس السياسة اكدوا انها جاءت بطلب من الجانب التونسي.

وبمناسبة الحديث عن هواوي فان ذلك يجرنا للتأكيد على الصراع الامريكي الصيني في اطار ما يعرف بالأزمة التكنولوجية للجيل الخامس وما تحمله في طياتها من خلافات الامر الذي دفع بدول اوروبية للانتصار للولايات المتحدة الامريكية على حساب المارد الاصفر.

ويرى خبراء أن مشروع هواوي لشبكات الجيل الخامس هو أكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي وللأمن الدولي على المستوى القريب والمتوسط وأن بايدن سيحد من نفوذ الصين من خلال الاستمرار في دعم برنامج الشبكة النظيفة لبناء تحالفات مع الحلفاء والشركاء والدول ذات التفكير المماثل لتعزيز قيم حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية واقتصاديات السوق.

بما يعني ذلك من تواصل مؤكد لإدارة بايدن على نهج من سبقها إيلاء أهمية استراتيجية لبرنامج الجيل الخامس يكون له حضور هام في تقييم التحالفات الإستراتيجية والعلاقات الثنائية مع بقية بلدان العالم.

تحسين شروط التفاوض مع الأمريكان

 في المقابل واضح جدا أن التوجه الجديد لقيس سعيد قد يبدو ظرفيا لتحسين شروط التفاوض مع الامريكان، فالملف المطروح والصراع المفتوح الامريكي الصيني قد يكون خارج يد الرئيس شخصيا وما يمكن ان يخلقه من حساسية لدى السلطات الأمريكية التي تعتبر اليوم أهم شريك اقتصادي لتونس .

وايضا التأثيرات القوية لهذا البلد على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي تملك الولايات المتحدة داخله نفوذا قويا ومرجحا في اتخاذ القرارات، كما أن التعاون الأمني والعسكري بين الجانبين التونسي والأمريكي قد يتأثر بمجرد تركيز  التوجه نحو الصين والذهاب في اتجاه زرع محطات راديوية لشركة هواوي ببلادنا .

ويبقى السؤال مطروحا هل حسم قيس سعيد أمره بالذهاب الى الصين ام ان هناك من يعمل على توريط الرئيس في مستنقع الصدام الدولي بين مارد صيني على اعتاب القارة الافريقية وبين مارد يسعى للحفاظ على سطوته على العالم؟

خليل الحناشي

 واشنطن تواصل الضغط وسعيد  يناور بـ "الوجهة" الصينية

 

تونس-الصباح

عادت الولايات المتحدة الامريكية لتضغط مجددا على بلادنا، ضمانا لعودة البرلمان ومواصلة البناء الديمقراطي، حيث من المقرر ان يقوم وفد من الكونغرس الامريكي بزيارة تونس في قادم الايام وذلك لإعادة طرح دعوته باستئناف النشاط البرلماني واعادة الامور الى نصابها .

وتأتي زيارة الوفد الأمريكي والذي يقوده السيناتور كريس مورفي اشد منتقدي خيارات وتوجهات الرئيس قيس سعيد  كزيارة ثانية لقصر قرطاج بعد موعد 13 أوت الماضي وضمت كلا من النائب الأول لمستشار الأمن القومي، جوناثان فاينر، والقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود الذين التقوا قيس سعيد.

بعد رسالة بايدن… الكونغرس

وكشف البيت الأبيض بعدها بيوم واحد فحوى اللقاء ومضمون الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى سعيد.

وقال البيت الأبيض في بيان رسمي ان بايدن، أكد في رسالته لسعيّد على دعمه الشخصي ودعم الإدارة الأميركية للشعب التونسي وحث الرئيس الامريكي في رسالته تلك على  "العودة السريعة إلى مسار الديمقراطية البرلمانية في تونس".

كما نقلت الصفحة انه وخلال اللقاء، ناقش فاينر سعيّد "بشأن الحاجة الملحة إلى تعيين رئيس وزراء مكلّف، بهدف تشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية التي تواجه تونس.

 وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إيميلي هورن، في البيان إن تمكين حكومة جديدة لخلق استقرار في الاقتصاد سينتج مساحة أيضا لحوار شامل بشأن الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة، استجابة للمطالب التي تم التعبير عنها على نطاق واسع في تونس لتحسين مستويات المعيشة والحكم بشفافية وصدق وفعالية.

ومن الواضح ان زيارة وفد الكونغرس تشكل الشوط الثاني وتتمة للزيارة الاولى ومحاولة واضحة للاطلاع على مجموعة الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي لمح لها بيان البيت الابيض يوم 14 اوت الماضي .

غير ان هذا الوضع قد لا يجد صداه عند قيس سعيد والذي وعد في اكثر من مناسبة انه لا خطوة الى الوراء وان اعادة الحياة السياسية الى ما قبل 25جويلية ماهي الا ضرب من ضروب الخيال في اذهان اصحابها.

ويبدو أن الرئيس بصدد الاستعداد لمثل هذه الضغوط الامريكية والاوروبية بعد ان رفض سعيد صراحة اي دعوات لإنشاء خريطة طريق او فتح قنوات حوار مع اي طرف داخلي رغم الدعوات الخارجية لذلك وتجسد هذا الموقف بالجملة الشهيرة لساكن قرطاج حين قال "لمن يتحدثون عن خارطة الطريق.. اذهبوا إلى كتب الجغرافيا وستجدون البحار والقارات".

الصين…الوجهة الجديدة

وبات واضحا نية سعيد في تجاوز دعوة الامريكان والاتحاد الاوروبي بعد ان رفض الرئيس اي تدخل في الازمة السياسية خاصة من تلك الجهات التي تضغط في اتجاه اعادة الحياة السياسية الى نسقها العادي بعودة البرلمان وهو ما يرفضه الرئيس الى حد الان على الاقل.

وضعية دفعت بسعيد الى تغيير وجهة علاقته الدولية في اتجاه الشرق حيث الصين ليستقبل يوم الخميس 19 أوت 2021 بقصر قرطاج، السيّدTerry HE، رئيس مؤسسة هواوي لمنطقة شمال إفريقيا.

ونوّه رئيس الدولة بمساهمة شركة هواوي في تطوير الاقتصاد الرقمي بتونس في إطار التعاون المثمر القائم بين تونس والصين. وثمّن ما يتوفّر للبلدين من فرص متنوّعة وآفاق واعدة لمواصلة تنويع هذه العلاقات ومزيد تدعيمها لا سيّما في قطاعات التربية والتعليم والنقل، فضلا عن المجال الصحي خاصة في إطار تنفيذ مشروع المدينة الصحّية بالقيروان.

واذ يُصنف هذا اللقاء على انه علمي واقتصادي في  آن واحد فانه يحمل أيضا أبعاد أخرى تتراوح بين ما هو سياسي وأمني وإستراتيجي أيضا.

 فقد كان وقع الزيارة يومها حامل لدلالات ومؤشرات قوية تتجاوز الافق الاستراتيجي لتأخذ شكل رسالة سياسية أراد قيس سعيد على ما يبدو توجيهها للولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي مفادها أن لديه بدائل أخرى في خارطة العلاقات الدولية .

ولم  يكن الإختيار على شركة هواوي إعتباطيا من حيث التوقيت، حيث جاءت الزيارة مباشرة بعد 3 ايام من زيارة الوفد الأمريكي لقصر قرطاج واذ رأى فيها البعض مبالغة على اعتبار الزيارة مبرمجة سلفا فان آخرين ونقلا عن كواليس السياسة اكدوا انها جاءت بطلب من الجانب التونسي.

وبمناسبة الحديث عن هواوي فان ذلك يجرنا للتأكيد على الصراع الامريكي الصيني في اطار ما يعرف بالأزمة التكنولوجية للجيل الخامس وما تحمله في طياتها من خلافات الامر الذي دفع بدول اوروبية للانتصار للولايات المتحدة الامريكية على حساب المارد الاصفر.

ويرى خبراء أن مشروع هواوي لشبكات الجيل الخامس هو أكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي وللأمن الدولي على المستوى القريب والمتوسط وأن بايدن سيحد من نفوذ الصين من خلال الاستمرار في دعم برنامج الشبكة النظيفة لبناء تحالفات مع الحلفاء والشركاء والدول ذات التفكير المماثل لتعزيز قيم حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية واقتصاديات السوق.

بما يعني ذلك من تواصل مؤكد لإدارة بايدن على نهج من سبقها إيلاء أهمية استراتيجية لبرنامج الجيل الخامس يكون له حضور هام في تقييم التحالفات الإستراتيجية والعلاقات الثنائية مع بقية بلدان العالم.

تحسين شروط التفاوض مع الأمريكان

 في المقابل واضح جدا أن التوجه الجديد لقيس سعيد قد يبدو ظرفيا لتحسين شروط التفاوض مع الامريكان، فالملف المطروح والصراع المفتوح الامريكي الصيني قد يكون خارج يد الرئيس شخصيا وما يمكن ان يخلقه من حساسية لدى السلطات الأمريكية التي تعتبر اليوم أهم شريك اقتصادي لتونس .

وايضا التأثيرات القوية لهذا البلد على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي تملك الولايات المتحدة داخله نفوذا قويا ومرجحا في اتخاذ القرارات، كما أن التعاون الأمني والعسكري بين الجانبين التونسي والأمريكي قد يتأثر بمجرد تركيز  التوجه نحو الصين والذهاب في اتجاه زرع محطات راديوية لشركة هواوي ببلادنا .

ويبقى السؤال مطروحا هل حسم قيس سعيد أمره بالذهاب الى الصين ام ان هناك من يعمل على توريط الرئيس في مستنقع الصدام الدولي بين مارد صيني على اعتاب القارة الافريقية وبين مارد يسعى للحفاظ على سطوته على العالم؟

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews